-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░45▒ بابُ نُزُولِ النَّبِيِّ صلعم مَكَّةَ.
1589- 1590- ثُمَّ سَاقَ مِنْ حديث الزُّهْريِّ عن أبي سَلَمَةَ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ لله قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم حِينَ أَرَادَ قُدُومَ مَكَّةَ: مَنْزِلُنَا غَدًا _إِنْ شَاءَ اللهُ_ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الكُفْرِ).
وبه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم مِنَ الغدِ يوم النَّحْرِ وهو بمِنًى: (نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الكُفْرِ يَعْنِي بذَلِكَ المُحَصَّبَ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ، تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الُطَّلِبِ، أَوْ بَنِي المُطَّلِبِ...) الحديثَ، وقال سلامةُ عَنْ عقيلٍ ويحيى بن الضَّحَّاكِ عَنِ الأوزاعيِّ أخبرني ابنُ شهابٍ، وقالَا: بني هاشمٍ وبني المطَّلب قَالَ أبو عبدِ اللهِ: بني المطَّلبِ أشبه
قُلْتُ: ويحيى بنُ الضَّحَّاكِ هو يحيى بنُ عبدِ اللهِ بنِ الضَّحَّاكِ البَابَلُتِّيُّ، مات سنة ثمان عشرة ومئتين، وسلامةُ هو ابنُ رَوْحِ بنِ خالدِ ابنِ أخي عُقَيلٍ، كنيته أبو خَرْبَق _بالخاءِ المعجمة ثُمَّ راءٍ ثُمَّ باءٍ موحَّدةٍ_ ولم يسمعْ مِنْ عُقَيلٍ، ومات سنة ثمانٍ وتسعين ومئةٍ، ولم يسمعْ يحيى مِنَ الأوزاعيِّ كما قاله يحيى بنُ مَعينٍ، لكنَّه كَانَ في حِجره، لا جرم قَالَ أبو عبدِ الرَّحمنِ: حديثُ الأوزاعيِّ غيرُ محفوظٍ، وخَرَّجَ طرفًا منه عن مالكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ _أي عن عليِّ بنِ الحسينِ عن عَمْرٍو عن أسامةَ_ قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، أين تَنْزلُ غدًا؟ _في حَجَّتِه_ فقالَ: ((وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا))، أخرجَه في الجهادِ عن محمودٍ عن عبدِ الرَّزَّاقِ: أخبرنا مَعْمَرٌ و الأوزاعيُّ عَنِ الزُّهْريِّ به وزيادةٌ ثُمَّ قَالَ: قَالَ الزُّهْريُّ: والَخيْفُ الوادي، وقال: الصَّواب مِنْ حديثِ مالكٍ: عمرٌو، و قالَ البُخَارِيُّ: عُمَرُ وهمٌ.
قُلْتُ: وقالَ الدَّارَقُطْنيُّ في «موطَّآتِه»: رواه رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ وخالدُ بنُ مَخْلَدٍ ومكِّيُّ بنُ إبراهيمَ عن مالكٍ فسمَّاه عَمْرًا، وفي رواية القَعْنَبيِّ ويحيى بنِ بُكيرٍ عن مالكٍ: عُمَرُ أو عَمْرٌو عَلَى الشَّكِّ.
وفي رواية إسحاقَ الطَّبَّاعِ: قَالَ مالكٌ: أنا أعرَفُ به، كَانَ عُمَرُ بنُ عثمانَ جاري، وقد أخطأ مَنْ سمَّاه عَمْرًا، وقال أبو حاتمٍ الرَّازيُّ فيما ذكره عنه ابنُه في «عللِه»: تفرَّد الزُّهْريُّ بروايةِ هذا الحديث.
إذا تقرَّر ذَلِكَ فالكلام عَلَى البابين مِنْ أوجهٍ:
أحدُها: ظاهرُ الإضافة في قوله: (أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا؟ مِنْ دَارِكَ) وفي أخرى ذكرها ابنُ التِّيْنِ: ((مِنْ ربعِ آبائِكَ وأجدادِكَ)) المِلْكِيَّةُ، يؤيِّده (وهَلْ تَرَكَ لنا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ؟) فأضافها / إلى نفسه، وظاهرُها يقتضي الملك، فيحتمل أن يكون عَقِيلٌ أخذها وتصرَّف فيها كما فعل أبو سفيانَ بِدُورِ المهاجرين.
قَالَ الدَّاوُديُّ: كَانَ عَقِيلٌ باعَ ما كَانَ لرَسُولِ اللهِ صلعم لِمَنْ هاجرَ مِنْ بني عبدِ المُطَّلِبِ، فعلى هذا يكونُ قولُه ◙ ذَلِكَ تحرُّجًا أنْ يرجعَ في شيءٍ خرجَ منه لأجلِ اللهِ، ولفظُه يقتضي الاستفهام ومعناه النَّفي أي: ما ترك لنا شيئًا، وأبعدَ مَنْ قَالَ: يحتمل أنَّه حكم لها بحكم الدَّار، فإنَّها خرجت عن ملكه لَمَّا ملكها المسلمون، كما يقولُه مالكٌ واللَّيثُ في هذه المسألةِ لا في هذا الحديثِ، وسبب بُعده أنَّه يكون تعليله بأخذ عَقِيلٍ لا يوافق ويخرج عن أن يكون جوابًا لما سأله.
وقيلَ: كَانَ أصلُها لأبي طالبٍ فأمسكَه ◙ مُدَّةَ حياتِه إيَّاها، فلمَّا مات أبو طالبٍ ورثه عَقِيلٌ وطالبٌ، واستولى عليها عَقِيلٌ لَمَّا هاجر ◙ بحكم ميراثه من أبيه، وعلى هذا فتكون إضافتها إليه مجازيَّةً لأنَّه كَانَ سكنها لا أنَّه ملكها، والقولُ الأوَّلُ أولى كما قاله القُرْطُبيُّ، وقالَ عِيَاضٌ: احتواءُ أبي طالبٍ عَلَى أملاكِ عبدِ المطَّلبِ لأنَّه كَانَ أكبر ولده حين وفاتِه عَلَى عادةِ أهلِ الجاهليَّةِ.
الثَّاني: فيه دِلالةٌ عَلَى أنَّ مَكَّةَ _شرَّفَها اللهُ_ فُتِحَتْ صلحًا، وقد اختلفَ العلماءُ في ذَلِكَ، فذهب الشَّافعيُّ وأصحابُه إلى ذَلِكَ، وذهب أبو حنيفةَ والأوزاعيُّ ومالكٌ وغيرُهم إلى أنَّها فُتِحَت عَنْوَةً، قَالَ ابنُ بَزِيزَةَ: وهو الصَّحيح، ونقله غيرُه عَنِ الأكثرين، وفي حديث أبي شُرَيحٍ الكَعْبيِّ دلالةٌ عَلَى ذَلِكَ أيضًا.
وقيل: إنَّ أسفلَها دخله خالدُ بنُ الوليدِ عَنوةً وأعلاها صُلْحًا، كفُّوا عَنِ الزُّبَيرِ والتزموا شرط أبي سفيانَ، فلمَّا دخلَ رَسُولُ اللهِ صلعم التزمَ أمانَ مَنْ لم يقاتلْ واستأنفَ أمان مَنْ قاتلَ، فلذلك استجار بأمِّ هانئٍ رجلان، فلو كَانَ الأمانُ عامًّا لم يحتاجَا إلى ذَلِكَ، ولو لم يكن أمانٌ لكان كلُّ النَّاس كذلك.
وفي «الإكليلِ» لأبي عبدِ اللهِ الحاكم: والأخبار تدلُّ أنَّ سيِّدنا رَسُول الله صلعم نزل يوم الفتح في بيت أمِّ هانئٍ ابنة عمِّه، وكان عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ يأمرُ بنزعِ أبوابِ دُورِ مكَّةَ إذا قَدِمَ الحاجُّ، وكتب عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ إلى عامله بمكَّةَ فيما حكاه السُّهَيليُّ أن ينهى أهلها عن كِرَاءِ دُورها إذا جاء الحاجُّ، فإنَّ ذَلِكَ لا يحلُّ لهم، وعن مالكٍ: إن كَانَ النَّاسُ ليضربون فساطيطهم بدُورِ مكَّة لا ينهاهم أحدٌ، ولابنِ مَاجَهْ مِنْ حديثِ علقمةَ بنِ نَضْلة: ((توفِّي رَسُولُ اللهِ صلعم وأبو بكرٍ وعُمَرُ، وإنَّ دُورَ مكَّةَ كَانَتْ تُدْعَى السَّوَائِبَ، مَنِ احتاجَ سَكَنَ، وَمَنِ اسْتَغْنَى أَسْكَنَ)) وإسناده عَلَى شرطهما، ورماه البَيْهَقيُّ بالانقطاع وللدَّارَقُطْنيِّ مِنْ حديث عبدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو يرفعه: ((مَنْ أَكَلَ كِرَاءَ بُيوتِ مَكَّةَ أَكَل نَارًا))، رواه عنه ابنُ أبي نَجِيحٍ عبدُ اللهِ بنُ يسارٍ ولم يدركه، وفي «المصنَّفِ» عن مجاهدٍ قَالَ النَّبِيُّ صلعم: ((مكَّةُ حَرَمٌ حَرَّمَها اللهُ لا يحلُّ بيعُ رِبَاعِها ولا إِجَارةُ بُيوتِها))، وكان عطاءٌ يَكره إجارةَ بيوتها والقاسمُ وعبدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، ورُوِيَ عن محمَّد بن عليٍّ: لم يكن لدُور مكَّةَ أبوابٌ.
قَالَ السُّهَيليُّ: وهذا كلُّه مُنتَزَعٌ مِنْ أصلين: أحدهما: قولُه تعالى: {وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِ} [الحجّ:25] وقال ابنُ عبَّاسٍ وابنُ عُمَرَ: الحرمُ كلُّه مسجدٌ.
الثَّاني: أنَّه ◙ دخلها عَنوةً، غير أنَّه مَنَّ عَلَى أهلها بأنفسهم وأموالهم، ولا يُقَاسُ عليها غيرها مِنَ البلاد كما ظنَّ بعض الفقهاء، لأنَّها مخالفةٌ لغيرها مِنْ وجهين:
أوَّلهما: ما خصَّ اللهُ به رَسُولَه حيث قَالَ: {قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال:1].
ثانيهما: ما خصَّ اللهُ به مكَّةَ مِنْ أنَّه لا تحلُّ غنائمها، وَلا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا، وهي حرمُ اللهِ وأمنَه، فكيف تكون أرضُها أرضَ خراجٍ؟ فليس لأحدٍ افتتح بلدًا أن يسلك بها سبيل مكَّةَ، فأرضها إذنْ ودُورها لأهلها، ولكن أوجب الله تعالى عليهم أن يوسِّعُوا عَلَى الحُجَّاجِ إذا قَدَّمُوها مِنْ غير كِرَاءٍ فهذا حكمها، فلا عليك بعد هذا فُتِحَت عَنوةً أو صُلْحًا، وإن كَانَ ظواهر الأحاديث أنَّها فُتِحَتْ عَنوةً، وقال ابنُ شعبانَ: أجمعوا أنَّ النَّبِيَّ صلعم لم يجعلها فيئًا كغيرها.
وقالَ الطَّحاويُّ: عن أبي يوسفَ لا بأس ببيع أرضِها وإجارتِها كسائر البلدان، ذَكَرَ ذَلِكَ بعد أن قَالَ: اختلفَ العلماءُ في بيعِها وكرائِها، فرُوِيَ عن عطاءٍ ومجاهدٍ وطاوسٍ أنَّه لا يحلُّ بيع أرضِ مكَّةَ ولا كراؤها، وهو قولُ أبي حنيفةَ والثَّوريِّ ومُحَمَّدٍ، وكره مالكٌ بيعها وكراءها، وخالفَهم آخرون فقالوا: لا بأسَ ببيع أرضها وإجارتها، وجعلوها كسائر البلدان، هذا قول أبي يُوسُفَ، وذكره ابنُ المُنْذِرِ عَنِ الشَّافعيِّ، وعن طاوسٍ إباحة الكِرَاءِ، وقال مجاهدٌ: لا أرى به بأسًا ذكره ابنُ أبي شَيبَةَ، وحُكِيَ عن عثمانَ أنَّه قَالَ: رِباعي الَّتي بمكَّةَ يسكنها بنيَّ ويسكنها مَنْ أحبُّوا، وكان أحمدُ بنُ حنبلٍ يتوقَّى الكِرَاءَ في الموسم، ولا يرى بأسًا بالشِّراءِ، واحتجَّ بأنَّ عُمَرَ اشترى دارَ السِّجنِ بأربعة آلاف درهمٍ، واحتجَّ مَنْ أجاز بيعَها وكراءها بحديث أسامةَ لأنَّه ذَكَرَ ميراثَ عَقِيلٍ وطالبٍ لِمَا تركه أبو طالبٍ فيها مِنْ رِباعٍ ودُورٍ، قال الشَّافعيُّ: فأضاف الملكَ إليه وإلى مَنِ ابتاعَها منه.
قَالَ الطَّحَاويُّ: واعتبرنا ذَلِكَ فرأينا المسجد الحرام الَّذي كلُّ النَّاس فيه سواءٌ، لا يجوز لأحدٍ أن يبنيَ فيه بناءً، ولا يحتجر منه موضعًا، وكذلك حكم جميع المواضع الَّتي لا يقع لأحدٍ فيها ملكٌ وجميع النَّاس فيها سواءٌ، ألا ترى / أنَّ عرفةَ لو أرادَ أن يبنيَ في الموقفِ بناءً لم يكن له ذَلِكَ وكذا مِنًى، وقد قَالَ ◙ لَمَّا قيل له: أَلَا تَتَّخِذُ لَكَ بمنًى بَيْتًا تستظلُّ بِهِ؟ ((لَا، مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ))، حسَّنَه التِّرْمِذيُّ وصحَّحه الحاكمُ عَلَى شرطِ مسلمٍ وكذا فعلت عائشةُ لَمَّا سُئِلَتْ ذَلِكَ.
وفي كتابِ ابنِ أبي حاتمٍ مِنْ حديثِ منصورِ بنِ شَيبَةَ عن أمِّه عن عائشةَ أنَّها قالَتْ: لا يوضعُ حجرٌ عَلَى حجرٍ بمنًى إلَّا أن يَتَّخِذَ الرَّجُلُ كنيفًا، قَالَ أبي: هو بلا عائشةَ، وهو منصورٌ عن أبيه أشبه عندي، ومتن الكلام مشهورٌ عن عائشةَ، ورأينا مَكَّةَ عَلَى غير ذَلِكَ قد أُجِيزَ البناءُ فيها.
وقالَ رَسُولُ اللهِ صلعم يوم دخلها: ((مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ))، فأثبت لهم أملاكهم، فصفتُها إذنْ صفة المواضع الَّتي تجري فيها الأملاك، وشراءُ عُمَرُ سبق، وقد اشتراه مِنْ صفوانَ، ومحالٌ أن يشتريَ منه ما لا يجوز له ملكه، وقد ثبت عَنِ الصَّحابة أنَّهم كانت لهم الدُّور بمكَّة منهم الصِّدِّيقُ والزُّبَيرُ وحَكِيمُ بنُ حِزامٍ وعَمْرُو بنُ العاصي وصفوانُ بنُ أُمَيَّةَ وغيرهم، وتبايُعُ أهلِ مكَّةَ لدُورِهم قديمًا أشهرُ مِنْ أن يخفى، واحتجَّ مَنْ كره ذَلِكَ بحديث علقمةَ بنِ نَضْلة السَّالف.
قَالَ إسماعيلُ بنُ إسحاقَ: وما تأوَّلَ مجاهدٌ في الآيةِ فظاهرُ القرآن يدلُّ عَلَى أنَّه المسجد الَّذي يكون فيه النُّسُك والصَّلاة لا سائر دُورها قَالَ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ} [الحجّ:25]، وقال: {وَكُفْرٌ بِهِ وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ} أي: وعَنِ المسجد الحرام، فدلَّ ذَلِكَ كلُّه عَلَى أنَّ الَّذي كَانَ المشركون يفعلونه هو التَّملُّك عَنِ المسجد الحرام، وادِّعاؤهم أنَّهم أربابه ووُلاتُه، وأنَّهم يمنعون منه مَنْ أرادوا ظُلمًا، وأنَّ النَّاس كلَّهم فيه سواءٌ، فأمَّا المنازل والدُّور فلم تزل لأهل مكَّة غير أنَّ المواساة تجب عند الضَّرورة، ولعلَّ عُمَرَ فعل هذا عَلَى سبيل المواساة عندها، ومناظرةُ الشَّافعيِّ مع إسحاقَ بنِ راهويه في ذَلِكَ مشهورٌ.
واعلم أنَّ الرُّوْيانيَّ في «بحرِه» قَالَ في باب بيع الكلاب: لا يُكْرَهُ بيعُ شيءٍ مِنَ الملك المطلق إلَّا أرض مكَّة، فإنَّه يُكْرَهُ بيعُها وإجارتُها للخلاف وتورَّع فيه، واستُغرِبَتِ الكراهةُ، والأحسنُ أن يُقَالَ خلاف الأولى، لأنَّ المكروه ما ثبت فيه نهيٌ مقصودٌ، ولم يثبت في هذا شيءٌ، والحصرُ المذكورُ غيرُ صحيحٍ، فإنَّ بيْعَ المصحف مكروهٌ خلافًا له، وكذا الشِّطْرَنْج.
قَالَ الرُّويانيُّ وغيرُه: ومحلُّ الخلاف بين العلماء في بيعِ دُورِ مكَّة وغيرها مِنَ الحرم، هو في بيع نفس الأرض، وأمَّا البناءُ فهو مملوكٌ، فيجوزُ بيعه بلا خلافٍ.
الثَّالثُ: قَالَ ابنُ أبي صُفْرَةَ: هذا الحديث حُجَّةٌ في أنَّ مَنْ خرج مِنْ بلده مسلمًا وبقي أهلُه وولدُه في دار الكفر ثُمَّ غزا مع المسلمين بلدَه، أنَّ أهلَه ومالَه وولدَه عَلَى حكمِ البلدِ، كما كانت دار النَّبِيِّ صلعم عَلَى حكمِ البلدِ، ولم يرَ ◙ نفسَه أحقَّ بها وهذا قولُ مالكٍ واللَّيثِ وقد سلف، وقال أشهبُ: ليس بفيءٍ، وقيل: إنْ ضمَّه إليهم أهلُ الحربِ ففيءٌ وإلَّا فلا، وسيأتي اختلاف العلماء فيه في الجهاد في بابِ إذا غنم المشركون مال المسلم، وبيان مذاهبهم فيها [خ¦3067] [خ¦3069].
الرَّابعُ: فيه أنَّ المسلمَ لا يرثُ الكافرَ وهو قولُ كافَّة الفقهاء حاشا معاذَ بنَ جبلٍ ومعاويةَ بنَ أبي سفيانَ ومُحَمَّدَ بنَ الحنفيَّةِ وإبراهيمَ النَّخَعِيَّ فإنَّهم قَالُوا: يرثهُ كالنِّكاحِ، كما حكاه ابنُ التِّيْنِ عنهم، وقال في «شرحِ المهذَّبِ»: هو قول العلماء كافَّةً، إلَّا ما رُوِيَ عن إسحاقَ بنِ راهويه وبعض السَّلف أنَّ المسلم يرثه، وأجمعوا أنَّ الكافر لا يرث المسلم.
وعن أحمدَ: أنَّ اختلافَ الدِّين لا يمنع الإرث بالولاء وحكاه الإمام عن عليٍّ، وقال: هو غريبٌ لا أصل له، قُلْتُ: بل له أصلٌ أصيلٌ وهو حديثُ جابرٍ ☺: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: ((لَا يَرِثُ المُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ))، أخرجَه النَّسَائيُّ وصحَّحَه الحاكمُ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في الفرائض مبسوطًا [خ¦6764].
واحتجاجُ ابنِ شهابٍ في الكتاب بالآيةِ مرادُه أنَّهم لا يتوارثون مع كافرٍ، ومعنى: {هَاجَرُوا} في الآيةِ إمَّا هجروا قومهم أو راحوا إلى الحبشةِ ثُمَّ إلى مكَّةَ ثُمَّ لا هجرة منها إذ صارت دارَ أمانٍ.
الخامسُ: قوله إثر حديثِ أبي هريرةَ: (وَقَالَ سَلَامَةُ) إلى أن قَالَ: (وَقَالا: بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي المُطَّلِبِ) إنَّما أتى به لعدمِ التَّشكيكِ في بني عبدِ المطَّلِبِ أو بني المطَّلِبِ كما أسلفته قبل، ولهذا قَالَ إثره: (بنو المُطَّلِب أَشْبَهُ) وقال الدَّاوُديُّ: قوله: (بَنِي عَبْدِ المُطَّلِب) وَهْمٌ.
وقوله: (وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ، تَحَالَفَتْ) لو قَالَ تحالفَتَا أو تحالفَا لكان أوضح، وكان حَصْرُ بني هاشمٍ لَمَّا بلغَ قريشًا فعلُ النَّجاشيِّ بجعفرٍ وأصحابِه وإكرامُه إيَّاهم، كَبُرَ ذَلِكَ عليهم وغضبوا وأجمعوا عَلَى قتل رَسُولِ اللهِ صلعم وكتبُوا كتابًا عَلَى بني هاشمٍ ألَّا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم.
وكان الَّذي كتب الصَّحيفة منصورُ بنُ عِكْرِمَةَ العَبْدَرِيُّ فَشُلَّتْ يدَه، قاله في «الطَّبقات»، وهو ما في «ابنِ إسحاقَ» أنَّه منصورُ بنُ عِكْرِمَةَ بنِ هاشمِ بنِ عبدِ العُزَّى، وقال الزُّبَيرُ في «أنسابه»: اسمه بغيضُ بنُ عامرِ بنِ هاشمِ بنِ عبدِ مَنَاف بنِ عبدِ الدَّارِ، وقالَ الكلبيُّ: هو منصورُ بنُ عامرِ بنِ هاشمٍ أخو عِكْرِمَةَ بنِ عامرِ بنِ هاشمٍ، وعلَّقوا الصَّحيفةَ في جوفِ الكعبةِ، وقيل: بل كانت عند أمِّ الجُلَاسِ بنتِ المُخَرِّبَةِ الحَنْظَلِيَّةِ خالةِ أبي جهلٍ.
وحصروا بني هاشمٍ في شِعَبِ أبي طالبٍ ليلة هلال المحرَّم سنة سبعٍ مِنْ حين النُّبوَّة، وانحاز بنو المطَّلب بن عبدِ مَنَافٍ إلى أبي طالبٍ في شِعَبِه، وخرج أبو لهبٍ إلى قريشٍ فظاهَرَهم / عَلَى بني هاشمٍ وبني المطَّلب، وقطعوا عنهم المِيرةَ والمادَّةَ، فكانوا لا يخرجون إلَّا مِنْ موسٍم إلى موسمٍ حَتَّى بلغهم الجهد، فأقاموا فيه ثلاث سنين، ثُمَّ أَطْلَعَ اللهُ رَسُولَه عَلَى أمر صحيفتهم، وأنَّ الأرَضَة قد أكلت ما كَانَ فيها مِنْ جَوْرٍ وظلمٍ، وبقي ما فيها مِنْ ذكرِ اللهِ.
وفي لفظٍ: ((خَتَمُوا عَلَى الكُفرِ ثَلَاثةَ خَوَاتم))، وفي لفظٍ: ((سنتين))، وآخر: ((سنين))، فذكر ذَلِكَ سيِّدنا رَسُول اللهِ صلعم لأبي طالبٍ، فقالَ أبو طالبٍ لكفَّار قريشٍ: إنَّ ابنَ أخي أخبرني _ولم يَكذِبني قطُّ_ أنَّ اللهَ قد سلَّط عَلَى صحيفتِكم الأَرَضةَ، فلحستْ ما كَانَ فيها مِنْ جَورٍ وظلمٍ، وبقي فيها كلُّ ما ذُكِرَ به الله، فإنْ كَانَ ابنُ أخي صادقًا نزعتم عن سُوءِ رأيكم، وإن كَانَ كاذبًا دفعتُه لكم فقتلتموه أو استحييتموه، قالوا: قد أنصفتَنا، فأرسلوا إلى الصَّحيفة، فإذا هي كما قَالَ ◙ فسُقِطَ في أيديهم، ونكسوا عَلَى رؤوسِهم، فقالَ أبو طالبٍ: علام نُحبَسُ ونُحصَرُ وقد بانَ الأمرُ، فتلاوم رجالٌ مِنْ قريشٍ عَلَى ما صَنَعُوا ببني هاشمٍ، منهم مُطعِمُ بنُ عَدِيٍّ وعَدِيُّ بنُ قيسٍ وربيعةُ بنُ الأسودِ وأبو البَخْتَريِّ بنُ هاشمٍ وزهيرُ بنُ أُمَيَّةَ، ولبسوا السِّلاح لهم، ثُمَّ خرجوا إلى بني هاشمٍ وبني المطَّلب، فأمروهم بالخروج إلى مساكنهم ففعلوا، فلمَّا رأت قريشٌ ذَلِكَ سُقِطَ في أيديهم، وعرفوا أنْ لنْ يُسلموهم، وكان خروجُهم في الشِّعَبِ في السَّنة العاشرة، ثُمَّ أذِن ◙ بالخروج بالهجرة إلى المدينة.
والخَيْفُ: ما انحدرَ عَنِ الجبلِ وارتفعَ عَنِ المسيلِ وبه سُمِّي مسجد الخَيْفِ، ويُقال: هو وادٍ بعينه وسيأتي في البُخاريِّ في الجهاد عَنِ الزُّهْريِّ أنَّه قَالَ: الخَيْفُ: الوادي، وقيل: هو المحصَّبُ [خ¦3058].