التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب وجوب الحج وفضله

          ░1▒ باب وُجُوبِ الحَجِّ وفَضْلِهِ
          وَقَولِ اللهِ تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} [آل عمران:97].
          1513- ذكر فيه حديثَ الزَّهرِيِّ: عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ رِسُولِ اللهِ صلعم، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلعم يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إلى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ في الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: (نَعَمْ). وَذَلِكَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ.
          الشَّرح: هذا الباب كذا هو هنا في الأصولِ، وقدَّمَ ابنُ بطَّالٍ عليه كتاب الصَّوم وهو قريبٌ فلنقتدِ بالجمِّ الغفير فنقول: قُرِئَ في السَّبعة {حِجُّ البَيْتِ} بالفتح والكسر، فقيل: لغتان، وقيل: بالفتح المصدر وبالكسر الاسم، وقيل: عكسه وقال ابن السِّكِّيت: بالفتح القصد، وبالكسر القوم الحُجَّاج، والحجَّة المرَّة الواحدة، وبالكسر التَّلبية والإجابة، وقيَّدها الجوهريُّ بالكسر، قال أبو موسى الحافظ: وهو مِنَ النَّوادر. قُلْتُ: وأنكره قومٌ، وحُكِيَ عن الكسائيِّ أنَّه قال: يُقال في كلِّ شيءٍ: فَعَلتُ فَعلَةً إلَّا في شيئين: حَجَجتُ حِجَّةً وروية رويةً يعني إلى الغزو. قال أبو إسحاق: والحَجُّ بفتح الحاء الأصل تقول: حَجَجتُ الشَّيء أحجُّه حَجًّا إذا قصدته، والفتح والكسر اسمٌ للعمل.
          قُلْتُ: وأكثر القرَّاء على الفتح، وفي «أمالي الهَجَرِيِّ»: الحجُّ أكثر العرب يكسرون الحاء فقط، قُلْتُ: ويُجمع على حُجٍّ.
          وقوله: {وَمَنْ كَفَرَ} أي: مِنْ أهل المِلل أو بفرضه، ونقله ابن التِّين عن أكثر المفسِّرين، / أو هو مَنْ إن حَجَّ لم يَرَه بِرًّا وإن جلس لم يَرَه إثمًا، وفي حديثٍ: ((مَنْ حَجَّ لَا يَرْجُو ثَوَابَهُ ولَا يَخَافُ عِقَابَهُ فَقَدْ كَفَرَ))، قَالَ سعيد بن جبيرٍ عن عُمَرَ: لو أنَّ النَّاس تركوا الحجَّ لقاتلناهم عليه كما نقاتلهم على الصَّلاة والزَّكاة.
          وأصله في اللُّغة: القَصْدُ، وفي الشَّرع: قصد الكعبة للنُّسك الآتي بيانه، وقام الإجماع ودلائل الكتاب والسُّنَّة على فرضيَّته، واختلفوا متى فُرِضَ على آراءٍ أغربها قبل الهجرة، وأقربها قولان: سنة خمسٍ أو سنة ستٍّ، وقيل: سنة ثمانٍ، وقيل: سنة تسعٍ، وصحَّحه القاضي عياضٌ، وقيل: سنة سبعٍ، وقيل: سنة عشرٍ، وهما غريبان، فصارت ستِّة أقوالٍ غير الأوَّل مرتَّبةً على السِّنين، وسنة ستٍّ هو ما ذكره البَيْهَقِيُّ.
          وفي حديث ضِمَامِ بنِ ثعلبةَ ذِكْرُ الحجِّ، وقدومه سنة تسعٍ كما قاله الطَّرطوشيُّ، لكن قال محمَّد بن حبيبٍ: سنة خمسٍ، وقام الإجماع على أنَّه لا يتكرَّر إلَّا لعارضٍ كنذرٍ.
          فرعٌ: يجب الحجُّ عندنا على التَّراخي خلافًا للمُزَنيِّ، ووفاقًا للأوزاعيِّ والثَّورِيِّ ومحمَّد بن الحسن وابن عبَّاسٍ وأنسٍ وجابرٍ وعطاءٍ وطاوسٍ. وقال مالكٌ _في روايةٍ_ وأبو يوسف: هو على الفور، وهو قول جمهور أصحاب أبي حنيفة ولا نصَّ لأبي حنيفة في ذلك، قال أبو يوسف: مذهبه يقتضي أنَّه على الفور وهو الصَّحيح عندهم، وقال ابن خُوازمنداد: اختلف في هذه المسألة أصحاب مالكٍ وأصحاب أبي حنيفة وأصحاب الشَّافعيِّ على قولين.
          وفي «مستدرك الحاكم» مِنْ حديث ابن عبَّاسٍ مرفوعًا: ((مَنْ أَرَادَ الحجَّ فَلْيَتَعَجَّل)) ثمَّ قال: صحيح الإسناد. حُجَّةُ مَنْ لم يُوجبه على الفور أنَّه فُرِضَ سنة خمسٍ أو ستٍّ كما سلف، وفُتِحَتْ مكَّة سنة ثمانٍ فأقامه عَتَّابٌ بأمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وحجَّ الصِّدِّيق في التَّاسعة، وحجَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في العاشرة.
          وأمَّا حديث الباب فأخرجه أيضًا مسلمٌ في «صحيحه»، وأخرجه البخاريُّ في الاستئذان أيضًا، وقال: وأعجبَه حسنُها _يعني: الفَضْلَ_ ((فَأَخَذَ بِذَقْنِ الفَضَلِ فَعَدَلَ وَجْهَهُ عَنِ النَّظرِ إِلَيْهَا))، وأخرجه بلفظ: ((هَلْ يَقْضِي أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟)) وذكره في الاعتصام أيضًا عنه: ((إنَّ أُمِّي نَذَرَتِ الحَجَّ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: حُجِّي عَنْهَا))، وسيأتي في الباب وقال: ((امرأةٌ مِنْ جُهَيْنةَ))، وذكر في النُّذور: ((أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صلعم فَقَالَ له: إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ)) بمثله، وقال: ((فَاقْضُوا اللهَ فَهُو أَحقُّ بِالقَضَاءِ)).
          قال أبو العبَّاس الطَّرقيُّ: مدار هذا الحديث على الزُّهريِّ وقد اختُلِفَ عليه في إسناده، رواه ابن جُرَيجٍ عنه عن سليمان بن يسارٍ عن ابن عبَّاسٍ عن الفَضْلِ بن عبَّاسٍ وهو الصَّحيح عندي، والحديث حديث الفَضْلِ لأنَّه كان رديف سيِّدنا رسول الله صلعم غداة النَّحر مِنْ مُزدَلِفَةَ إلى مِنًى، وابنُ عبَّاسٍ قدَّمه ◙ في ضَعَفةِ أهله مِنْ جَمْعٍ بليلٍ، فقد دلَّ غير شاهدٍ واحدٍ أنَّ ابن عبَّاسٍ لم يحضر في تلك الحال، وإنَّما سمع ذلك مِنَ الفَضْلِ كما جاء في حديث ابن عبَّاسٍ حين دفعوا عشيَّة عَرَفَةَ: ((عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ))، قال عبد الله: وأخبرني الفضل: ((أنَّه ◙ لم يَزَلْ يُلبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرةَ العَقَبَةِ))، وكذا قال البخاريُّ فيما حكاه التِّرمِذيُّ عنه أنَّه أصحُّ ما روى عبدُ الله عن الفَضْلِ، قال: ويحتمل أنَّ عبد الله سمعه مِنَ الفَضْلِ وغيره عن رسول الله صلعم، ثمَّ روى هذا فأرسله ولم يذكر الَّذي سمعه منه.
          وعند ابن حزمٍ صحيحًا مِنْ حديث عُبيد الله بن عبَّاسٍ قال: ((كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ الله صلعم فَأَتاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ إنَّ أُمِّي عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ، إِنْ حَزَمْتُهَا خَشِيتُ أَنْ يَقتُلَهَا، وَإِنْ لَمْ أحزِمْهَا لم تَستَمسِكْ، فأَمَرَهُ أنْ يَحُجَّ عَنْهَا))، قال أبو حاتمٍ في «علله»: عُبيد الله عن رسول الله مرسلٌ.
          إذا تقرَّر ذلك فالكلام عليه مِنْ أوجهٍ:
          أحدها: فيه جواز الإرداف على الدَّابَّة إذا كانت مُطِيقَةً وهو إجماعٌ، وقد جمع ابن مَنْدَه الإرداف في جزءٍ فزاد على الثَّلاثين _وقد تقدَّم ذِكرُ ذلك_ ويحتمل الزِّيادة، فالارتداف للسَّادة والرُّؤساء سائغٌ ولاسيَّما في الحجِّ لتزاحُمِ النَّاس ومشقَّة الرَّجَّالة ولأنَّ الرَّاكب فيه أفضل كما ستعلمه.
          ثانيها: قوله: (فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ) وأسلفنا روايةً أخرى: ((مِنْ جُهَينَةَ))، وهاتان القبيلتان لا تجتمعان، لأنَّ جُهَينَةَ هو ابن زيد بن ليث بن سَوْدِ بن أَسْلُمَ بن إلحاف بن قُضَاعَةَ، وخَثْعَمُ هو: ابن أنمار بن أراش بن عَمْرِو بن الغَوثِ بن نَبْتِ بن مالك بن زيد بن كَهْلانَ.
          ثالثها: هذه المرأة يجوز أن تكون غاثية أو غائثة، لكن فيه أنَّها سألت عن أمِّها ففي كتاب «الصَّحابة» لابن مَنْدَه وأبي نُعَيْمٍ في باب الغين المعجمة: غائثة أو غاثية أتت النَّبِيَّ صلعم فقالت: إنَّ أمِّي ماتت وعليها نذرٌ أن تمشي إلى الكعبة، فقال: ((اقْضِي عَنْهَا)).
          رابعها: فيه دلالةٌ أنَّ المرأة تكشف وجهها في الإحرام وهو إجماعٌ كما حكاه ابن عبد البرِّ، ويحتمل كما قال ابن التِّينِ أنَّها سدلت ثوبًا على وجهها.
          خامسها: في نظر الفَضْلِ إلى المرأة مُغالَبَةُ طباعِ البشر لابن آدمَ وضعفُه عمَّا رُكِّبَ فيه مِنَ الشَّهوات.
          سادسها: أنَّ العَالِمَ يُغيِّرُ مِنَ المنكرِ ما يمكنه إذا رآه، وأسند ابن المُنذِرِ مِنْ حديث ابن عبَّاسٍ قال: كان الفَضْلُ رديف رسول الله صلعم يوم عرفة فجعل الفتى يُلاحظ النِّساء وينظر إليهنَّ فقال: ((يَا ابنَ أَخِي، هَذَا يَومٌ مَنْ مَلَكَ فَيهِ سَمعَهُ وَبَصَرَهُ وَلِسَانَهُ غُفِرَ لَهُ)). ولم يُنقل أنَّهُ نهى المرأة عن النَّظر إليه وكان الفَضْلُ وسيمًا أي جميلًا، ويحتمل أن يكون الشَّارع اجتزى بمنع الفَضْل لمَّا رأى أنَّها تعلم بذلك مَنْعَ نظرها إليه لأنَّ حكمهما واحدٌ، أو تنبَّهت لذلك أو كان ذلك الموضع هو محلُّ نظره الكريم فلم يصرف نظرها.
          وقال الدَّاوُدِيُّ: فيه احتمال أنْ ليس على النِّساء غضُّ أبصارهنَّ عن وجوه الرِّجال إنَّما يغضضن عَورَتَهُنَّ، وقال بعض المالكيَّة: ليس على المرأة تغطية وجهها لهذا الحديث وإنَّما على الرَّجل غضُّ بصره، وقيل: إنَّما لم يأمرها بتغطية وجهها لأنَّه محلُّ إحرامها، وصَرْفُ وجه الفضل بالفعل أقوى مِنَ الأمر، وذهب ابن عبَّاسٍ وابن عمر إلى أنَّ المراد في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النُّور:31] / أنَّه الوجه والكفَّان، وبه قال مجاهدٌ وعطاءٌ وأكثر الفقهاء، وقال ابن مسعودٍ: الثِّياب.
          سابعها: فيه أنَّ النِّيابة في الحجِّ سائغةٌ بأُجرَةٍ وبغيرها، وهو أن يكون عاجزًا عن المباشرة بنفسه إمَّا بزَمَانَةٍ لا يُرجَى زوالُها وشبهها فله أن يستنيب، وبه قال الثَّوريُّ وأبو حنيفة وأصحابُه والشَّافعيُّ وأحمد وإسحاق، وقال مالكٌ واللَّيث والحسن بن صالحٍ: لا يحجُّ أحدٌ عن أحدٍ إلَّا عن مَيَّتٍ لم يحجَّ حَجَّة الإسلام.
          وحاصل ما في مذهب مالكٍ ثلاثةُ أقوالٍ: مشهورُها لا تجوز النِّيابة، ثالثها: تجوز في الولد، وقال: يتطوَّع عنه بغير هذا يُهدي عنه أو يتصدَّق أو يُعتِقُ، وتَنْفُذُ الوصيَّة به على المشهور عندهم ويكون لمَنْ حجَّ أحبُّ إليَّ، فإن لم يوصِ لم يجز وإن كان صرورةً على الأصحِّ، ويُكره للمرء إجارة نفسه على المشهور وتلزم.
          قال ابن المُنذِرِ: وأجمع أهل العلم على أنَّ مَنْ عليه حَجَّة الإسلام وهو قادرٌ على أن يحجَّ لا يُجزئه إلَّا أن يحجَّ بنفسه، لا يُجزئ أن يحجَّ غيره عنه، وقد رُوِّينا عن عليٍّ: أنَّه قال لرجلٍ كبيرٍ لم يحجَّ: إن شئت فجهِّز رجلًا يحجُّ عنك.
          وعن النَّخَعِيِّ وبعض السَّلف: لا يصحُّ الحجُّ عن مَيِّتٍ ولا عن غيره، وهي روايةٌ عن مالكٍ وإن أوصى به، وفي «مصنَّف ابن أبي شيبة» عن ابن عمر أنَّه قال: لا يحجَّ أحدٌ عن أحدٍ، ولا يَصُمْ أحدٌ عن أحدٍ، وكذا قال إبراهيم النَّخَعِيُّ.
          وقال الشَّافعيُّ والجمهور: يجوز الحجُّ عن الميِّت عن فرضه ونذره سواءٌ أوصى به أم لا، وهو واجبٌ في تَرِكَتِهِ، وعندنا تجوز الاستنابة في حجِّ التَّطوُّع على أصحِّ القولين، والحديث حُجَّةٌ على الحسن بن حيٍّ في قوله: إنَّ المرأة لا يجوز أن تحجَّ عن الرَّجل، وهو حُجَّةٌ لمَنْ أجازه.
          وقال صاحب «الهداية»: الأصل أنَّ الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاةً أو صدقةً أو صومًا أو غيرها عند أهل السُّنَّة والجماعة، لِمَا رُوِيَ أنَّه ◙ ضَحَّى بكبشين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمَّته. والعبادات أنواعٌ: الماليَّة محضةٌ كالزَّكاة، وبدنيَّةٌ كالصَّلاة، ومُرَكَّبٌ منهما كالحجِّ، والنِّيابة تُجزئ في النَّوع الأوَّل لا الثَّاني، وتُجزئ في الثَّالث عند العجز دون القدرة، والشَّرط العجز الدَّائم إلى وقت الموت، وظاهر مذهبهم أنَّ الحجَّ يقع عن المحجوج عنه لحديث الخَثعَمِيَّةِ، وعند مُحَمَّدٍ أنَّه يقع عن الحاجِّ وللآخر ثواب النَّفقة.
          قال الخطَّابيُّ: العجب مِنْ مالكٍ كيف روى هذا الحديث ولم يقل به، قال: وقد تأوَّل بعضهم أنَّ معنى (أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا) أي أسلم وهو شيخٌ بهذه الصَّفة.
          وقال ابن عبد البَرِّ: اختلف أهل العلم في معنى هذا الحديث، فذهب جماعةٌ منهم إلى أنَّه مخصوصٌ به أبو الخَثعَمِيَّةِ لا يجوز أن يُتَعَدَّى به إلى غيره بدليل الآية السَّالفة {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97] وكان أبوها ممَّنْ لا يستطيع فلم يكن عليه الحجُّ، فلمَّا لم يكن عليه لعدم استطاعته كانت ابنته مخصوصةً بذلك الجواب، وممَّنْ قال ذلك: مالكٌ وأصحابه لأنَّ الحجَّ عندهم مِنْ عمل البدن، فلا ينوب فيه أحدٌ عن أحدٍ كالصَّلاة.
          وذكر ابن حزمٍ مِنْ حديث إبراهيمَ بنِ مُحَمَّدٍ العذريِّ أنَّ امرأةً قالت: إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ، فقال النَّبِيُّ صلعم: ((حُجِّي عَنْهُ، وَلَيسَ لِأَحدٍ بَعْدَهُ))، وكذا رواه محمَّد بن حبَّان الإخباريُّ: ((أنَّ امرأةً قَالَتْ)) الحديث، وهو ضعيفٌ بالإرسال وغيره، ويحتمل أن يكون معنى (أَدْرَكَتْ أَبِي) أي: أنَّ الحجَّ فُرِضَ وأبوها على تلك الحالة، ويُبعده قولها: ((عَلَيهِ فَرِيضَةُ الحجِّ))، والشَّارع إنَّما أجابها بالإحجاج عنه لِمَا رأى مِنْ حرصها على إيصال الخير له كما أجاب الأخرى في النَّذر وشَبَّهَهُ بالدَّين، والإجماع على أنَّه لا يجب على وليِّه قضاء الدَّين عنه، وجعله بعض المالكيَّة خاصًّا بالابن عن أبيه، حكاه القُرطُبِيُّ، وحكاه ابن حزمٍ مرسلًا وضعَّفه عن محمَّد بن الحارث التَّيمِيِّ أنَّ النَّبِيَّ صلعم قال: ((لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ إلَّا وَلَدٌ عَنْ وَالِدٍ)).
          قال الطَّرطُوشِيُّ في «الحجِّ»: تأليفه في هذا الحديث أربعةٌ أوَّله: وجوب الحجِّ على المعضوب لإقرارها عليه، تشبيهه بالدَّين وهو واجبٌ، جواز فعلها عنه، وأنَّه ينفعه، ويحتمل أن تُريد: أحجُّ عنه؟ أي: بعد موته، أو يكون أوصى به.
          فرعٌ: بذل الولد الطَّاعة يصير مستطيعًا به على الأصحِّ.
          فرعٌ: لو صحَّ المعضوب بعد ذلك أعاده عندنا وفاقًا للكوفيِّين وأبي ثورٍ، وخلافًا لأحمدَ وإسحاقَ.
          فرعٌ: للوليِّ أن يُحرِمَ عن الصَّبِيِّ الَّذي لا يُمَيِّز والمجنون.
          فرعٌ غريبٌ: عن ابن سيرين كانوا يرون أنَّ المرأة إذا حجَّت وفي بطنها ولدٌ أنَّ له حجًّا، وعن طاوسٍ يُجزئ عن الصَّغير حَجُّه حتَّى يكبر.
          ثامنها: أجمع العلماء على أنَّ الاستطاعة شرطٌ في إيجاب الحجِّ، واختلفوا في تفسيرها على قولين:
          أحدهما: أنَّ مَنْ قدر على الوصول ببدنه فقد لزمه وإن لم يجد راحلةً، وهو بمنزلة مَنْ يجدها ويعجز عن المشي، وهو قول ابنِ الزُّبَيرِ وعكرمةَ والضَّحَّاكِ وبه قال مالكٌ.
          ثانيها: أنَّها الزَّاد والرَّاحلة، وهو قول الحسنِ ومجاهدٍ وسعيدِ بنِ جبيرٍ، وبه قال أبو حنيفة والشَّافعيُّ وأحمد وإسحاقُ وعبدُ العزيز بن أبي سَلَمَةَ وسَحْنُونٌ وظاهر قول ابن حبيبٍ، وأثبته الطَّرطُوشِيُّ قولًا وادَّعى أنَّ ذكر الرَّاحلة لم يُذكر في حديث عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه، وليس كما ذكر فهي فيه في الدَّارَقُطْنِيِّ.
          وأخذ المُهَلَّبُ مِنْ حديث الباب ما نحا إليه مالكٌ فقال: فيه أنَّ الاستطاعة لا تكون الزَّاد والرَّاحلة، أَلَا ترى أنَّ ما اعتذرت به هذه المرأة / عن أبيها ليس بهما، وإنَّما كان ضعف جسمه فثبت أنَّ الاستطاعة شائعةٌ كيفما وقعت وتمكَّنت، وقال غيره: إنَّها في لسان العرب القدرة، فإن جعلناها عمومًا في كلِّ قادرٍ جاز سواءٌ قدر ببدنه، أو به وبماله، أو بماله إلَّا أن تقوم دلالةٌ، وإن قلنا: إنَّ حقيقتها أن تكون صفةً قائمةً في المستطيع كالقدرة والكلام والقيام والقعود فينبغي أن تكون الاستطاعة صفةً فيه تخصُّه، وهذا لا يكون إلَّا لمَنْ هو مستطيعٌ ببدنه دون ماله، وقد سلَّم المخالف أنَّ المريض ليس بمستطيعٍ وإن وجدهما، وأهل الحرم والمواقيت فما دونهم لا يُعتبر فيهم زادٌ ولا راحلةٌ.
          احتجَّ الشَّافعيُّ ومَنْ وافقه أنَّه ◙ لمَّا سُئِلَ عن السَّبيل في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97] قال: ((الزَّادُ والرَّاحِلَةُ)) أخرجه الحاكم أبو عبد الله في «مستدركه» مِنْ حديث أنسٍ وقال: صحيحٌ على شرط الشَّيخين، ثمَّ ذكر له متابِعًا على شرط مسلمٍ، وضعَّفه البَيْهَقِيُّ بلا دليلٍ.
          وحكى القاضي حسينٌ وجهًا: أنَّه لا يُشترط وجود الزَّاد في حقِّ مَنْ هو على دون مسافة القصر لأنَّه كالحاضر.
          وحكى ابن كَجٍّ عن أبي عليٍّ الطَّبَرِيِّ: أنَّه إذا كان في الحرم يلزمه الحجُّ إذا كان صحيحًا ولم يكن له مالٌ ولا كَسْبٌ، قال: وهذا فاسدٌ إذ لا يُكَلَّفُ المسألة في الطَّريق.
          وقول ابن بَطَّالٍ: فإن احتجُّوا بحديث: ((السَّبِيلُ: الزَّادُ والرَّاحِلةُ))، فإنَّ ابنَ مَعِينٍ وغيره قالوا: راويه إبراهيم الخُوزِيُّ وهو ضعيفٌ. عجيبٌ منه في اقتصاره على طريقٍ ضعيفٍ، وطَرْحِه لِمَا صحَّ كما أسلفناه على أنَّ التِّرمِذِيَّ حسَّنه مِنَ الوجه المذكور، قال: وإبراهيم يُضَعَّفُ، وقد رواه الدَّارَقُطْنِيُّ بإسقاطه، ثمَّ نقل عن ابن المُنذِرِ أنَّه قال: لا يثبت الحديث الَّذي فيه ذكر الزَّاد والرَّاحلة وليس بمتَّصلٍ. قُلْتُ: ما ذكرناه ثابتٌ متَّصلٌ فقُدِّمَ على الطُّريق الضَّعيفة، ثمَّ قال: والآية عَامَّةٌ ليست مجملةً لا تفتقر إلى بيانٍ، فكأنَّه تعالى كلَّف كلَّ مستطيعٍ على أيِّ وجهٍ قدر بمالٍ أو بدنٍ، قال: والدَّليل على ذلك حديث: ((لَا تَحِلُّ الصَّدَقةُ لِغَنيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ))، فجعل صحَّة الجسم مساويةً للغنى فسقط قول مَنِ اعتبر الرَّاحلة. قُلْتُ: لا يسقط، فإنَّ الحديث مُفَسِّرٌ للاستطاعة في الآية وهو المُبَيِّنُ عن الله، وقال إسماعيل بن إسحاقَ: لو أنَّ رجلًا كان في موضعٍ يمكنه المشي إلى الحجِّ وهو لا يملك راحلةً لوجب عليه الحجُّ لأنَّه مستطيعٌ إليه سبيلًا.
          قُلْتُ: لا نُسَلِّمُ له ثمَّ قال: وما رووه عن السَّلف في ذلك أنَّ السَّبيل الزَّاد والرَّاحلة فإنَّما أرادوا التَّغليظ على مَنْ مَلَكَ هذا المقدار ولم يحجَّ؛ لأنَّهم ذكروا أقلَّ الأملاك الَّتي يبلغ بها الإنسان إلى الحجِّ.
          قُلْتُ: لا نُسَلِّمُهُ بل أرادوا التَّشريع، فإن قيل: فإنَّها عبادةٌ تتعلَّق بقطع مسافةٍ بعيدةٍ فوجبت فيها الرَّاحلة أصلُه الجهاد، قيل: لا فرق بينهما، ومَنْ تعيَّن عليه فرض الجهاد وهو قادرٌ ببدنه على المشي فليست الرَّاحلة شرطًا في وجوبه عليه.
          فرعٌ: انفرد أبو محمَّد بن حزمٍ حيث قال: الحجُّ واجبٌ على العبد أيضًا احتجاجًا بقول جابرٍ وابن عمر: ما مِنْ مسلمٍ. وقال الآخر: ما مِنْ أحدٍ مِنْ خلْق الله إلَّا وعليه عمرةٌ وحَجَّةٌ معًا، ولم يخصَّا إنسيًّا مِنْ جِنِّيٍّ ولا حُرًّا مِنْ عبدٍ، وسُئِلَ القاسم وسليمان بن يسارٍ عن العبد يحجُّ بإذن سيِّده فقالا: يُجزئ عنه مِنْ حَجَّة الإسلام، فإذا حجَّ بغير إذنه لم يُجْزِهِ. وقال مجاهدٌ: إذا حجَّ العبد وهو فحلٌ أجزأت عنه حَجَّة الإسلام، قال: وأمَّا خبر محمَّد بن كعبٍ عن النَّبِيِّ صلعم فمرسلٌ وعن شيخٍ لا يُعرف، وحديث ابن عبَّاسٍ وَقَفَهُ جماعةٌ، فإن صحَّ وَقْفُهُ فهو منسوخٌ لأنَّه كان قبل الفتح، ومَنْ قال: إنَّه ◙ لم يحجَّ بأمِّ ولده فكَذِبٌ شنيعٌ لا يوجد.
          تاسعها: ادَّعى الطَّحاويُّ والطَّرطُوشِيُّ أنَّ في هذه الأحاديث ما يدلُّ على أنَّه جائزٌ للرَّجل أن يحجَّ عن غيره وإن لم يكن حجَّ عن نفسه لإطلاقها ولم يسألها أحججتِ أم لا، ويدلُّ عليه تشبيهه بالدَّين ويجوز قضاؤه بغير إذن مَنْ عليه.
          قال: والَّذي يدلُّ عليه أنَّ مَنْ حجَّ تطوُّعًا ولم يحجَّ الفرض أنَّها تكون تطوُّعًا _كما قاله مَنْ قاله مِنْ أهل المدينة يعني المالكيِّين والكوفة، ولا يكون مِنْ حَجَّة الإسلام كما قاله مَنْ قاله_ ما رُوِيَ عن رسول الله صلعم أنَّه قال: ((أَوَّلُ مَا يُحَاسَب بِهِ العَبْدُ يومَ القيامةِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ كَانَ أَكْمَلَهَا كُتِبَتْ كَامِلَةً، وإنْ لَمْ يَكُن أَكْمَلَهَا قَالَ اللهُ جلَّ وعلا لِمَلَائِكَتِهِ: انظُروا هَلْ تَجِدونَ لِعَبدي مِنْ تَطَوُّعٍ فَأَكْمِلُوا مَا ضَيَّعَ بِهِ مِنْ فَرِيضَتِهِ)). والزَّكاة مثل ذلك ثمَّ تُؤخذ الأعمال على مثل ذلك، فدلَّ أنَّه جائزٌ للرَّجل أن يحجَّ تطوَّعًا وإن لم يكن حجَّ الفرض، وأنَّه جائزٌ أن يحجَّ عن غيره قبل نفسه.
          قال: وأمَّا حديث ابن عبَّاسٍ: ((أنَّ النَّبِيَّ صلعم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيكَ عن شُبْرُمَةَ، فقال: مَنْ شُبْرُمَةَ؟ قَالَ: أخٌ لي _أو قريبٌ لي_ قال: أحججتَ عن نفسك؟ قال: لا، قال: اجعل هذه عن نفسك ثمَّ حجَّ عن شُبْرُمَةَ)). فلا حُجَّة فيه لمَنْ تعلَّق به وهو حديثٌ معلولٌ. والصَّحيح أنَّه موقوفٌ على ابن عبَّاسٍ، وكذا قال أحمد: الصَّواب وَقْفُهُ عليه، وأعلَّه بعضهم بالإرسال، والَّذي يصحُّ في هذا المعنى عن رسول الله صلعم مِنْ رواية ابن عبَّاسٍ: أنَّه سُئِلَ عن رجلٍ لم يحجَّ، أيحجُّ عن غيره؟ فقال: ((دَيْنُ اللهِ جَلَّ وعَزَّ أَحقُّ أَنْ يَقْضيَهُ))، وليس فيه أنَّه لو أحرم عن غيره كان ذلك الإحرام عن نفسه.
          وقال الطَّرطُوشِيُّ: هو حُجَّةٌ على مَنْ قال به لأنَّ قوله: ((حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ)) وفي لفظ: ((اجعَلْ هَذِهِ عَنْ نَفْسِكَ ثمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمة)) دليلٌ على أنَّه كان قد انعقد عن شُبْرُمَةَ فلو كان قد وقع هذا عن نفسه _كما زعمتم_ كيف يقول له: ((حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ))؟ غير أنَّ هذا كان في عام الفتح، لأنَّه ◙ فسخ حجَّهم إلى عمرةٍ، وإن خالف الشَّافعيُّ في الفسخ فقد ردَّه عليه المتقدِّمون والمتأخِّرون والفقهاء والمحدِّثون، والجماعة مُطبقون على أنَّ هذا كان عام الفتح، فلمَّا جاز فسخ الحجِّ إلى العمرة جاز فسخُه مِنْ شخصٍ إلى شخصٍ.
          فإن قُلْتَ: أراد بقوله: ((اجْعَلْ هَذِهِ عَنْ نَفْسِكَ)) التَّلبِيَةَ لا الإحرام، قُلْتُ: هذا غلطٌ لأنَّه قال: ((أَحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟)) وهو صريحٌ في الحجِّ دونها. قُلْتُ: الحديث أخرجه أبو داود وابن ماجه بإسنادٍ على شرط الصَّحيح بلفظ: ((حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ))، ورواية ابن حبَّان في «صحيحه»: / ((فَاجْعَلْ هَذِهِ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ))، قال البَيْهَقِيُّ: إسنادُه صحيحٌ ليس في الباب شيءٌ أصحُّ منه، وصحَّحه ابن القطَّان أيضًا عنه وحمله بعضُهم على النَّدب عملًا بقوله: ((ابدَأْ بِنَفْسِكَ ثمَّ بِمَنْ تَعُولُ)) وفي روايةٍ للدَّارَقُطْنِيِّ وهاهنا بدل شُبرمة نُبَيشَةَ، والصَّواب شُبْرُمَةَ.
          وما سلف مِنَ الجواز هو قول الحسن وإبراهيم وأيُّوبَ وجعفر بن محمَّدٍ وأبي حنيفة ومالكٍ، وحُكِيَ عن أحمد أيضًا مثله. وقال الأوزاعيُّ والشَّافعيُّ وإسحاق: لا يجوز ويقع إحرامُه عن حَجَّة الإسلام، وعن ابن عبَّاسٍ: يقع الحجُّ باطلًا ولا يصحُّ عنه ولا عن غيره، ونُقِلَ عن بعض الحنابلة كما في «المغني».
          وقال الشَّافعيُّ في «مسنده»: حَدَّثَنَا سعيد بن سالمٍ عن سفيان بن سعيدٍ عن طاوس بن عبد الرَّحمن عن عبد الله بن أبي أَوفَى قال: سألتُه عن الرَّجل لم يحجَّ أيستقرض الحجَّ؟ قال: لا. وقال الثَّوريُّ: إن كان يقدر على الحجِّ عن نفسه يحجُّ عن نفسه وإلَّا حجَّ عن غيره، وحكاه النَّوَوِيُّ عن أبي ثورٍ وداود أيضًا مُحتجِّين بأنَّ الحجَّ ممَّا تدخله النِّيابة فجاز أن يؤدِّيَه عن غيره ممَّنْ لم يسقط فرضُه عن نفسه كالزَّكاة.
          وروى ابن أبي شيبة في «مصنَّفه» عن وكيعٍ عن عمر بن ذرٍّ عن مجاهدٍ: في الرَّجل يحجُّ عن الرَّجل ولم يكن حجَّ قطُّ قال: يُجزئ عنه وعن صاحبه الأوَّل.
          وعن يزيد بن هارون، حَدَّثَنَا حُمَيدُ بن الأسودِ، عن جعفرٍ عن أبيه: أنَّ عليًّا كان لا يرى بأسًا أن يحجَّ الصَّرورة عن الرَّجل.
          وحَدَّثَنَا يزيدُ بن هشامٍ عن الحسنِ: أنَّه كان لا يرى بأسًا أن يحجَّ الصَّرُورة عن الرَّجل، وعن ابن المُسَيَّبِ بإسنادٍ جيِّدٍ: إنَّ الله وَاسِعٌ لهما.
          فرعٌ: لو كان عليه قضاءٌ ونذرٌ قدَّم القضاء ثمَّ النَّذر، فإن خَبَّطَ ترتَّب، وعند أبي حنيفة ومالكٍ يقع عمَّا نواه.