مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: هل يزور صاحبه كل يوم أو بكرةً وعشيًا؟

          ░64▒ باب هل يزور صاحبه كل يوم بكرة وعشيا؟
          فيه حديث عائشة قالت: لم أعقل أبوي.. الحديث.
          فيه: ما ترجم له، وهو زيارة الصديق الملاطف مرتين كل يوم، وليس بمعارض لحديث أبي هريرة: ((زر غبًّا تزدد حبا)) ذكره أبو عبيد في ((الأمثال))، وإنما في قوله هذا إعلام منه أن إغباب الزيارة أزيد في المحبة، وأثبت في المودة؛ لأن مواردة الزيارة والإكثار / منها ربما أدت إلى الضجر وأبدت أخلاقاً كامنة لا تظهر عند الإغباب، فآلت إلى البغضة وكانت سبباً للقطيعة أو للزهد في الصديق.
          وفي حديث عائشة جواز زيارة الصديق الملاطف لصديقه كل يوم على قدر حاجته إليه والانتفاع به في مشاركته له، فهما حديثان مختلفان ولا تعارض؛ إذ لكل واحد معنى، قال:
لا تزر من تحب في كل شهر                     غير يوم ولا تزده عليه
فاجتلاء الهلال في الشهر يوما                     ثم لا تنظر العيون إليه
          قوله: (بينا نحن) قال الجوهري: بينا فعلى أسقطت الفتحة فصارت ألفاً. وبينا زيدت عليه ما، والمعنى واحد، وكان الأصمعي يخفض بعد بينا إذا صلح في موضعه بين وغيره يرفع ما بعد بينا، وبينما على الابتداء.
          والظهيرة: الهاجرة، ونحرها: أولها، قال الجوهري: نحر النهار: أوله.
          ومعنى: (يدينان) يطيعان الله، ولم تولد عائشة إلا بعد مبعثه ◙ بسنتين على قول مالك عن أنس، وعلى قولها وقول ابن عباس بعد البعث بخمس، وقيل: بسبع. وهذا قول ابن عباس الآخر أنه ◙ توفي ابن خمس وستين سنة.
          والبكرة: من طلوع الشمس إلى نصف النهار.
          والعشي: ما بعد نصف النهار، قاله الداودي. وقال [الجوهري]: العشاء والعشية بالكسر والمد. وزعم قوم أن العشاء من الزوال إلى طلوع الفجر، وقال ابن فارس: ويقال العشاء من الزوال إلى الصباح والعشاء من صلاة المغرب إلى العتمة.
          وفيه: زيارة الفاضل المفضول.
          فإن قلت: كان الصديق أولى بالزيارة، ولدفع مشقة التكرار عنه. قلت: لم يكن إتيان الشارع له للزيارة، وإنما كان لما يتزايد عنده من المعالم.