مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن}

          ░58▒ باب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ} [الحجرات:12]
          فيه حديث أبي هريرة المذكور في الباب قبله وذكر ابن بطال فيه حديث أنس أيضاً.
          قوله: (إياكم والظن) كأنه أراد النهي عن تحقيق ظن السوء وتصديقه دون ما يهجس في القلب من خواطر الظنون، قال تعالى: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات:12] فلم يجعل الظن كله إثماً. قال غيره: فنهى ◙ أن تحقق على أخيك ظن السوء، إذا كان الخير غالباً عليه.
          قلت: وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: لا يحل لمسلم سمع من أخيه كلمة أن يظن بها سوء، وهو يجد لها في شيء من الخير مصدراً.
          أسلفت أن حديث أنس ذكره ابن بطال هنا ولم نره في الأصول، ثم أورد سؤالاً فقال: إن قلت: ليس في حديث أنس ذكر الظن، فما وجه ذكره؟ ثم أجاب بأن التباغض والتحاسد أصلهما سوء الظن، وذلك أن المباغض والمحاسد يتأول أفعال من يبغضه ويحسده على أسوأ التأويل، وقد أوجب الله أن يكون ظن المؤمن بالمؤمن حسناً، إذ يقول: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ} [النور:12] الآية فإذا جعل الله سوء الظن بالمؤمنين إفكاً مبيناً فقد ألزم أن يكون حسن الظن به صدقاً بيِّناً.