مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما يذكر من الإشخاص والملازمة

          ░44▒ ((باب ما يذكر من الإشخاص والملازمة))
          يقال: شخص _بفتح الخاء_ من بلد إلى بلد، أي: ذهب، والمصدر: شخوصًا، وأشخصه غيره، وشخص التاجر: خرج من المنزل، وشخص _بكسر الخاء_ رجع.
          أقول: قال في ((المطالع)): شخص بصره بالفتح إذا ارتفع وقيل امتد ولم يطرف وكذلك شخص في الحاجة وأشخص بصره مده ولم يطرف، قال أبو زيد: شخص البصر يشخص بالفتح فيها شخوصاً ولا أعرف الكسر وإنما الكسر إذا عظم شخصه انتهى كلامه.
          في الباب أربعة أحاديث:
          حديث النزال بن سبرة: قال: سمعت عبد الله يقول.... إلى آخره.
          2- حديث أبي هريرة: استب رجلان.
          3- حديث أبي سعيد الخدري: بينما رسول الله صلعم جالس.
          4- حديث قتادة، عن أنس، أن يهودياً رض رأس جارية.
          اختلف في إشخاص المدعى عليه، فقال ابن القاسم في معنى قول مالك فإن المدعى عليه غائبًا إلى مثل ما يسافر الناس فيه ويقدمون، كتب إلى والي الموضع في أخذ المدعى عليه بالاستحلاف أو القدوم للخصومة، وإن كان غيبة بعيدة فيسمع من بينة المدعي ويقضى له.
          وقياس قول الشافعي كما قال ابن بطال أنه يجلب بدعوى المدعي. وقال الليث: لا يجلب المدعى عليه حتى تشهد بينة على الحق. قال الطحاوي: وليس عند أصحابنا المتقدمين فيه شيء، والقياس أنه لا يجلب ببينة ولا غيرها.
          تنبيهات:
          1- في حديث أبي هريرة أنه لا قصاص بين المسلم والذمي؛ لأنه ◙ لم يقد اليهودي من المسلم في اللطمة، وفي جامع سفيان عن عمرو بن دينار: أن اللاطم هو الصديق يعني: الأول؛ لأن الثاني من الأنصار.
          وفي تفسير ابن إسحاق أن اليهودي اسمه فنحاص، وفيه نزل قوله: {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ} [آل عمران:181] وفيه: تأدبه مع موسى ◙، وإقراره لموسى بما خصه الله تعالى من الفضيلة.
          فإن قلت: حديث الباب: ((لا تخيروني على موسى ولا تخيروا بين الأنبياء))، وكذا حديث: ((لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى))، يعارض حديث: ((أنا أول من تنشق عنه الأرض))، وحديث: ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر)) قلت: لا، فعنه خمسة أجوبة:
          1- أنه نهى قبل أن يعلم أنه أفضلهم، فلما علم قال: ((أنا سيد ولد آدم)).
          2- أنه نهى عن تفضيل يؤدي إلى الخصومة كما في الحديث من لطم اليهودي / .
          3- قاله تواضعًا ونفي الكبر والتعجب كما قال الصديق: وليتكم ولست بخيركم.
          4- أنه نهى عن تفضيل يؤدي إلى تنقيص بعضهم فإنه كفر.
          5- أنه نهى عن التفضيل في نفس النبوة لا في ذوات الأنبياء، وعموم رسالتهم وزيادة خصائصهم، وقد قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة:253].
          وقال ابن التين: معنى: ((لا تخيروا بين الأنبياء)) يعني من غير علم وإلا فقد قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ} الآية.
          وأغرب ابن قتيبة فأجاب: بأنه أراد سيد ولد آدم يوم القيامة؛ لأنه الشافع يومئذ وله لواء الحمد.
          فإن قلت: كيف خص يونس؟ قلت: لأنه دون غيره من الأنبياء كإبراهيم وموسى وعيسى، وإذا كنت لا أحب أن أفضل على يونس فكيف بمن فوقه، وقد قال تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القلم:48] أراد به يونس أنه لم يكن له صبر غيره من الأنبياء، وفي هذه الآية ما يدل على أنه أفضل منه حيث قال: {وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القلم:48]. ذكره ابن بطال.
          قال: ويجوز أن يريد: لا تفضلوني عليه في العمل، فلعله أفضل عملًا مني، وليس ما أعطى الله نبينا محمدًا من السؤدد والفضل يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل بعمله بل بتفضيل الله تعالى إياه واختصاصه له، وكذا أمته أسهل الأمم محنة، بعثه الله إليها بالحنيفية السمحة، ووضع عنها الإصر والأغلال التي كانت على بني إسرائيل في فرائضهم، وهي مع هذا خير أمة أخرجت للناس تفضلًا منه.
          قوله: ((أو حوسب بصعقة الطور)) فيه: دليل أن المحن في الدنيا والهموم والآلام يرجى أن يخفف الله بها يوم القيامة كثيرًا عن أهلها، وأما كفارة الذنوب بها فمنصوص عليه بقوله: ((حتى الشوكة يشاكها)).
          2- قال الداودي في حديث عبد الله: ((إن القرآن أنزل على أحرف))، وفي حديث آخر: ((أنزل على سبعة)) وليس بالبين بل هما سواء لقوله: ((كلاكما محسن)).
          وقوله: ((لا تختلفوا)) أي: في القرآن، والاختلاف فيه كفر إذا نفي إنزاله إذا كان يقرأ على خلاف ذلك، ولا تخير بين القراءتين؛ لأنهما كلاهما كلامه قديم غير مخلوق، وإنما التفضيل في الثواب.
          قال: وقوله: ((استب رجلان)) ليس بمحفوظ والمحفوظ حديث أبي سعيد إلا قوله: ((أكان ممن صعق...)) إلى آخره. ومعنى ((يصعقون)): يخرون صراعًا بصوت يسمعونه يوجب فيهم ذلك. و((الصعق)): الغشيان أو الموت، وقيل: الإغماء من الفزع.
          قوله: ((فإذا موسى باطش جانب العرش)) أي: قابض عليه بيده.
          قوله: ((أو كان ممن استثنى الله)) يريد قوله: إلا من شاء الله، أي: لا يصعق.
          وقال الداودي: معنى ((أو كان ممن استثنى الله))، أي: كان لي ثانيًا في الإفاقة، وحمل بعض الناس أن الصعقة في الموقف، ومن استثني هم الشهداء وهو بعيد أن يصعق الرسل في الموقف، والله تعالى أمنهم بقوله: {وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [النمل:89] ويستحيل أن يصعق الأنبياء ولا يصعق الشهداء.
          وقال عبد الملك في قوله: ((أو كان ممن استثنى الله)) إشكال ولا يدري ممن قال الله أم لا؛ لأن هذا هو الصعق الأول وهو الذي استثنى الله فيه، وأما صعق البعث فلا استثناء فيه والنبي صلعم أنه أخبر صعق البعث.
          وقوله: صعق البعث غير بين؛ لأن النفخة الثانية لا تسمى صعقة وإنما تسمى صعقة الأولى.
          قوله: ((فلا أدري كان فيمن صعق أو حوسب بصعقته الأولى))، / أنكره الداودي كما سلف، واستدل بهذا الحديث. قال: فأخبر فيه أن الصعقة قبل انشقاق الأرض وهي النفخة الأولى في الصور، فيصعق من في السموات والأرض إلا من شاء الله وهو جبريل وإسرافيل وميكائيل وعزرائيل، وزاد كعب: حملة العرش.
          ورواه أنس مرفوعًا: ((ثم يموت الثلاثة الأول، ثم ملك الموت بعدهم وملك الموت يقبضهم، ثم يميته الله)) فكيف يصعق موسى بتلك الصعقة وقد مات قبل ذلك؟ قال: واعلم أنه أول من تنشق عنه الأرض وأنه لم يعلم حين أفاق قبل موسى أو كان له ثانيًا؟ قال: وإن كان المحفوظ أم جوزي بصعقة طور سيناء يريد فلم يصعق، وعوفي لأجلها.
          وروى أنس مرفوعًا: ((آخرهم موتًا جبريل)) وقال سعيد بن المسيب: إلا من شاء الله، الشهداء متقلدين بالسيوف حول العرش، والصعق والصعقة: الهلاك والموت، يقال منه: صعق الإنسان بفتح الصاد وضمها، وقال ابن عباس: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا} [الأعراف:143] مغشياً عليه من الموت.
          وفي رواية: ((فلم يزل صعقًا ما شاء الله)).
          وهو في حديث أبي سعيد بالموت أشبه كما قال ابن الجوزي، ويؤيده قول قتادة وابن جريج: صعقًا: ميتًا.
          وقال الأزهري: في قوله: {فَلَمَّا أَفَاقَ} دليل الغشي؛ لأنه يقال للذي غشي عليه وللذي يذهب عقله: قد أفاق، وفي الميت: بعث ونشر.
          قوله: ((فأكون أول من يفيق))، وفي لفظ: ((أول من تنشق عنه الأرض)) ويشكل كما قال القرطبي فالمعلوم من الأحاديث الدالة على أن موسى قد توفي وأنه ◙ رآه في قبره.
          ووجه الإشكال أن نفخة الصعق إنما يموت بها من كان حياً في هذه الدار، وأما من مات فيستحيل أن يموت ثانيًا، وإنما ينفخ في الموتى نفخة البعث، وموسى قد مات، فلا يصح أن يموت مرة أخرى، ولا يصح أن يكون مستثنى من نفخة الصعق؛ لأن المسلمين أحياء لم يموتوا ولا يموتون، ولا يصح استثناءهم من الموتى، وقال بعضهم: يحتمل أن يكون موسى ممن لم يمت من الأنبياء وهو باطل.
          ويحتمل كما قال القاضي: أن يكون المراد بهذه الصعقة صعقة فزع بعد النشر حين تنشق السموات والأرض، ويحتمل كما قال النووي:
          أنه ◙ قال هذا قبل أن يعلم أنه أول من تنشق عنه الأرض إن كان هذا اللفظ على ظاهره، وإن كان نبينا أول من تنشق عنه الأرض فيكون موسى من تلك الزمرة وهي والله أعلم زمرة الأنبياء.
          فإن قلت: إذا جعلت له تلك عوضًا من الصعقة فيكون حياً حالة الصعق وحينئذ لم يصعق.
          فالجواب: أن الموت ليس بعدم، إنما هو انتقال من دار إلى دار، بيانه أن الشهداء بعد قتلهم ودفنهم أحياء عند ربهم، وإذا كان هذا للشهداء، كان الأنبياء بذلك أحق وأولى مع أنه قد صح عنه ◙ أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنه اجتمع بهم ليلة الإسراء ببيت المقدس والسماء خصوصًا موسى، فتحصل من جملة هذا القطع، بأنهم غيبوا عنا بحيث لا ندركهم وإن كانوا موجودين أحياء، وذلك كالحال في الملائكة، فإنهم موجودون أحياءً ولا يراهم أحد من نوعنا إلا ما خصه الله بكرامته، وإذا تقرر أنهم أحياء فهم فيما بين السماوات والأرض، إلا من شاء الله / .
          فأما صعق غير الأنبياء فموت، وأما صعق الأنبياء فالأظهر أنه غشي، فإذا نفخ ثانيًا، فمن مات حيي ومن غشي عليه أفاق، ويحصل من ذلك أن نبينا صلعم تحقق أنه أول من يفيق، وأول من يخرج من قبره قبل الناس كلهم الأنبياء وغيرهم إلا موسى، فإنه حصل له فيه تردد، هل بعث قبله أو بقي على الحالة التي كان عليها؟ وعلى أي الحالتين فهي فضيلة عظيمة لموسى ليست لغيره.
          قلت: وقد يقال: إن نبينا لما يرفع بصره حين الإفاقة يكون إلى جهة من جهات العرش، لم يرفع ثانيًا إلى جهة أخرى منه فيجد موسى وبه يلتئم: ((أنا أول من تنشق عنه الأرض)).
          روينا من طريق علي بن معبد في كتاب ((الطاعة)) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((إن الله تعالى خلق الصور وأعطاه إسرافيل)) قلت: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: ((عظيم والذي نفسي بيده إن عظم داره كعظم السماء والأرض، فينفخ فيه ثلاث نفخات أول نفخة: نفخة الفزع، والثانية: نفخة الصعق، والثالثة: نفخة القيام)). وأخرجه الطبري لكن فيه رجل مجهول.
          3- قام الإجماع على أن القتل صنفان: عمد وخطأ، واختلفوا هل بينهما وسط أم لا؟ وهو الذي يسمونه شبه العمد، وقال به جمهور فقهاء الأمصار، قالوا: وذلك راجع في الأغلب إلى الآلات التي يقع بها القتل وإلى الأحوال التي كانت من أجلها الضرب، وقال أبو حنيفة: كل ما عدا الحديد من القصب أو النار أو ما يشبه ذلك فهو شبه عمد.
          وقال صاحباه: شبه العمد ما لا يقتل مثله.
          وقال الشافعي: هو ما كان عمدًا في الضرب خطأ في القتل أو ما كان ضربًا لم يقصد به القتل، فيولد عنه القتل.
          والخطأ وما كان منهما جميعًا، والعمد ما كان عمدًا منهما جميعًا، وعمده من نفي شبه العمد أنه لا واسطة بين الخطأ والعمد، أعني: بين أن يقصد القتل أو لا يقصده، وعمده من أثبته أن النيات لا يطلع عليها إلا الله تعالى وإنما الحكم لما ظهر من قصد ضرب آخر بآلة تقتل غالبًا كان حكمه حكم العامد.
          4- اختلف في إشارة المريض، فذهب الشافعي ومالك والليث إلى أنه إذا ثبتت إشارته على ما يعرف من يحضره جازت وصيته.
          وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي: إذا سئل المريض عن الشيء فأومأ برأسه أو بيده، فليس بشيء حتى يتكلم.
          قال أبو حنيفة: وإنما تجوز إشارة الأخرس أو من لحقته سكتة لا يتكلم، وأما من اعتقل لسانه ولم يدم به ذلك فلا تجوز إشارته.
          قلت: الحديث حجة عليه لا جرم.
          قال الطحاوي: جعل الشارع إشارتها بمنزلة دعواها ذلك بلسانها من غير اعتبار دوام ذلك عليها مدة من الزمان، فدل على أن من اعتقل لسانه بمنزلة الأخرس في جواز إقراره بالإيماء والإشارة.
          وقد ثبت أن رسول الله صلعم صلى قاعدًا وأشار إليهم فقعدوا.
          قال المهلب: الإشارة في كتاب الله {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} يعني: سلوه، وقوله: {أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا} [آل عمران:41] ومعنى رض: دق.
          قوله: ((فأومأت)) كذا في الأصول مصلحًا.
          وذكره ابن التين: فأومت وقال: صوابه فأومأت.
          وفيه: القود بالمثقل خلافًا لأبي حنيفة وهو نص في موضع الخلاف.
          وفيه: قتل الرجل / بالمرأة، وفيه: ((قتل الكافر بالمسلم)).
          واختلف عند المالكية إذا جرحه هل له الدية أو يقتص كالقتل أو يجتهد السلطان أقوال.
          قال الطحاوي: يحتمل أن النبي صلعم رأى أن اليهودي قتله بذلك فتنة بأن كان دم ذلك اليهودي قد وجب لله كما يجب دم قاطع الطريق لله فكان له أن يقتله كيف يرى بسيف أو بغيره والمثلة حينئذ مباحة كما فعل الشارع بالعرنيين ثم نسخت بعد تلك المثلة، ونهي عنها أو يحتمل أن يكون قتله كما فعل باليهودي واجباً لأولياء الجارية فقتله لهم فاحتمل أن يكون قتله كما فعل لأن ذلك هو الذي وجب عليه لأنه وجب عليه سفك الدم بأي طريق شاء الولي فاختاروا الرضخ ففعل ذلك به.
          وقد روي عنه صلعم أنه قتل ذلك اليهودي بخلاف ما كان قتل به الجارية، ففي (م) من حديث أنس أنه أمر به أن يرجم حتى يموت فرجم حتى مات والرجم قد يصيب الرأس وغيره.
          قال والدي ⌂:
          قوله ((الإشخاص)) الإذهاب يقال: شخص من بلد إلى بلد ذهب وأشخصه غيره و((عبد الملك بن ميسرة)) ضد الميمنة أبو زيد الزراد الهلالي الكوفي، و((النزال)) بفتح النون وشدة الزاي وباللام ابن سبرة _بفتح المهملة وسكون الموحدة_ العامري ذكره ابن عبد البر في الصحابة والأكثر على أنه تابعي.
          و((عبد الله)) هو ابن مسعود.
          قوله ((محسن)) أي في القراءة وأفرد باعتبار لفظ ((كلا)).
          قال ابن بطال: إذا كان الخصم في موضع يخاف فواته منه فلا بأس بإشخاصه وملازمته وإن كان لا يخاف فليس له إشخاصه إلا برافع من السلطان إلا أن يكون في شيء من الأمور الدينية.
          قوله: ((لا تخيروني)) أي: لا تفضلوني، فإن قلت: رسول الله صلعم أفضل المخلوقات فما وجه النهي عن نسبته إلى الأفضلية؟ قلت: إما أنه كان قبل علمه صلعم بأنه سيد ولد آدم، أو لا تفضلوني بحيث يلزم نقص أو غضاضة على غيره من الرسل أو بحيث يؤدي إلى خصومة أو نزاع أو قاله هضماً لنفسه أو تواضعاً.
          قوله: ((يصعقون)) بفتح العين من صعق بكسرها إذا أغمي عليه من الفزع و((باطش)) أي متعلق به قابض عليه بيده و((استثنى الله)) أي: في قوله: {فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللهُ} [الزمر:68] أي: لا يصعق.
          قوله: ((أي خبيث)) أي: يا خبيث آصطفاه على محمد و((القائمة)) في اللغة واحدة قوائم الدابة والمراد ههنا ما هو كالعمود للعرش.
          ((وآخذ)) خبر مبتدأ محذوف، ((وصعقته الأولى)) هي التي كانت في الدنيا فيما قال: {وَخَرَّ موسَى صَعِقًا} [الأعراف:143] أي: عوفي من الصعق لما كان له من صعقة الطور.
          فإن قلت قال أولاً أو كان مما استثنى الله، وثانياً أم حوسب بصعقته الأولى فما وجه الجمع بينهما؟ قلت لا منافاة إذ المستثنى قد يكون نفس من له الصعقة في الدنيا أو معناه لا أدري أي هذه الثلاثة كانت من الإفاقة أو الاستثناء أو المحاسبة.
          قال ابن بطال: فيه أن لا قصاص بين المسلم والذمي لأنه ◙ لم يأمر بقصاص اللطمة، وفيه تأدبه / صلعم وإقراره لموسى ◙ بما خصه الله تعالى به من الفضيلة، والمراد بقوله: أنا سيد ولد آدم، أنا سيدهم يوم القيامة لأنه الشافع يومئذ، وله لواء الحمد، ويجوز أن يريد: لا تفضلوني عليه في العمل فلعله أكثر عملاً مني، ولا في البلوى والامتحان فإنه أعظم محنة مني، وليس ما أعطى الله تعالى نبينا محمداً صلعم من الفضل يوم القيامة بعمله، بل بتفضيل الله إياه، وفيه أن المحن في الدنيا والهموم يجازى بها وتدفع بها أهوال القيامة.
          قوله ((رض)) أي دق ((وأومت)) أصله أومأت، وفيه جواز القصاص بالمثقل، وقتل الرجل بالمرأة، والاقتصاص بمثل فعل القاتل.
          الزركشي:
          ((الإشخاص)): إحضار الغريم من موضع إلى موضع.
          ((النزال)) بتشديد الزاي.
          ((ابن سبرة)) بفتح المهملة وإسكان الباء الموحدة.
          ((فيصعقون)) أي: يخرون صرعى لصوت يسمعونه.
          ((فلا أدري أكان ممن صعق، أم حوسب بصعقته الأولى)) أي: التي كانت في الدنيا في قوله: {وَخَرَّ موسَى صَعِقًا} [الأعراف:143].
          ((باطش جانب العرش)) أي: قابض عليه بيده، وفي رواية: ((باطش بجانب العرش)) أي: متعلق به بقوة، والبطش: الأخذ القوي.