التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الصلاة بمنى.

          ░84▒ بابُ الصَّلاَةِ بِمِنًى
          ذَكَرَ فيهِ أحاديثَ ثلاثةً:
          1655- أحدُها: حديثُ ابنِ عُمَرَ: (صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلعم بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بكرٍ وَعُمَرُ وَعَثْمَانُ صَدْرًا مِنْ خِلاَفَتِهِ).
          1656- ثانيها: حديثُ حارثةَ بنِ وَهبٍ الخُزَاعيِّ قَالَ: (صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلعم _وَنَحْنُ أَكْثَرُ مَا كُنَّا قَطُّ وَآمَنُهُ_ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ).
          1657- ثالثُها: حديثُ عبدِ اللهِ قَالَ: (صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلعم رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بكرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ، فَيَا لَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ ركعتانِ مُتَقَبَّلَتَانِ).
          وقد سلف ذَلِكَ في قصر الصَّلاة واضحًا بمذاهب العلماء فيمن يلزمه القصر بمنًى، وبما نزع به كلُّ فريقٍ منهم [خ¦1084]، ونَذْكُرُ نبْذةً منه لبُعْدِ العهدِ به فنقولُ: ذهبَ مالكٌ والأوزاعيُّ وإسحاقُ إلى أنَّ أهل مكَّةَ ومَنْ أقامَ بها مِنْ غيرها يقصرون بمنًى وعرفةَ، وأنَّ القصرَ سُنَّةُ الموضع، وإنَّما يُتِمُّ بها مَنْ كَانَ مقيمًا فيهما.
          وذَهَبَ الثَّوريُّ وأبو حنيفةَ والشَّافعيُّ وأحمدُ وأبو ثَورٍ إلى أنَّهم يُتِمُّون الصَّلاةَ بها، وقالُوا: إنَّ مَنْ لم يكن سفرُه سفرًا تُقصَرُ فيه الصَّلاةُ فحُكْمُه حُكم المقيم، وكذا تقدَّمَ هناك معنى إتمامِ عثمانَ وعائشةَ الصَّلاةَ في السَّفر، وما للعلماء في ذَلِكَ مِنَ التَّأويلات.
          وقولُ ابنِ مسعودٍ: (تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ) أي: ذهبتم إلى التَّأويلات.
          وقولُه: (لَيْتَ حَظِّي...) إلى آخره، يريد أنَّه لو صلَّى أربعًا تكلَّفَها فليتها تُتَقَبَّلُ كما تُتَقَبَّلُ الرَّكعتان، وقال الدَّاوُدِيُّ: خشيَ ابنُ مسعودٍ ألَّا تجزئ الأربعُ فاعلَها، وتَبِعَ عثمانَ كراهةً لخلافِه، وأخبرَ بما في نفسِه.