-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░25▒ بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالإِهْلاَلِ
1548- ذَكَرَ فيه حديثَ أنسٍ السَّالِفَ في البابِ قبلَه وفي آخرِه: (وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جِمِيعًا).
ولاشكَّ أنَّ الإهلالَ رفعُ الصَّوتِ بالتَّلْبيةِ، ومنه استهلالُ المولودِ وهو صياحُه إذا سَقَطَ مِنْ بطنِ أمِّه، ومنه قولُه تَعَالَى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ} [البقرة:173] يعني: ما رُفِعَ فيه الصَّوتُ عندَ ذبحِه للآلهةِ، وكلُّ رافعٍ صوتَه بشيءٍ فهو يُهلُّ به، ومنه استهلالُ المطرِ والدَّمعِ، وهو صوتُ وَقْعِه بالأرضِ، ويُقَالُ: أهلَّ القومُ الهلالَ إذا رأوه، وأرى أنَّ ذَلِكَ مِنَ الإهلالِ الَّذي هو الصَّوتُ، لأنَّه كَانَ تُرفَعُ عند رؤيته الأصواتُ إمَّا بدعاءٍ أو غيرِه، ولَمَّا كانت مِنْ شعائرِ الحجِّ أُعلِنَ بها كالأذانِ.
وأوجبَ أهلُ الظاهرِ رَفْعَ الصَّوتِ بالإهلال قَالَ ابنُ حَزْمٍ: يرفعُ الرَّجلُ والمرأةُ صوتَهما بالإهلالِ ولا بدَّ، وهو فرضٌ ولو مرَّةً، واستدلَّ بحديثِ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ عن أبيه مرفوعًا: ((جَاءَني جِبْريلُ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ أَصْحَابَكَ فَلْيَرفَعُوا أَصْواتَهُم بالتَّلْبية))، وفي لفظٍ: ((فَأَمَرني أَنْ آمُر أَصْحَابي وَمَنْ مَعيَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُم بالتَّلْبية)) قال: وهذا أمرٌ، والحديثُ أخرجَه أصحابُ «السُّنن» الأربعةُ، قَالَ التِّرْمِذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ وقال الحاكم: هذا إسنادٌ صحيحٌ وصحَّحَه ابنُ حِبَّانَ أيضًا وقال ابنُ المُنْذِرِ: ثابتٌ.
ولعبدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ في «مسندِه»: بالإهلالِ أو التَّلْبيةِ يريدُ أحدَهما، زادَ الكَجِّيُّ في «سُنَنِه»: ((فإنَّها مِنْ شَعَائِرِ الحَجِّ)) وفي التِّرْمِذيِّ والحاكمِ مِنْ حديثِ أبي بكرٍ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم سُئِلَ: أيُّ الأعمالِ أفضل؟ قَالَ: ((العَجُّ والثَّجُّ)) استغربَه التِّرْمِذيُّ وأعلَّه بالانقطاع، وقال الحاكمُ: صحيحُ الإسنادِ.
والعجُّ: رفع الصَّوت بالتَّلْبية، والثَّجُّ: النَّحْرُ، وقد صحَّ في فضلهما مِنْ طريق سهلِ بنِ سعدٍ، وَوَرَدَ مِنْ طريق عامرِ بنِ رَبِيعَةَ وجابرٍ، وفي ابنِ أبي شَيبَةَ عن المُطَّلِبِ بنِ عبدِ اللهِ قَالَ: ((كَانَ أصحابُ رَسُولِ اللهِ صلعم يَرْفَعُون أَصْوَاتَهُم بالتَّلْبية حَتَّى تُبحَّ أَصْوَاتُهُم)) وقال أبو حازمٍ: كان أصحابُ رَسُولِ اللهِ صلعم لا يبلغون الرَّوحاءَ حَتَّى تُبَحَّ حلوقُهم مِنَ التَّلبيةِ، وقال عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: ارفعوا أصواتَكم بالتَّلبيةِ، ورَفَعَ أيضًا، وعَنِ ابنِ الزُّبَيرِ مثله، قُلْتُ: ولْيكن الرَّفع بحيث لا يجهده، ولا يقطع صوته، وأرى ما وقع للصَّحابة للإكثار لا للرَّفع الجهيد.
والجماعة كلُّهم عَلَى خلافِ ما قاله أهلُ الظَّاهِر، وإنَّما هو مستحبٌّ، وكان ابنُ عبَّاسٍ يرفع صوته بها ويقول: هي قرينةُ الحجِّ، وبه قَالَ أبو حنيفةَ والثَّوريُّ والشَّافعيُّ.
وعندنا أنَّ التَّلبيةَ المقترنةَ بالإحرامِ لا يُجهَرُ بها، صَرَّحَ به الجُوَيْنيُّ مِنْ أصحابِنا ثُمَّ هذا في الرَّجلِ، أمَّا المرأةُ فتخفضُ صوتَها بحيث تقتصرُ عَلَى إسماعِ نفسها لما في الرَّفْعِ مِنْ خشيةِ الافتتانِ وهو إجماعٌ فإن رَفَعَتْ فالأصحُّ عدمُ التَّحريمِ والخُنْثَى مُلحَقَةٌ بها.
واختَلَفَتِ الرِّوايةُ عن مالكٍ فقالَ ابنُ القاسمِ عنه: لا يرفع الصَّوت إلَّا في المسجدِ الحرامِ ومسجدِ منًى، زاد في «الموطَّأِ»: ولا يرفعُ صوتَه في مساجدِ جماعاتٍ، وروى ابنُ حَزْمٍ عنه الكراهة وروى ابن نافعٍ عنه أنَّه يرفع صوته في المساجد الَّتي بين مَكَّةَ والمدينةِ، واحتجَّ إسماعيلُ للقَولين فقالَ: وجهُ الأوَّلِ أنَّ مساجدَ الجماعاتِ إنَّما بُنيت للصَّلاة خاصَّةً، فَكُرِه رفعُ الصَّوت فيها، وليس كذلك المسجدُ الحرام ومسجد مِنًى لأنَّ المسجد الحرام جُعل للحاجِّ وغيره وكان الملبِّي إنَّما يقصد إليه، فكان له فيه مِنَ الخصوص ما ليس في غيره، ومسجد منًى هو للحاجِّ خاصَّة، ووجه الثَّاني أنَّ المساجد الَّتي بين مكَّة والمدينة إنَّما جُعلت للمجتازين، وأكثرهم مُحْرِمون، فهم مِنَ النَّحو الَّذي وصفنا، وما أسلفناه مِنَ الإجماع في حقِّ المرأة، هو ما حكاه ابنُ بَطَّالٍ ويعضُدُه ما رواه ابنُ أبي شَيبَةَ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ: لا ترفعُ المرأةُ صوتَها بالتَّلْبيةِ، وعن إبراهيمَ وعطاءٍ كذلك وعَنِ ابنِ عُمَرَ: ليس عَلَى النِّسَاءِ أن يرفعنَ أصواتَهُنَّ / بالتَّلْبيةِ وعن معاويةَ أنَّه سمع تلبيةَ عائشةَ، وعن إبراهيمَ بنِ نافعٍ قَالَ: قدمَت امرأةٌ أعجميَّةٌ فخَرَجَتْ مع النَّاسِ ولم تهلَّ، إلَّا أنَّها كانت تذكر اللهَ فقالَ عطاءٌ: لا يجزئُها.
قَالَ ابنُ المُنْذِرِ في «إشرافِه»: ورُوِّينا عن ميمونةَ أمِّ المؤمنين أنَّها كانت تجهر بها، وأمَّا حديث زينب الأحمسيَّة أنَّ رَسُول الله صلعم قَالَ لها في امرأةٍ حَجَّتْ معها مصمتةٍ: ((قُولِي لَهَا تَكَلَّمْ فإنَّه لَا حَجَّ لِمَنْ لم يَتَكلَّمْ)) فلا تعرُّضَ فيه للتَّلبيةِ، قَالَ ابنُ القَطَّانِ: وليس هو خبرٌ، إنَّما هو أثرٌ عَنِ الصِّدِّيقِ، ومع ذَلِكَ ففيه مجهولان.
وأمَّا قوله: (يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا) فقد يُستدلُّ به عَلَى أنَّه ◙ كَانَ قارنًا.
وقال المُهَلَّبُ: إنَّما سمع أنسٌ مَنْ قرَن خاصَّةً لثبوتِ الإفرادِ وليسَ في حديثِه أنَّه سمعَ رَسُولَ اللهِ صلعم يصرخ بهما، وإنَّما أخبر بذلك عن قومٍ فعلُوه، وقد يمكن أن يسمع قومًا يصرخون بحجٍّ، وقومًا يصرخون بعُمْرَةٍ، وقد روى أنسٌ عن رَسُولِ اللهِ صلعم ما يردُّ روايته هذِه، وهو قولُه: ((لَوْلا أَنَّ مَعِي الهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ)) كما سيأتي بعدُ [خ¦1558].
وفيه ردُّ قولِ أهلِ الظَّاهرِ في إجازتِهم تقصير الصَّلاةِ في مقدارِ ما بين المدينة وذي الحُلَيفة، وفي أقلَّ مِنْ ذَلِكَ لأنَّه ◙ إنَّما قصر بها لأنَّه كَانَ خارجًا إلى مَكَّةَ، فكذلك قصرها بها بدليلِ قولِه: (وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا) يعني: بالحجِّ والعُمْرَةِ وبينَ المدينةِ وبين ذي الحُلَيفَةِ سِتَّةُ أميالٍ.
فائدةٌ: قامَ الإجماع عَلَى مشروعيَّةِ التَّلْبيةِ ثُمَّ فيها ثلاث مذاهبَ:
أحدها: أنَّها سنَّةٌ، قاله الشَّافعيُّ والحسنُ بنُ حيٍّ.
ثانيها: أنَّها واجبةٌ يجبُ بتركها دمٌ، قاله أصحاب مالكٍ لأنَّها نُسُكٌ، ومَنْ تركَ نسكًا أراقَ دمًا، وقال بعضهم: هي كالأوَّلِ حكاه ابنُ التِّيْنِ.
ثالثها: أنَّها مِنْ شروطِ الإحرامِ، لا يصحُّ إلَّا بها، قاله الثَّوريُّ وأبو حنيفةَ، قَالَ أبو حنيفةَ: لا يكون محرِمًا حَتَّى يلبِّي أو يذكر ويسوق هَدْيَه قالا: كالتَّكبيرِ للصَّلاةِ لأنَّ ابنَ عبَّاسٍ قَالَ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة:197] قَالَ: الإهلالُ، وعن عطاءٍ وعكرمةَ وطاوسٍ: هو التَّلْبيَةُ.
وعندنا قولٌ أنَّه لا ينعقدُ إلَّا بها، لكن يقومُ مَقَامَها سوقُ الهَدْي والتَّقليد والتَّوجُّه معه، وحُكِيَ في الوجوبِ دونَ الاشتراطِ، فعليه دمٌ إذا ترك وقيل: لا بدَّ مِنَ التَّلْبية مع النِّيَّة، وظاهره اشتراط المقارنة، وقولُ ابنِ الجَلَّابِ: إنَّها في الحجِّ مسنونةٌ غيرُ مفروضةٍ يريد أنَّها ليست مِنْ أركان الحجِّ، واختُلِفَ إذا لبَّى حين أحرمَ ثُمَّ تركَها فالمعروفُ مِنْ مذهب مالكٍ أنَّه لا شيء عليه، وقيل: عليه دمٌ، قاله ابن التِّيْنِ.