-
مقدمة
-
فصل أقدمه قبل الشروع في المقدمات
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
باب مواقيت الصلاة وفضلها
-
باب بدء الأذان
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
باب فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
[كتاب الاستقراض]
-
باب ما يذكر من الإشخاص والملازمة
-
باب في اللقطة إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه
-
[كتاب المظالم]
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
[كتاب أحاديث الأنبياء]
-
[كتاب المناقب]
-
[كتاب فضائل الصحابة]
-
[كتاب مناقب الأنصار]
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
[كتاب] فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه}
-
باب: من أحق الناس بحسن الصحبة
-
باب: لا يجاهد إلا بإذن الأبوين
-
باب: لا يسب الرجل والديه
-
باب إجابة دعاء من بر والديه
-
باب: عقوق الوالدين من الكبائر
-
باب صلة الوالد المشرك
-
باب صلة المرأة أمها ولها زوج
-
باب صلة الأخ المشرك
-
باب فضل صلة الرحم
-
باب إثم القاطع
-
باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم
-
باب: من وصل وصله الله
-
باب: يبل الرحم ببلالها
-
باب: ليس الواصل بالمكافى
-
باب من وصل رحمه في الشرك ثم أسلم
-
باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها
-
باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته
-
باب: جعل الله الرحمة مئة جزء
-
باب قتل الولد خشية أن يأكل معه
-
باب وضع الصبي في الحجر
-
باب وضع الصبي على الفخذ
-
باب: حسن العهد من الإيمان
-
باب فضل من يعول يتيمًا
-
باب الساعي على الأرملة
-
باب الساعي على المسكين
-
باب رحمة الناس والبهائم
-
باب الوصاة بالجار
-
باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه
-
باب: لا تحقرن جارة لجارتها
-
باب: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره
-
باب حق الجوار في قرب الأبواب
-
باب: كل معروف صدقة
-
باب طيب الكلام
-
باب الرفق في الأمر كله
-
باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا
-
باب قول الله تعالى: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيب منها}
-
باب: لم يكن النبي فاحشًا ولا متفحشًا
-
باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل
-
باب: كيف يكون الرجل في أهله؟
-
باب المقة من الله
-
باب الحب في الله
-
باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم}
-
باب ما ينهى من السباب واللعن
-
باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير
-
باب الغيبة
-
باب قول النبي: «خير دور الأنصار»
-
باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب
-
باب: النميمة من الكبائر
-
باب ما يكره من النميمة
-
باب قول الله تعالى: {واجتنبوا قول الزور}
-
باب ما قيل في ذي الوجهين
-
باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه
-
باب ما يكره من التمادح
-
باب مَن أثنى على أخيه بما يعلم
-
باب قول الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}
-
باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر
-
باب: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن}
-
باب ما يكون من الظن
-
باب ستر المؤمن على نفسه
-
باب الكبر
-
باب الهجرة
-
باب ما يجوز من الهجران لمن عصى
-
باب: هل يزور صاحبه كل يوم أو بكرةً وعشيًا؟
-
باب الزيارة ومن زار قومًا فطعم عندهم
-
باب من تجمل للوفود
-
باب الإخاء والحلف
-
باب التبسم والضحك
-
باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا}
-
باب: في الهدي الصالح
-
باب الصبر على الأذى
-
باب من لم يواجه الناس بالعتاب
-
باب: من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال
-
باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولًا أو جاهلًا
-
باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله
-
باب الحذر من الغضب
-
باب الحياء
-
باب: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت
-
باب ما لا يستحيا من الحق للتفقه في الدين
-
باب قول النبي: «يسروا ولا تعسروا»
-
باب الانبساط إلى الناس
-
باب المداراة مع الناس
-
باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
-
باب حق الضيف
-
باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه
-
باب صنع الطعام والتكلف للضيف
-
باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف
-
باب قول الضيف لصاحبه: لا آكل حتى تأكل
-
باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال
-
باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه
-
باب هجاء المشركين
-
باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر
-
باب قول النبي: «تربت يمينك»، و«عقرى حلقى»
-
باب ما جاء في زعموا
-
باب ما جاء في قول الرجل: ويلك
-
باب علامة حب الله عز وجل
-
باب قول الرجل للرجل: اخسأ
-
باب قول الرجل: مرحبًا
-
باب: ما يدعى الناس بآبائهم
-
باب: لا يقل خبثتْ نفسي
-
باب: لا تسبوا الدهر
-
باب قول النبي: إنما الكرم قلب المؤمن
-
باب قول الرجل: فداك أبي وأمي
-
باب قول الرجل: جعلني الله فداك
-
باب: أحب الأسماء إلى الله عز وجل
-
باب قول النبي: «سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي»
-
باب اسم الحزن
-
باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه
-
باب من سمى بأسماء الأنبياء
-
باب تسمية الوليد
-
باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا
-
باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل
-
باب التكني بأبي تراب وإن كانت له كنية أخرى
-
باب أبغض الأسماء إلى الله
-
باب كنية المشرك
-
باب: المعاريض مندوحة عن الكذب
-
باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء وهو ينوي أنه ليس بحق
-
باب رفع البصر إلى السماء
-
باب نكت العود في الماء والطين
-
باب الرجل ينكت الشيء بيده في الأرض
-
باب التكبير والتسبيح عند التعجب
-
باب النهي عن الخذف
-
باب الحمد للعاطس
-
باب تشميت العاطس إذا حمد الله
-
باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب
-
باب: إذا عطس كيف يشمت؟
-
باب إذا تثاوب فليضع يده على فيه
-
باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه}
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
[كتاب الحيل]
-
[كتاب التعبير]
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
[كتاب التمني]
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░90▒ باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء
(الرجز) بفتح الراء والجيم: اختلف في كونه شعراً، ولهذا حسن من (خ) عطفه على الشعر. قال ابن التين: هو من الشعر. وقيل: لا، وإنما هو كالكلام المسجع؛ وذلك أنه يقال لصانعه: راجز، ولا يقال: شاعر.
و(الحداء) بضم الحاء والمد: مصدر، يقال: حدوت الإبل حدواً وحداء، وهو سوق الإبل والغناء لها، مثل: دعوت دعاء، ويقال للشمال: حدواً؛ لأنها تحدو السحاب.
وحكى الأزهري / وغيره: كسر الحاء أيضاً وأول من اتخذه قريش.
ثم ذكر (خ) قوله: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء:224] قال ابن عباس: {الْغَاوُونَ}: الرواة، وقال الضحاك: هما اثنان تهاجيا على عهد رسول الله: أحدهما: أنصاري، وكان مع كل واحد منهما جماعة، وهم الغواة؛ أي: السفهاء. وقال عكرمة: هم الذين يتبعون الشاعر.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد: {الْغَاوُونَ}: الشياطين. وروي عنه: هم الذين يتبعون ويروون شعرهم.
ونقل ابن بطال عن أهل التأويل منهم ابن عباس وغيره أنهم شعراء المشركين يتبعهم غواة الناس، ومردة الشياطين وعصاة الجن، ويروون شعرهم؛ لأن الغاوي لا يتبع إلا غاوياً مثله. وقول ابن عباس: (في كل لغو يخوضون). وقيل: في كل واحد من القول يهيمون. قال أبو عبيدة: الهائم: المخالف للقصد في كل شيء.
(فيمدحون ويهجون) بما ليس في الممدوح والمذموم.
قوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [الشعراء:227] قال ابن عباس: يعني: ابن رواحة وحسانا.
قوله: {وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا} أي: في شعرهم، وقيل: في خلال كلامهم للناس، وقيل: لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله.
ثم ذكر أحاديث:
1- حديث شعيب، عن الزهري، بسنده عن أبي بن كعب أن النبي صلعم قال: ((إن من الشعر حكمة)).
يعني: كلاماً نافعاً يمنع من الجهل والسفه، وينهى عنهما، وهو من أفراده، وأخرجه أيضاً (د) (ق) من حديث يونس بن يزيد، عن الزهري به.
2- حديث جندب: بينما النبي صلعم يمشي إذ أصابه حجر فعثر فدميت إصبعه فقال:
((هل أنت إلا إصبع دميت...))
وسلف أنه قول ابن رواحة تمثل به رسول الله. والأصبع يذكر ويؤنث، وفيه عشر لغات: تثليث الهمزة والباء والعاشر أصبوع. واقتصر ابن التين على خمس منها.
3- حديث أبي هريرة: قال النبي صلعم: ((أصدق كلمة قالها الشاعر)).. إلى آخره.
يريد: أصدق قسم، ((وما خلا)): كلمة يستثنى بها وينصب ما بعدها و(يجر)، وأما ما خلا: وما كان لله من ملائكة وكتب ورسل ونبيين واليوم الآخر والجنة والنار ليسوا بباطل، وهذا من اختصار العرب.
والقسم الثاني وهو: وكل نعيم لا محالة زائل، فعابه بعض الصحابة وقال: نعيم الآخرة لا ينفد(1).
قال الداودي: والذي يدخل في هذا يدخل في القسم الأول كما تقدم. ومعناه: نعيم الدنيا. ولبيد: هو ابن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
قال أبو عمر: وهو شعر حسن، فيه ما يدل على أنه قاله في الإسلام، وهو قوله:
وكل امرئ يوما سيعلم سعيه إذا كشفت عند الإله المحاصل
وقد قال أكثر أهل الأخبار: إن لبيداً لم يقل شعراً منذ أسلم. وقال بعضهم: لم يقل في الإسلام إلا قوله:
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
وهذا البيت لقردة بن نفاثة في أبيات. وقيل البيت الذي قاله:
ما عاتب المرء الكريم كنفسه والمرء يصلحه القرين الصالح
وذكر ابن عساكر له مرثية في رسول الله ذكرها ابن عساكر، ومديحاً فيه / بيت في ديوانه.
وقال المبرد: كان شريفاً في الجاهلية والإسلام، وكان نذر ألا تهب الصبا إلا نحر وأطعم، وهو من فحول الشعراء ومن المؤلفة أيضاً، عمر، مات بعد المائة، إما وأربعين أو سبع وخمسين.
قوله: (وكاد أمية أن يسلم) أي: لأنه ألفاظ حكمة. ويقال إنه نزل فيه {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا} [الأعراف:175] قاله عبد الله بن عمرو.
وقال ابن عباس: هو بلعام من بني إسرائيل.
وقال عكرمة: هو من كبار اليهود والنصارى لم يصح إسلامه.
وروي أن أمية هذا رأته ابنتاه نسرين، كشطا سقف بيته فشق أحدهما عن قلبه، فقال له الآخر: أوعى؟ قال: أوعى. قال: إن كان ما جهرتاه فقال: ذلك خير أريد بأبيكما فلم يقبله.
4- حديث سلمة بن الأكوع السالف في غزوة خيبر وفيه:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
قوله: (فرجع ذباب سيفه) أي: طرفه الذي يضرب به.
قوله: (قال سلمة: فرأى رسول الله شاحبا) الشاحب: المتغير اللون والجسم؛ لعارض مرض أو سفر ونحوهما، وقد شحب يشحب شحوباً فهو شاحب، ولا يصح أن يكون بالجيم كما قاله ابن التين.
قال الجوهري: شجب يشجب: إذا حزن أو هلك، فهو شجب. وشجب يشجب بالضم هو شاجب؛ أي: هالك، والمروي بالحاء المهملة.
5- حديث أنس: أتى النبي صلعم على بعض نسائه، الحديث.
الشعر والرجز والحداء كسائر الكلام، فما كان فيه ذكر تعظيم الرب ووحدانيته وقدرته وإيثار طاعته وتصغير الدنيا والاستسلام له تعالى، كنحو ما أورده (خ) في الباب فهو حسن مرغب فيه، وهو الذي قال فيه ◙: ((إن من الشعر حكمة)) وما كان منه كذباً وفحشاً فهو الذي ذمه الله ورسوله.
وقال الشافعي: الشعر كلام حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيحه، قلت: وهو حديث مرفوع، وسماع الحداء ونشيد الأعراب لا بأس به؛ فإن الشارع قد سمعه وأقره ولم ينكره.
وهذا الباب رد على من نهى عن قليل الشعر وكثيره، واعتلوا بحديث جبير بن مطعم عن النبي صلعم: أنه كان إذا افتتح الصلاة يستعيذ من الشيطان من همزه ونفخه ونفثه، فسره عمرو بن مرة راويه. قال: نفثه: الشعر ونفخه: الكبر وهمزه المرية؛ أي: الجنون.
وبحديث أبي أمامة الباهلي أنه ◙ قال: لما أنزل إبليس إلى الأرض قال: يا رب اجعل لي قرآناً، قال: الشعر.. وذكر الحديث.
وبحديث ابن لهيعة عن أبي قبيل قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: من قال ثلاثة أبيات من الشعر من تلقاء نفسه لم يدخل الفردوس.
قال الأعمش: تمثل مسروق بأول بيت شعر ثم سكت فقيل له: لم سكت؟ قال: أخاف أن أجد في صحيفتي شعراً. وقال ابن مسعود: الشعر مزامير الشيطان. وكان الحسن لا ينشده.
قال الطبري: وهذه أخبار واهية، والصحيح في ذلك أنه ◙ كان يتمثل أحياناً بالبيت قال: ((هل أنت إلا أصبع)) وقال: ((أصدق كلمة)) إلى آخره.
وقالت عائشة: كان النبي صلعم يتمثل من الشعر:
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وكان عامر / بن الأكوع يحدو بالشعر بحضرته المشرفة. وقال: ((من هذا السائق؟)) إلى آخره.
وأمر حسان بن ثابت وغيره بهجاء المشركين، وأعلمهم أن لهم على ذلك جزيل الأجر وقال: ((هو أشد عليهم من نضح النبل)).
وذكر الطبري عن عمر وعلي وجلة الصحابة أنهم أنشدوا الأشعار. وكان ابن أبي مليكة وعكرمة ينشدانه. وكان ابن أبي ملكية ينشد به والمؤذن يقيم.
وقال معمر: سمعت الزهري وقتادة ينشدان الشعر.
وقول عامر: (فدى لك ما اقتفينا) أي: اتبعنا من الصالحين. زعم بعض أهل الغفلة أن قوله: فدى لك. تصحيف لا يجوز أن يقال ذلك لله، وليس كما ظن، والشعر صحيح. والمعنى: فاغفر ما اقتفينا؛ أي: ما ركبنا من الذنوب. تقول العرب: قفوت الشيء قفواً: اتبعت أثره. ومنه قوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء:36].
قوله: (فدى لك) دعاء منه ربه أن يفديه من عقابه على ما اقترف من ذنوبه، فكأنه قال: اللهم اغفر لي وافدني منه فداء لك؛ أي: من عندك فلا تعاقبني.
وقوله: (لك) بين الفاعل للفداء المعني بالدعاء كما تقول في الدعاء: سقياً لك. فـ(لك) هاهنا مذكور لتبين المعنى بالدعاء له، والمعنى: سقاك الله، فكذلك قوله: (فداء لك) معناه: افدنا من عذابك.
وقد ذكره (خ) في غزوة خيبر بلفظ (ما أبقينا) أي: من الذنوب، أي: ما تركناه مكتوباً علينا، ونحو ذلك. (فداء لك) بالرفع والخفض أيضاً. فوجه الرفع: أن يكون خبراً مبتدأ مضمر؛ أي: نحن فداء لك كأنك قلت: نحن لتفدنا أو افدنا، كما تقول: ارحمنا، وزيد ارحمه. ومن خفض فداء شبهه بأمس، فبناه على الكسر كبناء الأصوات عليه نحو قولهم: قال: الغراب غاق والخيل طاق، وأنشد سيبويه:
مهلا فداء لك الأقوام كلهم
وتقدير: اغفر افدنا.
وقول الرجل: (وجبت يا رسول الله) يعني: الجنة فهم من دعائه لعامر بالرحمة أنه يستشهد في تلك الغزاة، ويكون من أهل الجنة، كما فهم ابن عباس من قوله: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا} [النصر:2] حضور أجله ◙، فلذلك قال الرجل: وجبت يا رسول الله، ثم قال: هلا أمتعتنا به.
وقوله: (لولا أمتعتنا به) أي: هلا، ومعناه: التحضيض.
قوله: (إن له لأجرين، إنه لجاهد مجاهد) أي: جاد في الأجر مجتهد فيه مبالغ في سبيل الله، ويحتمل أنه لما أمات نفسه وقتلها في سبيله تفضل الله عليه بأن ضاعف أجره مرتين أو أخذ الأجرين لموته في سبيل الله. والآخر لما كان يحدوا به للقوم من شعره ويدعو الله في ثباتهم عند لقاء عدوهم، وذلك تحضيض المسلمين وتقوية لنفوسهم. وقد روي هذا المعنى مرفوعاً.
وروى معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه أنه قال لرسول الله: إن الله قد أنزل في الشعر ما أنزل. قال: ((إن المؤمن يجاهد بنفسه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأنما ترمون به نضح النبل)).
وتأويل سلمة ومن معه أن عامراً حبط عمله؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} [النساء:29] فحملوا الخطأ على العمد، قيل: ويحتمل أن يكون هذا قبل نزول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا} [النساء:92].
قوله: (ألا تسمعنا من هنيهاتك) / العرب تقول لكل شيء صغير: هنة، والهنوات من الكلام: ما صغر منها ولم يكن له كبير معنًى.
والهنة: كل شيء صغير برز من معظم شيء أو بان منه. كزمعة ظلف الشاة، وحلمة الثدي والضرع، ويجوز أن يقال: هنية وهنيهة.
قال الجوهري: في فلان هنات؛ أي: خطاب شر وهنيهات: تصغير، فكأنه قال له: أسمعنا من أشعارك وغنائك. وفي كتاب الدعاء: ألا أسمعتنا من هنياتك. ويقال ذلك؛ للبرهة من الدهر أيضاً.
قوله ◙: (يا أنجشة رويدك سوقاً بالقوارير) القوارير هنا: كناية عن النساء الذين على الإبل، أمره بالرفق في الحداء والإنشاد؛ لأن الحداء يحث الإبل حتى تسرع السير، فإذا مشيت الإبل رويداً أمن على النساء السقوط.
وتشبيهه ◙ النساء بالقوارير من الاستعارة البديعة؛ لأن القوارير أسرع الأشياء تكسراً، فأفادت الاستعارة هاهنا من الحض على الرفق بالنساء في السير ما لم تفده الحقيقة؛ لأنه [لو] قال: ارفق في مشيك بهن أو ترسل، لم يفهم من ذلك أن التحفظ بالنساء كالتحفظ بالقوارير، كما فهم ذلك من الاستعارة؛ لتضمنها من المبالغة في الرفق ما لم تتضمنه الحقيقة.
وأنجشة: غلام أسود لرسول الله صلعم، ذكروه في الصحابة، وهو من الأفراد، كان في سوقه عنف، فأمره أن يرفق بالمطايا يسوقها كما يسوق الدابة إذا حملت القوارير، قاله ابن التين. وليس كتأويل (خ) أنه كان يحدو. وسيأتي في باب: ويلك، أنه كان يحدو. وقال في حديث بعد: وكان حسن الصوت.
القوارير: جمع: قارورة من الزجاج. قال الهروي: شبههن بذلك؛ لضعف عزائمهن، والقوارير يسرع الكسر إليها. وكان أنجشة ينشد من القريض. والرجز ما فيه تشبب فلم يأمن أن يصيبهن أو يقع بقلوبهن حداؤه، فأمره بالكف؛ خوف ذلك.
قوله: (اللهم لولا أنت ما اهتدينا) هذا ليس بشعر ولا رجز ولا موزون(2).
وقوله: (فدى لك ما اقتفينا) صوابه بالمد وكسر الفاء، وبه ينون على ما قبله، ومن قصر فدى فتح الفاء، ومنهم من يكسر فداء بالتنوين إذا جاوز لام الجر خاصة تقول: فداء لك؛ لأنه نكرة يريدون به معنى الدعاء.
قوله: (قل عربي نشأ بها مثله) يعني: عليها.
وذكره ابن التين بلفظ: ((نشأ بها)) أي: كبر عليها؛ لأن النشأة البداءة، ثم ذكر ما بدأنا رواية عن الداودي، وذكره في غزوة خيبر بلفظ: ((مشى)) من المشي.
قوله: (رويدك) أي: أمهل، وحركت الدال؛ لالتقاء الساكنين وتنصب نصب المصادر، وهو تصغير ترخيم من أرود يرود رواداً، وتقول: رويدك عمراً، والكاف للخطاب لا موضع لها من الإعراب؛ لأنها ليست باسم، و(رويد) غير مضاف إليها ومتعد إلى عمرو؛ لأنه اسم سمي به الفعل، فعمل عمل الأفعال، وتفسير رويد: مهلاً، وتفسير رويدك: أمهل؛ لأن الكاف إنما تدخله إذا كان بمعنى أمهل، قاله الجوهري.
قوله: / (لو تكلم بعضكم لعبتموها عليه) قال الداودي: إنما قاله لأهل العراق، لما فيهم من التكلف والزهو ومعارضة الحق بالباطل.
قوله: (فتناول به يهوديا ليضربه) إلى آخره.
فيه كما قال أبو عبد الملك: دليل على أن من لم يعرف قاتله لا يودى، كقول أهل العراق واحتجوا بقوله: لا يفرجنا في الإسلام مفرجاً؛ أي: لا يترك قتيل بلا دية، وإن لم يعرف قاتله وداه المسلمون، فهذا لم يده. والأصمعي يرويه: مفرحا بالحاء، وتسكين الجيم. وقيل: هما روايتان بالجيم ومعناه كما تقدم. وقال أبو عبيدة: هو الذي إذا جنى أدى عنه بيت المال.
قال والدي ⌂:
(باب ما يجوز من الشعر) وهو الكلام الموزون المقفى بالقصد، و(الرجز) ضرب من الشعر وسمي به لتقارب أجزائه وقلة حروفه و(الحداء) هو سوق الإبل والغناء لها.
و(مروان بن الحكم) بالمفتوحتين الأموي و(عبد الرحمن بن الأسود) ضد: الأبيض، ابن عبد يغوث بفتح التحتانية وضم المعجمة وبالمثلثة الزهري و(أبي) بضم الهمزة وخفة الموحدة وشدة التحتانية ابن كعب الأنصاري.
قوله: (حكمة) أي قولا صادقاً مطابقاً للحق والصواب.
فإن قلت: قال تعالى: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء:224]؟ قلت: وقال أيضاً: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [الشعراء:227]، فاستثنى منهم وهم الذين قالوا بالحكمة صدقاً وحقًّا، وحاصله أن بعض الشعر مفهوم(3) وبعضه لا.
قوله: (الأسود) ضد الأبيض ابن قيس و(جندب) بضم الجيم وسكون النون وفتح المهملة وضمها وبالموحدة و(دميت) بفتح المهملة وكسر الميم وأما تاؤه ففي الرجز مكسورة، وفي الحديث ساكنة ومر مباحثه في أول الجهاد.
فإن قلت: ما وجه التلفيق بينه وبين قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ} [يس:69] قلت: الرجز ليس شعراً قاله الأخفش أو هو حكاية عن شعر الغير أو المراد نفي صفة الشعر لا نفسه.
قوله: (محمد بن بشار) بإعجام الشين و(ابن مهدي) عبد الرحمن و(أبو سلمة) بفتحتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف و(الكلمة) هاهنا القطعة من الكلام و(لبيد) بفتح اللام وكسر الموحدة وبإهمال الدال، ابن ربيعة بفتح الراء العامري الصحابي عاش مائة سنة وأربعاً وخمسين سنة مات في خلافة عثمان ☺.
و(الباطل) أي: الفاني المضمحل و(أمية) بضم الهمزة وخفة الميم وشدة التحتانية، ابن أبي الصلت بفتح المهملة وإسكان اللام وبالفوقانية الثقفي، وفي صحيح (م) عن عمرو بن الشريد بفتح المعجمة وكسر الراء وبالمهملة عن أبيه قال ردفت رسول الله صلعم فقال ((هل معك من شعر أمية شيء)) قلت نعم قال ((هيه)) فأنشدته شيئاً فقال ((هيه)) حتى أنشدته مائة بيت فقال ((إن كاد ليسلم))، وهيه كلمة الاستزادة منوناً وغير منون مبنيًّا على الكسر، والمقصود أنه صلعم استحسن شعره واستزاد من إنشاده لما فيه من الإقرار بالوحدانية والبعث، وفيه أن بعض الشعر محمود.
قوله: (يزيد) من الزيادة ابن عبيد مصغر ضد الحر و(سلمة) بالمفتوحتين (ابن الأكوع) بفتح الهمزة وإسكان الكاف وفتح الواو وبالمهملة، أخو عامر وقيل هو سلمة بن عمرو بن الأكوع وهو عمه و(هنياتك) جمع: الهنية مصغر الهنة إذ أصلها هنوة / ، وهي الشيء الصغير والمراد بها الأراجيز، و(يحدوا) أي: يسوق، والرواية اللهم والموزون لا هم و(فدى لك) أي: لرسولك.
قال المازري: لا يقال لله تعالى فدًى لك؛ لأنه إنما يستعمل في مكروه يتوقع حلوله بالشخص فيختار شخص آخر أن يحل ذلك به ويفديه منه فهو إما مجاز عن الرضا كأنه قال نفسي مبذولة لرضاك، أو هذه الكلمة وقعت في البين خطاباً لسامع الكلام ولفظ فدًى مقصور وممدود مرفوع ومنصوب.
قوله: (اقتفينا) أي: اتبعنا أثره، قال ابن بطال: يعني: اغفر ما ركبنا من الذنوب و(فدى لك) دعاء أي: يفديه الله من عقابه على ما اقترف من ذنوبه كأنه قال اغفر لي وافدني منه (فداء لك) أي: من عندك فلا تعاقبني ولفظ لك تبيين لفاعل الفداء المعني بالدعاء؛ أي: اللام للتبيين نحو لام هيت لك وفي بعضها اتقينا أي: افدنا من عقابك فداء ما اتقينا من الذنوب أي ما تركناه مكتوباً علينا، قال وروى فداء بالخفض شبهه بالأمس فبناه على الكسر.
قوله: (أبينا) من الإباء عن الفرار أو عن الباطل، وفي بعضها ائتنا من الإتيان وعولوا علينا أي: حملوا علينا (بالصياح) لا بالشجاعة.
فإن قلت: تقدم في الجهاد أنه صلعم كان يقولها في حفر الخندق وأنها من أراجيز ابن رواحة قلت: لا منافاة في وقوع الأمرين ولا محذور أن يحدو الشخص بشعر غيره.
قوله: (وجبت) أي الشهادة قال ابن عبد البر: كانوا قد عرفوا أنه إذا استغفر لأحد أي: عند الوقعة وفي المشاهد يستشهد البتة فلما [سمع] عمر ذلك قال يا رسول الله لو متعتنا بعامر أي: لو تركته لنا فبارز يومئذ فرجع سيفه على ساقه فقطع أكحله فمات منها(4).
قوله: (الإنسية) بكسر الهمزة وسكون النون وبفتحهما، وهو من باب إضافة الموصوف إلى صفته و(نهريقها) بسكون الهاء وفتحها وبحذفها و(يرجع) بالرفع و(الذباب) الطرف و(قفلوا) [أي رجعوا] و(شاحبا) أي متغير اللون و(حبط) بكسر الموحدة أي: بطل عمله و(أسيد) مصغر الأسد (ابن حضير) مصغر الحضر ضد: السفر الأنصاري و(الأجران) أجر الجهد في الطاعة وأجر المجاهدة في سبيل الله و(جاهد ومجاهد) كلاهما بلفظ الفاعل وفي بعضها بلفظ الماضي وجمع المجهدة.
و(مشى بها) أي: قل عربي مشى في الدنيا بهذه الخصلة الحميدة التي هي الجهاد مع الجهد، وفي بعضها نشأ بلفظ الماضي من النشأ بالهمز، والهاء عائدة إلى الحرب أو بلاد العرب أي قليل من العرب نشأ بها وفي الحديث وجوه أخر تقدمت في غزوة خيبر.
قال ابن بطال: يحتمل أن يكون الأجران من جهة أنه لما أمات نفسه وقتلها في سبيل الله ضوعف أجره أو يكون أحدهما لموته والآخر للجزاء الذي به تقوية نفوس المسلمين لما فيه من ذكر الشجاعة ونحوه.
قوله: (أبو قلابة) بكسر القاف وخفة اللام وبالموحدة و(أم سليم) مصغر السلم أم أنس و(أنجشة) بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الجيم والمعجمة، غلام أسود كان حادياً وكان في سوقه عنت فأمره أن يرفق بالمطايا فيسوقهن كما تساق الدابة إذا كان عليها القوارير.
الخطابي: ووجه آخر وهو أنه كان حسن الصوت فكره أن يسمعن الحداء فإن حسن الصوت يحرك من نفوسهن فشبه ضعف عزائمهن وسرعة تأثير الصوت فيهن بالقوارير في سرعة الآفة إليها.
قوله: (رويدك) اسم فعل بمعنى أمهل والكاف حرف الخطاب ليس منصوباً / ولا مجرورا و(سوقك) مفعول له.
قوله: (بكلمة) وهي سوق القوارير.
فإن قلت: هذه استعارة لطيفة بليغة فلم تعاب؟ قلت: لعله نظر إلى أن شرط الاستعارة أن يكون وجه الشبه جليًّا بين الأقوام وليس بين القارورة والمرأة وجه التشبيه ظاهراً والحق أنه كلام في غاية الحسن والسلامة عن العيوب ولا يلزم في الاستعارة أن يكون جلاء الوجه من حيث ذاتهما بل يكفي الجلاء الحاصل من القرائن الجاعلة للوجه جليا ظاهراً كما في المبحث فالعيب في العائب:
وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم
ويحتمل أن يكون قصد أبي قلابة أن هذه الاستعارة تحسن من مثل رسول الله صلعم في البلاغة، ولو صدرت ممن لا بلاغة له لعبتموها، وهذا هو اللائق بمنصب أبي قلابة.
قال ابن بطال: كناية عن النساء اللاتي على الإبل فأمره بالرفق في الحداء؛ لأنه يحث الإبل على الإسراع لئلا يسقطن وهذه استعارة بديعة؛ لأن القوارير أسرع الأشياء تكسراً، فأفادت الاستعارة هاهنا من الحض على الرفق بهن ما لم تفده الحقيقة؛ لأنه لو قال ارفق بهن لم يفهم منه تلك المبالغة.
وقال: والمقصود من الباب أن الشعر كسائر الكلام فما كان فيه ذكر تعظيم الله تعالى وتحقير الدنيا ونحوهما فهو حسن وحكمة وما كان منه كذباً وباطلاً وفحشاً فهو مذموم وغواية.
الزركشي:
(أنجشة) غلام أسود حادياً للنساء حسن الصوت.
(رويدك) أي: ارفق، فوضع موضع الأمر، قال ابن مالك: وهذا اسم فعل بمعنى: أرود، أي: أمهل، والكاف المتصلة به حرف خطاب، وفتح داله بنائه، ولك أن تجعل ((رويدك)) مصدراً مضافاً إلى الكاف ناصبها ((سوقك))، وفتحة داله على هذا إعرابية.
وقال أبو البقاء: الوجه النصب برويد، والتقدير: أمهل سوقك، والكاف حرف خطاب وليست اسماً، ورويدك يتعدى إلى مفعول واحد.
(سوقا بالقوارير) يعني: النساء، شبههن بالقوارير من الزجاج لضعف بنيتهن؛ أي: لا تحسن صوتك، فربما يقع في قلوبهن خلقه عن ذلك.
وقيل: أراد أن الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واشتدت فأزعجت الراكب وأتعبته فنهاه عن ذلك، وقيل: لأن النساء يضعفن عن شدة الحركة، انتهى كلام الزركشي.
أقول:
قوله: (هل أنت إلا أصبع دميت) قاله صلعم غير قاصد فلا يكون شعراً وقيل: هذا الشعر للوليد بن الوليد بن المغيرة قاله حين قال له النبي صلعم وهو بالمدينة من لي بعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص؟ فقال الوليد: أنا لك يا رسول الله بهما، فخرج إلى مكة فقدمها مستخفياً إلى أن قال، ثم حملتها على بعيري وساق بهما فعثر فدميت إصبعه فقال: هل أنت إلا إصبع دميت.. إلى آخره.
قوله: (وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم) اسمه عبد الله بن ربيعة الثقفي، وكان أمية يتعبد في الجاهلية ويؤمن بالبعث أدرك الإسلام ولم يسلم.
قوله: (ويحك يا أنجشة) هو اسم غلام أسود حادياً، وكان في سوقه عنف فأمره أن يرفق بالمطايا فيسوقهن كما تساق الدابة إذا كان حملها القوارير.
وفيه وجه آخر وهو أنه كان حسن الصوت بالحداء فكره أن يسمعهن الحداء، فإن حسن الصوت يحرك من نفوسهن أو يقع في قلوبهن حداوة فأمره بالكف عن ذلك، وفي المثل: الغناء رقية الزنا فشبه ضعف عزائمهن / وسرعة تأثير الصوت فيهن بالقوارير في سرعة الآفة إليها، هذا كلام الدمياطي وغيره.
أقول: وهذا كلام غير لائق لأن المحدو بهن هن أزواجه الطاهرات المبرات فهن آمنون من هذه المفسدة، فهذا توجيه غير لائق بهؤلاء النساء ويليق بغيرهن من النساء، وهذا غريب من مثل هؤلاء العلماء أن يوجهوا بمثل هذا التوجيه ويذكروا المثل السائر وهو غير سائر في هذا المحل فافهمه، أقول هاهنا.
فصل:
ما ذكره يناسب في معرفة بحور الشعر وقد عد العروضيون الرجز بحراً منها، فأول البحور:
1- الطويل إنما سمي طويلاً؛ لأنه أطول من الشعر لأنه من ثمانية وأربعين حرفاً وهو: فعولن مفاعيلن أربع مرات.
قال الصفي الحلي بن سرايا:
طويل له دون البحور فضائل فعولن مفاعيل فعولن مفاعل
2- المديد: إنما سمي مديداً؛ لامتداد الأسباب في أجزائه السباعية، فكل من فاعلاتن في أوله سبب وفي آخره سبب وأجزاؤه ثمانية وهي: فاعلات فاعلن أربع مرات.
قال الصفي الحلي:
لمديد الشعر عندي صفات فاعلاتن فاعلن فاعلات
3- البسيط: إنما سمي بسيطاً لسهولته في الذوق من البساطة التي هي السهولة وقيل: لانبساط الأسباب في أجزائه السباعية ففي كل واحد منها سببان وأجزاؤه ثمانية وهي: مستفعلن فاعلن أربع مرات.
قال الصفي الحلي:
إن البسيط لديه يبسط الأمل مستفعلن فاعلن مستفعلن فعل
4- الوافر: إنما سمي وافراً لتوفر حركاته فإنه ليس في الأجزاء أكثر حرفات من مفاعلتن وما ينفك عنه أعني متفاعلن وأجزاء الوافر: مفاعلتن ست مرات، قال الصفي الحلي:
بحور الشعر وافرها جميل مفاعلتن مفاعلتن فعول
5- الكامل: إنما سمي كاملاً لتكامل الحركات فيه وهي ثلاثون، وليس في الشعر شيء فيه ثلاثون حركة غيره وأجزاء الكامل: متفاعلن ست مرات، قال الصفي الحلي:
كمل الجمال من البحور الكامل مفاعلتن مفاعلتن مفاعل
6- الهزج: وهو مفاعيلن ست مرات، وإنما سمي هزجاً من التهزج الذي هو ترديد الصوت، وقيل لما كان كل جزء منه يردد في آخره سببان سمي هزجاً وقيل غير ذلك، قال الصفي الحلي:
على الأهزاج تسهيل مفاعيل مفاعيل
7- الرجز: إنما سمي رجزاً؛ لأنه مأخوذ من قولهم ناقة رجزاء إذا ارتعشت عند قيامها لضعفها، وأجزاؤه مستفعلن ست مرات قال الصفي الحلي:
في أبحر الإرجاز بحر يسهل مستفعلن مستفعلن مستفعل
8- الرمل: وسمي رملاً من رملت الحصير إذا نسجته وقيل: مأخوذ من رمل في السير إذا أسرع وأجزاؤه: فاعلاتن ست مرات، قال الصفي الحلي:
رمل الأبحر ترويه الثقات فاعلاتن فاعلاتن فاعلات
9- السريع: وإنما سمي سريعاً قيل لسرعته في الذوق والتقطيع وأجزاؤه مستفعلن مستفعلن / مفعولات مرتين فهي ستة أجزاء قال الصفي الحلي:
بحر سريع ما له ساحل مستفعلن مستفعلن فاعل
10- المنسرح: إنما سمي منسرحاً لانسراحه مما يلزم أضرابه، وأجزاؤه: مستفعلن مفعولات مستفعلن مرتين فهي ستة أجزاء قال الصفي الحلي:
منسرح فيه يضرب المثل مستفعلن فاعلات مفتعل
11- الخفيف: إنما سمي خفيفاً لخفته في الذوق وأجزاؤه: فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن مرتين فهي ستة أجزاء قال الصفي الحلي:
يا خفيفاً خفت به الحركات فاعلاتن مفاعلن فاعلات
12- المضارع: إنما سمي مضارعاً؛ لأنه ضارع الهزج من وجهين أحدهما تقدم وتدة المجموع على سببه، والثاني أنه وقع مجزوءٌ مثله فكل منهما لم يرد عن العرب إلا رباعي الأجزاء، وأجزاؤه: مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن مرتين فهي ستة أجزاء في الأصل ولكنه لم يرد على أصله قال الصفي الحلي:
تعدُ المضارعات مفاعيل فاعلات
13- المقتضب: إنما سمي مقتضباً أخذاً من الاقتضاب الذي هو الاقتطاع فلما كان مقتطعاً من دائرة المشتبه من بحر المنسرح كان مقتضباً منه، وأجزاؤه هي أجزاؤه بعينها والمخالفة بينهما من جهة التقديم والتأخير وأجزاؤه: مفعولات مستفعلن مستفعلن مرتين فهي ستة أجزاء قال الصفي الحلي:
اقتضب كما سألوا فاعلات مفتعل
14- المحنث: إنما سمي محنثاً أخذاً من الاحتناث الذي هو الاقتطاع، فلما كان مقتطعاً من بحر الخفيف كان محنثاً منه وأجزاؤه مستفع لن فاعلاتن فاعلاتن مرتين فهي ستة أجزاء قال الصفي الحلي:
إن حنثت الحركات مستفعلن فاعلاتن(5)
15- المتقارب: وسمي متقارباً لتقارب أوتاده بعضها من بعض إذ بين كل سببين وتد خفيف وأجزاؤه فعولن ثماني مرات، قال الصفي الحلي:
عن المتقارب قال الخليل فعول فعول فعول فعول
16- المتدارك: هذا هو البحر الذي أثبته الأخفش وأنكره الخليل، وروي أنه نص على طرحه وهو حسن في الذوق مقبولة عند أهل الطبع وأجزاؤه فاعل ثماني مرات.
ولم يذكر الصفي الحلي هذا البحر ولا المضارع، فهذا مختصر كما قاله العروضيون في عدد البحور وعدوا الزجر منها، وهذا سبب ذكري للبحور ليستحضر الشخص كل بحر ووزنه.
[1] في هامش المخطوط: ((أقول: معناه: كل نعيم من نعيم الدنيا)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: قيل الموزون لا يقم لولا أنت)).
[3] لعل الصواب: ((مذموم)).
[4] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: ما معنى قوله: لو أمتعتنا والنبي أخبر بما عرفه بالوحي أنه يستشهد في تلك الغزوة؟ قلت: يحتاج إلى جواب)).
[5] في هامش المخطوط: ((أقول: وذكر الصفي الحلي الحنث، ويسمى المحنث والمخلع وطرد الخيل وقطر الميزاب: ~حركات المحدث ينتقل فعلن فعلن فعلن فعل)).