-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░76▒ بابُ مَا جَاءَ فِي زَمْزَمَ
1636- وَقَالَ عَبْدَانُ: أَخبَرَنَا عَبْدُ اللهِ أَخبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْريِّ قَالَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: (فُرِجَ سَقْفُ بيتي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي...) الحديثَ.
ثُمَّ ذكر حديثَ ابنِ عبَّاسٍ: سَقَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ، قَالَ عَاصِمٌ: فَحَلَفَ عِكْرِمَةُ: مَا كَانَ يَوْمَئِذٍ إلَّا عَلَى بَعِيرٍ.
الشَّرحُ: أمَّا الحديثُ المعلَّقُ فقد أسنده في أوائل الصَّلاة مطوَّلًا فذكر حديثَ المعراج [خ¦349]، ورواه الإسماعيليُّ عَنِ الحسنِ بنِ سفيانَ: حدَّثَنَا حَرمَلَةُ بنُ يحيى أخبرنا عبدُ اللهِ بنُ وهبٍ أخبرنا يونسُ قَالَ: وأخبرنيه موسى: حدَّثَنَا أحمدُ حدَّثَنَا ابنُ وهبٍ أخبرَنا يونسُ، فذكرَهُ.
وأمَّا حديثُ ابنِ عبَّاسٍ فأخرجَهُ مسلمٌ أيضًا بلفظ: ((اسْتَسْقَى، فَأَتيتهُ بِدَلوٍ وَهُو عِنْدَ البَيْتِ))، ولابنِ مَاجَهْ: ((سَقَيْتُهُ مِنْ زَمْزَمٍ فَشَرِبَ قائمًا)).
إذا عرفتَ ذَلِكَ فمقصود البُخاريِّ بالحديث الأوَّل قوله: (ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ) وقد سلف الكلام عليه في أوَّل الصَّلاة واستشكالُه [خ¦349]، وجاء في فضل مائها عدَّةُ أحاديث لكنَّها ليست عَلَى شرطه، وبعضها عَلَى شرط مسلمٍ، ذَكَرْتُها في تخريجي لأحاديث الرَّافعيِّ وغيرِه، وصحَّحنا: ((مَاءُ زَمْزمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ))، ويكفي أنَّ الإمامَ أبا مُحَمَّدٍ سُفْيَانَ بنَ عُيَينَةَ سُئِلَ عنه فقالَ: حديثٌ صحيحٌ، كما أخرجَه عنه الدِّينَوَريُّ في «المجالسةِ»، وابنُ الجَوزِيِّ في «الأذكياء»، وقد شربَه العلماءُ لمقاصد كالشَّافعيِّ والخطيبِ البغداديِّ وغيرهما لمقاصد نالوها والحمدُ للهِ.
وفي «صحيحِ مسلمٍ»: ((إنَّها طَعَامُ طُعْمٍ))، زادَ الطَّيالِسيُّ: ((وَشِفاءُ سُقْمٍ))، وفي الدَّارَقُطْنيِّ مِنْ حديث ابن عبَّاسٍ مرفوعًا: ((وَهِي هَزْمةُ جِبْريلَ، وَسُقْيَا إسْمَاعيلَ))، ولابنِ مَاجَهْ بإسنادٍ جيَّدٍ: أنَّ ابنَ عبَّاسٍ قَالَ لرجلٍ: إذا شَرِبْتَ مِنْ زمزمَ فاستقبلِ الكعبةَ واذكرِ اسمَ اللهِ وتنفَّسْ ثلاثًا وتَضَلَّعْ منها، فإذا فرغتَ فاحمدِ اللهَ ╡، فإنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: ((آيةُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ المُنَافِقِينَ أنَّهُم لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ زَمْزَمٍ)).
وللدَّارَقُطْنيِّ: كَانَ عبدُ اللهِ إذا شرب منها قَالَ: اللَّهمَّ إنِّي أسألكَ عِلمًا نافعًا وَرِزقًا واسِعًا وَشِفاءً مِنْ كلِّ داءٍ، ولأحمدَ بإسنادٍ جيَّدٍ مِنْ حديث جابرٍ في ذِكْرِ حَجَّتِه ◙: ثُمَّ عادَ إلى الحِجْرِ، ثُمَّ ذَهَبَ إلى زمزمَ فَشَرِبَ مِنْهَا وصَبَّ عَلَى رَأَسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ فاسْتَلمَ الرُّكْنَ، الحديثَ.
وفي «شرفِ المصطفى» _المصنَّف الكبير_ عن أمِّ أيمنَ قَالَتْ: ما رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلعم شَكَا جوعًا قطُّ ولا عَطَشًا، كَانَ يغْدُو إذا أصبحَ فيشرب مِنْ ماءِ زمزمَ شربةً، فربَّما عَرَضْنا عليه الطَّعامَ فيقولُ: ((لَا أَنَا شَبْعَانُ))، وعن عَقِيلِ بنِ أبي طالبٍ قَالَ: كنَّا إذا أصبحنا وليس عندنا طعامٌ، قَالَ لنا أبي: ائتوا زمزمَ فنأتيها، فنشربُ منها فنجتزئ.
وروى ابنُ إسحاقَ عن عليٍّ قَالَ عبدُ المطَّلِبِ: إنِّي لنائمٌ في الحِجْر / إذ أتاني آتٍ، فقال: احفرْ طَيبَةَ، قُلْتُ: وما طَيبَة؟ قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ عنِّي، فلمَّا كَانَ الغد نمتُ فيه، فجاءني فقال: احفر بَرَّةً، قَالَ: قُلْتُ: وما بَرَّة؟ قَالَ: ثُمَّ ذهب عنِّي، فلمَّا كَانَ الغد رَجَعْتُ إلى مضجعي فنمتُ فيه فجاءني فقال لي: احفر المضنونةَ، قَالَ: قُلْتُ: وما المضنونة؟ قَالَ: ثُمَّ ذهب عنِّي، فلمَّا كَانَ الغد رجعتُ إلى مضجعي فنمتُ فيه، فجاءني فقال: احفرْ زمزمَ، قَالَ: قُلْتُ: وما زمزم؟ قَالَ: لا تُنزَف أبدًا ولا تُذَمُّ، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفَرْثِ والدَّمِ، عند نقرة الغرابِ الأعصمِ عند قريةِ النَّملِ.
وذَكَرَ الزَّمَخشريُّ في «ربيعِه»: أنَّ جبريلَ أنبطَ بئرَ زمزمَ مرَّتين: لآدمَ حينَ انقَطَعَتْ زمنَ الطُّوفان، ومرَّةً لإسماعيلَ.
قَالَ السُّهَيلِيُّ: كَانَ الحارثُ بنُ مُضَاضٍ الجُرْهُمِيُّ لَمَّا أُخرِجَ مِنْ مَكَّةَ عَفَّى أثرَها، فلم تزلْ دَارِسَةً إلى أيَّامِ عبدِ المُطَّلِبِ وسُمِّيَتْ طَيْبَةَ لأنَّها للطَّيِّبِينَ والطَّيِّبَاتِ وفي إنباطِ جبريلَ إيَّاها بعقِبِه دونَ يدِه إشارةٌ إلى أنَّها لعقِبِه وراثةٌ.
وسُمِّيَتْ بَرَّةَ لأنَّها فاضت للأبرار عَنِ الأشرارِ، والمضنونةُ لأنَّه ضُنَّ بها عَلَى غير المؤمنين فلا يتضلَّع منها منافقٌ، قاله وَهْبُ بنُ منبِّهٍ، وفي كتاب الزُّبَيرِ: قيل لعبدِ المطَّلِبِ: احفر المضنونة، ضننتُ بها عَن النَّاس لا عليك.
وقوله: ((عندَ نُقْرةِ الغُرَابِ)) الغُرَابُ عندَ أهلِ التَّعبِيرِ: فاسقٌ وهو أسودُ، فدلَّت نقرته عند الكعبةِ عَلَى نقرةِ الأسودِ الحبشيِّ بمعولِه يهدمُها حجرًا حجرًا في آخرِ الزَّمانِ، ونُعِتَ بذي السُّويقتين، كما نُعِتَ الغرابُ بصفةٍ في ساقيه، وكونها عند الفَرْثِ والدَّم لأنَّ ماءها طعامُ طُعمٍ وشفاءُ سُقْمٍ ولِمَا شُرِبَ له كما سلف، فهي كاللَّبنِ الخارجِ مِنْ بين فَرْثٍ ودمٍ خالصًا سائغًا لشاربه، وكونها عند قرية النَّمل لأنَّها هي عينُ مكَّةَ الَّتي يَرِدُها الحاجُّ مِنْ كلِّ جانبٍ، فيحملون إليها البُرَّ والشَّعيرَ وغير ذلك، وهي لا تُحرَثُ ولا تُزرَعُ، وكذلك قريةُ النَّملِ تُجلب الحبوبُ إلى قريتها مِنْ كلِّ جانبٍ.
وسُمِّيَتْ زمزمَ لِمَا ذكرَ الكلبيُّ في «بلادِه» عَنِ الشَّرْقيِّ: لأنَّ بابكَ بنَ ساسانَ حيثُ سارَ إلى اليمنِ دفنَ سُيُوفًا قلعيَّةً وحُلِيَّ الزَّمَازِمَةِ في موضعِ بئرِ زمزمَ، فلمَّا احتفرَها عبدُ المُطَّلِبِ أصابَ السُّيُوفَ والحُلِيَّ، فبِهِ سُمِّيَتْ زمزم.
وفي «الاشتقاقِ» للنَّحَّاسِ عن أبي زيدٍ: الزُّمْزَةُ مِنَ النَّاسِ: خمسون ونحوهم، وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: سُمِّيَتْ زمزمَ لأنَّها زُمَّتْ بالتُّرَابِ لئلَّا يأخذَ الماءُ يمينًا وشمالًا، ولو تُرِكَتْ لسَاحَتْ عَلَى وجهِ الأرضِ حَتَّى تملأَ كلَّ شيءٍ.
وعَنِ ابنِ هشامٍ: الزَّمزَمَةُ عندَ العربِ: الكثرةُ والاجتماعُ، وذكرَ المسعوديُّ: أنَّ الفُرسَ كانت تحجُّ إليها في الزَّمن الأوَّلِ، والزَّمزمةُ صوتٌ يخرجه الفُرس مِنَ خياشيمها، وقال الحربيُّ: سُمِّيتْ بزمزمة الماء وهو حركته.
وفي كتاب أبي عُبيدٍ قَالَ بعضهم: إنَّها مشتقَّةٌ مِنْ قولِهم: ماءٌ زمزومٍ وزمزامٍ أي: كثيرٌ، وهو ما في «المُوعَبِ»: زمزمٌ وزمازمٌ، وهو الكثير.
قَالَ البكريُّ في «معجمِه»: وهي بفتحِ الأوَّل وسكون الثَّاني وفتح الزَّاي الثَّانية، ويُقَالُ: بضمِّ الأوَّل وبفتح الثَّاني مخفَّفًا ومشدَّدًا وكسر الزَّاي الثَّانية فهذه ثلاثة أوجهٍ، وقال الأَزهَريُّ في «تهذيبه» عَنِ ابنِ الأعرابيِّ: زَمْزَم، وزَمَّم، وَزُمَّزِم.
قُلْتُ: ولها أسماءٌ أُخرُ: رَكْضَةُ جبريلَ، وهزمةُ الملَكِ، والشَّبَّاعةُ _وحكى الزَّمَخْشريُّ ضمَّ الشِّين_، وهمزةُ جبريلَ بتقديم الميم وتأخيرها بعد الزَّاي، وتَكْتم، ذكره صاعدٌ في «الفصوص» وغير ذَلِكَ.
ومقصود البُخاريِّ أنَّ شربَ ماء زمزمَ مِنْ سُنَنِ الحجِّ لفضله وبركته، وقد نصَّ أصحابنا عَلَى شُرْبِه.
قَالَ وَهْبُ بنُ منبِّهٍ: نجدها في كتاب اللهِ: شرابُ الأبرارِ، وطعامُ طُعمٍ وشفاءُ سُقمٍ، لا تُنزحُ ولا تُزَمُّ، مَنْ شرب منها حَتَّى يتضلَّع أحدَثَتْ له شفاءً وأخرَجَتْ منه داءً.
وروى ابنُ جُرَيْجٍ عن نافعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ: أنَّه كَانَ لا يشربُ منها في الحجِّ، ولعلَّه لئلَّا يُظنَّ أنَّ شُرْبَه مِنَ الفرضِ اللَّازم، وقد فعله أوَّلًا مع أنَّه كَانَ شديد الاتِّباع للآثار بل لم يكن أحدٌ أتبعَ لها منه.
قَالَ مَعمَرٌ عَنِ الزُّهْريِّ: إنَّ عبدَ المطَّلبِ لَمَّا أنبط ماء زمزم بنى عليها حوضًا فطَفِق هو وابنه الحارث ينزعان فيملآن ذَلِكَ الحوض، فيشرب منه الحاجُّ، فيكسِرُه أناسٌ مِنْ حَسَدَةِ قريشٍ باللَّيل، ويُصلحه عبدُ المطَّلِبِ حين يصبحُ، فلمَّا أكثروا إفسادَه دعا عبدُ المطَّلِبِ ربَّه، فأُرِي في المنام فقيل له: قل: اللَّهمَّ إنِّي لا أُحلُّها لمغتسلٍ، ولكن هي للشَّارب حلٌّ وبلٌّ، ثُمَّ كُفيتَهم، فقام فنادى بالَّذي أُرِيَ، فلم يكن أحدٌ يُفسد عليه حوضه ليلًا إلَّا رُمِيَ بداءٍ في جسده، ثُمَّ تركوا له حوضه وسقايتَه، قَالَ سفيانُ: بل حِلٌّ محلٌّ.
وفيه الشُّربُ قائمًا كما سلف [خ¦5615] [خ¦5617]، وحلف عِكْرِمَةُ عَلَى نفيه، وقد ثبت شُرْبُه قائمًا.
وقولُه: (فُرِجَ سَقْفِي وَأَنَا بِمَكَّةَ) وفي روايةٍ أخرى: ((فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ)) ومحلُّ الخوض فيه الإسراء، وقد سلف.
فرعٌ: يُكرَهُ أن يستعملَ ماء زمزم في نجاسةٍ، وقالَ الماوَرْديُّ: يَحْرُم الاستنجاءُ به، وفي غسلِ الميِّتِ به قولان عند المالكيَّةِ، قَالَ ابنُ شعبانَ منهم: لا يُستَعمَلُ في مرحاضٍ، ولا يخلطُ بنجسٍ، ولا يُزَالُ به نجسٌ، ويتوضَّأُ به، ويتطهَّرُ مَنْ ليس بأعضائِه نجسٌ، ولا يُغَسَّلُ به ميِّتٌ _بناءً عَلَى أصلِه في نجاسةِ الميِّت_ ولا يقربُ ماء زمزم بنجاسةٍ، ولا يُستنجى به، وذُكِرَ أنَّ بعضَ النَّاسِ استعملَه في بعضِ ذَلِكَ فحدثَ به الباسور، والنَّاسُ وأهلُ مَكَّةَ وغيرُهم عَلَى إبقاءِ ذَلِكَ إلى اليومِ.