مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من سمى بأسماء الأنبياء

          ░109▒ باب من سمى بأسماء الأنبياء ‰
          وقال أنس: قبل النبي صلعم إبراهيم. يعني: ابنه.
          ثم ذكر فيه أحاديث:
          1- ثنا ابن نمير... إلى آخره.
          2- حديث عدي بن حاتم... إلى آخره.
          3- حديث جابر قال: قال رسول الله صلعم: ((تسموا باسمي)).
          4- حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلعم قال: ((تسموا باسمي)).
          5- حديث أبي موسى قال: ولد لي غلام، فأتيت النبي صلعم.
          6- حديث المغيرة بن شعبة: انكسفت الشمس.
          هذه الأحاديث دالة على ما ترجم له، وهو التسمية بأسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد قال سعيد بن المسيب: أحب الأسماء إلى الله أسماء الأنبياء. وهذا يرد قول من كره التسمية بأسماء الأنبياء، وهي رواية جاءت عن عمر بن الخطاب من طريق قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عنه كما سلف.
          وذكر الطبري أن حجة هذا القول حديث الحكم بن عطية، عن ثابت، عن أنس السالف أيضاً، والحكم هذا ضعيف، ذكره (خ) في الضعفاء وليس لو صح بمانع أن يتسمى أحد باسم محمد، فقد أطلق ذلك وأباحه بقوله: ((تسموا باسمي)) وسمى ابنه إبراهيم، وإنما فيه النهي عن أن يسمي أحد ابنه محمداً ثم يلعنه.
          قوله: (مرضعاً) ضبط بالضم على أنه اسم فاعل من أرضع، وبالفتح على أن له رضاعاً، قال في ((الصحاح)): امرأة مرضع أي: لها ولد ترضعه، فإن وصفتها بإرضاعه قلت: مرضعة. قال ابن التين: فعلى هذا يكون مرضعة. ولم يروه أحد كذلك، أو يكون مصدراً كما سلف.
          قال طلحة: أسماء بني أسماء الأنبياء وأسماء بنيك أسماء الشهداء. فقال له الزبير: أنا أرجو أن يكونوا بني شهداء، وأنت لا ترجو أن يكونوا أنبياء.
          قوله: (ولا تكنوا بكنيتي) أورده ابن التين بلفظ: (تكنون)، ثم قال، كذا وقع، وعند أبي ذر كالأول، قال: وهو الصواب.
          ومعنى: (فليتبوأ): ينزل منزلة منها، ولا يشترط في الكذب العمد خلافاً للمعتزلة.
          قوله: (فسماه إبراهيم) فيه: تسمية الطفل عند الولادة، وعندنا يسمى يوم سابعه، وكذا عند مالك / ويعق عنه، وغيره يقول: إن عق عنه سماه في سابعه، وإلا فحين يولد.
          قال والدي ⌂:
          (باب قول الرجل فداك) الفداء: إذا كسر أوله يمد ويقصر، وإذا فتح فهو مقصور.
          و(عبد الله بن شداد) بفتح المعجمة وتشديد المهملة الأولى الليثي و(يفدي) أي: يقول له فداك أبي وأمي و(سعد) أي ابن أبي وقاص و(بشر) بالموحدة المكسورة، ابن المفضل بفتح المعجمة المشددة و(يحيى بن أبي إسحاق) الحضرمي و(أقبل) أي من عسفان إلى المدينة و(أبو طلحة) زيد بن سهل الأنصاري زوج أم أنس و(صفية) بفتح المهملة بنت حي مصغر الحي أم المؤمنين ♦ و(المرأة) أي: صفية و(اقتحم) أي رمى نفسه من غير روية و(بالمرأة) أي: تحفظ بالمرأة و(قصد قصدها) أي: نحا نحوها ومشى إلى جهتها و(ظهر المدينة) أي: ظاهرها مر في كتاب الجهاد في باب ما يقول إذا رجع من الغزو.
          قال ابن بطال: فيه رد قول من قال لا يجوز تفدية الرجل بنفسه أو بأبويه وزعم أنه إنما فدى النبي صلعم سعداً بأبويه لأنهما كانا مشركين، فأما المسلم فلا يجوز له ذلك.
          قوله: (صدقة) أخت الزكاة ابن المفضل بسكون المعجمة و(ابن عيينة) هو سفيان و(ابن منكدر) بفاعل الانكدار محمد و(لا كرامة) بالنصب؛ أي: لا يكرمك كرامة.
          وفيه أن خير الأسماء عبد الرحمن ونحوه كعبد الله وغيره.
          فإن قلت: كيف دل على الترجمة إذ غاية الأمر أنه حسن فيكون محبوباً؟ قلت: قد جاء في رواية أخرى أحب الأسماء إلى الله عبد الرحمن، أو الأحب بمعنى المحبوب أو لو كان اسم أحب منه لأمره بذلك، إذ الغالب أنه لا يأمره إلا بالأكمل.
          قوله: (خالد) أي: ابن جعفر بن عبد الله وحصين مصغر الحصن بالمهملتين ابن عبد الرحمن و(سالم) أي: ابن أبي الجعد بفتح الجيم وسكون المهملة الأولى.
          قوله: (لا تكنوا) من الثلاثي ومن التفعيل ومن الافتعال قالوا العلم إما أن يكون مشعراً بمدح أو ذم وهو اللقب، وإما أن لا يكون فإما أن تصدر بنحو الأب والابن وهو الكنية أولاً وهو الاسم فاسمه صلعم محمد وكنيته أبو القاسم ولقبه رسول الله صلعم.
          واختلف في هذه المسألة فقيل لا يحل التكني بأبي القاسم لمن اسمه محمد؛ أي: لا يجوز الجمع بينهما وقيل لا يحل مطلقاً سواء كان اسمه محمد أم لا، وقيل: يباح مطلقاً، وقيل التسمية بمحمد ممنوعة مطلقاً والغرض فيه توقيره وإجلاله صلعم، أو هذا كان في زمنه ◙ لئلا يلتبس به مر في كتاب العلم.
          قوله: (لا ننعمك) من الأنعام أي لا نقر عينك بذلك.
          قوله: (إسحاق بن نصر) بسكون المهملة و(ابن المسيب) هو سعيد بن المسيب بفتح التحتانية الشديدة ابن حزن بفتح المهملة وإسكان الزاي وبالنون المخزومي و(أبو سعيد وجده) كلاهما صحابيان قالوا لم يرو عن المسيب إلا سعيد، أقول: ففيه خلاف لما هو المشهور من شرط (خ) أنه لم يرو عن أحد ليس له إلا راو واحد.
          و(الحزن) لغة ما غلظ من الأرض و(الحزونة) الغلظ والأمر بتغيير الاسم لم يكن على وجه الوجوب؛ لأن الأسماء لم يسم بها لوجود معانيها في المسمى، وإنما هي للتمييز ولو كان للوجوب لم يسع أن يثبت عليه ولا أن يغيره نعم الأولى التسمية بالاسم الحسن وتغيير القبيح إليه وكذلك الأولى أن لا يسمى بما معناه التزكية أو المذمة بل يسمى بما كان صدقاً وحقًّا كعبد الله ونحوه.
          قال الكلاباذي: روى عن حزن ابنه المسيب حديثاً واحداً في الأدب وحديثاً آخر موقوفاً في ذكر أيام الجاهلية.
          قوله: (محمود) هو ابن غيلان بفتح المعجمة / وسكون التحتانية و(أبو غسان) بفتح المعجمة وشدة المهملة محمد بن مطرف بكسر الراء المشددة و(أبو حازم) بالمهملة والزاي سلمة و(سهل) هو ابن سعد الساعدي و(المنذر) بلفظ فاعل الإنذار ضد الإبشار، ابن أبي أسيد مصغر الأسد ساعدي أيضاً و(لهي) بكسر الهاء وفتحها؛ أي: اشتغل و(احتمل) أي رفع واستفاق أي فرغ من اشتغاله كما يقال أفاق من مرضه و(أقلبناه) أي: صرفناه إلى بيته وأرسلناه إلى داره وهذه لغة في قلبناه، فلا سهو في زيادة الألف.
          فإن قلت: لكن للاستدراك فأين المستدرك منه؟ قلت: تقديره ليس ذلك الذي عبر عنه بفلان اسمه بل هو المنذر.
          قوله: (عطاء بن أبي ميمونة) مولى أنس بن مالك و(أبو رافع) ضد الخافض نفيع مصغر [النفع] ضد الضر المدني ثم البصري و(برة) بفتح الموحدة وشدة الراء، زينب بنت جحش بفتح الجيم وإسكان المهملة وبالمعجمة الأسدية أم المؤمنين أو برة بنت أبي سلمة؛ لأنه صلعم غير كلا منهما إلى زينب.
          قوله: (هشام) هو ابن يوسف الصنعاني و(ابن جريج) بضم الجيم الأولى عبد الملك بن عبد العزيز و(عبد الحميد) هو ابن جبير مصغر ضد الكسر ابن شيبة بفتح المعجمة وتسكين التحتانية وبالموحدة الحجبي.
          فإن قلت: ذكر في الطريق السابقة أن سعيداً سمع من أبيه وفي هذه الطريقة لم يذكر أباه؟ قلت: هذا الإسناد مقطوع انقطع رجل من البين، والأولى هي المعول عليه.
          قوله: (ابن نمير) مصغر النمر بالنون محمد بن عبد الله بن نمير الكوفي و(محمد بن بشر) بالموحدة المكسورة العبدي و(إسماعيل بن أبي خالد البجلي) بالموحدة والجيم و(عبد الله بن أبي أوفى) بفتح الهمزة والفاء وسكون الواو بينها مقصوراً الأسلمي الكوفي الصحابي و(إبراهيم) هو: ابن رسول الله صلعم من مارية بالراء والتحتانية الخفيفة القبطية مات في ذي الحجة سنة عشر وله ثمانية عشر شهراً ودفن بالبقيع(1).
          و(قضى) أي: لو قدر الله تعالى أن يكون بعده نبي لعاش إبراهيم ولكنه خاتم النبيين.
          فإن قلت: ما المفهوم من جوابه إذ ظاهره لا يطابق السؤال؟ قلت: الظاهر بيان أنه رآه مات صغيراً.
          قوله: (البراء) بتخفيف الراء وبالمد ابن عازب بالمهملة والزاي و(مرضعا) الخطابي: بضم الميم أي: من يتم رضاعه وبفتحها أي: إن له رضاعاً في الجنة.
          قوله: (حصين) بضم المهملة الأولى وفتح الثانية ابن عبد الرحمن و(سالم) ابن أبي الجعد بفتح الجيم وإسكان المهملة و(يكنيني) في بعضها: يكنوني، يقال كنيت وكنوت (وأبا قاسم) إشارة إلى أن هذه الكنية تصدق على النبي صلعم؛ لأنه يقسم مال الله بين المسلمين وغيره ليس بهذه المرتبة.
          وفيه إشعار بأن الكنية إنما تكون بسبب وصف صحيح في المكنى به.
          قوله: (أبو عوانة) بفتح المهملة وخفة الواو وبالنون وضاح و(أبو حصين) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية عثمان و(أبو صالح) ذكوان بفتح المعجمة.
          قوله: (فقد رآني) فإن قلت: الشرط ينبغي أن يكون غير الجزاء؟ قلت: ليس هو الجزاء حقيقة بل لازمه نحو فليستبشر فإنه قد رآني.
          فإن قلت: ما كيفية هذه الرؤية، قلت: خلق الرؤية بإرادة الله تعالى وليست مشروطة بمواجهة ومقابلة وشرط، وقال الغزالي: ليس معناه أنه رأى جسمي بل رأى مثالاً صار ذلك المثال آلة يتأدى بها المعنى الذي في نفسي إليه بل البدن في اليقظة أيضاً ليس إلا آلة / النفس فالحق ما يراه مثال حقيقة روحه المقدسة صلعم ونحن قد ذكرنا وجوهاً أخر في كتاب العلم.
          قوله: (لا يتمثل) أي لا يتصور بصورتي وقد خص الله تعالى النبي صلعم بأن منع الشيطان أن يتصور في خلقته لئلا يكذب على لسانه في النوم.
          فإن قلت: من أين يعلم الرائي أنه رسول الله صلعم لا غيره؟ قلت: يخلق الله تعالى فيه علماً ضروريًّا أنه محمد ◙.
          و(تبوأ الرجل المكان) إذا اتخذه موضعاً لمقامه، قال المحدثون: هذا حديث متواتر مر في العلم.
          قوله: (بريد) مصغر البرد بالموحدة والراء والمهملة هشام و(زائدة) ضد الناقصة ابن قدامة بضم القاف وخفة المهملة و(زياد) بكسر الزاي وتخفيف التحتانية، ابن علاقة بكسر المهملة وخفة اللام وبالقاف و(المغيرة) بضم الميم وكسرها و(أبو بكرة) اسمه: نفيع مصغر ضد الضر الثقفي.
          الزركشي:
          (عن علي: ما سمعت النبي صلعم يفدي) بفتح أوله وإسكان ثانيه، وبضم أوله وفتح ثانيه.
          (غير سعد ولا يرد عليه ما في (م)) من تفديته للزبير؛ لأن عليا إنما نفى سماعه وهذا لم يسمعه.
          (قلنا: لا نكنيك) بفتح النون.
          (ولا ننعمك) بضم النون، أي: لا نقر عينك بذلك.
          ووجه مطابقته للترجمة أنهم أنكروا عليه أن كناه بكنية النبي صلعم لا أصل الكنية، وأنه أشار عليه بعبد الرحمن وإنما يشير بما هو خير عند الله.
          (كره الحزن) بفتح الحاء وإسكان الزاي لما فيه من الصعوبة، فإن الحزن ما غلظ من الأرض وصعب وطؤه.
          (أتي المنذر بن أبي أسيد) بضم الهمزة، وأبو أسيد الساعدي مالك بن ربيعة بن المنذر.
          (فلهى النبي صلعم) بكسر الهاء وفتحها لغتان، الفتح لطيء، والكسر لباقي العرب، وهو الصحيح المشهور، ومعناه: انصرف عنه، وقيل: اشتغل بغيره، وقيل: نسيه.
          (فأقلبوه) أي: أدوه إلى منزلهم.
          (فاستفاق) أي: ذكره، والاستفاقة استفعال من أفاق إذا رجع إلى ما كان قد اشتغل عنه وعاد إلى نفسه.
          (ومع النبي صلعم حفصة مردفها) بالنصب، وجوز الرفع.
          (إن له مرضعا في الجنة) بضم الميم؛ أي: من يتمم رضاعه، وروي بفتحها؛ أي: رضاعاً، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله صلعم: (إبراهيم) يعني ابنه ثبت في (م) أن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، فلم عدل ◙ إلى إبراهيم في تسمية ابنه وفي تسمية ولد أبي موسى في قوله: فأتيت به إلى النبي صلعم فسماه إبراهيم فحنكه بتمرة؟ قلنا: لعله فعل ذلك بياناً للجواز، أو كان ذلك قبل أن يعلمه الله أن أفضلها عبد الله وعبد الرحمن، وليتفق أهل الملل على محبته.
          أقول: ويحتمل أن يكون معنا قوله أحب أسمائكم يعني: من غير أسماء الأنبياء؛ يعني: عبد الرحمن وعبد الله أفضل من زيد وعمرو ونحوهما لا أنهما أفضل من إبراهيم وإسماعيل ونحوهما من أسماء الأنبياء.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: من أين أنه لو قدر أن يكون بعد نبي لعاش إبراهيم، والملازمة ممنوعة فإنه ليس من الواجب أن يكون ابن النبي نبيًّا، قلت والله أعلم: يحتمل أن يكون معناه أنه لو كان بعده نبي لكان هو أولى من غيره بالنبوة ولكن لا نبي بعده)).