مجمع البحرين وجواهر الحبرين

كتاب الحيض

          ░░6▒▒ ((كتاب الحيض))
          الحيض: أصله السيلان، يقال: حاض الوادي: إذا سال، وقال ثعلب: من الحوض لاجتماعه، فأبدلت واوه ياء.
          والمحيض الأول في الآية: هو الحيض بالإجماع، والثاني: دم الحيض، وقيل: زمانه، وقيل: مكانه وهو الفرج.
          وهذا قول أزواج رسول الله صلعم وجمهور المفسرين، ويؤيده ما في (م) من حديث أنس: ((أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت))، فسأل أصحاب رسول الله صلعم فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة:222]، فقال النبي صلعم: ((اصنعوا كل شيء إلا النكاح)) وهذا السائل هو أبو الدحداح.
          وفي (م): أن أسيد بن حضير وعباد بن بشر قالا بعد ذلك: أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله، الحديث.
          وهذا بيان الأذى المذكور في الآية، وهو اعتزال الفرج دون سائر البدن، وإن كان الأصح عند أصحابنا أنه يعتزل ما بين السرة والركبة؛ لأنه حرم الفرج، ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه.
          والإجماع قائم على جواز مؤاكلتها ومضاجعتها وتقبيلها إلا ما شذ به عبيدة السلماني فيما حكاه ابن جرير، وقاله بعض أصحابنا وهو واه.
          واختلف العلماء في جواز وطئها إذا انقطع حيضها قبل أن تغتسل، فحرمه مالك والليث والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور والشعبي ومجاهد والحسن ومكحول وسليمان بن يسار وعكرمة.
          وقال أبو حنيفة: إن انقطع دمها بعد عشرة أيام الذي هو عنده أكثر الحيض جاز له أن يطأها قبل الغسل، فإن انقطع دمها قبل العشر لم يجز حتى تغتسل أو يمر عليها وقت صلاة؛ لأن الصلاة تجب عنده بآخر الوقت، فإذا مضى عليها آخر الوقت ووجب عليها الصلاة علم أن الحيض قد زال؛ لأن الحائض لا صلاة عليها.
          وقال الأوزاعي: إن غسلت فرجها جاز وطؤها، وإلا فلا. وبه قالت طائفة من أهل الحديث. ووجه هذا قوله تعالى: {حَتَّىَ يَطْهُرْنَ} أي: ينقطع دمهن. فجعل ذلك غاية لمنع قربانها.
          وأجاب عنه الأولون فقالوا: المراد بالآية: التطهر بالماء، فإنه قال تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة:222] فأضاف الفعل إليهن، وانقطاع الدم لا فعل لها فيه، فالتقدير: فلا تقربوهن حتى يطهرن ويتطهرن، فعلقه بوجودهما فلا يحل إلا بها، وقد يقع التحريم بشيء، ولا يزول بزواله لعلة أخرى، لقوله تعالى في المبتوتة: {فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة:230] أي: وتنقضي عدتها.
          قال ابن بطال: وقول أبي حنيفة لا وجه له، وقد حكم أبو حنيفة وأصحابه للحائض بعد الانقطاع بحكم الحائض في العدة، وقالوا: لزوجها عليها / الرجعة ما لم تغتسل، فقياسه هنا يوقف الحل على الغسل، قال إسماعيل بن إسحاق: ولا أعلم أحدًا ممن روي عنهم العلم من التابعين ذكر في ذلك وقت صلاة.
          لم يذكر والدي ☼ فيه فائدة.