التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إشعار البدن

          ░108▒ بَابُ: إشْعَارِ البُدْنِ.لله.
          1699- ذَكَرَ فيه حديثَ المِسْورِ وحديثَ عائشة السَّالِفَين في بابِ: مَنْ أشعرَ وقلَّدَ.
          وقدْ أسلَفنا أنَّ جُمهورَ العُلمَاء يرونَ الإشعارَ لأنَّهُ سنَّةٌ ثابتةٌ، ومِمَّنْ رأى ذلك عمرُ وابنُه والحَسَنُ والقَاسِمُ وسالمٌ وعَطاءٌ ومَالكٌ وأبو يُوسفُ ومُحمَّدٌ والشَّافعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ، وأنكَرَه أبو حنيفةَ وقال: إِنَّمَا كَانَ ذلك قبلَ النَّهيِ عنِ الْمُثلةِ، قال ابنُ بَطَّالٍ: وهذا تحكُّمٌ لا دليلَ عليه وسوءُ ظنٍّ، ولا تُتْرَكُ السُّننُ بالظُّنونِ، وقد رَوى الإشعارَ عنِ رسولِ الله صلعم جماعةٌ.
          وأَمَّا ما رُوِيَ عن عائشةَ أنَّها قالت: ((إنْ شِئْتَ فأشْعِر، وإِنْ شِئْتَ فَلَا)) فإنَّما أشعَر لِيُعلَم أنَّها بدَنة إذا ضلَّت، فدلَّ أنَّه علامةٌ ليسَ بِنُسُكٍ، وقد رُوِيَ مثلُ ذلك عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، فإنَّهما أَعلَما أنَّه ليسَ بواجِبٍ، وكذا نَقول، غيرَ أنَّ فِعلَه أفضلُ مِنْ تَركِه لأنَّ ابنَ عمر قال: لا هَدي إلَّا ما قُلِّدَ وأُشْعِرَ، أي لا هَديَ كامِلٌ، ولا نقولُ إنَّ الإشعارَ نُسُكٌ يجبُ في تركِهِ دمٌ.