مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها

          ░17▒ باب من ترك صبية غيره حتى تلعب
          فيه حديث أم خالد(1): وسلف أن ((أخلقي)) بالقاف والفاء، من إخلاق الثوب، ومعناه: أن تلبس خلقة بعد بلائه، يقال: خلف الله لك خلفاً بخير، وأخلف عليك خيراً؛ أي: أبدلك بما ذهب منك، وعوضه عنه.
          وقيل: إذا ذهب للرجل ما يخلفه كالمال والولد فقال: أخلف الله لك وعليك، وإذا ذهب / ما لا يخلفه كالأب والأم، قيل: خلف الله عليك.
          قوله: (حتى ذكر) وفي نسخة: (دكن) وهو لأبي الهيثم يعني: بالنون وهو الذي رجح أبو ذر، ولأكثر الرواة: (ذكر) بالراء، زاد في رواية ابن السكن: (ذكر دهرا)، ومعنى دكن: اسود لونه، والدكنة غبرة كدرة.
          وقال ابن التين: قوله: (فبقيت حتى ذكر) يقول إلى زمن طويل، فيحتمل أي: إلى ذكره؛ لأن حتى بمعنى إلى أن فتقدير أن، وذكر مصدراً، ثم ذكر رواية: (دكن).
          وفيه: جواز مباشرة الرجل الصغيرة التي لا يشتهى مثلها وممازحتها، وإن لم تكن منه بذات محرم؛ لأن لعب أم خالد وهي صبية بمكان خاتم النبوة من جسده الشريف مباشرة منها له، ومباشرتها له كمباشرته لها، وتقبيله إياها.
          ولو كان ذلك حراماً لنهاها كما نهى الحسن بن علي وهو صغير عن أكل التمرة الساقطة خشية الصدقة.
          قوله: (فزبرني أبي) أي: انتهرني.
          قوله: (ثم أبلي) قال الداودي: فيه أن ثم تأتي للمقاربة والتراخي، وأباه بعض النحويين وقالوا: لا تأتي إلا للتراخي، وليس في الحديث أنها للمقاربة؛ لأنه قال: ((أبلي)) هذا القميص الأصفر، ((وأخلقي ثم أبلي)) الإبلاء بعد مدة من الخلق.
          قال ابن التين: وما علمت أن أحداً من النحويين قال (ثم) للمقاربة، إنما قالوا: هي للترتيب بالمهلة.
          قال: وأخلقي ثلاثي، تقول: خلق الثوب إذا بلي فرقعته، فمعناه يرقع ثلاث مرات هكذا اللغة، وقرئ أخلفي بفتح الهمزة من أخلف الله عليك أي: رد مثله إذا بلي.
          وقد بوب عليه (خ): (القبلة)، وليس فيه ذلك إلا أن يكون أخذه من القياس، فإنه لما لم ينهها عن مس جسده صار كالتقبيل.


[1] في هامش المخطوط: ((اسمها: أمة، ذكره ابن الجوزي في ((التلقيح)) والذهبي في ((التجريد)))).