التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب فضل مكة وبنيانها

          ░42▒ بابُ فَضْلِ مَكَّةَ وَبُنْيَانِهَا، وَقَوْلِهِ تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} إلى قولِهِ: {التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:126-128]
          {مَثَابَةً} مجمعًا، أو مِنَ الثَّوابِ، أو مرجعًا، أو لا يقضُون فيه وطرًا، وأصلها: مثوبةٌ، وقُرِئَ «مثابات».
          {وَأَمْنًا} أي: يأمنُ مَنْ دخلَه، وكان مَعَاذًا له قَالَ تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران:97] وكان الرَّجل منهم لو لقي قاتلَ أبيه أو أخيه لم يُهِجْهُ، ولم يعرض له حَتَّى يَخرُجَ منه، قَالَ تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت:67] وحديث: ((إنَّ إبْرَاهيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ)) المرادُ: أظهر حرمتَها، وإلَّا فهي حرامٌ منذ خلقَ اللهُ السَّماواتِ والأرضَ كما ستعلمه، فهو آمنٌ مِنْ عقوبة الله وعقوبة الجبابرة، وسأل إبراهيمُ: أن يؤمِّنَه مِنَ الجَدْبِ والقحطِ، دليلُه: {عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ} [إبراهيم:37] وقيل: بل كانت حلالًا قبل دعائه، وهو حرَّمها كما حرَّم نبيُّنا المدينة.
          وقولُه: ({وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}) [البقرة:125] قيل: هو المقامُ الَّذي يصلِّي فيه الأئمَّةُ اليوم، وقيل: الحجُّ كلُّه مقامُ إبراهيمَ قاله ابنُ عبَّاسٍ وعطاءٌ، و{مُصَلًّى} أي: مَدْعًى قاله مجاهدٌ، والأظهر الصَّلاة، {عَهِدْنَا} أَمَرْنَا أو أَوْحَيْنَا {طَهِّرَا بَيْتِيَ} أي: مِنَ الآفات والرَّيب أو مِنَ الأوثان، أو مِنَ الشِّرك {لِلطَّائِفِينَ} ببيتي {وَالعَاكِفِينَ} المجاورين أو أهل البلد و{القَوَاعِدُ} الأساس أو الجدر {مَنَاسِكَنَا} ذبائحنا أو متعبَّداتنا و{أَرِنَا} بكسرِ الرَّاءِ وإسكانِها.