مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب رحمة الناس والبهائم

          ░27▒ باب رحمة الناس والبهائم
          فيه أحاديث:
          1- حديث أبي قلابة واسمه عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي عن أبي سليمان مالك بن الحويرث قال: أتينا النبي صلعم ونحن شببة.. الحديث.
          وسلف، وموضع الحاجة منه: ((وكان رفيقا رحيماً)).
          قوله: (ونحن شببة) أي: أحباب، وشببة وشبان وشباب كل ذلك جمع شاب.
          قوله: (وسألنا عمن تركنا من أهلينا) فيه هجرة بعض الحي لقوله تعالى: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ}الآية [التوبة:122].
          قوله: (ارجعوا إلى أهليكم) فيه أن من هاجر قبل الفتح من غير أهل مكة يرجع إلى أهله.
          قوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي) أمر حتم.
          وقال الداودي: يحتمل أن يكون جاء بها لصغرهم أو تكون الصلاة في القول على من يعقل. قال: وفيه إمامة الصبيان. قال ابن التين: وهذا كله غير بين، بل هم رجال شباب كما ذكر، وليس قوله: شببة دليل أنهم لم يبلغوا الحلم.
          قوله: (ليؤمكم أكبركم) يريد: لاستوائهم في الفقه والقراءة، وفيه: الأذان في السفر.
          2- حديث أبي هريرة في قصة شرب الكلب.
          قوله: (يلهث) يقال: لهث الكلب يلهث لهثاً ولهثاناً بالضم إذا أخرج لسانه من التعب والعطش. وكذلك الرجل إذا أعيا أو عطش.
          و(الثرى): التراب الندي.
          قوله: (في كل ذات كبد) أي: روح.
          و(الكبد): بفتح أوله وكسر ثانيه وسكونه.
          3- حديثه أيضاً في قصة الأعرابي: اللهم ارحمني ومحمداً، الحديث(1).
          ومعنى (تحجرت)، وفي نسخة: ((حجرت)): ضيقت، قال ابن التين: والذي قرأناه بالراء.
          4- حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلعم: ((ترى المؤمنين)) الحديث.
          5- حديث أنس، عن رسول الله: ((ما من مسلم غرس)) الحديث.
          6- حديث ابن عبد الله: ((من لا يرحم لا يرحم)).
          وفي هذه الأحاديث: الحض على استعمال الرحمة للخلق كلهم، كافرهم ومؤمنهم ولجميع البهائم، والرفق بها، وإن ذلك مما يغفر الله به الذنوب، ويكفر به الخطايا، فينبغي لكل مؤمن أن يرغب في الأخذ بحظه من الرحمة ويستعملها في أبناء جنسه، وفي كل حيوان، فلم يخلقه الله عبثاً، وكل أحد مسئول عما استرعاه وملكه من إنسان أو بهيمة على النطق وتبيين ما بها من الضر، وكذلك ينبغي أن يرحم كل بهيمة، وإن كانت في غير ملكه، ألا ترى أن الذي سقى الكلب بالفلاة لم يكن له ملكاً فغفر الله له بتكلفه النزول في البئر وإخراجه الماء وسقيه، ومثله الإطعام، ألا ترى قوله: ((ما من مسلم غرس..)) إلى آخره.
          وفي معنى ذلك: التخفيف عنها في أحمالها وتكليفها ما تطيق حمله فذلك من رحمتها، والإحسان إليها، ومن ذلك ترك التعدي في ضربها وأذاها وتسخيرها / في الليل وفي غير أوقات السخرة، فقد نهينا في العبيد أن نكلفهم الخدمة ليلاً، فإن لهم الليل ولمواليهم النهار، وجميع البهائم داخلون في هذا المعنى.
          وفي قوله: (ما من مسلم غرس) إلى آخره، دليل أن ما ذهب من مال المسلم بغير علمه أنه يؤجر عليه.
          وأما إنكاره عليه الصلاة والسلام على الأعرابي ما قاله: ((لقد حجرت واسعاً)) ولم يعجبه دعاؤه لنفسه وحده فلأنه بخل برحمة الله على خلقه، وقد أثنى الله على من فعل خلاف ذلك بقوله: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ} [الحشر:10] الآية، وأخبر تعالى أن الملائكة يستغفرون لمن في الأرض.
          فينبغي للمؤمن الاقتداء بالملائكة والصالحين من المؤمنين من جملة من أثنى الله عليه ورضي بفعله، فلم يخص نفسه بالدعاء دون إخوانه المؤمنين حرصاً على شمول الخير لجميعهم.
          قال والدي ⌂:
          (باب وضع الصبي).
          قوله: (محمد بن المثنى) ضد المفرد و(الحجر) بفتح الحاء وكسرها و(التحنيك) هو ذلك التمر الممضوغ ونحوه على حنك الصبي.
          قوله: (عبد الله) هو المسندي و(عارم) بالمهملة والراء محمد بن الفضل السدوسي، روى (خ) عنه في الإيمان بدون الواسطة و(المعتمر) أخو الحاج و(أبو تميمة) بفتح الفوقانية طريف بفتح المهملة، الهجيمي باعه عمه من بني هجيم بالجيم مات سنة خمس وتسعين و(أبو عثمان) هو عبد الرحمن النهدي بفتح النون وإسكان الهاء وبالمهملة و(الرحمة) من العبادة الرقة والتعطف، ومن الله تعالى إيصال الخير.
          قوله: (علي) أي: ابن المديني و(سليمان) أي: التيمي بفتح الفوقانية وسكون التحتانية أبو المعتمر قال: لما حدثني أبو تميمة به وقع في قلبي دغدغة فقلت في نفسي: حدثت بضم الحاء بهذا الحديث عن أبي عثمان وأنا لازمته وسمعت منه مسموعاً كثيراً فعجباً أني ما سمعته منه فنظرت في كتابي فوجدته مكتوباً فيما سمعته منه، فزال الدغدغة فسليمان يروي بالطريق الأولى عن أبي عثمان بالواسطة وبهذه الطريق بدونها.
          قوله: (عبيد) مصغر ضد الحر و(أبو أسامة) حماد و(ما غرت) أولاً نافية وثانياً موصولة و(لما كنت) متعلق به، والمراد من القصب قصب الدر واصطلاح الجوهريين أن يقولوا قصب من اللؤلؤ كذا وقصبه من الجوهر كذا ومن الدر كذا للخيط منه وقيل كان البيت من القصب تفاؤلاً بقصب سبقها إلى الإسلام و(في خلتها) أي: في أهل خلتها يعني: أخلائها وأحبائها، مر في المناقب في باب تزويج خديجة.
          الخطابي: الخلة هاهنا بمعنى الأخلاء وضع المصدر موضع الاسم قال وأراد بالقصب قصب اللؤلؤ وهو المجوف منه.
          قوله: (يعول) أي: ينفق عليه ويقوم لمصلحته و(عبد العزيز بن أبي حازم) بالمهملة والزاي و(الكافل) أي القائم بمصالحه المتولي لأموره و(قال بأصبعيه) أي: أشار إليهما أي كنا مصاحبين مجتمعين.
          فإن قلت: درجات الأنبياء ‰ أعلا من درجات سائر الخلق لا سيما درجة نبينا صلعم فإنها لا ينالها أحد؟ قلت: الغرض منه المبالغة في رفعة درجته في الجنة مر في كتاب الطلاق / في باب الإشارة.
          قوله: (صفوان بن سليم) مصغر السلم مولى حميد بن عبد الرحمن المدني الإمام القدوة ممن يستسقى بذكره يقال أنه لم يضع جنبه على الأرض أربعين سنة، وكان لا يقبل جوائز السلاطين مر في الجمعة والحديث مرسل لأنه تابعي لكن لما قال برفعه إلى النبي صلعم صار مسنداً مجهولاً.
          فإن قلت: لم ما ذكر اسم شيخه؟ قلت: للنسيان أو لغرض آخر ولا قدح بسببه.
          قوله: (الساعي) أي: الكاسب عليها العامل في مصلحتها و(الأرملة) من لا زوج لها وكالمجاهد وكالذي يصوم يحتمل أن يكون لفًّا ونشراً وأن يكون كل واحد ككليهما، وفي بعضها أو كالذي بأو الفاصلة لا الواو الواصلة التي هي الواو.
          قوله: (ثور) بلفظ الحيوان المعروف (ابن زيد الديلي) بكسر المهملة وإسكان التحتانية المدني و(أبو الغيث) بفتح المعجمة وسكون التحتانية وبالمثلثة سالم مولى ابن مطيع ضد العاصي.
          قوله: (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام القعنبي بفتح القاف وسكون المهملة وفتح النون وبالموحدة و(شك) هو فقال أحسب مالكاً قال كالقائم لا يفتر أي: لا ينكسر ولا يضعف من قيام الليل للتعبد والتهجد و(لا يفتر) هو صفة للقائم كقوله:
          ولقد أمر على اللئيم يسبني
          قوله: (أبو قلابة) بكسر القاف وخفة اللام وبالموحدة عبد الله و(مالك بن الحويرث) مصغر الحارث الليثي البصري و(الشببة) جمع الشاب و(متقاربون) أي: في السن و(الأهل) من النوادر حيث يجمع على الأهلين والأهلات والأهالي و(رفيقاً) من الرفق ضد العنف وبالقاف ضد الغلظة وهو منصوب بالحالية وفي بعضها وكان رقيقاً بزيادة كان و(علموهم) أي: الشريعة و(مروهم) أي: بالمأمورات أو علموهم الصلاة وأمروهم بها و(أكبركم) أي: أفضلكم أو أسنكم؛ لأنهم كانوا متقاربين في الفقه ونحوه مر الحديث في الأذان.
          قوله: (سمي) بضم المهملة وخفة الميم وشدة التحتانية مولى أبي بكر بن عبد الرحمن المخزومي و(يلهث) أي: يخرج لسانه من العطش و(الثرى) التراب الندي و(شكر الله له) أي: جزاه الله فغفر له و(في كل ذات كبد) أي في إرواء كل حيوان أجر و(الرطوبة) كناية عن الحياة وقيل الكبد إذا ظمئت ترطبت وكذا إذا ألقيت على النار والكبد مؤنث سماعي مر الحديث في كتاب الشرب.
          فإن قلت: تقدم في آخر كتاب بدء الخلق أن امرأة هي التي عملت هذه الفعلة؟ قلت: لا منافاة لاحتمال وقوعها وحصوله منهما جميعاً.
          قوله: (حجرت) من الحجر والتحجير يقال: حجر القاضي عليه إذا منعه من التصرف فيه؛ يعني: ضيقت واسعاً وخصصت ما هو عام إذ رحمته وسعت كل شيء.
          قوله: (النعمان بن بشير) بفتح الموحدة ضد النذير الأنصاري و(تداعى) أي: دعى بعضه بعضاً إلى المشاركة في الأرق و(الحمى) وهي حرارة غريبة تشتعل في القلب وتنبث منه في جميع البدن فتشتعل اشتعالاً يضر بالأفعال الطبيعية.
          وفيه تعظيم حقوق المسلمين وتخطيطهم على الملاطفة والمعاونة والتعاطف.
          قوله: (أو دابة) أي: ما يدب على الأرض وهو ضد وملائكته وجبريل عطف الخاص على العام.
          قوله: (عمر بن حفص) بالمهملتين و(من لا يرحم لا يرحم) بالجزم والرفع، وفي إطلاق / رحمة العباد في مقابلة رحمة الله نوع مشاكلة.
          الزركشي:
          (يهدي في خلتها) الخلة بالضم: الصاحب والصداقة والمودة، يعني: إلى خلائلها، وأقام الواحد مقام الجمع، أو إلى أهل صحبتها وصداقتها، ثم حذف المضاف.
          (شببة) أي: حديثين، جمع: شاب، ككاتب وكتبة.
          (وكان رفيقا) بالفاء، كذا رواه القابسي، وأبو ذر، والأصيلي، وأبو الهيثم، ولغيرهم بالقاف أولاً، وهو متقارب المعنى من رقة القلب ورفقه بأمته صلعم.
          (لقد حجرت واسعا) وروي: ((تحجرت))؛ أي: ضيقت ما وسعه الله؛ أي: أن رحمته واسعة تسع الجميع.
          كتاب البر والصلة


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: هو ذو الخويصرة اليماني وهو الذي بال في المسجد، وفي بعض كتب الحديث قال: أدخلني الله الجنة ولا أدخلها غيرنا)).