-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░48▒ بابُ كِسْوَةِ الكَعْبَةِ
1594- ذَكَرَ فيهِ حديثَ أبي وائلٍ: (جِئْتُ إلى شَيبةَ) وفي لفظٍ: (جَلَسْتُ مَعَ شَيبَةَ عَلَى الكُرْسِيِّ فِي الكَعْبَةِ فَقَالَ: لَقَدْ جَلَسَ هذا المَجْلِسَ عُمَرُ فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَلَّا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلا بَيْضَاءَ إلَّا قَسَمْتُهُ، قُلْتُ: إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلَا قَالَ: هُمَا المَرْءَانِ أَقْتَدِي بِهِمَا).
هذا الحديثُ أخرجَه أيضًا في الاعتصامِ في بابِ الاقتداءِ بالسُّنَّةِ، وفيه: ((مَا أَنْتَ بِفَاعلٍ، قَالَ: لِمَ؟ قُلْتُ: لم يَفْعَلهُ صَاحِبَاكَ، فَقَال: هُمَا المَرْءَانِ يُقْتَدى بِهِمَا))، وهذا الحديث جعله الحُمَيدِيُّ وأبو مسعودٍ الدِّمشقيُّ وقبلهما الطَّبَرانيُّ / مِنْ مسندِ شَيبَةَ، وهو ابنُ عثمانَ بنِ أبي طلحةَ الحَجِّبيُّ، أسلمَ يومَ الفتحِ، ومات سنة تسعٍ وخمسين، وخالفَ ذَلِكَ خلفٌ فذكره في مسندِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ.
وتقديمُ البُخَارِيِّ الإسناد الأوَّل لمعنيينِ: أوَّلهما تصريحُ سفيانُ فيه _وهو ابنُ سعيدٍ_ بالسَّمَاعِ، ثانيهما: مِنْ عادةِ الأئمَّةِ غالبًا الابتداءَ بالنَّازِلِ ثُمَّ العالي، وهو كذلك في الأوَّلِ إلى أبي وائلٍ أربعةٌ، وفي الثَّاني: ثلاثةٌ.
وعند ابنِ مَاجَهْ عن أبي وائلٍ قَالَ: بَعَثَ رجلٌ معي بدراهمَ هديَّةً إلى البيتِ، فدَخَلْتُ البيتَ وَشَيبَةُ جالسٌ عَلَى كُرْسيٍّ فنَاوَلْتُه إيَّاها فقال: ألكَ هذِه؟ قُلْتُ: لا، ولو كانت لي لم آتِكَ بها قَالَ: أما لئن قُلْتَ ذاك، لقد جَلَسَ عُمَرُ مجلسَكَ الَّذي أنتَ فيه، وقالَ: لا أَخرُجُ حَتَّى أَقْسِمَ مالَ الكعبةِ...، الحديثَ، وفيه: فقُلْتُ: لأنَّهُ ◙ قد رأى مكانَه، وأبو بكرٍ وهُمَا أحوجُ منكَ إلى المالِ فلم يحرِّكاه، فقامَ كما هو فخَرَجَ، وقال الإسماعيليُّ: ليس في الخبرِ لكسوة الكعبة ذِكْرٌ.
قُلْتُ: الجوابُ _كما أفاده ابنُ بَطَّالٍ_ لأنَّ مِنَ المعلومِ أنَّ الملوكَ في كلِّ سَنَةٍ كانوا يتفاخرون بتسبيل الأموالِ لها، فأرادَ البُخاريُّ أنَّ عُمَرَ لَمَّا أراد قسمةَ الذَّهبِ والفضَّةِ الموقوفين بها عَلَى أهلِ الحاجةِ صوابًا، كَانَ حكمُ الكسوةِ حكمَ المالِ يجوز قسمها، بل ما فضل مِنْ كسوتِها أَوْلَى بالقسمةِ عَلَى أهلِ الحاجةِ مِنْ قسمةِ المالِ، إذ قد يمكن نفقة المال فيما تحتاج إليه الكعبة في إصلاح ما وَهَى منها، وفي وَقِيدٍ وأُجْرَةِ قَيِّمٍ، والكسوة لا تدعُو إليها ضرورةٌ، ويكفي منها بعضُها.
ونحا نحوه ابنُ المُنيِّرِ فقالَ: يحتمل أنْ يكون مقصودُه بالتَّرجمة التَّنبيهَ عَلَى أنَّ كسوة الكعبة مشروعةٌ ومأثورةٌ، ولم تزل تُقصَدُ بمالٍ يوضع فيها عَلَى معنى الزِّينة والجمال إعظامًا لحُرمتها في الجاهليَّة والإسلام، والكسوة مِنْ هذا القبيل ويحتمل أن يريد التَّنبيه عَلَى حكم الكسوة، وهل يجوز التَّصرف فيما عتق منها كما يصنع الآن؟ فنبَّه عَلَى أنَّه موضع اجتهادٍ، وأنَّ مقتضى رأي عُمَرَ أن يُقسم في المصالح، وأنَّ رأي الشَّارِعِ والصِّدِّيقِ يخالفُ رأيه.
قَالَ: والظَّاهرُ جوازُ قسمةِ الكسوةِ العتيقةِ إذْ بقاؤها تعريضٌ لفسادها بخلاف النَّقدين، وإذْ لا جَمال في كسوةٍ عتيقةٍ مطويَّةٍ، ويُؤخَذُ مِنْ قول عُمَرَ أنَّ صرف المال في الفقراء والمساكين آكدُ مِنْ صرفه في كسوة الكعبة، لكنَّ الكسوة في هذِه الأزمنة أهمُّ، إذ الأمور المتقادمة تتأكَّد حرمتها في النُّفوس، وقد صار تَرْكُها في العُرف غضًّا في الإسلام، وإضعافًا لقلوب المسلمين.
ولك أن تقول: لعلَّ البُخاريَّ أراد أصلَ الحديثِ عَلَى عادته في الاستنباط وهو قوله عند ابنِ مَاجَهْ: ((مالُ الكَعْبةِ)) وهي داخلةٌ فيه، يؤيِّده قولُه ◙: ((وَهَل لَكَ مِنْ مَالِكَ إلَّا مَا لبستَ فَأَبليتَ)) فجعل اللُّبس وهو الكسوة مالًا.
قَالَ صاحبُ «التَّلخيصِ»: لا يجوز بيع أستارها، وكذا قَالَ أبو الفُضَيلِ بنُ عَبْدَانَ: لا يجوز قطع أستارها ولا قطع شيءٍ مِنْ ذَلِكَ، ولا يجوز نقلُه ولا بيعه ولا شراؤه، قَالَ: ومَنْ عمل شيئًا مِنْ ذَلِكَ كما تفعله العامَّة يشترونه مِنْ بني شَيبةَ لَزِمَهُ رَدُّه، ووافقه الرَّافعيُّ.
وقال ابنُ الصَّلاحِ: الأمرُ فيها إلى الإمامِ يَصرِفُه في بعض مصارفِ بيتِ المالِ بيعًا وعطاءً، واحتجَّ بما ذكره الأزرقيُّ أنَّ عُمَرَ كَانَ ينزعُ كسوة البيت كلَّ سَنَةٍ فيقسمها عَلَى الحاجِّ، وعند الأزرقيِّ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ وعائشةَ أنَّهما قالا: تُبَاعُ كسوتُها، ويُجعَلُ ثمنُها في سبيل الفقراء والمساكين وابنِ السَّبيل، قالا: ولا بأس أن يلبسَ كسوتَها مَنْ صارت إليه مِنْ حائضٍ وجُنُبٍ وغيرهما، وكذا قَالَتْه أمُّ سَلَمَةَ، وذكر ابنُ أبي شَيبَةَ عَنِ ابنِ أبي ليلى: وسُئِلَ عن رجلٍ سرقَ مِنَ الكعبةِ، فقال: ليس عليه قطعٌ.
وذكر مُحَمَّدُ بنُ إسحاقَ في «سيره»: تُبَّانُ أسعدُ كَرِبٍ وهو تُبَّعٌ الآخِرُ وجدُّه تُبَّعٌ الأوَّلُ، ثُمَّ ساق نسبَه إلى يَعرُبَ بنِ قَحطَانَ، قَالَ: كَانَ هو وقومه أصحابُ أوثانٍ يعبدونها، وُجِّهَ إلى مكَّةَ حتَّى إذا كَانَ بين عُسْفَانَ وأَمَجَ أتاه نفرٌ مِنْ هُذَيلِ بنِ مُدْرِكَةَ فقالوا: ألا ندلُّك عَلَى بيت مالٍ داثرٍ؟ قَالَ: بلى، قالوا: مكَّة وإنَّما أراد الهُذَليُّون هَلَاكَه لَمَّا عرفُوا هلاكَ مَنْ أراده مِنَ الملوك، فقال له حَبْرَانِ كانا معه: إنَّما أرادَ هؤلاء هلاكَك، قَالَ: فبماذا تَأْمُرَانِي؟ قالا: تصنعُ عندَه ما يصنعُ أهلُه، تَحلِقُ وتَطُوفُ وتنحرُ، ففَعَلَ وأقامَ بمكَّةَ ستَّةَ أيَّامٍ ينحر للنَّاس ويطعمهم، فَأُرِي في المنامِ أنْ يكسوَ البيتَ فكساه الخَصَفَ، ثُمَّ أُرِيَ أن يكسوه أحسنَ مِنْ ذَلِكَ فكساه المَعَافِرَ، ثُمَّ أُرِيَ أنْ يكسوه أحسنَ مِنْ ذَلِكَ فكساه المُلَاءَ والوَصَائِلَ، فكان تُبَّعٌ فيما يزعمون أوَّلَ مَنْ كسا البيتَ، وقال في موضعٍ آخر _أعني ابنَ إسحاقَ_: أوَّلُ مَنْ كساها الدِّيْبَاجَ الحَجَّاجُ، وذكر ابنُ قتيبةَ: أنَّ هذِه القصَّةَ كانت قبل الإسلامِ بسبعمئة سنةٍ.
وفي «معجم الطَّبَرانيِّ» مِنْ حديثِ ابنِ لَهِيْعَةَ: حدَّثنا أبو زُرْعَةَ بنُ عَمْرٍو سَمِعْتُ سهلَ بنَ سعدٍ _رَفَعَهُ_: ((لا تَسُبُّوا تُبَّعًا فإنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ))، وقال: لا يُروَى عن سهلٍ إلَّا بهذا الإسناد، تفرَّد به ابنُ لَهِيْعَةَ.
وفي «مغائصِ الجوهرِ في أنسابِ حِمْيَرَ»: كَانَ يَدِينُ بالزَّبورِ، وذكر ابنُ أبي الأزهرِ في «تاريخه»: أوَّلُ مَنْ كساها عدنانُ بنُ أَدَدَ، وفي «كتاب الكلبيِّ»: تُبَّعُ بنُ حسَّانَ بنِ تُبَّعَ بنِ ملكيكرب، وهو تُبَّعٌ الأصغرُ وآخرُ التَّبَابِعَةِ أتى مَكَّةَ وطافَ بها وحَلَقَ كالَّذي فعلَ جدُّه تُبَّعُ الأوسطُ، وكسا البيتَ المُلَاءَ والخزَّ والدِّيبَاجَ، وهو القائلُ:
كَسَونَا البَيْتَ الَّذي حَرَّمَ اللهُ
وقيل: بل قائلُه تُبَّعٌ الأوسطُ، والأوَّلُ أصحُّ وأكثرُ، وهو الَّذي عليه العلماءُ باليمنِ.
وزَعَمَ الزُّبَيرُ أنَّ أوَّلَ مَنْ كساها الدِّيبَاجَ عبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيرِ، زادَ أبو بكرٍ التَّاريخيُّ وغيره: جوفها أجمع، وكان يصبُّ الطِّيبَ فيما بين أضعافِ البُنيَانِ.
وذكر بعضُ الحَجَبَة أنَّه وجدَ قطعةَ / ديباجٍ مِنْ ديباجِ الكعبةِ فيها ممَّا أمرَ به أبو بكرٍ أميرُ المؤمنينِ، وكان ينقل بنفسه الحجارة لبنائها، قَالَ عامر ابنُه: رأيتُه يشربُ الماءَ وهو نائمٌ مِنَ اللَّغَبِ.
قَالَ أبو بكرٍ بإسناده إلى عُمَرَ: إنَّه كَانَ ينزع كسوةَ الكعبةِ كلَّ عامٍ فيقسمها في الحاجِّ، فيستترون بها ويستظلُّون بها عَلَى الشَّجر، وهذا سلف، وفي «أخبارِ مكَّةَ وفتوحِها» للفاكهيِّ ويُقَالُ: أوَّلُ مَنْ كساها الدِّيباجَ عبدُ الملكِ بنُ مروانَ.
وفي «الأوائل» لأبي عَرُوبَةَ الحرَّانِيِّ مِنْ حديث الأشعثِ عَنِ الحسنِ قَالَ: أوَّلُ شيءٍ كُسيته الكعبة أنَّ سيِّدنا رَسُول الله صلعم كساها قَباطيَّ، وذكر الدَّارَقُطْنيُّ: أنَّ نُتَيْلَةَ بنتَ جَنَابٍ أمَّ العبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ كانت قد أضلَّتِ العبَّاسَ صغيرًا فنَذَرَتْ إنْ وَجَدَتْهُ أن تكسوَ الكعبةَ الدِّيباجَ، ففَعَلَتْ ذَلِكَ حين وَجَدَتْه، وكانَتْ مِنْ بيتِ مملكةٍ.
وللأزرقيِّ عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ: كَانَ تُبَّعٌ أوَّلُ مَنْ كسا البيتَ كسوةً كاملةً، أُرِيَ في المنامِ أنْ يكسوَها، فكساها الأنطاعَ، ثُمَّ أُرِيَ أن يكسوها ثيابَ حِبَرَةٍ مِنْ عَصَبِ اليمنِ ثُمَّ كساها النَّاسُ بعده في الجاهليَّة، ثُمَّ ذكر أيضًا أنَّ النَّبِيَّ صلعم كساها، ثُمَّ أبو بكرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عثمانُ ومعاويةُ بنُ أبي سفيانَ وابنُ الزُّبَيرِ فمَنْ بعدَه، وكان عُمَرُ يكسوها مِنْ بيتِ المالِ القباطيَّ، وكساها معاويةُ وابنُ الزُّبَيرِ الدِّيباجَ، وكانت تُكسَى يومَ عاشوراء ثُمَّ صار معاويةُ يكسوها مرَّتين، والمأمون كَانَ يكسوها ثلاثًا: الدِّيباجَ الأحمرَ يومَ التَّرويةِ، والقباطيَّ هلال رجبٍ، والدِّيباجَ الأبيضَ يوم سبعٍ وعشرين مِنْ رمضانَ.
وذكر الماوَرْديُّ أنَّ أوَّلَ مَنْ كساها الدِّيباجَ خالدُ بنُ جعفرِ بنِ كلابٍ، أخذ لَطيمةً تحمل البزَّ ووجد فيها أنماطًا فعلَّقَها عَلَى الكعبة، وذكر الجاحظ: أنَّ أوَّل مَنْ خلَّقَها عبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيرِ، وفي كتابِ ابنِ إسحاقَ: أوَّل مَنْ جلَّاها عبدُ المطَّلبِ بنُ عبدِ مَنَافٍ، لَمَّا حفرها بالغزالين اللَّذين وجدهما مِنْ ذهبٍ.
وفي ابنِ أبي شَيبَةَ: عن عبدِ الأعلى عن مُحَمَّدِ بنِ إسحاقَ عن عجوزٍ مِنْ أهل مكَّة قالت: أُِصيبَ ابنُ عفَّانَ وأنا ابنةُ أربعَ عشرةَ سنةً، قالت: ولقد رَأَيْتُ البيتَ وما عليه كسوةٌ إلَّا ما يكسوه النَّاسُ الكِسَاء الأحمر يُطرَحُ عليه والثَّوب الأصفر والكِساء الصُّوف، وما كُسِيَ مِنْ شيءٍ عُلِّقَ عليه، ولقد رَأَيْتُه وما عليه ذهبٌ ولا فضَّةٌ، قَالَ مُحَمَّدٌ: لم يُكسَ البيتُ عَلَى عهدِ أبي بكرٍ ولا عُمَرَ، وإنَّ عُمَرَ بنَ عبدِ العزيزِ كساه الوَصَائلَ والقَباطيَّ.
وعن ليثِ بنِ أبي سُلَيمٍ قَالَ: كانت كسوة الكعبة عَلَى عهد رَسُولِ اللهِ صلعم الأَنْطاعَ والمسوحَ، وقال ابنُ دِحيَةَ: كساها المهديُّ القَباطيَّ والخزَّ والدِّيبَاجَ، وطلى جدرانها بالمسكِ والعنبرِ مِنْ أسفلها إلى أعلاها.
وفي ابنِ بَطَّالٍ: قَالَ ابنُ جُرَيْجٍ: زعم بعض علمائنا أنَّ أوَّل مَنْ كساها إسماعيلُ، قَالَ: وبلغني أنَّ تُبَّعًا أوَّل مَنْ كساها، ولم تزل الملوك في كلِّ زمنٍ يكسونها بالثِّياب الرَّقيقة، ويقومون بما تحتاج إليه مِنَ المُؤنة تبرُّكًا بذلك، فرأى عُمَرُ أنَّ ما فيها مِنَ الذَّهب والفضَّة لا تحتاج إليه الكعبة لكثرته، فأراد أن يصرفَه في منافع المسلمين نظرًا لهم، فلمَّا أخبره شَيبَةُ بأنَّه ◙ وأبا بكرٍ لم يتعرَّضَا لذلك أمسك وصوَّب فعلهما، وإنَّما تركا ذَلِكَ والله أعلم، لأنَّ ما جُعِلَ في الكعبة وسُبِّلَ لها يجري مجرى الأوقاف، ولا يجوز تغيير الأوقاف عن وجوهها، ولا صرفُها عن طرقها، وفي ذَلِكَ أيضًا تعظيمٌ للإسلام وحرماته وترهيبٌ عَلَى العدو.
وقد روى ابنُ عُيَينَةَ: عن عَمْرٍو عَنِ الحسنِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: لو أخذنا ما في هذا البيت _يعني الكعبة_ فقسمناه، فقال له أُبيُّ بنُ كعبٍ: والله ما ذَلِكَ لك قَالَ: ولِمَ؟ قَالَ: لأنَّ اللهَ بيَّن موضع كلِّ مالٍ، وأقرَّه رَسُولُ الله صلعم قَالَ: صَدَقْتَ.
وفي الحديثِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ: إنَّه يجوز صَرْفُ ما جُعِلَ في سبيلٍ مِنْ سُبُلِ الله في سبيلٍ آخرَ مِنْ سُبُلِ الله إذا كَانَ ذَلِكَ صوابًا، وفي فعله ◙ وفعل أبي بكرٍ حُجَّةٌ لِمَنْ رأى إبقاءَ الأموالِ عَلَى ما سُبِّلَت عليه، وترك تغييرها عمَّا جُعِلَتْ له.
وفي قولِه: (هُمَا المَرْءَانِ أَقْتَدِي بِهِمَا) مِنَ الفقه تَرْكُ خلاف كبار الأئمَّة، وفضل الاقتداء بهما، وأنَّ ذَلِكَ فعلُ السَّلفِ.
وقوله: (المَرْءَانِ) يُقَالُ: هذا مَرءٌ صالحٌ، وفيه لغةٌ بالضَّمِّ، ولا يُجمَعُ عَلَى لفظِه، وبعضهم يقولُ: المَرْؤُونَ، فإنْ جِئْتَ بألف الوصلِ كَانَ فيه ثلاثُ لغاتٍ: فتحُ الرَّاءِ عَلَى كلِّ حالٍ وإعرابُها عَلَى كلِّ حالٍ حكاهما الفرَّاء، وضمُّ الرَّاءِ عَلَى كلِّ حالٍ وإعرابُها عَلَى كلِّ حالٍ، تقولُ: هذا امرُؤٌ ورأيت امرَأً ومررت بامرِئٍ، ولا جمع له مِنْ لفظه، وهذه امرأةٌ _مفتوحة الرَّاءِ_ عَلَى كلِّ حالٍ.