التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟

          ░133▒ بَابٌ: هَلْ يَبِيتُ أَصْحَابُ السِّقَايَةِ أَو غَيرُهُمْ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى؟
          1743- 1744- 1745- ذَكَرَ فيه حديثَ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عن عُبَيدِ اللهِ، عن نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر: رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صلعم.
          وعَنِ ابنِ جُرَيجٍ به: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم أَذِنَ).
          وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ قال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابن عمر: (أَنَّ العَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلعم لِيَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ) تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وأَبُو ضَمْرَةَ.
          حديث أبي ضَمْرةَ تقدَّم في باب: سقاية الحاجِّ عن عبيد الله، ومتابعةُ أَبِي أُسامَة أخرجها مسلمٌ، عن أبي بكر بن أبي شَيبَةَ، عَنِ ابنِ نُمَيْرٍ وأبي أسامة، حَدَّثَنَا عبيد الله به، ومتابعة أَبِي ضَمْرةَ أنسِ بن عِياضٍ سلفت في الباب المشار إليه كما ذكرنا.
          قال الإِسْمَاعِيلِيُّ: وقد وصله بلا شكٍّ فيه مَنْ سَمَّيتُ: الدَّرَاوَرْديُّ وعليُّ بن مُسْهِرٍ وأبو ضَمْرَةَ وعُقْبَةُ بن خالدٍ ومحمَّد بن فُلَيْحٍ وموسى بنُ عبيد الله، وأرسله ابن المُبَارَكِ، عن عبيد الله، وقد سلف حُكْمُ الباب هناك واضحًا [خ¦1634].
          قال ابنُ المنذِرِ: السُّنَّة أن يبيت النَّاس بمِنًى لياليَ أيامِ التَّشريق، إلَّا مَنْ أرخص له رسول الله صلعم في ذلك، فإنَّه أرخص للعبَّاس أن يبيت بمَكَّةَ مِنْ أجلِ سقايته، وأرخص لرِعاء الإِبِل، وأرخص لِمَنْ أراد التَّعجيل أن ينفر في النَّفْر الأوَّل.
          واختلف الفقهاء فيمَنْ بات ليلَهُ بمَكَّةَ مِنْ غير مَنْ رُخِّصَ له، فقال مَالِكٌ: عليه دمٌ، وقال الشَّافعيُّ: إن بات ليلةً أطعم عنهَا مسكينًا، وإن بات لياليَ مِنًى كلَّها أحببتُ أن يُهَريق دمًا، وقال أبو حنيفةَ وأصحابه: لا شيء عليه إن كَانَ يأتي مِنًى ورَمَى الجِمار، وهو قول الحَسَن البصريِّ، قالوا: ولو كَانَت سُنَّةً ما سقطت عن العبَّاس وآله، وإِنَّمَا هو استحبابٌ، وحسبُه إذا رمى الجمارَ في وقتها، وقد روى سفيانُ بن عُيَيْنةَ عن عمرِو بن دينارٍ عن عِكْرِمةَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قال: لا بأس أن يبيت الرَّجلُ بمَكَّةَ لياليَ مِنًى، ويظلُّ إذا رمى الجمارَ.
          وحُجَّةُ مَنْ أوجب الدَّم أنَّ الرُّخصة إِنَّمَا هي بتخصيصٍ مِنَ الشَّارع لأهل السِّقاية، ولِمَنْ أَذِنَ لهلله دون غيرهم.
          وقول البخاريِّ: (أَوْ غَيرِهِمْ) يشير به إلى مَنْ أُلحق بهم كالمريض ونحوه ممَّا أسلفناه هناك، وكذا رِعاءُ الإِبِل لهم إذا رمَوا جَمْرَةَ العَقَبَةِ أن ينفِروا ويدَعوا المبيت بمِنًى، ولهم أن يدَعوا رميَ يوم، ويقضوه في اليوم الَّذِي يليه قبل رمي ذلك اليوم، وليس لهم أن يدَعوا رمي يومين مُتَواليين.