مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول النبي: «تربت يمينك»، و«عقرى حلقى»

          ░93▒ باب قول النبي صلعم: ((تربت يمينك))
          فيه حديث عائشة في قصة أفلح. وسلف وحديث عائشة في صفية لما حاضت وسلف في الحج.
          قال ابن السكيت: يقال تربت يداه؛ إذا افتقر. ولم يدع عليه بذهاب ماله، وإنما أراد المثل ليرى المأمور بذلك الحد، وأنه وإن خالفه فقد أساء.
          وقال الأصمعي في قوله: ((تربت يمينك)): معناه الاستحباب كما تقول: انج، ثكلتك أمك. وأنت لا تريد أن تثكل. وقال أبو عمرو: أصابها التراب ولم يدعي بالفقر عليها.
          وقال أبو زيد: ترب إذا افتقر، وإنما أراد بهذا أي: في يده التراب.
          قال النحاس: أي: ليس يحصل في يده غيره. ويقال: ترب الرجل: إذا افتقر، وأترب إذا استغنى. وقال ابن كيسان: المثل جرى على أنه إن فاتك ما أغريتك به افتقرت إليه يداك. فكأنه قال: تربت يداك إن فاتك. وهذا من الاختصار الذي عرف معناه.
          وقال غيره: هي كلمة لا يراد بها الدعاء، وإنما تستعمل في المدح كما قالوا للشاعر إذا أجاد: قاتله الله، لقد أجاد. وكما قالوا: ((ويل أمه مسعر حرب)) وهو يتعجب منه ويمدحه، ولكنه دعا على أمه بالويل، وهو لا يريد الدعاء عليها من غضب، وهذا كلامهم، وهو مثل: تربت يمينك، والأظهر أنها كلمة جرت على ألسنتهم لا يريدون بها الدعاء، وأبعد من قال: تربت: استغنت.
          قال الداودي: هو خطأ، قال: ومعناه هنا: افتقرت من العلم.
          واختلف في تأويل قوله: ((عقرى حلقى))، وقد سلف.
          قال أبو عبيد في ((أمثاله)): ومن الدعاء قولهم: عقرا حلقا. وأهل الحديث يقولون: عقرى حلقى، وقيل في ((غريب الحديث)): عقرى حلقى وعقراً حلقاً. وكذا ذكره القزاز بالتنوين مصدرين وعدمه، وعبارة ابن التين: ((عقرى حلقى))؛ أي: مشؤمة مؤذية، معناه: عقرها الله وأصابها وجع في حلقها.
          وقال الأصمعي: يقال لمن يتعجب ذلك. وقيل معناه: عقرك الله عقراً، وحلقك كما يحلق الشعر. وقال الداودي: ((جرى ذلك على ألسنتهم)).
          وفي الحديث الأول تحريم لبن الفحل وهو قول / أكثر العلماء، وروي عن عائشة أنها لم تأخذ به.