مجمع البحرين وجواهر الحبرين

كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

          ░░96▒▒ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
          تقدمت غالب أحاديثه.
          فيه حديث سفيان عن مسعر وغيره.. إلى آخره.
          وحديث أنس بن مالك أنه سمع عمر حين بايع المسلمون أبا بكر.. الحديث.
          وحديث ابن عباس قال: ضمني إليه رسول الله وقال: ((اللهم علمه الكتاب)).
          وحديث أبي برزة قال: إن الله نعتكم بالإسلام.
          وحديث ابن عمر: أنه كتب إلى عبد الملك يبايعه.
          قيل معنى الآية: الآن أكملت لكم دينكم بأن أهلكت عدوكم، وأظهرت دينكم على الدين كله، وقيل المعنى: أكملت فوق ما تحتاجون إليه من الحلال والحرام في أمر دينكم، قال الداودي: في الآية تقديم وتأخير رضاه الإسلام منذ خلق الله تعالى الخلق، والواو لا توجب التقديم والتأخير، والاشتراك والرتبة، فأنزل الله على نبيه جملاً فسر منها ما احتيج إليه، وما تأخر بيانه ولم ينزل في وقته فسره عند نزوله؛ قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ} الآية [النساء:84].
          وكان تقديم عمر في الكلام بين يدي / الصديق للغد من وفاة رسول الله ليذكر من فضائل أبي بكر ما لم يمكن أن يذكره أبو بكر.
          وقول ابن عباس: (ضمني رسول الله صلعم) فيه قبول الخبر إذا سمعه وهو صغير.
          قوله: (يغنيكم أو نعشكم) قيل: صوابه: نعشكم نعشكم، وفي رواية: يغنيكم، وهو مطابق للتبويب، وقال الداودي: ذكره لحديث أبي برزة إنما ذكره لقبول خبر الواحد.
          ولا عصمة لأحد إلا في الكتاب أو السنة أو الإجماع، والسنة: الطريقة، وقسمها ابن بطال إلى واجب وغيره، فالأول: ما كان تفسيراً من رسول الله لفرض الله، وكل ما أمر به أو نهى عنه أو فعله فهو سنة، ما لم يكن خاصًّا له.
          والثاني: ما كان من فعله تطوعاً ولا يحرج أحد في تركه كإجابة المؤذن، ولقوله: ((لا تتخذوا الضيعة فترغبوا إلى الدنيا)).
          وأكثر الصحابة كان لهم ضياع، فدل أنه أدبٌ منه نستعين به على دفع الرغبة في الدنيا، ومثل ذلك ما أمر به تأديباً لأمته بأكرم الأخلاق من غير أن يوجب ذلك عليهم، ومن ذلك ما فعله في خاصة نفسه من أمر الدنيا كاتخاذه لنعله قبالين، ولبسه النعال السبتية، وصبغه إزاره بالورس، وحبه القرع، وإعجابه بالطيب، وحبه من الشاة الذراع، ونومه على الشق الأيمن، وسرعته في المشي، وخروجه يوم الخميس في السفر، وقدومه منه في الضحى، وشبه بذلك، فلم(1) يسنه لأمته ولا دعاهم إليه، ومن تشبه به حبًّا له كان أقرب إلى ربه كفعل ابن عمر في ذلك.
          وقال أبو بكر بن الطيب: ما كان من أفعاله بياناً لجملة فلا خلاف بين العلماء أنها على الجملة.
          واختلفوا ما كان منها واقعاً موقع القرب لا على وجه البيان والامتثال لتمثيل أمر ربه فقال مالك وأكثر أهل العراق: إنها على الوجوب إلا أن يمنع من ذلك دليل، وهو قول ابن سريج وابن خيران.
          وقال بعض أصحاب الشافعي: إنها على الندب وإن التأسي به مندوب إليه إلا أن يقوم دليل على كونها ندباً أو مباحةً أو محظورةً. قال أبو بكر: وبهذا أقول.
          وقال ابن حزم في ((إحكامه)): أجمعوا كلهم إنسهم وجنهم في كل زمان ومكان أن السنة واجب اتباعها، وأنها ما سنه رسول الله، ومن اتبع ما صح برواية الثقات مسنداً إلى رسول الله، فقد اتبع السنة يقيناً، ولزم الجماعة وهم أصحاب رسول الله، والتابعون لهم بإحسان، ومن أتى بعدهم من الأئمة، وأن من اتبع أحداً غير سيدنا رسول الله فلم يتبع السنة ولا الجماعة.


[1] في المخطوط: ((بهم)) ولعل الصواب ما أثبتناه.