مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: ما يدعى الناس بآبائهم

          ░99▒ باب يدعى الناس بآبائهم
          فيه حديث ابن عمر، عن النبي صلعم قال: ((الغادر... الحديث)).
          اللواء: ممدود، قوله: (هذه غدرة فلان ابن فلان) فيه رد لقول من زعم أنه لا يدعى الناس يوم القيامة إلا بأمهاتهم؛ لأن فيه ستراً على آبائهم، ومصداق هذا الحديث في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ} [الحجرات:13] قال أهل التفسير: الشعوب: النسب الأبعد، والقبائل: النسب الأقرب. يقال: فلان من بني فلان. غير أن النسب إلى الآباء وإن كان هو الأصل، فقد جاء في الحديث أن يدعى المرء بأحب أسمائه إليه، وأحبها إليه أن يدعى بكنيته؛ لما في ذلك من توقيره، والدعاء بالآباء أشد في التعريف وأبلغ في التمييز، وبذلك نطق الكتاب والسنة.
          وقد كان الأعراب الجفاة يأتون رسول الله وهو جالس مع أصحابه فيقولون: أيكم محمد بن عبد المطلب؟ ولا يذكرون بما شرفه الله به من النبوة المعصومة، فلا ينكر ذلك عليهم؛ لما خصه الله به من الخلق العظيم.
          وفيه: جواز الحكم بظواهر الأمور إذا لم يكن علم بواطنها؛ لأنه قد يجوز أن يكون كثير من الناس فيمن يدعى إلى أبيه في الظاهر وليس كذلك في الباطن.
          ودل عموم هذا الحديث على أنه إنما يدعى الناس بالآباء، ولا يلزم داعيهم البحث عن حقيقة أمورهم والتنقير عنهم.