مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير

          ░45▒ باب ما يجوز من ذكر الناس
          وقال النبي صلعم: ((ما يقول ذو اليدين؟)).
          ثم ساق حديث ذي اليدين من طريق أبي هريرة، وقد سلف.
          وهذا فيما لا يراد به غيبة، وهو مذهب جماعة، والأحاديث شاهدة له. ورأى قوم من السلف أن وصف الرجل بما فيه من الصفة غيبة له. قال شعبة: سمعت معاوية بن قرة يقول: لو مر بك أقطع فقلت: ذاك الأقطع، كانت منك غيبة. وعن الحسن: لا تخافون أن يكون قولنا حميد الطويل غيبة.
          وكره قتادة أن يقال: كعب الأحبار، وسلمان الفارسي، ولكن كعب المسلم وسلمان المسلم.
          روى سليمان الشيباني، عن حسان بن المخارق: أن امرأة دخلت على عائشة، فلما قامت لتخرج أشارت عائشة بيدها إلى رسول الله أنها قصيرة، فقال ◙: ((اغتبتيها)).
          قال الطبري: وإنما يكون ذلك غيبة من قائله إذا قاله على وجه الذم والعيب للمقول فيه وهو له كاره، وعن مثل هذا ورد النهي، فأما إذا قاله على وجه التعريف والتمييز له من سائر الناس، كقولهم: يزيد الرشك، وحميد الأرقط، والأحنف بن قيس. والنسبة إلى الأمهات، كإسماعيل بن علية، وابن عائشة، فإن ذلك بعيد من معنى الغيبة. وهو ظاهر إيراد (خ)، حيث استدل بحديث ذي اليدين.
          واختلف المفسرون في قوله تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات:11] فروى الأعمش عن أبي جبيرة(1) الضحاك، قال: كان أهل الجاهلية لهم الألقاب، للرجل منهم الاسمين والثلاثة، فدعى رسول الله رجلاً منهم بلقبه، فقالوا: يا رسول الله، إنه يكره ذلك، فنزلت.
          وعن ابن مسعود وغيره أن اليهودي والنصراني كان يسلم، فيلقب به فيقال: يا يهودي / يا نصراني، فنهوا عن ذلك، ونزلت.


[1] في المخطوط: ((حرة)) ولعل الصواب ما أثبتناه.