مجمع البحرين وجواهر الحبرين

كتاب المزارعة

          ░░41▒▒ كتاب المزارعة
          ░1▒ باب فضل الزرع والحرث إذا أكل منه
          2320- فيه حديث أنس: ((ما من مسلم يغرس غرساً))، الحديث.
          وقال لنا مسلم: ثنا أبان، ثنا قتادة، ثنا أنس، عن النبي صلعم.
          كذا ذكره بلفظ: ((وقال لنا مسلم)): وهو شيخه، حتى جعله بعضهم معلقاً، وأباه أبو نعيم فقال: روى عنه هذا الحديث وأتى به لتصريح قتادة فيه بسماعه من أنس ليسلم من تدليس قتادة.
          وأخرجه أيضاً مسلم، عن عبد بن حميد، ثنا مسلم بن إبراهيم، وعنده أيضاً: عن جابر، عن أم مبشر أنه ◙ دخل نخلاً لها، فسأل: ((من غرس هذا النخل؟ أمسلم أم كافر؟)) قالوا: مسلم، وفي رواية: دخل على أم معبد أو أم مبشر الأنصارية، وفي رواية له عن جابر: عن امرأة زيد بن حارثة، بدل: ((أم مبشر))، وفي بعض نسخ (م): أم مبشر، وهو من أفراده.
          قلت: ورأيت من قال من شيوخنا: إن أم معبد هي أم مبشر وأم بشير، واسمها: خليدة.
          قال ابن عبد البر: هي بنت البراء بن معرور الأنصارية.
          وفي الباب أيضاً عن أبي أيوب، ذكره الطبراني وأبي سعيد.
          وخص المسلم بالذكر؛ لأنه ينوي عند الغرس غالباً أن يقوى به على العبادة؛ ولأنه الذي يحصل له الثواب _بخلاف الكافر_ وغايته أن يخفف العذاب عنه.
          وفيه: أن الغراس واتخاذ الضياع مباح وغير قادح في الزهد، وقد فعله كثير من الصحابة وغيرهم، وذهب قوم من المتزهدة إلى أن ذلك مكروه وقادح في الزهد، ولعلهم تمسكوا بحديث (ت) محسناً، وابن حبان / من حديث ابن مسعود: ((لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا)).
          ويجاب: بأن النهي محمول على الاستكثار من الضياع، والانصراف إليها بالقلب، وأما إذا اتخذها غير مستكثر، وكانت له كفافاً وعفافاً فهي مباحة غير قادحة في التزهد، وسبيلها سبيل المال الذي استثناه الشارع بقوله: ((إلا من أخذه بحقه ووضعه في حقه))، فإن نوى بما غرس معونة المسلمين ورجاء ثواب ما يؤكل وشبهه، فذلك من أفضل الأعمال.
          ولا يبعد أن يقال: إن أجر ذلك يعود عليه دائماً أبداً وإن مات وانتقلت إلى غيره، ما دام ذلك الغرس أو الضيعة وما تولد منهما إلى يوم القيامة، لما في (م): ((إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة))، ولو كان كما زعم أولئك لما كان لمن يزرع زرعاً وأكل منه إنسان أو بهيمة أجر؛ لأنه لا يؤجر أحد على ما لا يجوز فعله.
          قال المهلب: وهذا يدل على أن الصدقة على جميع الحيوان، وكل ذي كبد رطبة فيه أجر.
          وفيه من الفقه: أن من زرع في أرض غيره أن الزرع للزارع، ولرب الأرض عليه كراء أرضه.