-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░20▒ بابُ الإِهلاَلِ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الحُلَيْفَةِ.
1541- ذَكَرَ فيه حديثَ سالمٍ أنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلعم إلَّا مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الحُلَيْفَةِ.
هذا الحديثُ أخرجَه مسلمٌ أيضًا بلفظين عَنِ ابنِ عُمَرَ:
أحدُهما: ((بَاتَ رَسُولُ اللهِ صلعم بذي الحُلَيفَةِ مَبْدَأهُ وَصَلَّى في مَسْجِدِهَا)).
ثانيهما: ((كَانَ إذا وَضَعَ رِجْلَهُ في الغَرْزِ، وانبَعَثَتْ بهِ رَاحِلَتُهُ قائمةً أَهَلَّ مِنْ ذِي الحُلَيفَةِ)).
وسيأتي بابُ مَنْ أَهَلَّ حينَ استَوَتْ به راحلتُه، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ حديث نافعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: ((أَهلَّ النَّبيُّ صلعم حِينَ استَوَتْ بهِ رَاحِلَتُهُ قائمةً)) [خ¦1552]، ثمَّ قَالَ: بابُ الإهلالِ مستقبلِ القِبْلَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ حديثَ ابنِ عُمَرَ تعليقًا ومسندًا كما سيأتي [خ¦1553] [خ¦1554]، وأخرجاه مِنْ حديثِه أنَّه قيلَ له: رأيْتُكَ تصنعُ أربعًا فذَكَرَهُنَّ وفي آخرِه: ((وأمَّا الإهلالُ فإنِّي لَمْ أرَ رَسُولَ اللهِ صلعم يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعثَ بهِ رَاحِلَتُهُ)) وقد سَلَفَ [خ¦166].
وللبُخاريِّ مِنْ حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ: ((أنَّ إهلالَ رَسُولِ اللهِ صلعم مِنْ ذي الحُلَيفةِ حِينَ استَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ)) ثُمَّ قَالَ: رواه أنسٌ وابنُ عبَّاسٍ، ثُمَّ خَرَّجَه مِنْ حديثِ أنسٍ، وساقَه مسلمٌ مِنْ حديثِ جابرٍ الطَّويلِ وله ولمسلمٍ _والسِّياقُ له_ عن سالمٍ أنَّ ابنَ عُمَرَ سَمِعَ أباه يقولُ: بيداؤُكم هذِه الَّتي تَكذِبُون عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم فيها: ((مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلعم إلَّا مِنْ عِندِ المَسْجِدِ يعني ذَا الحُلَيفةِ)) ولمسلمٍ عن سالمٍ قَالَ: كَانَ ابنُ عُمَرَ إذا قيلَ له: الإحرامُ مِنَ البيداءِ قَالَ: البيداءُ الَّتي تكذبون عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم: ((مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلعم إلَّا مِنْ عِنْدِ الشَّجَرةِ حَتَّى قَامَ بهِ بَعِيرُهُ)).
إذا عَلِمْتَ ذَلِكَ فقدِ اختَلَفَ العلماءُ في الموضعِ الَّذي أحرمَ منه رَسُولُ اللهِ صلعم فقالَ قومٌ: إنَّه أهلَّ مِنْ مسجدِ ذي الحُلَيْفَةِ، وقالَ آخرون: لم يهلَّ إلَّا بعدَ أَنِ استَوَتْ به راحلتُه بعدَ خروجِه مِنَ المسجدِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابنِ عُمَرَ أيضًا وعن أنسٍ وابنِ عبَّاسٍ وجابرٍ وقد سَلَفَتْ.
وقالَ آخرون: بل أحرمَ حينَ أَظَلَّ البيداءَ، وقالَ مَنْ خالفَهم: قد يجوزُ أن يكونَ النَّبِيُّ صلعم أحرمَ منها، لا لأنَّه قَصَدَ أن يكونَ إحرامُه منها لفضلٍ في الإحرامِ منها عَلَى الإحرامِ ممَّا سواها، وقد رأيناه فَعَلَ في حَجَّتِه أشياءَ في مواضعَ لا لفضلِها كنزولِه بالمحصَّبِ مِنْ منًى، لم يكن ذَلِكَ لأنَّه سُنَّةٌ، فكذلك أحرمَ حينَ صارَ عَلَى البيداءِ، لا لأنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ.
وقد أنكرَ قومٌ أن يكونَ رَسُولُ اللهِ صلعم أحرمَ مِنْ ذَلِكَ، وقد أسلفنا ذَلِكَ مِنْ روايةِ ابنِ عُمَرَ، وإنَّما كَانَ ذَلِكَ بعدَ ما ركبَ راحلتَه، واحتجُّوا بحديثِ نافعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ السَّالفِ: ((وَكَانَ ابنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ)) قالُوا: وينبغي أن يكونَ ذلك بعدَ ما تتبَّعَت به راحلتُه، واحتجُّوا بحديثِ ابنِ عُمَرَ السَّالفِ في الخصالِ الأربعِ.
ووجهُ الاختلافِ في ذَلِكَ ما رواه ابنُ إسحاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي خُصَيفٌ عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لابنِ عبَّاسٍ: عَجِبْتُ لاختلافِ أصحابِ رَسُولِ الله صلعم في إهلالِه فقالَ: إنَّي لأعلَمُ النَّاسِ بذلكَ، إنَّما كانَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم حَجَّةٌ واحدةٌ، فمِنْ هناكَ اختلفُوا ((خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلعم حَاجًّا فلمَّا صَلَّى في مَسْجِدِ ذِي الحُلَيفَةِ ركعتينِ أَوجَبَ في مَجْلِسهِ فأَهَلَّ بالحجِّ حينَ فَرَغَ مِن رَكْعتيهِ فسَمِعَ ذَلِكَ منه أقوامٌ فَحَفِظُوه عنهُ، ثُمَّ ركبَ فلمَّا استقلَّتْ به ناقتُهُ أَهَلَّ، وأدركَ ذَلِكَ منه أقوامٌ لم يشهدُوه في المرَّةِ الأولى لأنَّ النَّاسَ كانُوا يأتون أرسالًا فَسَمِعُوه حينَ ذاكَ يُهِلُّ فقالُوا: إنَّما أَهَلَّ حِينَ استقلَّتْ به ناقتُه، ثُمَّ مضى رَسُولُ اللهِ صلعم فلمَّا علا شَرَفَ البيداءَ أَهَلَّ، وأدركَ ذَلِكَ منه أقوامٌ لم يشهدُوه في المرَّتين، فنَقَلَ كلُّ واحدٍ منهم ما سَمِعَ، فإنَّما كَانَ إهلالَه في مُصلَّاه وايْمُ اللهِ، ثُمَّ أَهَلَّ ثانيًا ثُمَّ ثالثًا)) أخرجَه الحاكمُ في «مستدركِه» وغيرُه، ثُمَّ قَالَ: هذا حديثٌ صحيحٌ عَلَى شرطِ مسلمٍ مفسَّرٌ في البابِ، ثمَّ أخرجَ مِنْ حديثِ يعقوبَ بنِ عطاءٍ عن أبيه عَنِ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ: ((اغتَسَلَ رَسُولُ اللهِ صلعم ثُمَّ لَبِسَ ثِيَابهُ فلمَّا أَتَى ذَا الحُلَيفَةِ صَلَّى ركعتين، ثُمَّ قَعَدَ عَلَى بعيرِه فَلَمَّا استوى بهِ عَلَى البيداءِ أَحْرمَ بالحجِّ)) ثُمَّ قَالَ: صحيحُ الإسنادِ فإنَّ يعقوبَ بنِ عطاءٍ مِمَّنْ جمعَ أئمَّةُ الإسنادِ حديثَه.
وله شاهدٌ صحيحٌ عَلَى شرطِهما فذَكَرَه في الغسلِ، وعن سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم / إذا أَخَذَ طَرِيقَ الفَرعِ أَهَلَّ إذا استقلَّتْ بهِ رَاحِلَتُهُ)) ثُمَّ قَالَ: صحيحٌ عَلَى شرطِ مسلمٍ.
فينبغي لمريدِ الإحرامِ بعدَ الاغتسالِ له أن يصلِّيَ ركعتين ثُمَّ يحرمَ في دبرِهما كما فعلَ رَسُولُ اللهِ صلعم، وهو قولُ جمهورِ العلماءِ، لكنَّ الأظهرَ في مذهبِنا أنَّه حينَ انبعاثِ دابَّتِه أو توجُّهِه إذا كَانَ ماشيًا، ونَقَلَه ابنُ العربيِّ عن مالكٍ والشَّافعيِّ وأكثرِ الفقهاءِ.
وقالَ أبو حنيفةَ: يُهِلُّ عندَ السَّلامِ، وعَنِ الحسنِ يصلِّيهما بعدَ صلاةِ فرضٍ، وكانَ ابنُ عُمَرَ يُحرِمُ في دبرِ صلاةٍ مكتوبةٍ، وهو قولُ ابنِ عبَّاسٍ، واستَحَبَّ ذَلِكَ عطاءٌ والثَّوريُّ وطاوسٌ والشَّافعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ، واستَحَبَّ مالكٌ أن يكونَ بإثْرِ صلاةِ نافلةٍ لأنَّهُ زيادةُ خيرٍ، وهو ظاهرُ حديثِ هشامٍ عن أبيه فإن كانَ في وقتٍ لا يُتَنَفَّلُ فيه كوقتِ الصُّبحِ أوِ العصرِ أجزأَه أن يكونَ بإثرِ الفريضةِ فإن لم يكن وقتها انتظرَه، إلَّا أن يخافَ فواتَ أصحابِه فيُحرِمُ مِنْ غيرِ صلاةٍ.
قَالَ ابنُ المُنْذِرِ: وإن أَحرَمَ مِنْ غيرِ صلاةٍ تتقدَّمُ إحرامَه أجزأَه، لأمرِ الشَّارِعِ أسماءَ بنتَ عُمَيْسٍ وهي نُفَسَاءُ بالاغتسالِ والإحرامِ، وهي غيرُ طاهرٍ، ومحالٌ أن تُصَلِّيَ في تلك الحالِ، ولنا وجهٌ آخرُ يجمعُ هذا الاختلاف، وهو ما رواه ابنُ إسحاقَ عن أبي الزِّنَادِ عن عائشةَ بنتِ سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ قالَتْ: قَالَ سعدٌ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم إذا أَخَذ طَرِيقَ الفَرعِ أَهَلَّ إذا استقلَّتْ بهِ رَاحِلَتُه، وإذا أَخَذ طَرِيقَ أُحُدٍ أَهَلَّ إذا عَلَا عَلَى شَرَفِ البَيْداءِ)).
فائدةٌ: قَالَ الباجيُّ في «المنتقى»: كَانَ إحرامُه بعدَ صلاةِ الصُّبحِ، وسيأتي ما يخالفُه في بابِ ما يلبسُ المُحرِمُ مِنَ الثِّيابِ [خ¦1545]، وفي «الاستذكارِ»: ((رَكَعَ رَكْعتينِ بَعْد طُلُوعِ الشَّمْسِ ثُمَّ أَحْرَمَ بإثرِهما)) وفي أبي داودَ: ((أنَّهُ ◙ صلَّى في مَسْجِدِ ذِي الحُلَيفَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ لَبَّى دُبُرَ الصَّلَاةِ)).
فائدةٌ: الرِّوايةُ السَّالفةُ أوَّلَ البابِ: ((بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم فِيهَا، مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلعم إلَّا مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ يَعْنِي ذَا الحُلَيْفَةِ)) يريدُ ما ذَكَرَه ابنُ عبَّاسٍ وأنسٌ في حديثِهما ووَصَفَهُ بالكَذِبِ لأنَّه الإخبارُ بالشَّيءِ عَلَى خلافِ ما ليسَ به قصده المخبرُ أم لا، وقد ذُكِرَ عن أنسٍ غيرُ هذا، ورُوِيَ خلافُه عَنِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّه أَهَلَّ إثرَ السَّلامِ مِنَ الصَّلاةِ.
قَالَ ابنُ التِّيْنِ: وأصحُّ هذِه الرِّوايات ما وافقَ روايةَ ابنِ عُمَرَ لأنَّه لم تختلفْ روايتُه في ذَلِكَ، وهو أحفظُ النَّاسِ للمناسكِ، وابنُ عبَّاسٍ صغيرٌ في حَجَّةِ الوداعِ ولأنَّه اختَلَفَتْ روايتُه في هذا الحُكْمِ، ولم تختلفْ روايةُ ابنِ عُمَرَ ولأنَّ حديثَه لم يُختَلَفْ في صِحَّتِه، وحديثُ ابنِ عبَّاسٍ فيه ابنُ إسحاقَ وخُصَيفٌ، وروى مالكٌ عن نافعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ أنَّه كَانَ إذا استَوَتْ به راحلتُه أحرَمَ وهو ممَّن يقتفي آثارَ رَسُولِ اللهِ صلعم ولا يخالفُ ما رواه، فإنَّ معنى: انبَعَثَتْ مِنَ الأرضِ إلى القيامِ، وهذا تخالفٌ فيه، وفي «المُدَوَّنَةِ» عَنِ ابنِ نافعٍ: أنكرَ مالكٌ الإحرامَ مِنَ البيداءِ وقالَ: ما البيداءُ؟ وقالَ الكِرمَانيُّ: البيداءُ فوقَ عَلَمَي ذي الحُلَيفَةِ إذا صَعِدْتَ مِنَ الوادي، وفي أوَّلِ البيداءِ بئرُ ماءٍ.
فائدةٌ أخرى: قولُه: (مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلعم إلَّا مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ) يعني مسجدَ ذي الحُلَيفَةِ، مقتضاه أنَّه أفضلُ للاتِّبَاعِ، ومَنْ أحرَمَ مِنْ غيرِ ذَلِكَ الموضعِ مِنْ ذي الحُلَيفَةِ أجزأَه لأنَّه يَشُقُّ عَلَى النَّاسِ إحرامُهم مِنْ مكانٍ واحدٍ، وقد سُئِلَ مالكٌ: أيُحرِمُ مِنَ الجُحْفَةِ مِنْ أوَّلِ الوادي أو وسطِه أو آخرِه؟ فقالَ: هو مُهَلٌّ كلُّه، وقالَ: سائرُ المواقيتِ كذلك وأحبُّ إليَّ أنْ يُحرِمَ مِنْ أوَّلِ الوادي حَتَّى يأتيَ عَلَى ذَلِكَ كلِّه وهو مُحرِمٌ، فالمواقيتُ ضربان: ميقاتٌ أحرَمَ الشَّارِعُ منه، فهو أفضلُه وميقاتٌ لم يُحرِمْ منه، فأفضلُه أوَّلُهُ.
فائدةٌ: مِنْ غرائبِ ابنِ حَزْمٍ أنَّ الغُسْلَ عندَ الإحرامِ مستحبٌّ وليس بفرضٍ إلَّا عَلَى النُّفَسَاءِ وحدَها، قَالَ: ومِنْ حيث أَهَلَّ أجزأَه لأنَّه ◙ فَعَلَ ولم يأمرْ.