-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░47▒ بابُ قَوْلِ اللهِ تعالى: {جَعَلَ اللهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الحَرَامَ وَالهَدْيَ وَالقَلَائِدَ} الآية [المائدة:97].
1591- ثُمَّ ذَكَرَ حديثَ أبي هريرةَ: (يُخَرِّبُ الكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ).
1592- وحديثُ عائشةَ: (كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الكَعْبَةُ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ).
1593- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حدَّثَنَا أَبِي حدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الحَجَّاجِ بنِ الحَجَّاجِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ الله بنِ أَبِي عُتْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (لَيُحَجَّنَّ البَيْتُ، وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ) قَالَ أبو عبدِ اللهِ: سمع قَتَادَةُ عبَدَ اللهِ، وعبدُ اللهِ أبا سعيد، تَابَعَهُ أَبَانُ وَعِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحمنِ عَنْ شُعْبَةَ: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لا يُحَجَّ البَيْتُ) وَالأَوَّلُ أَكْثَرُ.
الشَّرحُ: أمَّا الآيةُ فقولُه: {قِيَامًا} أي: قوامًا لدِيْنِهم وعصمةً لهم، أو قيامًا للنَّاس لو تركوه عامًا لم يُنظروا أن يهلكوا، أو يقومون بشرائعها {وَالشَّهْرَ الحَرَامَ} لا يقاتلون فيه وهو رجبٌ أو ذو القَعْدَةِ، أو الأشهر الحرم {وَالهَدْيَ} كلُّ ما يُهدى للبيتِ مِنْ شيءٍ، أو ما يُقلَّد مِنَ النَّعم، وقد جعل عَلَى نفسه أن يهديَه ويقلِّده {وَالقَلَائِدَ} قلائد الهدي، أو كانوا إذا حجُّوا تقلَّدوا مِنْ لحاءِ الشَّجرِ ليأمنوا في ذهابهم وإيابهم، أو كانوا يأخذون لحاءَ سَمُر الشَّجَرِ إذا خرجوا فيتقلَّدونه، ليأمَنوا فنُهوا عن نزع شجر الحرم.
وقولُه: {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} الآية [المائدة:97] ومجانسةُ هذا للأوَّلِ أنَّ الَّذي ألهمهم هذا يعلم ذَلِكَ.
وأمَّا حديثُ أبي هريرة فأخرجه مسلمٌ أيضًا، وحديثُ أبي سعيدٍ مِنْ أفراده، وله مِنْ حديث ابنِ عبَّاسٍ / يأتي بعد أيضًا: ((كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ، يَنقلهَا حَجَرًا حَجَرًا)) [خ¦1595].
و(أَحْمَدُ) السَّالفُ هو ابنُ حفصِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ راشدٍ السُّلَميُّ مولاهم، قاضي نَيسابور، مات سنة ستِّين، كذا بخطِّ الدِّمْياطيِّ، وقال غيرُه: ثماني وخمسين ومئتين، وهو ما في «الكاشفِ».
و(إِبْرَاهِيمُ) هو ابنُ طَهْمَانَ، وحَجَّاجٌ هو الأحولُ، الثِّقةُ، مات سنة إحدى وثلاثين ومئةً، وله ألقابٌ: الأسودُ وزِقُّ العسلِ، والقسمليُّ، وقيل: هما اثنان، و(عبدِ اللهِ) هو مولى أنسٍ، بصريٌّ صدوقٌ.
ولأبي داودَ الطَّيالسيِّ مِنْ حديث عبدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو: ((اتركُوا الحَبَشةَ مَا تَركُوكُم، فإنَّهُ لا يَسْتَخِرجُ كَنْزَ الكَعْبةِ إلَّا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشةِ))، ولأبي داودَ الطَّيالسيِّ مِنْ حديث أبي هريرةَ بإسنادٍ جيِّدٍ: ((يُبَايَعُ لِرَجُلٍ بينَ الرُّكْنِ والمَقَامِ، وأوَّلُ مَنْ يَستَحِلُّ هَذَا البَيْتَ أهلُه، فَإِذَا استحلُّوهُ فَلَا تَسْألْ عَنْ هَلَكَةِ العَرَبِ، ثُمَّ يَجِيء الحَبَشةُ فَيُخَرِّبُونَهُ خَرَابًا لا يَعْمُرُ بعدَه، وَهُمُ الَّذينَ يَسْتَخْرِجُون كَنْزَهُ))، ولأبي نُعَيْمٍ بسندٍ فيه مجهولٌ: ((كَأنِّي أنظر إلى أُصَيْلِعٍ أفدعَ أفْحَجَ عَلَى ظَهْرِ الكَعْبةِ يَهْدِمُها بالكِرْزِنَةِ))، ولأحمدَ مِنْ حديثِ ابنِ عَمْرٍو: ((يَسْبِيها حُلِيَّها ويجرِّدُها مِنْ كِسْوتِها وَكَأنِّي أَنْظرُ إليهِ أُصيلِعَ أُفَيدِعَ يَضْربُ عَلَيها بِمِسْحَاتِهِ وَمِعْوَلِه)).
ولابنِ الجَوزيِّ مِنْ حديثِ حذيفةَ مرفوعًا: ((خَرَابُ مَكَّةَ مِنَ الحَبَشَةِ عَلَى يَدِ حَبَشيٍّ أَفْحَجِ السَّاقين أَزْرَقِ العَيْنينِ أَفْطَسِ الأَنْفِ كَبِيرِ البَطْنِ مَعَهُ أصَحْابُه، يَنْقُضُونَها حَجَرًا حَجَرًا، وَيَتَناولُونُها حَتَّى يَرْمُوا بِهَا البَحْرَ _يَعْني الكَعْبةَ_ وَخَرَابُ المَدِينةِ مِنَ الجُوعِ، وخَرَابُ اليَمَنِ مِنَ الجَرَادِ))، وفي «غريبِ أبي عُبَيدٍ» عن عليٍّ: ((اسْتَكْثِرُوا مِنَ الطَّوَافِ بِهَذَا البَيْتِ قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكُم وَبَيْنَهُ، فَكأنِّي بِرَجُلٍ مِنَ الحَبَشةِ أَصْلَعَ أَوْ أَصْمَعَ حَمْشِ السَّاقَينِ قَاعِدٍ عَلَيهَا، وَهِي تُهدَمُ))، ورفعَه الحاكمُ وفيه: ((أَصْمَع أَفْدع بَيَدِهِ مِعْوَلٌ، وَهُو يَهدِمُها حَجَرًا حَجَرًا)).
وذكر الحُلَيمِيُّ أنَّ ذَلِكَ يكون زمن عيسى، وأنَّ الصَّريخَ يأتيه بأنَّ ذا السُّوَيْقَتَيْنِ قد سارَ إلى البيتِ يهدمه، فيبعثُ عيسى إليه طائفةً بين الثَّمَانِ إلى التِّسعِ.
وفي «منسكِ الغزاليِّ» وحكاه ابنُ التِّيْنِ عن بعضِهم: ((لَا تَغْرُبُ الشَّمسُ في يومٍ إلَّا ويَطُوفُ بهذَا البَيْتِ رَجُلٌ مِنَ الأَبْدالِ، ولَا يَطْلُعُ الفَجْرُ مِنْ لَيْلةٍ إلَّا طَافَ بهذا البَيْتِ واحدٌ مِنَ الأَوْتَادِ، وإذا انقطع ذَلِكَ كَانَ سببُ رفعِهِ مِنَ الأرضِ، فَيصْبحُ النَّاسُ وقد رُفِعَتِ الكَعْبةُ ليسَ فِيْها أَثرٌ، وَهَذا إِذَا أَتَى عليها سَبْعُ سِنينَ لم يحجَّها أَحَدٌ، ثُمَّ يُرفَعُ القُرآنُ مِنَ المَصَاحفِ ثُمَّ مِنَ القُلوبِ، ثُمَّ يَرْجعُ النَّاسُ إلى الأشعارِ والأغاني وأخبارِ الجاهليَّةِ، ثُمَّ يخرجُ الدَّجَّالُ، ثُمَّ ينزلُ عِيْسَى فَيَقْتُلُه، والسَّاعةُ عِنْدَ ذَلِكَ كالحاملِ المقربِ وِلَادَتُها)).
وفي كتاب «الفتن» لنُعَيْمِ بنِ حمَّادٍ: حَدَّثَنَا بقيَّةَ عن صفوانَ عن شُرَيحٍ عن كعبٍ: ((يَخْرجُ الحَبَشَةُ خَرْجةً يهُبُّونَ فِيهَا إلى البَيْتِ، ثُمَّ يَفزع إليهم أَهْلُ الشَّامِ فَيَجدُونَهم قَد افترشُوا الأَرْضَ في أَوْديةِ بني عليٍّ _وَهِي قَرِيبةٌ مِنَ المدينةِ_ حَتَّى إنَّ الحَبَشيَّ يُبَاعُ بالشَّمْلَةِ، قَالَ صفوانُ: وحَدَّثَنَي أبو اليمانِ عن كعبٍ قَالَ: يُخَرِبُونَ البَيْتَ ولَيَأخذُنَّ المقامَ فيُدرَكُونَ عَلَى ذَلِكَ فَيَقْتُلُهم اللهُ، وفيه: يخرجون بعد يأجوج)).
وعن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو: تخرجُ الحبشةُ بعد نزولِ عيسى، فيَبعَثُ عيسى طليعةً فيُهزَمُون، وفي روايةٍ: تُهدَمُ مرَّتين، ويُرفَعُ الحَجَرُ في المرَّةِ الثَّالثةِ، وفي روايةٍ: ويُرفَعُ في الثَّالِثَةِ، وفي روايةٍ: ويَستخرجون كنزَ فِرعَونَ يمنعُه مِنَ الفُسطاط، ويُقتَلُونَ بوسيمٍ، وفي لفظٍ: فيأتون في ثلاثمئةِ ألفٍ عليهم أسيس أو أسبس، وقيل: إنَّ خَرابه يكون بعد رَفْعِ القرآنِ مِنَ الصُّدور والمصاحف وذَلِكَ بعد موت عيسى، وصحَّحَه القُرْطُبيُّ.
قَالَ: ولا تعارض بين هذا وبين كون الحرم آمنًا لأنَّ تخريبها إنَّما يكون عند خراب الدُّنيا، ولعلَّه لا يبقى إلَّا شِرارُ الخلقِ، فيكون آمِنًا مع بقاء الدِّين وأهله، فإذا ذهبوا ارتفع ذَلِكَ المعنى وتحقيقه أنَّه لا يلزم مِنَ الأمن الدَّوام، بل إذا حصلت له حرمةٌ وأمنٌ في وقتٍ ما فقد صدق ذَلِكَ، وأمَّا حديثُ: ((ثمَّ عَادَتْ حُرْمَتُها إلى يومِ القِيَامةِ)) فالحكمُ بالحرمةِ والأمن لم يرتفع، ولا يرتفعُ إلى يومِ القيامةِ، وأمَّا وقوع الخوف فيها وترك حرمتها فقد وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ في أيَّام يزيدَ وغيرِه كثيرًا.
وقال عياضٌ: {حَرَمًا آمِنًا} [القصص:57] أي: إلى قرب القيامة وقيل: يُخَصُّ منه قصَّةُ ذي السُّويقتين، فإنْ قُلْتَ: ما السِّرُّ في حراسةِ الكعبةِ مِنَ الفيلِ، ولم تُحرَسْ في الإسلام ممَّا صَنَعَ بها الحَجَّاجُ والقرامطةُ وذو السُّويقتين؟ قُلْتُ: الجوابُ ما ذكره ابنُ الجَوزِيِّ أنَّ حَبْسَ الفيلِ كَانَ مِنْ أعلام نبوَّته ودلائلِ رسالته، ولتتأكَّد الحجَّةُ عليهم، بالأدلَّة الَّتي شُوهِدَتْ بالبصرِ قبل الأدلَّة الَّتي تُرَى بالبصائرِ، وكان حكم الجيش أيضًا دلالةً عَلَى وجود النَّاصر، وقال ابنُ المُنيِّرِ: دخول هذا الحديث تحت ما ترجم به ليبيِّن أنَّ الأمر المذكور مخصوصٌ بالزَّمن الَّذي شاءَ اللهُ فيه بالأمان، وأنَّه إذا شاء رَفَعَهُ عند خروج ذي السُّويقتين، ثُمَّ إذا شاء أعاده بعدُ.
وقال ابنُ بَطَّالٍ: حديثُ أبي هريرةَ مبيِّنٌ لقولِه تعالى: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا} [البقرة:126] أي: غير وقت تخريبه، لأنَّ ذَلِكَ لا يكون إلَّا باستباحةِ حُرمَتِها وتغلُّبه عليها، ثُمَّ تعود حُرمَتُها ويعودُ الحجُّ إليها كما أخبر خليلَه إبراهيمَ فقال: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحجّ:27] / فهذا شرط اللهِ ╡ لا ينخرمُ ولا يحولُ، وإن كَانَ في خلالِه وقتٌ يكون فيه خوفٌ فلا يدومُ، ولا بُدَّ مِنِ ارتفاعه ورجوعِ حُرمتِها وأمنِها وحجِّ العباد إليها، كما كَانَ إجابةً لدعوة خليله ◙ يدلُّ عليه حديثُ أبي سعيدٍ في الكتاب.
وعلى ذَلِكَ لا تضادَّ، ولو صحَّ ما ذكره قَتَادَةُ: لا يُحجُّ البيتَ، لكان ذَلِكَ وقتًا مِنَ الدَّهر، ويحتمل أن يكون ذَلِكَ وقت تخريبها بدليل حديث أبي سعيدٍ، وقال ابنُ التِّيْنِ: قيل: هذا ليس باختلافٍ قد ينقطع ثُمَّ يعود، قَالَ: وفي حديثٍ آخرَ: ((لَا تَزُولُ مَكَّةُ حَتَّى يزولَ أخشَبَاهَا)) يعني جبليها، أي: لا يزول الحجُّ.
ومعنى خرابه له في وقتٍ يدعه الله إلى ذلك ابتلاءً منه شِقْوةً له وليسودَّ وجهُه، وليعلمَ مَنْ يرتاب مِنْ ذَلِكَ، ولعلَّه هو الَّذي يُخسَفُ بجيشِه، وكأنَّه مفهوم البُخاريِّ فيما ترجمه بعدُ مِنْ باب هدمِ الكعبةِ، وذكر عن عائشة رَفَعَتْهُ: ((يَغْزُو جَيْشٌ الكَعْبَةَ فَيُخْسَفُ بِهِمْ)) [خ¦2118]، ورُوِيَ عن عليٍّ مرفوعًا: ((قَالَ اللهُ ╡: إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَخْرِبَ الدُّنيا، بَدَأْتُ ببيتِي فَخَرَبْتُه، ثُمَّ أُخْرِبُ الدُّنيا عَلَى إَثْرهِ)). ويُخرِبُ رباعيٌّ بضمِّ الياءِ، قَالَ تعالى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ} [الحشر:2] وقد منع اللهُ صاحبَ الفيلِ في الوقت الَّذي شاء كما سلف، ويغزوه جيشٌ كما ذكرناه، ويأذن بهذا في هذا الوقت الَّذي شاء ثُمَّ يعود، ولا فرق بين هذا وبين إدَالَةِ المشركين عَلَى المؤمنين وقتل الأنبياء وكلِّ ابتلاءٍ.
والحَبَشُ: جنسٌ مِنَ السُّودان، وهم الأحبُشُ والحُبْشَانُ، وقد قالوا: الحبشةُ، وليس بصحيحٍ في القياس لأنَّه لا واحد له عَلَى مثال فاعلٍ فيكونَ مُكَسَّرًا عَلَى فَعَلَةٍ، والأُحبوشُ: جماعة الحَبَشِ، وقيل: هم الجماعةُ أيًّا كانوا لأنَّهم إذا تجمَّعُوا اسْوَدُّوا.
قَالَ الجَوهَرِيُّ: الحَبَشُ والحبشةُ جنسٌ مِنَ السُّودانِ، وقال ابنُ دُرَيدٍ: الحبشةُ عَلَى غيرِ قياسٍ، وقد قالوا: حُبْشَانٌ أيضًا، ولا أدري كيف هو، وقال الرُّشَاطِيُّ: هم مِنْ ولدِ كُوشِ بنِ حام، وهم أكثر ملوك السُّودانِ، وجميع ممالك السُّودانِ يعطُون الطَّاعةَ للحبشِ، روى سفيانُ بنُ عُيَينَةَ: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: ((لا خَيْرَ في الحَبَشِ، إنْ جَاعُوا سَرَقُوا، وإنْ شَبِعُوا زَنَوا، وإنَّ فيهم حَسَنَتَينِ: إِطَعامُ الطَّعَامِ، وَالبَأْسُ يَومَ البَأسِ)).
وقال ابنُ هِشَامٍ في «تيجانِه»: أوَّلُ مَنْ جَرَى لسانُ الحبشةِ عَلَى لسانِه سحلبُ بنُ أدادَ بنِ باهسَ بنِ سرعانَ بنِ كُوشِ بنِ حامِ بنِ نوحٍ، ثُمَّ تولَّدت مِنْ هذا اللِّسان ألسُنٌ استُخرِجَتْ منه، وهذا هو الأصل.
وقوله في حديثِ ابنِ عبَّاسٍ الَّذي سقناه مِنْ عند البُخاريِّ: (كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ، يَنقلهَا حَجَرًا حَجَرًا) يعني الكعبةَ، والأَفْحَجُ _بحاءٍ ثُمَّ جيمٍ_ البعيدُ ما بين الرِّجلين، وذَلِكَ مِنْ نعوتِ الحُبشَانِ، ولذلك قَالَ: ذو السُّويقتين، لأنَّ في سُوقِهم حُمُوشَةً أي: دِقَّةً، وصغَّرَهُما لِدِقَّتِهما ونَقْصِهِما، وأتى بالتَّاء لأنَّ السَّاقَ مؤنَّثةٌ، وذكره أبو المعالي في «المنتهى» في الحاء والجيم كما أسلفناه، وقال: هو تداني صُدُورِ القدمين وتباعُدُ العَقِبين وفتحُ السَّاقين، قَالَ: وهو عيبٌ في الخيلِ، وقال في الجيم والحاء الفَجَحُ _بالتَّحريك_ تباعدُ ما بين السَّاقين، ومِنَ الدَّوابِّ ما بين العُرْقوبَين، وهو أقبحُ مِنَ الفَحَجِ أي مِنَ الأوَّلِ، وذكره في «المحكم» في الحاءِ والجيمِ أيضًا، وقال في الثَّاني: هو تباعد ما بين القدمين.
وفي «المخصَّص» هو تباعد ما بين الفخذين، رجلٌ أَفْحَجُ وامرأةٌ فَحْجَاءُ، وعن أبي حاتم فخذٌ فخجاءُ _الخاء معجمةٌ_ وهي الَّتي بانَتْ مِنْ صاحبتِها، والمصدرُ: الفَخَجُ، وقد يكون في إحدى الفخذين، وفي «الجامعِ»: الجمع فُحجٌ، وقال ابن دُرَيدٍ: هو تباعدٌ بين الرِّجلين، وفي «المجمل» و«المغرب»: هو تباعد ما بين أوساط السَّاقين في الإنسان والدَّابَّة، واقتصر عليه ابنُ بَطَّالٍ.
وأمَّا حديث عائشةَ فهو مصدِّقٌ للآيةِ، ومعناه أنَّ المشركين كانوا يعظِّمون الكعبةَ قديمًا بالسُّتور والكسوة، ويقدمون إليها كما يفعل المسلمون.
وقال الإسماعيليُّ: جَمَعَ أبو عبدِ اللهِ فيه بين حديثِ عُقَيلٍ وابنِ أبي حفصةَ في المتنِ، ولم يبيِّن، وحديث ستر الكعبة في حديث ابنِ أبي حفصةَ وحده ثُمَّ ساقه، وحديث عُقِيلٍ ليس فيه ذِكْرُ السِّترَ ثُمَّ ساقه بدونه قَالَ: فإن كَانَ أرادَ بيانَ اسمِ الكعبةِ الَّتي تُذْكَرُ في الآيةِ فذاك، وإلَّا فليس ما في الباب مِنَ التَّرجمة في شيءٍ، قُلْتُ: لعلَّ البُخاريَّ أراد أصل الحديث عَلَى عادته، وإن كَانَ ظاهرُه غير مطابقٍ للتَّرجمة وادَّعى بعضهم أنَّه أراد مِنْ حديث عُقَيلٍ التَّصريح بسماع ابنِ شهابٍ مِنْ عُرْوَةَ، وليس كما ذكر، فإنَّه لم يأتِ به، نعم هو عند الإسماعيليِّ وأبي نُعَيمٍ.