-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░103▒ باب: رُكُوبِ البُدْنِ.
لِقوله تعالى: {والْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} إلى قوله: {وبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج:36-37]، وقال مُجَاهِدٌ: سُمِّيَتِ البُدْنَ لِبُدْنِهَا، {الْقَانِعَ} السَّائِلُ، و{الْمُعْتَرَّ} الَّذِي يَعْتَرُّ بِالْبُدنِ مِنْ غَنِيٍّ أَو فَقِيرٍ، و{شَعَائِرِ اللهِ} اسْتِعْظَامُ البُدْنِ واسْتِحْسَانُهَا، و{الْعَتِيقِ} عِتْقُهُ مِنَ الجَبَابِرَة، يُقال: {وجَبَتْ} سَقَطَت إِلَى الأرْضِ، ومِنْهُ وجَبَتِ الشَّمْسُ.
1689- ثمَّ ذَكَرَ حديثَ أبي هُرَيرَةَ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم رَأى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقال: ارْكَبْهَا، فَقال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قال: اركَبْهَا، قال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قال: ارْكَبْهَا ويلَكَ، في الثَّانِيةِ أَو الثَّالِثَةِ).
1690- وحَدِيثَ أَنَسٍ: (أَنَ النَّبِيَّ صلعم رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقال: ارْكَبْهَا، فَقال: إنَّهَا بَدَنَةٌ، فَقال: ارْكَبَهَا، قال: إِنَّهَا بَدَنةٌ، قال: ارْكَبْهَا، ثَلَاثًا).
الشَّرْحُ: (البَدَنَة) سلف الكلامُ عليها في الجمعة [خ¦881]، و{البُدْنَ} بإسكَانَ الدَّالِ، وقرِئَ بضَمِّها، سُمِّيَت لبَدانَتِها، أي لسِمَنِهَا، وقد ذَكَرَ البخاريُّ قولَ مُجَاهِد في ذَلِكَ، ويُقال: بَدُنَ _بضمِّ الدَّال_ وبَدَّنَ _بالتَّشديدِ_ إذا أَسنَّ، قال الدَّاوُدِيُّ: قِيل: إنَّ البَدَنَةَ تكُونُ مِنَ البَقَرِ، وهذا نُقِلَ عنِ الخَلِيلِ.
{لَكُمْ فيها خَيرٌ} [الحج:36]. تُركَب إذا احتاج إليه.
و{الْقَانِعَ} السَّائلُ في قولِ ابنِ عَبَّاسٍ وسعيدِ بنِ جُبَيرٍ والحَسَنِ، قالوا: بِخِلَافِ {الْمُعْتَرَّ} الَّذِي يتعرَّضُ ولا يَسْألُ، وقال مَالِكٌ: أحسَنُ ما سَمعتُ فيه أنَّ {الْقَانِعَ} الفَقِيرُ، و{الْمُعْتَرَّ} الدَّائرُ، وقِيلَ: {الْقَانِعَ} السائلُ الَّذِي لا يَقنَعُ بالقَليلِ، وقرأ أبو رجاءٍ: القَنِعَ، وهو مُخالِفٌ للأوَّل، يُقال: قنِعَ إذا رَضِيَ، وبفتحِ النُّونِ إذا سأل، وقرأ الحَسَنُ: والمُعْتَرِي، ومعناه مِثْلُ {الْمُعْتَرَّ}، يُقال: اعترَّه واعتراه، وعرَّه وعراه، إذا تعرَّض لما عنده أو طلبه.
وعبارة صاحب «العين»: القنوع التذلُّل للمسألة، إبراهيم قنع إليه: مال وخضع، وعنهُ القانعُ خادم القوم وأجِيرُهم، وقال الزجَّاج: {الْقَانِعَ} الَّذِي يقنع بما تعطيه، وقِيلَ: الَّذِي يقنع باليسير، وقال قُطْرُب: كَانَ الحَسَن يَقُولُ: هو السَّائل الَّذِي يقنع بما آتيته، ويصير القانع مِنْ معنى القناعة والرِّضا.
وقوله {لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا} [الحج:37]. يُرْوى عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّهم كَانُوا في الجَاهِلِيَّة يضحُّون بدماء البُدن ما حول البيت فأراد المسلمونَ فعلَ ذلك فأنزلها الله تعالى.
وقوله {ولَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ} [الحج:37]، أي ما أُرِيدَ به وجْهُ اللهِ. والشَّعَائِرُ تَقدَّمَت، و{الْعَتِيق} عِتْقُهُ مِنَ الجَبَابِرَةِ، كما ذَكَرَهُ البخاريُّ، وقد رُوِيَ ذَلِكَ مرفوعًا بزيادَةِ: ((فلم يغلب عليه جبَّارٌ قَطُّ))، وقال الحَسَنُ: لِقِدَمِهِ، وحُجَّتُه {إنَّ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ}الآية [آل عمران:96]، و{وجَبَتْ} كما ذكر.
وحَديثُ أبي هُرَيرَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ولفْظُه: ((فَقال: ارْكَبْهَا في الثَّانِيةِ أَو الثَّالِثَةِ))، وفي لفْظٍ لَه: ((يَسُوقُ بَدَنَةً مُقَلَّدَةً قال لَهُ رسولُ اللهِ صلعم: ارْكَبْهَا، فَقال: بَدَنَةٌ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قال: ويلَكَ ارْكَبْهَا، ثَلَاثًا)). ولِلْبخاريِّ في بابِ: تَقليدِ النَّعْلِ قريبًا: ((قال: ارْكَبْهَا، قال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قال: ارْكَبْهَا، قال: فَلَقَدْ رَأَيتُهُ رَاكِبَهَا يُسَايِر النَّبِيَّ صلعم والنَّعْلُ في عُنُقِهَا))، وحديثُ أَنسٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أيضًا بلفظِ: ((ارْكَبْهَا. مَرَّتَينِ أَو ثَلَاثًا))، وفي روايةٍ لِلْبخاريِّ: ((ارْكَبْهَا ويلَكَ، قالها في الثَّانِيةِ أَو في الثَّالِثَةِ)).
ولمسلمٍ: ((مُرَّ عليه بِبَدَنَةٍ أَو هَدِيَّةٍ، فَقال: ارْكَبْهَا، قال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ أَو هَدِيَّةٌ، فَقال: وإِنْ)) ولأحمد: ((يَسُوقُ بَدَنَةً وقَدْ جَهَدَهُ الْمَشْيُ))، وفيه قال: ((ارْكَبْهَا وإنَّها بَدَنَة))، وانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بحديثِ ابنِ الزُّبَيرِ قال: سمعْتُ جابِرَ بْنَ عبدِ اللهِ يَسأَلُ عن رُكوبِ الهَدْيِ، فقال: سمعْتُ رسولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: ((ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ، إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيهَا حتَّى تَجِدَ ظَهْرًا))، ولأحمد مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ سُئِلَ: ((يَرْكَبُ الرَّجُلُ هَدْيَهُ؟ قال: لَا بَأْسَ بِهِ، قَدْ كَانَ رسولُ اللهِ صلعم يَمُرُّ بِالرِّجَال يَمْشُونَ، فَيَأْمُرُهُمْ بِرُكوبِ هَدْيِهِم، ثمَّ قال: ولَا تَتَّبِعُونَ شَيئًا أَفْضَلَ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ)).
وفي «مَراسِيلِ أبي دوادَ» مِنْ حَدِيثِ ابنِ جُرَيجٍ عن عَطاءٍ قال: ((كَانَ النَّبِيُّ صلعم يَأْمُرُ بِالبَدَنَة إِذَا احْتَاجَ إِلَيهَا سَيِّدُهَا أَنْ يُحْمَلَ عليها ويَرْكَبَ غَيرَ مَنْهُوكَةٍ، قُلْتُ: مَاذَا؟ قال: الرَّجُلُ الرَّاجِل والْمُتَّبِع اليَسِير، وإِنْ نُتِجَتْ حُمِلَ عليها ولَدُهَا وعَدْلُهُ)). /
إذا تَقَرَّرَ ذَلِكَ، ففيه استعمالُ ما وُجِّه للهِ تعالى إذا احتِيجَ إليه على خِلافِ ما كَانَتِ الجَاهِلِيَّةُ عليه مِنْ أَمْرِ البَحِيرَةِ والسَّائِبَةِ والوصِيلَةِ والحام، فأعلَمَ الشَّارعُ أنَّ ما أُهِلَّ به لله إِنَّمَا هو دِماؤُها، وأَمَّا لُحومُها والانتِفاعُ بها قَبْلَ نَحْرِها وبَعدَه فغَيرُ مَمْنُوعٍ، بَلْ هو مُباحٌ بِخِلَافِ سُنَنِ الجَاهِلِيَّةِ.
وقدِ اختَلف العلماءُ في رُكُوبِ الهَدْيِ الواجِبِ والتَّطوُّعِ، فَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إلى أنَّ ذَلِكَ جائزٌ مِنْ غَيرِ ضَرُورَةٍ، وبه قال أحمدُ وإسحاقُ، وبعضُهم أوجَبَ ذَلِكَ، واحتَجَّ بحَديثَي البابِ، وكَرِهَ مَالِكٌ وأبو حنيفةَ والشَّافعيُّ وأكثرُ الفُقَهاءِ _فيما حَكَاهُ صاحِبُ «الاسْتِذْكَار» _ رُكوبَها مِنْ غَيرِ ضَرُورَةٍ، وكَرِهوا شُرْبَ لَبَنِ النَّاقَةِ بعْدَ رِيِّ فَصِيلِها، وقال أبو حنيفةَ والشَّافعيُّ: إنْ نقَصَها الرُّكوبُ والشُّربُ فعليه قيمةُ ذلك، واحتجُّوا أنَّ ما أُخرِجَ لله فغَيرُ جائزٍ الرُّجوعُ في شيءٍ مِنْهُ والانتفاعُ به إلَّا عندَ الضَّرورةِ.
ورُكوبُها يحتمل أنْ يَكونَ لِغيرِ ضَرورةٍ، وأنْ يكونَ لها، وروايةُ جابِرٍ السَّالِفةُ تَشْهَدُ له، وكذا روايةُ أحمدَ: ((وقَدْ جَهَدَهُ الْمَشْيُ))، فأباح ركوبَها لِلضَّرورةِ، وقد روى نافِعٌ عَنِ ابنِ عمر أنَّه كَانَ يَقُولُ في الرَّجُلِ إذا سَاقَ بَدَنة وأَعْيا ركِبَها: وما أنتم بمُسْتَنِّينَ سنَّةً هي أهدى مِنْ سُنَّةِ مُحمَّدٍ صلعم، وكما لا يجوزُ بَيعُ منافعها إجماعًا.
وقد قال مُجَاهِدٌ في قوله تعالى: {لَكُمْ فيها مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الحج:33]، قال: في ظهورِها وألبانِها وأصوافِها وأوبارِها حتَّى تَصيرَ بُدْنًا، وبه قال النَّخَعِيُّ وعُرْوةُ، واختُلفَ متى ذلك؟ فقال عُرْوةُ: بعْدَ أنْ يُقلِّدَها، وقال مُجَاهِدٌ: قبْلَه، وهو أَولَى لأنَّ الأجَلَ المُسَمَّى أنْ يُقلَّدَ ولم يُوجد، وقال ابنُ القَاسِمِ: فإنْ رَكِبَها مُحتاجًا فَلَيسَ عليه أنْ يَنزِلَ إذا استراحَ، وقال إسماعِيلُ: مَذْهَبُ مَالِكٍ يدُلُّ على أنَّه إذا استراحَ نَزَلَ، وبه قال ابنُ الجَلَّابِ، وإذا نزَلَ لحاجَتِه أو لِلَيلٍ لم يَركَبْها حتَّى يَحتاجَ إلى ذَلِكَ كأوَّلِ مَرَّةٍ، وعن بعْضِ الشَّافعيَّةِ والحنفيَّةِ فيما حَكَاهُ ابنُ التِّينِ إنْ نقَصَها رُكوبُه ضَمِنَ النُّقْصانَ إنْ رَكِبَ ركوبًا فادحًا.
وقوله: (ويلَكَ) مَخرَجُه مَخرَجُ الدُّعاءِ عليه مِنْ غيرِ قصْدٍ إذْ أبى مِنْ رُكُوبها أَوَّلَ مَرَّةٍ، وقال له: (إِنَّهَا بَدَنَةٌ) وكَانَ صلعم يَعْلَمُ ذَلِكَ، فخَافَ ألَّا يكونَ عَلِمَه، وكَأنَّه قال: لكَ الويلُ في مُراجَعَتِكَ إيَّايَ فيما لا تَعرِفُ وأَعرفُ، وفي روايةٍ: ((ويحَكَ)) ذَكَرَها ابنُ التِّينِ، وكَانَ الأصْمَعِيُّ يَقُولُ: ويل كَلِمَةُ عَذابٍ، وويح كَلِمَةُ رَحْمةٍ، وقال سِيبَويهِ: ويح زَجْرٌ لِمَنْ أَشْرَفَ على هَلَكَةٍ، وفِي الحَدِيثِ أنَّه وادٍ في جَهَنَّمَ.
فَرْعٌ: يجوزُ إهداءُ الذَّكَرِ والأنثى مِنَ الإِبِلِ، وهو مَذهَبُنا، وقولُ جماعةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، ونَقَلَ ابنُ التِّينِ عَنِ الشَّافعيِّ أنَّه قال: لا يُهدَى إلَّا الإِناثُ، ثمَّ قال: دَليلُنا ما رواه في «مُوطَّئِه» عن نافعٍ عن عبدِ اللِه بنِ أبي بكر: ((أنَّهُ ◙ أَهْدَى جَمَلًا، كَانَ لأبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ))، ثمَّ قال: وهذا نَصٌّ في مَحَلِّ النِّزاعِ، ولا يُسَلَّمُ له ذلك، ومِنْ جِهةِ القِياسِ أنَّ الهَدْيَ جِهةٌ مِنْ جِهاتِ القُرَبِ، فلم تَختصَّ بالذُّكورِ كالضَّحايا والزَّكاةِ والعِتْقِ والكَفَّاراتِ.
فَرْعٌ: فيه مِنَ العِلمِ تَكريرُ العالِمِ الفَتوى، وتَوبيخُ مَنْ لا يأتمرُ بها، وقوله: (ارْكَبْهَا ويلَكَ في الثَّانِيةِ، أَوِ الثَّالِثَةِ) يحتمل أنْ يريدَ في الثَّانِية مِنْ قوله: (ارْكَبْهَا) ابتداءً، فيَقُولُ له ذلك زجْرًا عن مُراجَعتِه عن أمرٍ قدْ كَانَ له في التَّعليقِ بما أَمرَه به، وحمْلُه على عُمُومِه في الأحوال سَعَةٌ، ويحتمل أنْ يريدَ الثَّانِية مِنْ جَوابِه له عن قوله: (إِنَّهَا بَدَنَةٌ)، فيكونَ في ذلك زجْرٌ عن تكريرِ سؤالِه عن أمْرٍ قدْ بيَّنَه، ولم يُقيِّدْ أمرَه برُكوبِها بحالِ الإعياءِ دونَ حالِ الإراحةِ، ولا قال له: فإذا اسْتَطَعْتَ المشيَ فانزِل، فاقتَضَى ذلك استِدامَةَ رُكوبِها، وإنْ زالَ تعبُه كما سلف.
فَرْعٌ: بوَّبَ البخاريُّ عليه أنَّ مَنْ حبس شيئًا يَنتفِع به، وأنكره الدَّاوُدِيُّ عليه، وقال إِنَّمَا جعلها لله إذا بَلَغت مَحِلَّها، وفيه نَظَرٌ.