-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░55▒ بَابُ كَيْفَ كَانَ بدو الرَّمَلِ
1602- ذَكَرَ فيهِ حديثَ ابنَ عَبَّاسٍ: (قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلعم وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ المُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ، وَفْدٌ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلعم أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْواطَ الثَّلاَثَةَ، وأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إلَّا الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ).
وهو حديثٌ صحيحٌ أخرجَه مسلمٌ أيضًا بزيادة: ((فَقَالَ المُشْرِكُونَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الحُمَّى وَهَنَتْهُمْ، هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا))، وفي لفظٍ لهما: ((إنَّما سَعَى وَرَمَل بالبَيْتِ، لِيُرِي المُشْرِكينَ قُوَّتَهُ)) [خ¦1649]، وللبُخَارِيِّ في عُمْرَةِ القَضَاءِ: ((والمُشْركِونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيقِعَان)) [خ¦4256]، ولمسلمٍ: ((وَكَانُوا يَحْسِدُونَهُ)) وفي لفظٍ: ((وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ قَوْمًا حُسَّدًا)).
وللإسماعيليِّ: ((يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ قَومٌ عُرَاةٌ، فَأَطْلَعَ اللهُ نَبِيَّهُ عَلَى مَا قَالُوا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا وأَنْ يَمْشُوا))، ولابنِ مَاجَهْ: قَالَ ◙ لأصحابِه حينَ أرادُوا دخولَ مَكَّةَ في عمرتِه بعدَ الحُدَيْبيَةِ: ((إنَّ قَومَكُمْ غدًا سَيَرَوْنَكُمْ، فَلَيَرَوْنَكُمْ جُلْدًا))، فلمَّا دخلُوا المسجدَ استلمُوا الرُّكْنَ، ورَمَلُوا وهو معهم.
وللطَّبَرَانيِّ عن عطاءٍ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ: ((مَنْ شَاءَ فَلْيَرْمُلْ، ومَنْ شَاءَ فَلَا رَمَلَ، إنَّما أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلعم بالرَّمَلِ ليُرِيَ المُشْركِينَ قوَّتَهُ)) وللطَّبَريِّ في «تهذيبِه»: لَمَّا اعتمرَ رَسُولُ اللهِ صلعم بَلَغَهُ أنَّ أهلَ مَكَّةَ يقولونَ: إنَّ بأصحابِه هزلًا، فقالَ لهم حينَ قَدِمُوا: ((شُدُّوا مَآزِرَكُمْ وَأَعْضَادَكُمْ، وارمُلُوا حَتَّى يَرَى قَومُكُمْ أنَّ بِكُمْ قُوَّةً))، قَالَ: ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللهِ صلعم فلم يرملْ، قالوا: وإِنَّما رَمَلَ في عُمْرَةِ القَضِيَّةِ، في إسنادِه حَجَّاجُ بنُ أَرْطَأَةَ.
ولأبي داودَ: ((أنَّه ◙ وَأَصْحَابَهُ اعتمرُوا مِنْ جِعِرَّانَةَ _يعني في عُمْرَةِ القضاءِ_ فرَمَلُوا بالبَيْتِ، وجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تحتَ آباطِهم، / ثُمَّ قَذَفُوها عَلَى عواتقِهم اليُسْرَى)) وفي لفظٍ: ((كَانُوا إذا بَلَغُوا الرُّكْنَ اليَمَاني، وتَغيَّبُوا مِنْ قُرَيش مَشَوا، ثُمَّ اطَّلَعُوا عَلَيهِمْ يَرمُلُونَ، تَقُولُ قُرَيشٌ: كأنَّهم الغِزلَانُ)).
قَالَ ابنُ عبَّاسٍ: كَانَتْ سُنَّةً، وفي لفظٍ: ((أنَّه لَمْ يَرْمُل في السَّبْعِ الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ)) صَحَّحَه الحاكمُ عَلَى شرطِ الشَّيخينِ مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ، وله عَلَى شرطِهما أيضًا مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ وابنِ عبَّاسٍ: ((رَمَلَ رَسُولُ اللهِ صلعم في حَجَّتِهِ، وفي عُمَرِهِ كُلِّهَا، وأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ والخُلَفَاءُ)).
إذا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فالرَّمَلُ: هو الإسراعُ، وحقيقتُه إسراعُ المشي مع تقاربِ الخُطَا، قَالَ صاحبُ «الأفعالِ»: رَمَلَ رَمَلًا: أسرعَ في الرَّمَلِ، وقالَ صاحبُ «العَيْنِ»: الرَّمَلُ ضَرْبٌ مِنَ المشي، وقالَ ابنُ سِيْدَهْ: يَرمُلُ رَمَلًا، ورَمَلَانًا: إذا مشى دونَ العَدْوِ، وقالَ القَزَّازُ: هو العَدْوُ الشَّدِيدُ، وقالَ ابنُ دُرَيدٍ: هو شبيهٌ بالهَرْوَلَةِ، وقالَ الجَوهَرِيُّ: هو الهرولةُ، وقالَ في «المغيثِ»: هو الخَبَبُ، وقيلَ: هو أنْ يَهُزَّ مَنْكِبَيهِ ولا يُسرِعَ العَدْوَ، وقالَ ابنُ العربيِّ في «مسالكِه»: هو مأخوذٌ مِنَ التَّحرِيكِ، وهو أنْ يُحَرِّكَ الماشي مَنْكِبَيهِ لشِدَّةِ الحركةِ في مشيه.
والشَّوطُ: جَريُ مُدَّةٍ إلى الغَايَةِ، والجمعُ أشواطٌ، قَالَهُ صاحبُ «العَيْنِ»، مأخوذٌ مِنْ قولِهم: جَرَى الفَرَسُ شوطًا، إذا بَلَغَ مجراهُ ثُمَّ عَادَ، فكلُّ مَنْ أَتَى موضعًا ثُمَّ انصرفَ عنهُ فهو شوطٌ، وقالَ الطَّبَرِيُّ: يُقَالُ: شَاطَ يَشُوطُ شوطًا إذا عَدَا غلوةً بعيدةً.
و(وَهَنَتْهُمْ) _بتخفيفِ الهاءِ المفتوحةِ_ أي: أضعفتْهم، وحكى ابنُ التَّيَّانيِّ: وَهِنَ _بالكسرِ_ وقالَ صاحبُ «العَيْنِ»: الوَهْنُ لغةٌ في الوَهَنِ.
وقولُه: (إِلَّا الإِبْقَاءُ) _هو بكسرِ الهمزةِ ثُمَّ باءٍ مُوَحَّدَةٍ ممدودٌ_ أي: للرِّفْقِ بهم، قَالَ القُرْطُبِيُّ: رُوِّينَاهُ بالرَّفْعِ عَلَى أنَّه فاعلٌ يمنعهم، ويجوزُ النَّصبُ عَلَى أنْ يكونَ مفعولًا مِنْ أجلِه، قَالَ: ويكونُ في (مَنَعَهُمْ) ضميرٌ عائدٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم وهو فاعلُه، وقالُوه استهزاءً بهم، و(يَثْرِبَ) المدينةُ شرَّفها اللهُ تعالى.
قولُه: (وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ) يُرِيدُ اليماني والحجرَ الأسودَ.
وقوله: (وَفْدٌ) هو بالفاءِ، قَالَ صاحبُ «المطالعِ»: عندَ ابنِ السَّكَنِ بالقافِ، وللكافَّة بالفاءِ وهو الصَّوَابُ
واختُلِفَ في الرَّمَلِ هل هو سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الحجِّ أم لا؟ لأنَّه كَانَ لِعِلَّةٍ ذهبت وزالت، فمَنْ شاءَ فعلَه اختيارًا، فرُوِيَ عن أبي بكرٍ وعُمَرَ وابنِ مسعودٍ وابنِ عُمَرَ الأوَّلُ، وهو قولُ الأربعةِ والثَّوريِّ وإسحاقَ، وقال آخرون: ليس بسُنَّةٍ فمَنْ شاءَ فعلَ ومَنْ شاءَ تركَه، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ وجماعةٍ مِنَ التَّابعين طاوسٍ وعطاءٍ والحسنِ والقاسمِ وسالمٍ، والأوَّلُ هو ما عليه الجمهورُ فإنْ تَرَكَه كُرِهَ، نصَّ عليه الشَّافعيُّ.
ثُمَّ الجمهورُ عَلَى أنَّه يستوعبُ البيتَ بالرَّمَلِ، وفي قولٍ: لا يرملُ بينَ الرُّكنينِ اليمانيينِ بلْ بينَ الشَّاميَّين لأنَّ فيه كانوا ينكشفون للكفَّار فيَرَونَ جَلَدَهُمْ، إذْ سَبَبُ الرَّمَلِ والاضطباعِ إظهارُ القوَّةِ للكفَّار لَمَّا قالوا: (وَهَنَتْهُم حُمَّى يَثْرِب) كما سلف، لكنَّه في عمرةِ القضاءِ سنة سبعٍ، وحديثُ جابرٍ الطَّويلُ في مسلمٍ، وكذا حديثُ ابنِ عُمَرَ فيه كَانَا في حَجَّةِ الوداعِ سنة عشرٍ، فكان العملُ بهما أَوْلى لتَأَخُّرِهما، وابنُ عبَّاسٍ لم يكنْ عامَ القَضِيَّةِ، بخلافِ جابرٍ فإنَّه شاهدٌ، والحكمةُ فيه مع زوالِ المعنى الَّذي شُرِعَ لأجلِه قد قالَها الفاروقُ وهو الاتِّباعُ كما سيأتي، وأيضًا الفاعلُ له يستحضرُ سببه، وهو ظهورُ أمرِ الكفَّارِ خصوصًا في ذَلِكَ المكانِ الشَّرِيفِ، فيَتَذَكَّرُ نعمةَ اللهِ عَلَى إعزازِ الإسلامِ وأهلِه.
فرعٌ: لا فرقَ في استحبابِ الرَّمَلِ بينَ الرَّاكِبِ والمحمولِ وغيرِهما عَلَى الأظهرِ، فيرمُلُ به الحاملُ ويُحَرِّكُ هو الدَّابَةَ، وعندَ المالكيَّةِ أنَّ طوافَ الإفاضةِ ونحوَه وطوافَ المُحرِمِ مِنَ التَّنعيمِ وشبهِه في مشروعيَّةِ الرَّمَلِ ثلاثةُ أقوالٍ فيها، ثالثُها المشهورُ مشروعٌ دونه، وفي الرَّمَلِ بالمريضِ والصَّبيِّ قولانِ، وعندَ الحنفيةِ أنَّه إذا طافَ للرُّكنِ رَمَلَ إن لم يَسْعَ ولم يَرمُلْ في طوافٍ سالفٍ فيه.
فرعٌ: لو تركَ الرَّمَلَ في الطَّوفاتِ الثَّلاثِ لم يقضِه في الأربعِ الأخيرةِ لأنَّ هيئتَها السَّكِينَةُ فلا تتغيَّر، ولو تذكَّر عن قُربٍ ففي الإعادةِ قولانِ عن مالكٍ، والمشهورُ عندَهم أنَّه لا دمَ عليه، وعندَ أحمدَ: مَنْ نَسِيَ الرَّمَلَ لا إعادةَ عليه.
فرعٌ: يختصُّ الرَّمَلُ بطوافٍ يعقبُه سعيٌ، وفي قولٍ: يختصُّ بطوافِ القدومِ، وبه قَالَ أحمدُ.
فائدةٌ: المختارُ أنَّه لا يكرَه تسميةُ الطَّوافِ شوطًا كما نطقَ به ابنُ عبَّاسٍ كما سلف، ولأنَّ الكراهةَ إنَّما تثبت بنهي الشَّرعِ ولم تثبت، وأمَّا الشَّافعيُّ والأصحابُ فقالوا بالكراهةِ، وسببُها _كما قَالَ القاضي_ أنَّ الشَّوطَ هو الهلاكُ، قَالَ الشَّافعيُّ في «الأمِّ»: لا يُقَالُ: شَوْطٌ ولا دَوْرٌ، وكَرِهَ مجاهدٌ ذَلِكَ، قَالَ: وأنا أكرَه ما كَرِهَ مجاهدٌ، وعن مجاهدٍ: لا تقولوا شوطًا ولا شوطين، ولكن قولوا: دورًا أو دورين.
فائدةٌ أخرى: قَالَ المُهَلَّبُ: فيه مِنَ الفقهِ أنَّ إظهارَ القوَّةَ للعَدُوِّ في الأجسامِ والعُدَّةِ والسِّلاحِ، ومفارقةُ الهدوءِ والوَقَار في ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ، كما أمرَ الشَّارعُ بالرَّمَلِ في الثَّلاثةِ الأُوَلِ، قَالَ: ومثلُه إباحتُه اللَّعِبَ للحبشةِ في المسجدِ بالحرابِ لهذا المعنى، والمسجدُ ليسَ بموضعِ لَعِبٍ بل هو موضعُ وقارٍ وخشوعٍ لله لَمَّا كَانَ مِنْ بابِ القوَّةِ والعُدَّةِ والرَّهبَةِ عَلَى المنافقين وأهلِ الكتابِ المجاورين لهم أَبَاحَهُ في المسجدِ لأنَّه أمرٌ مِنْ أمرِ جماعةِ المسلمين، / والمسجدُ لجماعتِهم.
فرعٌ: المرأةُ لا تَرمُلُ بالإجماعِ لأنَّه يقدحُ في السَّترِ وليست مِنْ أهلِ الجَلَدِ، ولا هرولة أيضًا في السَّعي، ورواه الشَّافعيُّ عَنِ ابنِ عُمَرَ وعائشةَ وعطاءٍ.