-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░80▒ بابُ مَا جَاءَ في السَّعْي بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ
وَقَالَ ابنُ عُمَرَ: السَّعْيُ مِنْ دَارِ بَنِي عَبَّادٍ إلى زُقَاقِ بَنِي أَبِي حُسَيْنٍ.
ثُمَّ ساقَ خمسةَ أحاديث:
1644- أحدُها: حديثُ ابنِ عُمَرَ: (كَانَ النَّبِيُّ صلعم إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الأوَّلَ خَبَّ ثَلاَثًا وَمَشَى أَرْبَعًا...) الحديثَ.
وسلفَ في بابِ مَنْ طافَ إذا قَدِمَ مكَّةَ [خ¦1616] [خ¦1617]، وهنا أتمُّ مِنْ ذاكَ، وشيخ البُخاريِّ فيه مُحَمَّدُ بنُ عُبَيدِ بنِ ميمونٍ، وقال الجَيَّانيُّ في نسخة خلفٍ: ابن حاتمٍ بدل: ابنِ ميمونٍ، وخَبَّ: هَرْوَلَ، وكذا السَّعي.
1645- 1646- ثانيها: حديثُ ابنِ عُمَرَ أيضًا، وقد سلف في باب صلاة النَّبِيِّ صلعم لسُبُوعه ركعتين [خ¦1623].
1647- ثالثُها: حديثُه أيضًا: قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلعم مَكَّةَ... إلى آخرِه، وسلف في بابِ مَنْ صلَّى ركعتي الطَّواف خلف المقام [خ¦1627].
1648- رابعُها: حديثُ عاصمٍ: قُلْتُ لأَنَسِ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ شَعَائِرِ الجَاهِلِيَّةِ، حَتَّى أَنْزَلَ الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} الآية [البقرة:158].
وهو في مسلمٍ أيضًا، ويأتي في التَّفسير [خ¦4496]، وشيخُ البُخاريِّ فيه أحمدُ بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثَنَا عبدُ اللهِ، قَالَ الحاكمُ: هو أحمدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ موسى مَرْدَوَيه، وقال الدَّارَقُطْنيُّ: هو أحمدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ ثابتٍ شَبُّويَه.
1649- خامسُها: حديثُ سفيانَ عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ، أنَّ ابنَ عبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا سَعَى رَسُولُ اللهِ صلعم بِالبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ لِيُرِيَ المُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ.
وهو في مسلمٍ أيضًا، ثُمَّ قَالَ: زادَ الحُمَيدِيُّ حدَّثَنَا سفيانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو سَمِعْتُ عطاءً عَنِ ابنِ عبَّاسٍ مثله، وظاهر هذا أنَّه لم يروِه عن شيخه الحُمَيدِيِّ، لكنْ أبو نُعَيْمٍ الحافظُ لمَّا رواه عن أبي عليٍّ محمَّدِ بنِ أحمدَ: حدَّثَنَا بِشْرُ بنُ موسى حدَّثَنَا الحُمَيدِيُّ حدَّثَنَا سفيانُ، فذكره ثُمَّ قَالَ: رواه _يعني البُخاريَّ_ عَنِ الحُمَيدِيِّ وعليِّ بنِ عبدِ اللهِ جميعًا عن سفيانَ.
إذا عرفت ذَلِكَ فمعنى هذا الباب كالَّذي قبله.
وفيه بيانُ صفةِ السَّعي، وأنَّه شيءٌ معمولٌ به غير مرخَّصٍ فيه، ألا ترى أنَّ ابنَ عُمَرَ حين ذكره قَالَ: وقد كَانَ لكم في رَسُولِ اللهِ أسوةٌ حسنةٌ.
والأثرُ المصدَّر به البابُ أخرجَه ابنُ أبي شَيبَةَ عن أبي خالدٍ الأحمرِ عن عثمانَ بنِ الأسودِ عن مجاهدٍ وعطاءٍ قَالَ: رأيتهما يسعيان مِنْ خَوْخَة بني عبَّادٍ إلى زُقَاقِ ابن أبي حُسينٍ، فقُلْتُ لمجاهدٍ فقالَ: هذا بطنُ المسيل الأوَّل ولكنَّ النَّاس انتقصوا منه.
وفي نسخةٍ عزوُ ذَلِكَ إلى ابنِ عُمَرَ، وذكر ابنُ عبَّاسٍ في الباب سببَ مشروعيَّة السَّعي في الطَّواف بالبيت وبين الصَّفا والمروة (لِيُرِيَ المُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ) لأنَّهم قالوا: إنَّ حُمَّى يثربَ أنهكتهم، فَكَان ◙ رمل في طَوَافِه بالبيتِ مقابل المسجد ومقابل السُّوق موضعَ جلوسهم، فإذا توارى عنهم مشى كما سلف، فالسُّنَّة التزام الخَبَب في الأشواط الثَّلاثة الأُوَلِ في الطَّواف تبرُّكًا بفعله وسُنَّتِه، وإن كانت العلَّة قد / ارتفعت فذلك مِنْ تعظيم شعائر الله، وسيأتي في «الصَّحيح» في كتاب الأنبياء علَّةٌ أخرى للسَّعي والهرولة بين الصَّفا والمروة في قصَّة هاجرَ مع ولدها إسماعيلَ ترقُّبُ الماءَ حَتَّى كملت سبعًا [خ¦3365]، قَالَ ◙: (فَلِذَلِكَ سَعَى النَّاسُ بَيْنَهُمَا)، فبيَّنَ فيه أنَّ سبب ذَلِكَ فعلُ هاجرَ ♀ [خ¦3364].
وقد روى مسلمٌ مِنْ حديثِ أبي الطُّفَيلِ: أنَّه ◙ إنَّما ركب فيه لَمَّا كثر عليه النَّاس، وقد اختلف النَّاسُ في ذلك فكرهت عائشةُ الرُّكوب فيه وكذا عُرْوَةُ، وهو قول أحمدَ وإسحاقَ، وقال أبو ثَورٍ: لا يجزئه وعليه أن يُعيد، وقال الكوفيُّون: إن كَانَ بمكَّة أعاد ولا دم عليه، وإن رجع إلى الكوفة فعليه دمٌ، ورخَّصت طائفةٌ فيه، ورُوِيَ عن أنسٍ أنَّه طاف عَلَى حمارٍ، وعن عطاءٍ ومجاهدٍ مثله، وقال الشَّافعيُّ: يجزئه ولا إعادة عليه إن فعل.
وحُجَّة مَنْ أجاز ذَلِكَ فِعلُه ◙، وحُجَّة مَنْ كرهه أنَّه ينبغي امتثال فعلِ هاجرَ في ذَلِكَ، وركوبُه ◙ لمعنًى كما سلف.
وأمَّا قول أنسٍ: إنَّهم كانوا يكرهون الطَّواف بهما لأنَّهما مِنْ شعائر الجاهليَّة حَتَّى نزلت الآية، فقد كَانَ ما سواهما مِنَ الوقوف بعَرفةَ والمزدلفةِ والطَّوافِ مِنْ شعائر الحجِّ في الجاهليَّة، فلمَّا جاء الإسلام وذكر الله ذَلِكَ في كتابه صار مِنْ شعائر الحجِّ في الإسلام.
فإن قُلْتَ: فما تقولُ في قولهِ آخر الآية: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} [البقرة:158] إلى آخرِه؟ قُلْتُ: يلزمُكَ التَّطوُّعُ به مفردًا ولا قائل به إجماعًا، وهذا راجعٌ إلى أوَّل الآية لا إلى هذا، أي: مَنْ تطوَّع بحجٍّ أو غيره فإنَّ الله شاكرٌ عليمٌ.
ثمَّ اعلم أنَّ واجبات السَّعي عندنا أربعةٌ:
أحدُها: قطع جميع المسافة بين الصَّفا والمروة، فلو بقي منها بعضُ خطوةٍ لم يصحَّ سعيه، ولو كَانَ راكبًا اشترط أن يسيِّرَ دابَّته حَتَّى تضعَ حافرها عَلَى الجبل، وإن صَعِد عَلَى الصَّفا والمروة فهو أكمل، وكذا فعلَه سيِّدنا رَسُول اللهِ صلعم والصَّحابُة بعده، وليس هذا الصُّعود شرطًا ولا واجبًا، بل هو سُنَّةٌ متأكِّدةٌ، وبعض الدَّرج مستحدثٌ، فالحذر مِنْ أن يُخلِّفَها وراءه، فلا يصحُّ سعيه حينئذٍ، وينبغي أن يصعد عَلَى الدَّرج حَتَّى يستيقنَ، ولنا وجهٌ شاذٌّ: أنَّه يجب الصُّعود عَلَى الصَّفا والمروة قدْرًا يسيرًا، ولا يصحُّ سعيه إلَّا بذلك ليستيقنَ قطع جميع المسافة، كما يلزمه غسل جزءٍ مِنَ الرأس في غسل الوجه ليستيقن.
ثانيها: التَّرتيب: فلو بدأ بالمروةِ لم يجْزِه لأنَّه ◙ قَالَ: ((ابدؤوا بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ))، قَالَ في «المحيط» مِنْ كتب الحنفيَّةِ: لو بدأ بالمروةِ وختم بالصَّفا أعاد شوطًا ولا يجزئه ذَلِكَ، والبداءة بالصَّفا شرطٌ، ولا أصل لما ذكره الكِرْمَانِيُّ مِنْ أنَّ التَّرتِيبَ في السَّعي ليس بشرطٍ، حَتَّى لو أتى بالمروة وأتى الصَّفا جاز، وهو مكروهٌ لترك السُّنَّة، فيُستَحَبُّ إعادة الشَّوط.
الثَّالثُ: يحسبُ مِنَ الصَّفَا إلى المروةِ مرَّةً، ومِنَ المروةِ إلى الصَّفَا مرَّةً، حَتَّى يُتِمَّ سبعًا، هذا هو الصَّحِيحُ، وفيه وجهٌ سلفَ.
الرَّابعُ: يشترطُ أن يكونَ السَّعي بعد طوافٍ صحيحٍ، سواءٌ أكَانَ بعدَ طواف قدومٍ أو إفاضةٍ، ولا يُتصوَّر وقوعُه بعد طواف الوداع، فلو سعى وطاف أعاده، وعند غيرنا يعيدُه إن كَانَ بمكَّة، وإن رجع إلى أهله بعث بدمٍ.
وشذَّ إمامُ الحرمين فقال: قَالَ بعضُ أئمَّتنا: لو قَدَّمَ السَّعي عَلَى الطَّواف اعتُدَّ بالسَّعي، وهذا غلطٌ، ونقلَ المَاوَرْدِيُّ وغيرُه الإجماعَ في اشتراطِ ذَلِكَ، وقال عطاءٌ: يجوزُ السَّعي مِنْ غيرِ تقدُّمِ طوافٍ وهو غريبٌ.
فرعٌ: الموالاة بين مرَّات السَّعي سنَّةٌ، فلو تخلَّل يسيرٌ أو طويلٌ بينهنَّ لم يضرَّ، وكذا بينه وبين الطَّواف، وفيه قولٌ.
فرعٌ: يستحبُّ السَّعي عَلَى طهارةٍ مِنَ الحدث والنَّجس ساترًا عورته.
فرعٌ: المرأةُ تمشي ولا تسعى لأنَّه أسترُ لها، وقيل: إن سَعَتْ في الخلوة باللَّيل سَعَتْ كالرَّجل.
فرعٌ: موضع المشي والعَدْوِ معروفٌ، والعَدْوُ يكون قبل وصوله إلى الميل الأخضر، وهو العمود المبني في ركن المسجد بقدر ستَّة أذرعٍ إلى أن يتوسَّط بين العمودين المعروفين، وما عدا ذَلِكَ فهو محلُّ المشي، فلو هرول في الكلِّ لا شيء عليه، وكذا لو مشى عَلَى هِيْنَتِهِ، وعن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابنَ عُمَرَ يمشي بين الصَّفا والمروة ثُمَّ قَالَ: ((إنْ مَشَيْتُ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَمْشِي، وإنْ سَعَيْتُ فَقَد رَأَيْتُهُ يَسْعَى وأنا شيخٌ كَبِيرٌ)) أخرجَه أبو داودَ، وفي روايةٍ: كَانَ يقول لأصحابِه ارمُلوا، فلو استَطَعْتُ الرَّمَلَ لرَمَلْتُ، وعنه قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يمشي، أخرجها سعيدُ بنُ منصورٍ.
فرعٌ: يخرج مِنْ باب الصَّفا للسَّعي للاتِّباع، ولم يحدَّ مالكٌ له بابًا، ومعناه: أنَّه ليس مِنَ المناسك الخروجُ مِنْ باب الصَّفا غير أنَّ مَنْ خرجَ إليه مِنْ غير بابه تكلَّفَ زيادةً.
فرعٌ: قَالَ ابنُ التِّيْنِ: يُكرَهُ للرَّجلِ أن يقعد عَلَى الصَّفا إلَّا لعذرٍ.
فرعٌ: ضَعَّفَ ابنُ القاسمِ في روايتِه عن مالكٍ رفع يديه عَلَى الصَّفا والمروة، وقالَ ابنُ حَبِيبٍ: يرفع، وإذا قلنا: يرفع، فقالَ ابنُ حَبيبٍ: يرفعها حذو مَنكِبيه وبطونُها إلى الأرض، ثُمَّ يكبِّر ويهلِّل ويدعو، وقال غيره مِنَ المتأخِّرين: الدُّعاء والتَّضرُّع إنَّما يكون وبطونهما إلى السَّماء، وما ذكره ابنُ حبيبٍ إنَّما يكون عند الذِّكر والتَّعظيم، ولعلَّهُ هو الَّذي ضعَّفه مالكٌ.
فرعٌ: لو ترك السَّعي ببطن المسيل ففي وجوب الدَّم قولان عن مالكٍ.