مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته

          ░18▒ باب رحمة الولد وتقبيله وشمه
          وقال ثابت، عن أنس: إلى آخره وسلف عنده مسنداً.
          ثم ذكر في الباب أحاديث:
          1- حديث مهدي وهو ابن ميمون ثنا ابن أبي يعقوب وهو محمد بن عبد [الله] بن أبي يعقوب الضبي البصري، من أفراد (خ)، عن ابن أبي نعم وهو عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي الكوفي، قال: أبو نعيم كان ابن أبي نعم يمكث خمسة عشر يوماً لا يأكل، روى له الجماعة قال: كنت شاهداً لابن عمر إلى آخره.
          قوله: (ريحانتاي) كذا هو وهو الصواب، وذكره ابن التين بلفظ: ريحاني، وصوابه ريحانتاي.
          والمعنى: أنهما من رزق الله تعالى، وفي الحديث: الولد من ريحان الله تعالى، والريحان الرزق معروف.
          2- حديث: جاءتني امرأة ومعها ابنتان الحديث.
          يريد: أن أجر القيام عليهن أعظم من أجر القيام على البنين، إذ لم يذكر مثل ذلك في حقهم، وذلك والله أعلم لأجل أن مؤنة البنات والاهتمام بأمورهن أعظم من أمور البنين؛ لأنهن عورات لا يباشرن أمورهن، ولا يتصرفن تصرف البنين(1).
          قوله: (من بلي) هو بالباء المضمومة، وذكره ابن بطال بالمثناة تحت، وكتبه في الحاشية بالموحدة.
          3- حديث أبي قتادة في قصة أمامة وسلفت.
          4- حديث أبي هريرة: قبل رسول الله الحسن بن علي الحديث.
          5- حديث عائشة: جاء أعرابي إلى رسول الله فقال: تقبلون الصبيان؟! الحديث.
          6- حديث عمر: قدم على رسول الله صلعم سبي، فإذا امرأة الحديث.
          قوله: (تحلب)، هو بفتح أوله واللام مشددة؛ أي: تيسر للحلاب، ولا شك أن رحمة الصغير ومعانقته وتقبيله والرفق به من الأعمال التي يرضاها الله ويجازي عليها، ألا ترى قوله للأقرع بن حابس حين ذكر ما ذكر: ((من لا يرحم لا يرحم))، فدل على أن تقبيل الولد الصغير / وحمله والتحفي به مما يستحق به رحمة الله، ألا ترى حمله ◙ أمامة على عاتقه في الصلاة، وهي أفضل الأعمال عند الله، وقد أمر ◙ بلزوم الخشوع فيها والإقبال عليها، ولم يكن حمله لها في الصلاة مما يضاد الخشوع المأمور به فيها، وكره أن يشق عليها لو تركها ولم يحملها في الصلاة، وفي فعله ذلك أعظم الأسوة لنا، فينبغي الاقتداء به في رحمة صغار الولد وكبارهم، والرفق بهم، ويجوز تقبيل الولد الصغير في سائر جسده.
          وروى جرير عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس أن النبي صلعم أتي بالحسن بن علي ففرج بين فخذيه وقبل زبيبته. وأما تقبيل كبار الولد وسائر الأهل فقد رخص في ذلك العلماء.
          قال أشهب: سئل مالك عن الذي يقدم من سفره فتلقاه ابنته [تقبله] أو أخته أو أهل بيته، قال: لا بأس بذلك وهذا على وجه الرقة، وليس على وجه اللذة، وقد كان ◙ يقبل ولده وبخاصة فاطمة، وكان الصديق يقبل عائشة، وقد فعل ذلك أكثر الصحابة، وذلك على وجه الرحمة.
          وفي حديث ابن عمر أنه يجب على المرء أن يقدم تعليم ما هو أوكد عليه من أمر دينه، وأن يبدأه بالاستغفار والتوبة من أعظم ذنوبه(2)، وإن كانت التوبة من جميعها فرضا عليه، فهي من الأعظم أوكد، ألا ترى ابن عمر أنكر على السائل سؤاله عن حكم دم البعوض، وتركه الاستغفار والتوبة من دم الحسين، وقرعه به دون سائر ذنوبه لمكانته من رسول الله.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: ونظيره قصة الأمهات والمبالغة في رعايتهن وذلك لضعفهن وكذلك البنات فكل ما كان المرعى أضعف فإن التأكيد في حقه آكد وثوابه آكد)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: قول ابن عمر لهذا السائل كيف يتجه وذلك أنه أعلم أنه من جملة من قتل الحسن وكان بالعراق ألوف ولم يقصد لقتاله إلا جماعة يسيرة)).