مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا}

          ░69▒ باب قول الله: {اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119]
          فيه ثلاثة أحاديث:
          1- حديث أبي وائل، عن عبد الله، عن النبي صلعم قال: ((إن الصدق يهدي إلى البر)) الحديث وأخرجه (م) أيضاً.
          2- حديث أبي هريرة أن رسول الله صلعم قال: ((آية المنافق ثلاث)) الحديث وسلف في الإيمان.
          3- حديث سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلعم: ((رأيت الليلة رجلين أتياني)) الحديث وسلف مطولاً. ومعنى قوله: {كُونُواْ مَعَ الصَّادِقِين} [التوبة:119] أي: مثلهم أو منهم.
          ومعنى: (الصادقين): الذين يصدقون في قولهم وعملهم، وقيل: في أيمانهم يوفون بما عاهدوا.
          وحديث عبد الله قيل: إن ظاهره معارض لحديث صفوان بن سليم الذي رواه مالك عنه أنه قيل للنبي صلعم: أيكون المؤمن كذاباً؟ قال: ((لا))، وبحديث: ((يطبع المؤمن على كل شيء ليس الخيانة والكذب)).
          ويجمع بينهما بأن المراد بحديث صفوان: المؤمن الكامل أي: لا يكون المؤمن المستكمل لأعلى درجات الإيمان كذاباً حتى يغلب عليه الكذب؛ لأن كذاباً وزنه فعال وهو من أبنية المبالغة لمن يكثر الكذب منه ويتكرر حتى يعرف به، ومثاله الكذوب، يوضحه قوله ◙: ((إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صدوقاً)) يعني: لا يزال يتكرر الصدق منه كثيراً حتى يستحق اسم المبالغة في الصدق.
          وكذلك قوله في الكذب يعني: لا يزال يتكرر الكذب منه حتى يغلب عليه، وهذه الصفة ليست صفة علية المؤمنين بل هي من صفات المنافقين، وقد سلف في الإيمان. وأخبر ◙ في حديث سمرة بعقوبة الكاذب الذي يبلغ كذبه الآفاق أنه يشق شدقه في النار إلى يوم القيامة، فعوقب في موضع المعصية، وهو فمه الذي كذب به.
          والصدق أرفع خلال المؤمنين؛ ألا ترى الآية التي صدر بها (خ) الباب فجعل الصدق معياراً للتقوى.