-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░127▒ بَابُ: الحَلْقِ والتَّقْصِيرِ عندَ الإِحْلالِ.
1726- 1727- 1728- 1729- 1730- ذكر فيه عن نَافِعٍ: كَانَ ابن عمر يَقُولُ: (حَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلعم في حَجَّتِهِ).
وعن مالكٍ عن نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قال: (اللهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ)، قالوا: والْمُقَصِّرينَ يَا رَسُولَ اللهِ، قال: (اللهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ)، قالوا: والْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ، قال: (والْمُقَصِّرِينَ).
وقال اللَّيث: حَدَّثَني نَافِعٌ: (رَحِمَ اللهُ المُحَلِّقِينَ) مَرَّةً أَو مَرَّتَينِ.
وقال عُبَيدُ اللهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ: وقال في الرَّابِعَةِ: (والْمُقَصِّرِينَ).
وعن أبي زُرْعَةَ، عن أَبِي هُرَيرَةَ مرفوعًا: (اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ) إلى أنْ قال: قالها ثَلَاثًا، قال: (ولِلْمُقَصِّرِينَ).
وعن جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاء، عن نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ قال: (حَلَقَ النَّبِيُّ صلعم وطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وقَصَّرَ بَعْضُهُمْ).
وعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، عن مُعَاوِيَةَ قال: (قَصَّرْتُ عن رَسُولِ اللهِ بِمِشْقَصٍ).
الشَّرْحُ: حديث ابن عمر أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وكذا حديثه الثَّانِي والثَّالث، وفي حديثٍ: ((فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ، قال: والْمُقَصِّرِينَ))، وفي روايةٍ له: ((قالها في الثَّالثة)).
وتعليق اللَّيث وعُبَيدِ الله أسندهما مسلمٌ كما ذكرناه، الأوَّل مِنْ حَدِيثِ قُتَيبة وغيره عنهُ، والثَّانِي مِنْ حَدِيثِ عبد الوهَّاب عنهُ، ورواه القَعْنَبِيُّ مِنْ حَدِيثِ عبد الله العُمَريِّ المكبَّر، أخرجه الكَجِّيُّ في «سننه» عن القَعْنَبِيِّ عنهُ، وقال أبو قُرَّة: سمعتُ عبدَ الله بن عمرَ بن حفصٍ، ومالكَ بن أنسٍ يذكران عن نافعٍ، فذكره، وكذا رواه ابن وَهْبٍ في «مسنده» عنهُما.
وقال الطَّرْقيُّ: في مدارُه على نافعٍ، رَواه خلقٌ عنهُ مِنْهُم مالكٌ، ولم يتابَع اللَّيث على الجمع بين اللَّفظين، وفي أفراد مسلمٍ، عن أمِّ الحُصَيْنِ: ((دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا، ولِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً))، ولم يُخرج البخاريُّ عن أمِّ الحصين في هذا ولا في غيره شيئًا.
وحديث أبي هُرَيرَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أيضًا، وشيخ البخاريِّ فيه (عَيَّاشُ بْنُ الولِيدِ) بالمثنَّاة والشِّين المعجمة، وقيَّده ابن السَّكن بسينٍ مهملةٍ وباءٍ موحَّدةٍ، والصَّواب الأوَّل كما نبَّه عليه الجَيَّانيُّ.
وحديث ابن عَبَّاسٍ عن معاوية أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بلفظٍ عن طاوسٍ قال: ((قال ابن عَبَّاسٍ: قال لِي مُعَاوِيَةُ: أَعَلِمْتَ أَنِّي قَصَّرْتُ مِنْ رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صلعم عندَ الْمَرْوةِ بِمِشْقَصٍ؟)) قلت له: لا أعلم هذه إلَّا حجَّةً عليك.
ثمَّ الأحاديث كلُّها دالَّةٌ على أنَّ هذه الواقعة كَانَت في حَجَّة الوداع، وهو الصَّحيح، وحديث أمِّ الحُصَيْن السَّالفُ يؤيِّده، فإنَّها سمعَتِ النَّبيَّ صلعم يَقُولُ ذلك في حجَّة الوداع كما أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وعند القاضي عِياضٍ يوم الحُدَيبِيَة حِينَ أمرهم بالحلق، ويحتمل أنَّه قاله في الموضعين، وهو الأشبه لأنَّ جماعةً مِنَ الصَّحَابَة توقَّفت في الحلق فيهما.
وقال ابنُ بَطَّالٍ: هذا قاله صلعم يوم الحُدَيبِيَة فيما رواه ابن إسحاقَ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُرْوة، عن مروانَ بن الحَكَم والمِسْوَرِ بن مَخْرَمةَ، كما ستعلمه _إِنْ شَاءَ اللهُ_ في بابها، وأنَّه ◙ أمرهم أن ينحروا ويحلقوا فما قام رجلٌ، فقالها ثلاثًا، فدخل على أمِّ سَلَمَةَ فقال لها: ((أَمَا تَرَي النَّاسَ آمُرُهُمْ بالأمر لَا يَفْعَلُونَهُ)) فاعتذرتْ وقالت: ادعُ حالقَك فاذبحْ واحلقْ فإنَّ النَّاس إذا رأَوك فعلتَ ذلك فعلوا، فخرج وفعل ذلك، فقام النَّاس فنَحروا وحلق بعضٌ وقصَّر بعضٌ، فدعا للمحلِّقين ثلاثًا وللمقصِّرين مرَّةً.
وذَكر ابنُ إسحاق، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ عن مُجَاهِد عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قال: حلق رجالٌ يوم الحُدَيبِيَة وقصَّر آخرون، فقال ◙: ((اللهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ ثلاثًا، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَاْ بَالُ المُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمْ في التَّرَحُّمِ؟ قال: لأنَّهم لَمْ يَشُكُّوا))، وهذا في ابن ماجَهْ، وورد في بعض الأجزاء مِنْ حَدِيثِ أبي سعيدٍ: ((أَنَّ أَهْلَ المَدِينَةِ حَلَقُوا إِلَّا عُثْمَانَ وأبَا قَتَادَة، فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللهِ صلعم لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا، ولِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً)).
وما أحسنَ قولَ بعض أهل الطَّريق في ذلك: يكفي المقصِّرَ اسمُه، لا جَرَم كَانَ الحلقُ أفضلَ بالإجماع، ولأنَّه أبلغُ في العبادة، وأدلُّ على صدق النِّيَّة في التذلُّل، والمقصِّرُ مُبقٍ للزِّينة مُنافٍ لكونِه أشعثَ أغبر، فأكَّد الحضَّ عليه وهو ترك الزِّينة، ثمَّ جعل للمقصِّر نصيبًا وهو الرُّبع لئلَّا يخيِّبَ أحدًا مِنْ أمَّته مِنْ صالح دعائه، ولمَّا كَانَت العرب / تعوَّدت توفير الشَّعر، وكَانَ الحلق فيهم قليلًا، وكَانُوا يرَونه ضربًا مِنَ الشُّهرة فمالوا إلى التَّقصير، فدعا لِمَنِ امتثل أمرَه بالحلق.
ثمَّ اختلف العلماء هل الحِلاق واجبٌ على الحاجِّ والمعتمر أم لا؟
فقال مَالِكٌ والشَّافعيُّ _في أصحِّ_قوليه وأحمد، ونُقل عن أبي حنيفةَ: هو نسكٌ يجب على الحاجِّ والمعتمر، وهو أفضلُ مِنَ التَّقصير، ويجب على مَنْ فاته الحجُّ أو أُحصر بِعدوٍّ أو مرضٍ، وهو قول جماعةٍ مِنَ الفقهاء إلَّا في المحصر فإنَّهم اختلفوا: هل هو مِنَ النُّسك؟
فقال أبو حنيفةَ: ليس على المحصَر تقصيرٌ ولا حلقٌ، وهذا خلاف أمْرِ الشَّارع أصحابَه بالحُدَيبِيَة حِينَ صُدَّ عن البيت بالحِلاق وهم محصورون، فلا وجه لقوله، وحاصلُ ما للشَّافعيِّ وأصحابِه في الحلق خمسةُ آراءٍ: ركنٌ، واجبٌ، سنةٌ، مباحٌ، ركنٌ في العمرة واجبٌ في الحجِّ، كما أوضحناها في كتب الفروع.
وقال غيره: مَنْ جعله نُسُكًا أوجب على تاركه الدَّم، ومَنْ جعله مِنْ باب الإحلال لأنَّه ممنوعٌ مِنْهُ بالإحرام فلا شيءَ على تاركه.
ودعاءُ الشَّارع للمحلِّقين ثلاثًا دليلٌ على أنَّه نُسُكٌ، فلا وجه لإسقاطه عن المحصَر، ولم يدعُ لهم على شيءٍ مِنْ فعل المباحات مثل اللِّباس والطِّيب، ودعاؤه لا ينفكُّ عن الإجابة، وقد صحَّ عنهُ صلعم ((أنَّ لِمَنْ حلَق رأسه بكلِّ شعرةٍ سقطت مِنْ رأسه نورًا يومَ القيامة))، أخرجه ابن حِبَّان في «صحيحه»، وهو صريح في كونه نُسُكًا يُثاب عليه، وكذا قوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ ومُقَصِّرِينَ} [الفتح:27] خصَّهما مِنْ بين المباحات، ولم يقل لابسين متطيِّبين، فعُلم أنَّه نُسكٌ وليس له حكم اللِّباس وغيره.
وقام الإجماع على أنَّ النِّسَاء لا يحلقن وأنَّ سنتهنَّ التَّقصير لأنَّ حلق رأسها مُثْلَةٌ، فإن حلقت كُره، وقِيلَ: حرُم، وفي التِّرمذيِّ مِنْ حَدِيثِ عليٍّ: ((أنَّهُ ◙ نَهَى أَنْ تَحْلِقَ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا))، وذكر أنَّ فيه اضطرابًا، ثمَّ روى مِنْ حَدِيثِ عائشة مرفوعًا مثله ثمَّ قال: والعملُ عليه عند أهل العلم. وفي «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» مِنْ حَدِيثِ ابن عَبَّاسٍ مرفوعًا: ((إِنَّمَا على النِّسَاء التَّقْصِيرُ)).
تنبيهاتٌ: أحدها: يستحبُّ للمتمتِّع أنْ يقصِّر في العمرة، ويحلِق في الحجِّ، ليقع الحلق في أكمل العبادتين، ذكره النَّوويُّ في «شرحه» لمسلمٍ وأطلق ذلك، لكنَّ الشَّافعيَّ فصَّلَ في «الإملاء» فقال: إنْ أمكن أن يَسوَدَّ شعرُه يوم النّحْرِ حلق وإلَّا قصَّر، وقال ابنُ التِّينِ نقلًا عن أبي محمَّدٍ: ومَنْ حلَّ مِنْ عمرته في أشهر الحجِّ فالحِلاق له أفضل، إلَّا أنْ تفوت أيَّامُ الحجِّ ويريد أن يحجَّ فليقصِّر لمكَانَ حِلاقه في الحجِّ، قال: ووجهه تخصيصُ أفضل النُّسكين بالحلاق.
ثانيها: (المِشْقَصُ) بكسر الميم النَّصل الطَّويل وليس بالعريض، قاله أبو عُبيدٍ، وقال ابنُ فارسٍ وغيره: هو سهمٌ فيه نصلٌ عريضٌ، وقال أبو عمر: هو الطَّويل غير العريض، وقال أبو حنيفةَ الدِّينَوَريُّ: هو كلُّ نصلٍ فيه عَيرٌ، وكلُّ ناتئٍ في وسطه حديدٌ فهو عَيرٌ، ومِنْهُ عَير الكتف والورقة.
وهذا الحديث قد يحتجُّ به مَنْ يَقُولُ: إنَّه ◙ كَانَ في حجَّة الوداع متمتِّعًا لأنَّ المتمتِّع يُقصِّر عند الفراغ مِنَ السَّعي، وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث أنَّ التَّقصير كَانَ بالمَرْوة، وهذا لا يصحُّ أن يكون في حجَّة الوداع أصلًا لأنَّه ◙ حلق رأسَه فيها لا يُختلف فيه، ثمَّ قيل: إنَّ هذا كَانَ في بعض عُمَرِه، ولا يصحُّ أن يكون في الحُدَيبِيَة لأنَّ الأصحَّ أنَّ معاوية أسلمَ يوم الفتح، فيُشبه أن يكون في عمرة الجِعِرَّانة.
قال الشَّيخ أبو الحَسَن فيما حَكَاهُ ابن التِّينِ: لعلَّ فعل معاوية كَانَ في عمرة الجِعِرَّانة الَّتِي اعتمر مُنْصَرَفَه مِنْ حُنَينٍ، ومعناه: أنَّه أخذ مِنْ شعره به، وزعم ابنُ حزمٍ أنَّه ◙ كَانَ قد بقي في رأسه في حجَّة الوداع بعضُ شعرٍ بعد الحلاقة، فأخذها معاوية بمِشْقَصٍ فقال قصَّرتُ عن رسول الله صلعم لهذا.
قال القزَّاز: العريض أولى أنْ يقصَّر به، ولا معنى في التَّقصير لطوله، وفِي الحَدِيثِ أنَّه كَوى أَسْعد بن زُرَارةَ بمِشْقَصٍ، فهذا يجوز أنْ يُراد به السَّهم الَّذِي ليس بعريضٍ لأنَّه أوفى للكَيِّ.
وقال الدَّاوُدِيُّ: المِشْقَصُ السِّكِّين، قال: وإِنَّمَا ترك الحِلاق ليحلق في الحجَّ، وهو خلاف ما سلف أنَّه كَانَ في عمرة الجِعِرَّانة.
قلتُ: ومعلومٌ أنَّه لم يتمتَّع في حجَّة الوداع، فهذا التَّأويل بعيدٌ، ولعلَّه قصَّر عن نفسه بأمره ◙.
ثالثها: قال محمَّدٌ عن مَالِكٍ: مِنَ الشَّأن في الحاجِّ أن يغسل رأسه بالخَطْميِّ والغاسول حِينَ يريد أن يحلق، وقال: لا بأس أن يتنوَّر ويقصَّ أَظْفاره، ويأخذَ مِنْ شاربه ولحيته قبل أن يحلق، قال ابنُ القَاسِم: وأكرهُ للمعتمر أن يغسل رأسه قبل أن يحلق ويقتل شيئًا مِنَ الدَّوابِّ، أو يلبس قميصًا قبل تمام السَّعي.
رابعها: ستُّ مناسكَ في الحلق: ألَّا يشارِط عليه، وأن يَستقبل القبلة، وأنْ يبدأَ بالجانب الأيمن، وأن يكبِّر ويدعوَ، وأنْ يدفن شعرَه، قال عطاءٌ: ويُصلِّي عَقِبَه ركعتين، ويبلُغ به إلى العظمين اللَّذَين عند منتهى الصُّدْغين لأنَّهما منتهى نباتِ الشَّعر، ليكونَ مستوعبًا لجميع رأسه، وعند الكَرْمَانِيِّ: عن أبي حنيفةَ يبدأ بيمين الحالق ويسار المحلوق، وعندَ الشَّافعيِّ يبدأ بيمين المحلوق، والصَّحيح عن أبي حنيفةَ ما ذكر أوَّلًا وهو السُّنَّة.
خامسها: أقلُّ الحلق ثلاثُ شَعَرات لأنَّه أقلُّ مسمَّى الجمع، وقام الإجماع على عدم وجوب الاستيعاب، وقِيلَ: يكفي عندنا شعرةٌ، وحكى الأَبْهَريُّ وغيره عن مَالِكٍ: أنَّه لا يجزئ حلقُ بعض الرَّأس دون استيعابه.
قال ابنُ التِّينِ: ويدلُّ له أنَّه ◙ حلق رأسَه وقال: ((خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ)).
وعبارة ابن الحاجب: ولا يَتِمُّ نسكُ الحلق / إلَّا بجميع الرَّأس، والتَّقصيرُ مُغْنٍ، وسُنَّةٌ في الرَّجل أن يجزَّ مِنْ قُربِ أصوله، وأقلُّه أنْ يأخذ مِنْ جميع الشَّعر فإن اقتصر على بعضه فكالعدم، فإن لم يمكن لتصميغٍ أو يسارةٍ أو عدمٍ تَعيَّن الحلقُ، وقال في المرأة: تأخذ قَدْرَ الأَنْمُلة أو فوقها أو دونها قليلًا، والنُّورةُ تجزئ، هذا آخر كلامه، ورُوِيَ عَنِ ابن عمر: قَدْر الأَنْمُلة، وعن عائشة: قَدْر التَّطريف.
قال مَالِكٌ: ولا بدَّ أن يعمَّ طويلَه وقصيرَه كالمسح في الوضوء، قال: فإن لبَّدتْ رأسَها فَلَيسَ عليها إلَّا التَّقصيرُ، قال ابنُ التِّينِ: ولعلَّ ذلك بعد أن تمشطه لتتوصَّل إلى تقصير جميعه، وعند أبي حنيفةَ: الواجب مقدار الرُّبع.
قال ابنُ المنذِرِ: وأجْمَع أهل العلم على أنَّ التَّقصير يجزئ، إلَّا أنَّه يُرْوى عن الحَسَن، أنَّه كَانَ يوجب الحلق في أَوَّل حَجَّة حجَّها، وهذا غير جيِّدٍ، قال تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح:27].
سادسها: عندنا يدخل وقت الحلق بنصف ليلة النَّحر ولا آخر لوقته، وعندَ المالكيَّة: يدخل مِنْ طُلُوعِ الفجر، والحلق بمِنًى يوم النَّحْرِ أفضل، قالوا: ولو أخَّره حتَّى بلغ بلدَه حلق وأهدى، فلو وَطِئَ قبل الحَلْق فعليه هديٌ بِخِلَافِ الصَّيد على المشهور عندهم، وعند ابن الجَهْمِ: لا يحلق القارن حتَّى يُفيض.
وقال ابنُ قُدامةَ: يجوز تأخيرُه إلى آخر أيَّام النَّحر، فإن أخَّره عن ذلك ففيه روايتان: لا دمَ عليه، وبه قال عطاءٌ وأبو يوسفَ وأبو ثورٍ، ويشبه مذَهَبَ الشَّافعيِّ لأنَّ الله بيَّن أَول وقته بِقوله: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ}الآية [البقرة:196]، ولم يبيِّن آخره فمتى أتى به أجزأه.
وعن أحمدَ: عليه دمٌ بتأخيره، وهو مذهب أبي حنيفةَ؛ لأنه نُسُكٌ أخَّره عن محلِّه، ولا فرق في التَّأخير بين القليل والكثير والسَّاهي والعامد، وقال مَالِكٌ والثَّورِيُّ وإسحاقُ وأبو حنيفةَ ومحمَّد: مَنْ تركه حتَّى حلَّ فعليه دمٌ لأنَّه نُسُك فيأتي به في إحرام الحجِّ كسائرِ مناسكه.
سابعها: في رواية ابن عمرَ (ارْحَمِ) وفي رواية أبي هُرَيرَةَ (اغْفِرْ) فلعلَّه دعا مرَّةً بهذا، ومرَّةً بهذا، وهذا أَولى مِنْ قول ابن التِّينِ: إمَّا أن يكون قال مرَّةً: (اغْفِرْ)، ومرَّةً (ارْحَمِ)، أو وُهِم في أحدهما، أو رواها الرَّاوي بالمعنى.
فائدةٌ: رَوى ابن أبي شَيبَةَ، عَنِ ابن عمر، أنَّه ضحَّى بالمدينة وحلق رأسه، وكَانَ الحَسَن يحلقُ رأسَه يوم النَّحْرِ بالبصرة، وقال ابنُ عَوْنٍ: قلت لمحمَّد: كَانُوا يستحبُّون أنْ يأخذ الرَّجلُ مِنْ شعره يوم النَّحْرِ؟ قال: نعم.