مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الحب في الله

          ░42▒ باب الحب في الله
          فيه حديث أنس قال: قال النبي صلعم: ((لا يجد أحد حلاوة الإيمان)) الحديث.
          وسلف في الإيمان، ومعنى: ((أحب إليه مما سواهما)) أي: أنه يحبهما أشد من نفسه ومن جميع الخلق، وصفة التحاب في الله أن يكون كل واحد منهما لصاحبه في تواصلهما وتحابهما بمنزلة نفسه في كل ما نابه، لقوله ◙: ((المؤمن للمؤمن كالبينان)) وسلف، وروى شريك بن أبي نمر، عن أنس مرفوعاً: ((المؤمن مرآة المؤمن)).
          ورواه عبد الله بن أبي رافع، عن أبي هريرة مرفوعاً بزيادة: ((إذا رأى فيه غشاءً، أصلحه)).
          قال الطبري: فالأخ المؤاخي في الله كالذي وصف به الشارع المؤمن للمؤمن كالبنيان في أن كل واحد منهما لصاحبه بمنزلة الجسد الواحد؛ لأن ما سر أحدهما سر الآخر، وما ساء أحدهما ساء الآخر، وأن كل واحد منهما عون لصاحبه في أمر الدنيا والآخرة كالبنيان، وكالمرآة له في توقيفه إياه على عيوبه ونصيحته له في المشهد والمغيب، وتعريفه إياه من خطئه وما فيه صلاحه ما يخفى عليه. وهذا النوع في زماننا هذا أعز من الكبريت الأحمر، وقد قيل: قبل هذا الزمان، كان يونس بن عبيد يقول: ما أنت بواجد شيئاً أقل من أخ في الله أو درهم طيب.
          فإن قلت: الحب في الله والبغض في الله واجب هو أم فضل؟ قيل: بل واجب، وهو قول مالك، يدل له رواية الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)) وما أمرهم به فعليهم العمل به، ألا ترى أنه ◙ أقسم حق القسم بما ذكر، فحقيقٌ على كل ذي لب أن يخلص الموجدة والحب لأهل الإيمان.