مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: كل معروف صدقة

          ░33▒ باب: كل معروف صدقة
          فيه حديث جابر بن عبد الله مرفوعاً: ((كل معروف صدقة)).
          وحديث أبي موسى: قال النبي صلعم: ((على كل مسلم صدقة)). الحديث.
          المعروف مندوب إليه، ودل هذا الحديث أن فعله صدقة عند الله يثيب المؤمن عليه ويجازيه به وإن قل؛ لعموم قوله: ((كل معروف صدقة)).
          قوله في حديث أبي موسى: ((على كل مسلم صدقة)) معناه: أن ذلك عليه للإجماع على أن كل فرض في الشريعة مقدر محدود.
          وفي هذا الحديث تنبيه للمؤمن المعسر على أن يعمل بيده وينفق على نفسه ويتصدق من ذلك ولا يكون عيالاً على غيره.
          وقال مالك بن دينار: قرأت في التوراة: طوبى للذي يعمل بيده ويأكل، طوبى لمحياه وطوبى لمماته.
          وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: يا معشر القراء خذوا طريق من كان قبلكم وارفعوا رءوسكم ولا تكونوا عيالاً على المسلمين.
          وفيه: أن المؤمن إذا لم يقدر على باب من أبواب الخير ولا فتح له فعليه أن ينتقل إلى باب آخر يقدر عليه، فإن أبواب الخير كثيرة، ألا ترى تفضل الله على عبده حين جعل له في حال عجزه عن الفعل عوضاً من القول، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جعل عوضاً من ذلك لمن لم يقدر على الإمساك عن الشر صدقة.
          قال المهلب: وهذا يشبه الحديث الآخر: ((من هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة))، وفيه حجة لمن جعل الترك عملاً وكسباً للعبد بخلاف من قال من المتكلمين أن الترك ليس بعمل، وقد فسر الشارع ذلك بقوله: ((فليمسك عن الشر، فإنه له صدقة)).
          قوله: (فإن لم يستطع، أو لم يفعل؟) قال الداودي: شك أي الكلمتين قال. والأشبه أن يقول: فإن لم يستطع.
          قوله: (فإن لم يفعل) يعنون فإن لم يمكنه.