-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░32▒ بابُ مَنْ أَهَلَّ في زَمَنِ النَّبِيِّ صلعم كَإِهْلاَلِ النَّبِيِّ صلعم
قَالَهُ ابنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلعم.
1557- 1558- 1559- ذَكَرَ فيهِ حديثَ ابنِ جُرَيْجٍ، قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: (أَمَرَ النَّبِيُّ صلعم عَلِيًّا أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ) وَذَكَرَ قَوْلَ سُرَاقَةَ.
وَزَادَ مُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ: (قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلعم: بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صلعم قَالَ: فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ).
وحديثَ أنسٍ قَالَ: قَدِمَ عليٌّ عَلَى النَّبِيِّ صلعم مِنَ اليمنِ فقالَ: (بِمَ أَهْلَلْتَ) قُلْتُ: بما أَهَلَّ به النَّبِيُّ صلعم قَالَ: (لَوْلا أَنَّ مَعِيَ الهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ).
وحديثَ أبي موسى أنَّهُ قدمَ مِنَ اليمنِ مُهِلًّا بما أَهَلَّ به رَسُولُ اللهِ صلعم.
الشَّرحُ: حديثُ ابنِ عُمَرَ المعلَّق أسنده في المغازي كما ستعلمه بعد [خ¦4353]، وحديثُ جابرٍ أخرجَه مسلمٌ عن مُحَمَّدِ بنِ حاتمٍ: حدَّثنا يحيى القَطَّان أخبرنا ابنُ جُرَيْجٍ أخبرني عطاءٌ سمعت جابرًا قَالَ: قدمَ عليٌّ مِنْ سعايته فقال: ((بِمَا أَهْلَلْتَ))؟ قَالَ: بما أَهَلَّ به النَّبِيُّ صلعم قَالَ له: ((فَامْكُثْ حَرَامًا)) الحديثَ.
وذكره البُخاريُّ أيضًا في باب: بعثِ النَّبِيِّ صلعم عليَّ بنَ أبي طالبٍ وخالدَ بنَ الوليدِ، مِنْ كتاب المغازي عن المكِّيِّ بسنده [خ¦4352]، وذكره في باب: عمرةِ التَّنعيمِ، مِنْ حديث حَبِيبٍ المعلِّمِ عن عطاءٍ: حَدَّثَنِي جابرٌ، الحديثَ [خ¦1785].
وزيادة مُحَمَّدِ بنِ بكرٍ البُرْسَانيِّ رواها أبو نُعَيْمٍ عن مُحَمَّدِ بنِ أحمدَ / حَدَّثنَا عِمْرَانُ بنُ موسى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بكرٍ عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ به، وفي البُخاريِّ في كتاب الشَّركة مِنْ حديثِ حمَّادٍ عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ عن عطاءٍ عن جابرٍ وفيه: ((فَجَاءَ عَلِيٌّ فَقَالَ أَحَدُهُما يَقُول: لبَّيكَ بما أَهَلَّ به رَسُولُ اللهِ صلعم وقالَ الآخرُ: لبَّيكَ بحَجَّةِ رَسُولِ اللهِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلعم أَنْ يُقِيمَ عَلَى إحرامِهِ وَأَشْرَكَهُ في الهَدْيِ)) [خ¦2505] وذكرَ أصلَه مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ بدون هذا.
وخَرَّجَه في الباب السَّالف في المغازي مِنْ حديثِ بَكْرِ بنِ عبدِ اللهِ المُزَنيِّ قَالَ: ذُكِرَ لابنِ عُمَرَ أنَّ أنسًا حَدَّثَهم أنَّ النَّبِيَّ صلعم أَهَلَّ بعُمْرَةٍ وحَجَّةٍ، فقالَ: أهَلَّ النَّبِيُّ صلعم بالحجِّ وأَهْلَلْنا به، فلمَّا قَدِمْنَا مكَّةَ قَالَ: ((مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً)) وكان مع النَّبِيِّ صلعم هديٌ، فقدِمَ علينا عليُّ بنُ أبي طالبٍ مِنَ اليمنِ حاجًّا، فقالَ النَّبِيُّ صلعم: ((بِمَا أَهْلَلْتَ فإنَّ مَعَنا أَهْلَك؟)) قَالَ: أَهْلَلْتُ بما أَهَلَّ به النَّبِيُّ صلعم قَالَ: ((فَأَمْسِكْ، فَإنَّ مَعَنا هَدْيًا)) [خ¦4353]، وقد ذكرَه مسلمٌ بمعناه، وقالَ التِّرْمِذيُّ في حديثِ أنسٍ: حسنٌ غريبٌ مشهورٌ مِنْ حديثِ سَلِيمِ _يعني بفتحِ السَّينِ_ ابنِ حَيَّانَ.
وحديثُ أبي موسى رواه البُخاريُّ عن مُحَمَّدِ بنِ يوسفَ: حَدَّثَنَا سفيانُ قَالَ أبو مسعودٍ الدِّمَشْقِيُّ: سفيانُ هذا هو الثَّورِيُّ، وإذا كَانَ كذلك فمُحَمَّدٌ هذا هو الفِرْيَابيُّ، وكذا قالَه أبو نُعَيْمٍ أيضًا، وأخرجَه مسلمٌ أيضًا.
أمَّا حُكْمُ البابِ فيجوزُ أن يُهِلَّ كإهلالِ زيدٍ لقصَّةِ عليٍّ وأبي موسى في ذَلِكَ، فإن كَانَ زيدٌ محرمًا انعقدَ إحرامه كإحرامه إن حجًّا فحجٌّ وإن عُمْرَةً فعُمْرَةٌ وإن قِرانًا فقِرَانٌ، وإن كَانَ أحرمَ بنيَّةِ التَّمتُّع كَانَ عَمْرٌو محرِمًا بعُمْرَةٍ ولا يلزمه التَّمتُّعُ، وإن كَانَ مُطلَقًا انعقدَ مُطلَقًا، ويتخيَّرُ كما يتخيَّرُ زيدٌ، ولا يلزمه الصَّرفُ إلى ما يصرفُه إليه زيدٌ عَلَى الأصحِّ، وإن كَانَ زيدٌ أحرمَ مطلَقًا ثُمَّ عيَّنَه قبلَ إحرامِ عَمْرٍو فالأصحُّ أنَّه ينعقدُ إحرامُ عَمْرٍو مطلَقًا وقيل: معيَّنًا، وإن لم يكن زيدٌ محرِمًا انعقدَ إحرامُه مطلَقًا، ولنا وجهٌ أنَّه إنْ علم عدمَ إحرام زيدٍ لم ينعقد كما لو علَّق فقال: إن كَانَ زيدٌ مُحرِمًا فقد أحرمتُ فلم يكن مُحرِمًا، والأصحُّ: الانعقادُ، والفارقُ بأنَّه جازمٌ بالإحرامِ في مسألتنا، بخلاف ما إذا علَّقَ.
وظاهرُ الحديثِ أنَّهما لم يعلما قبلُ بما أحرمَ به رَسُولُ اللهِ صلعم وقال بعضهم: يحتمل الإعلام بذلك، وأنَّها حَجَّةٌ مُفردةٌ، ففعل عليٌّ كذلك.
وقال الخَطَّابيُّ: يحتمل أن يكون على علمٍ بأنَّه ◙ كَانَ قارنًا لأنَّ الهَدْيَ لا يجبُ عَلَى غير القَارِنِ أو المتمتِّعِ، ولو كَانَ متمتِّعًا حلَّ مِنْ إحرامِه للعُمْرَةِ، ثُمَّ استأنف إحرامًا للحجِّ فلمَّا أمرَه أن يمكثَ حرامًا دلَّ عَلَى أنَّه قَارِنٌ، ويحتمل أن يكون عَلَى معنى التَّرقُّبِ، فلمَّا وصلَ إلى رَسُولِ الله صلعم أمضى له ذَلِكَ وكان أحرم بعُمْرةٍ فلم يُجِزْ له أن يحلَّ لمكان ما معه مِنَ الهَدْي، ذكره الدَّاوُديُّ.
فرعٌ: قَالَ الرُّوْيَانيُّ في «بحرِه» عن والدِه: لو كَانَ أحرمَ كإحرامِ زيدٍ ثُمَّ تَبيَّنَ أنَّه كَانَ مَيِّتًا انعقدَ إحرامُه، ويصرفه إلى ما أراد، وقيل: لا ينعقدُ.
فرعٌ: لو علَّق عَلَى إحرامِ زيدٍ ولو في المستقبل، أو عَلَى طلوع الشَّمسِ فوجهان، والميل إلى الجواز.
ولم يقل بقصَّةِ عليٍّ وأبي موسى مالكٌ والكوفيُّون أخذًا بظاهر قوله: ((إنَّما الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ))، وقالوا: لا بدَّ أن ينويَ حجًّا أو عُمْرَةً عند دخوله فيه، وقالوا: إذا نوى بحجَّته التَّطوُّعَ وعليه حجَّة الإسلام أنَّه لا يجزئه عنها، وبه قَالَ الثَّوريُّ وإسحاقُ، وقال الشَّافعيُّ: يجزئه من حجَّة الإسلام، وتعود النَّافلة فرضًا لِمَنْ لم يُؤدِّ فرضه في الحجِّ خاصَّةً، كما يعود الإحرام بالحجِّ قبل وقته وإن نوى به الفريضةَ تطوُّعًا.
قَالَ ابنُ بَطَّالٍ: فيقال له: قد أجمعوا أنَّ مَنْ صلَّى قبل الزَّوال أربعًا، وإن نوى به الظُّهر أنَّها لا تجزئه وهي تطوُّعٌ فكذا الحجُّ، قُلْتُ: هذا لا يُقال لمثل هذا الإمام فإن الحجَّ لا يُقاس عليه.
وقال ابنُ المنيِّرِ في «تراجمِه»: كأنَّ البُخاريَّ لَمَّا لم يرَ إحرامَ التَّقليدِ ولا الإحرام المطلق ثُمَّ يُعيَّن بعد ذَلِكَ، أشار في التَّرجمةِ بقولِه: بابُ مَنْ أهلَّ في زمنِ النَّبِيِّ صلعم كإهلالِه، إلى أنَّ هذا خاصٌّ بذلك الزَّمن، فليس لأحدٍ أن يُحرِمَ بما أحرمَ به فلانٌ، بل لا بُدَّ أن يُعيِّن العبادةَ الَّتي نواها ودَعَتِ الحاجةُ إلى الإطلاقِ، والحوالةُ عَلَى إحرامِه ◙ لأنَّ عليًّا وأبا موسى لم يكن عندهما أصلٌ يرجعان إليه في كيفيَّة الإحرام، فأحالا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم، وأمَّا الآن فقد استقرَّتِ الأحكام، وعُرِفَتْ مراتبُ كيفيَّات الإحرام، ومذهب مالكٍ عَلَى الصَّحيح جوازُ ذَلِكَ، وأنَّه ليس خاصًّا بذلك الزَّمن، ثُمَّ اعلم أنَّ حديث أنسٍ موافقٌ لرأي الجماعة في إفراده ◙.
قَالَ المُهَلَّبُ: ويردُّ وَهْمَ أنسٍ أنَّهُ ◙ قَرَنَ، واتِّفاقه مع الجماعة أولى بالاتِّباع ممَّا انفرد به وخالفهم فيه، فتسويغ الشَّارع لنفسه: (لَوْلَا الهَدْي) يدلُّ أنَّه كَانَ مفرِدًا، لأنَّه لا يجوزُ للقارنِ الإهلالُ وإن لم يكن معه الهدي حَتَّى يفرغَ مِنَ الحجِّ، وأمَّا قولُه ◙: (لَوْلَا أَنِّيْ سُقْتُ الهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ) والمفرِدُ لا يحلُّ اليوم سواءٌ كَانَ معه هَدْيٌ أو لم يكن، فإنَّ معنى: (لَأَحْلَلْتُ) لفَسَخْتُ الحجَّ في العُمْرَةِ لأنَّ الفسخَ كَانَ مباحًا حينئذٍ لِمَنْ لا هَدْيَ له، فجاز لهم الإحلالُ ووطءُ النِّساءِ قبلَ الشُّرُوعِ في عملِ العُمْرَةِ في وقت فسخهم الحجَّ، فأمَّا مَنْ كَانَ معه هديٌ فلم يفسخ لقوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196].
وقولُه: (بِمَ أَهْلَلْتَ؟) قَالَ ابنُ التِّيْنِ: وقعَ في الأمَّهاتِ بالألفِ، وصوابُه بحذفِها.
وقوله: (فَأَهْدِ) هو بهمزةِ قطعٍ لأنَّه أمرٌ مِنَ الرُّبَاعِيِّ.
وقوله: (وَامْكُثْ) أي لأجلِ سوقِ الهَدْيِ، فإنَّ مَنْ ساقَه لم يحلَّ حَتَّى يُتمَّ الحجَّ كما فعلَ صلعم.
وفيه: استعمالُ عليٍّ عَلَى اليمنِ، وفي غير هذا / الحديث أنَّه استُعمِلَ عَلَى الصَّدقات، ويحتمل أن يكون وَلِيَها احتسابًا وأُعطِيَ عطاءَه مِنْ غيرها.
ومعنى قوله: (لَوْلا أَنَّ مَعِي الهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ) حمله قومٌ عَلَى أنَّ التَّمتُّعَ أفضل مِنَ الإفرادِ والقِرَانِ، وهو قولٌ للشَّافعيِّ، وقاله أحمدُ وإسحاقُ وبعضُ متأخِّري المالكيَّةِ.
وقيل: إنَّ الحديثَ خرج عَلَى سببٍ، وهو أنَّ الجاهليَّة كانوا لا يرون العُمْرة في أشهر الحجِّ، فأباح ذَلِكَ الإسلام، وقيل: قاله تطْيِيبًا لقلب أصحابه، وليتأسَّى به غيرُه في الرُّخصة، ولا يضيِّق عَلَى أمَّتِه لأنَّ بعضَ أصحابِه كانُوا لا يحبُّون أن يفعلُوا إلَّا كفعلِه.
وقوله: (لَأَحْلَلْتُ) يُقَالُ: أحلَّ مِنْ إحرامِه فهو مُحِلٌّ، وحَلَّ أيضًا قَالَ تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة:2] وقولُه في حديثِ أبي موسى: (فَأَمَرَنِي فَطُفْتُ بِالبَيْتِ، ثُمَّ أَمَرَنِي فَأَحْلَلْتُ) هذا يخالفُ ما أَمَرَ به عليًّا، وذَلِكَ أنَّه ◙ كَانَ معه الهدي وكذا عليٌّ، فشاركه عليٌّ في عدمِ التَّحلُّلِ، وأبو موسى لم يكن معه هَدْيٌ فصار له حكم النَّبِيِّ صلعم في الإحرامِ فقط لأنَّه قَالَ: ((لَوْلَا الهَدْيُ لَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً وَتَحَلَّلْتُ)).
قَالَ ابنُ التِّيْنِ: ويشبه أن يكون أراد كإهلالِ النَّبِيِّ صلعم أي: كما سَنَّهُ وعَيَّنَه مِنْ أنواع ما يحرم له، ولم يكن معه هديٌ، ولا اتِّساعَ لثمن هَدْيٍ، فأُمِرَ أن يحلَّ بعملِ عُمْرَةٍ إذْ كَانَ إهلالُه بها مضى، وعليٌّ كَانَ معه الهديَ وقيل: أَمَرَ أبا موسى بمنزلةِ ما أَمَرَ غيرَه ممَّن كَانَ معه بفسخِ الحجِّ إلى العُمْرَةِ إذ لا هَدْي معه.
وقولُ عُمَرَ: (إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللهِ...) إلى آخره، ظاهرُه أنَّ مَنْ أنشأَ حَجًّا ليس له فسخُه في عُمْرَةٍ مِنْ أجلِ الهدي تعظيمًا لحرمات الله، وتأوَّلَ قومٌ عليه أنَّه كَانَ ينهَى عَنِ التَّمتُّع بالعُمْرَةِ إلى الحجِّ، وهذا تأويلُ مَنْ لا يعرفُ، لأنَّ التَّمتُّعَ ثابتٌ بنصِّ الكتابِ والسُّنَّة، ورُوِيَ عنه أنَّ ذَلِكَ خاصٌّ بذلك العام كما سلف إباحتُه ردًّا لقولِ الجاهليَّة: إنَّ العُمْرَةَ في أشهرِ الحجِّ مِنْ أفجرِ الفجورِ.
وقولُه: (فَقَدِمَ عُمَرُ) يعني: إذْ حجَّ بالنَّاسِ في خلافتِه، ومعنى الأمر بالتَّمامِ في الآيةِ أنَّ مَنْ أهلَّ بشيءٍ فلْيتمَّ ما بدأَ به ولا يفسخْه، وفي أحاديثِ البابِ دِلالةٌ لِمَا ذهبَ إليه أبو حنيفةَ وأحمدُ مِنْ أنَّ المعتمرَ المتمتِّعَ إذا كَانَ معه هَدْيٌ لا يتحلَّلُ مِنْ عُمْرَتِه حَتَّى يَنحَرَ هَدْيَه يومَ النَّحرِ، ومذهبُ الشَّافعيِّ ومالكٍ أنَّه إذا طاف وسعى وحلق حلَّ مِنْ عُمْرَتِه وحلَّ له كلُّ شيءٍ في الحالِ سواءٌ أكَانَ ساقَ هَدْيًا أم لا.