مجمع البحرين وجواهر الحبرين

كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم

          ░░88▒▒ كتاب استتابة المرتدين والمعاندين
          إلى آخره، فيه أحاديث:
          1- حديث علقمة، عن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُواْ} [الأنعام:82] إلى آخره وسلف في الإيمان والتفسير وأحاديث الأنبياء وغيره.
          2- حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: قال النبي صلعم: ((أكبر الكبائر الإشراك بالله)) الحديث وسلف.
          3- حديث عبد الله بن عمرو قال: جاء أعرابي إلى رسول الله الحديث وسلف قريباً.
          4- حديث أبي وائل، عن ابن مسعود قال: قال رجل: يا رسول الله، أنؤاخذ الحديث.
          الآية الأولى دالة على عظم الشرك، ولا شك أنه لا إثم أعظم منه، ولا عقوبة أشد من عقوبته في الدنيا والآخرة؛ لأن الخلود الأبدي لا يكون في ذنب غير الشرك بالله، ولا يحبط الإيمان غيره؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} الآية [النساء:48]، وإنما سمى الله تعالى الشرك ظلماً؛ لأن الظلم أصله وضع الشيء في غير موضعه؛ لأنه كان يجب عليه الاعتراف بالعبودية والإقرار بالربوبية حين أخرجه من العدم إلى الوجود وخلقه من قبل ولم يك شيئاً، ومنَّ عليه بالإسلام والصحة والرزق إلى سائر نعمه التي لا تحصى، بظلم نفسه ونسب النعمة إلى غير منعمها؛ لأن الله هو الرزاق والمحيي والمميت، فحصل الإشراك.
          وذكر بعض المفسرين في قوله تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان:20] أن رجلاً من العُبَّاد عد نفسه في اليوم والليلة فبلغ أربعة عشر ألف نفس، فكم ير لله تعالى على عباده من النعم في غير النفس مما يعلم ومما لا يعلم ولا يهتدى إليه، وقد أخبر الرب تعالى أن من بدل نعمة الله كفراً فهو صال في جهنم، قال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ. جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا} [إبراهيم:28-29].
          وأما الآية الثانية فهي مما خوطب به، والمراد غيره، ومعناها: إذا اتصل بالموت؛ بدليل قوله تعالى: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ} الآية [البقرة:217].
          وقيل: بنفس الردة تحبط أعماله، واختلف في عود ملكه إذا أسلم، وفي عود أم ولده وزوجته، وفي إرثه من مات في حال ردته، / والأصح عندنا أن ملكه موقوف، فإذا عاد إلى الإسلام استمر وإلا فلا.
          ومعنى حديث ابن مسعود: ((من أحسن في الإسلام)) بالتمادي عليه ومحافظته والقيام بشروطه ((لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية)) ذكره المهلب. وقام الإجماع على أن الإسلام يجب ما قبله.
          قال: ومعنى قوله: ((ومن أساء في الإسلام)) أي: في عقده والتوحيد بالكفر بالله، فهذا يؤاخذ بكل كفر سلف له في الجاهلية والإسلام، ولا تكون الإساءة إلا الكفر؛ لإجماع الأمة أن المؤمنين لا يؤاخذون بما عملوا في الجاهلية.
          قال الخطابي: ظاهره خلاف ما أجمعت عليه الأمة من أن الإسلام يجب ما قبله، بقوله: {إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:38] وتأويله إذا أسلم مرة لم يؤاخذ بما كان سلف من كفره، ولم يعاقب عليه، وإن أساء في الإسلام غاية الإساءة، وركب أكبر المعاصي ما دام تائباً على إسلامه، وإنما يؤخذ بما حناه من المعصية في الإسلام، ويغفر ما كان منه في الكفر، وقال أبو عبد الملك: أي: من أسلم إسلاماً صحيحاً لا نفاق فيه ولا شك لم يؤاخذ للآية السالفة.
          ومعنى (ومن أساء في الإسلام) أي: أسلم رياء وسمعة فهو منافق يؤاخذ بالأول والآخر.
          قال الداودي: معنى (من أحسن في الإسلام): مات عليه.
          قال تعالى: {إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم} الآية [الأنفال:38]، ومن أساء مات على غيره.