-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░106▒ بَابُ: مَنْ أشْعَرَ وقَلَّدَ بِذِي الحُلَيفَةِ ثمَّ أَحْرَمَ.
وقال نَافِعٌ: كَانَ ابنُ عُمَرَ إِذَا أَهْدَى مِنَ المَدينَةِ قَلَّدَهُ وأَشْعَرَهُ بِذِي الحُلَيفَةِ، يَطْعُنُ في سَنَامِهِ الأيمَنِ بِالشَّفْرةِ، ووجْهُهَا قِبَلَ القِبْلَةِ بَارِكَةً.
1694- 1696- وذَكَرَ فيه مِنْ حَدِيثِ عُرْوةَ بْنِ الزُّبَيرِ، عَنِ المِسْورِ بْنِ مَخْرَمَةَ ومَرْوانَ قالا: (خَرَجَ النَّبِيُّ صلعم مِنَ المَدِينَةِ زَمَنَ الحُدَيبِيَةِ في بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةً مِنْ أَصْحَابِهِ حتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الحُلَيفَةِ، قَلَّدَ النَّبِيُّ صلعم الهَدْيَ، وأَشْعَرَهُ وأَحْرَمَ بِالعُمْرَةِ).
وحَديث عائشةَ: (فَتَلْتُ قَلائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ صلعم بِيَدَيَّ، ثمَّ قَلَّدَهَا وأَشْعَرَهَا وأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عليه شَيءٌ كَانَ حِلًّا).
أمَّا أثرُ ابنِ عمر، فأَخرَجَ نحوَه ابنُ أبي شَيبَةَ عن عَلِيِّ بنِ مُسْهِرٍ عن عبدِ الله عن نافعٍ أنَّ ابنَ عمر قال: لَا هَدْيَ إِلَّا مَا قُلِّدَ وأُشْعِرَ ووُقف بعرفةَ.
وحديثُ المِسْورِ بنِ مَخْرَمَةَ ومروانَ مِنْ أفرادِ البخاريِّ، وهو قطعةٌ مِنْ حَدِيثٍ طويلٍ، ذَكَرَهُ البخاريُّ في عشرة مواضِعَ مِنْ كِتابِه، وبكمالِه يأتي إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى في الصُّلْح متَّصلًا، وهو مِنْ مَراسِيلِ الصَّحَابَة لأنَّ المِسْورِ كَانَ سِنُّهُ في الحُدَيبِيَةِ أربعَ سنين، وأَمَّا مَرْوانُ فلم تَصِحَّ له صُحبةٌ، وعنِ الدَّارَقُطْنِيِّ: / ((أنَّهُ ◙ سَاقَ يَومَ الحُدَيبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً عن سَبْعِ مِئَةِ رَجُلٍ))، وفي روايةٍ: ((كَانُوا في الحُدَيبِيَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِئَةٍ))، وسيأتي في المغَازي عن جابرٍ وعَنِ ابنِ أبي أَوفَى: ((كَانُوا أَلْفًا وثَلاثَ مِئَةٍ))، وفي روايةٍ: ((أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِئَةً))، وكَانَت الحُدَيبِيَةُ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الهِجْرةِ في ذي القَعْدَةِ، قال ابنُ التِّينِ: والأشهَرُ أربعَ عشْرةَ مئةً، وأقامَ في سَفْرَتِه شَهرًا ونِصفًا وقِيلَ: خَمسِين ليلةً، ورَجعَ إلى المدينةِ لخَمْسٍ مَضَينَ مِنَ المُحَرَّمِ.
وحديثُ عائشةَ خرَّجهُ مُسْلِمٌ والأربَعةُ، وبوَّبَ له بعد فتل قَلائدِ البُدْنِ والبَقَرِ، وليسَ فيه ذِكْرُ البَقَر، لكنْ قدْ صَحَّ أنَّه ◙ أهداهما جميعًا، كما ذَكَرَه ابنُ المُنَيِّرِ، وفي أفرادِ مسلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ: ((صَلَّى النَّبيُّ صلعم الظُّهْرَ بِذِي الحُلَيفَةِ، ثمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا في صَفْحَةِ سَنَامِهَا الأيمَنِ، وسَلَتَ الدَّمَ، وقَلَّدَهَا نَعْلَينِ، ثمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا اسْتَوتْ بِهِ على الْبَيدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ))، وفي أبي داودَ: ((سَلَته بِيَدِهِ))، وفي أخرى: ((بِإِصْبَعِهِ)).
إذا تَقَرَّرَ ذلك، فغرَضُ البخاريِّ في البابِ أنْ يُبَيِّن أنَّ مَنْ أرادَ أنْ يُحْرِمَ بِالحَجِّ أو العُمْرةِ، وسَاقَ الهَدْي مَعَهُ، فإنَّ المستَحَبَّ له ألَّا يُشْعِرَ هديَهُ ولا يُقَلِّدَه إلَّا مِنْ ميقات بلدِه، وكذلك يُستَحبُّ له أيضًا ألَّا يُحْرِمَ إلَّا بذلك الميقاتِ على ما عَمِلَ النَّبيُّ صلعم بالحُدَيبِيَةِ، وفي حَجَّتِه أيضًا.
وكذلك مَنْ أرادَ أنْ يَبعَثَ بالهَدْي إلى البيتِ ولم يُرِد الحَجَّ والعُمْرَةَ وأقامَ في بلدِه، فإنَّه يَجوزُ له أن يقلِّدَهُ، وأنْ يُشعِرَهُ في بلدِه، ثمَّ يبعَثَ بهِ اقتداءً بِالشَّارِعِ، إذْ بَعثَ بهَدْيِه مَعَ أبي بكر سَنَة تِسعٍ، ولم يوجِبْ عليه إحرامًا ولا تجرُّدًا مِنْ ثيابِه ولا غيرَ ذلك، وعلى هذا جماعةُ أئمَّة الفتوى مِنْهُم مالِكٌ واللَّيثُ والأَوزَاعِيُّ والثَّورِيُّ والشَّافعيُّ وأبو حنيفةَ وأحمدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ، كلُّهم احتَجَّ بحديثِ عائشةَ في البابِ أنَّ تقليدَ الهدْيِ لا يُوجِبُ الإحرامَ على مَنْ لم يَنْوِهِ، وردُّوا قولَ ابنِ عَبَّاسٍ، فإنَّه كَانَ يرى أنَّ مَنْ بعثَ بهدْيٍ إلى الكعبةِ لَزِمَهُ إذا قلَّده الإحرامُ، ويجتنبُ كلَّ ما يتجنَّبُ الحاجُّ حتَّى يَنحرَ هدْيَه، وتابعَ ابنَ عَبَّاسٍ على ذلك ابنُ عمر، وبه قال عَطاءٌ، على خلافٍ عَنِ ابنِ عمر وسعيدِ بنِ جُبَيرٍ ومجاهدٍ.
قال أبو عمر: وقيسُ بنُ سعدِ بنِ عُبادةَ، وسعيدُ بنُ المُسَيِّبِ _على اختلافٍ عنهُ_ وميمونُ بنُ أبي شَبِيبٍ، ورُوِيَ مثلُ ذلك في أثرٍ مرفوعٍ مِنْ حَدِيثِ جابرٍ، رواه أَسَدُ بنُ موسى، عن حاتمِ بنِ إسماعيلَ، عن عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَطاءٍ، عَنِ ابنِ أبي لَبِيبَةَ، عن عبدِ المَلِكِ بنِ جابرٍ عنهُ، وابنُ أبي لَبِيبَةَ شيخٌ ليسَ مِمَّنْ يُحتجُّ به فيما ينفَرِدُ، فكيفَ فيما خالَفَه فيه مَنْ هو أَثْبَتُ مِنْهُ؟ ولكنَّه قد عَمِل بحديثِه بعضُ الصَّحَابَةِ.
وتابعَ ابنَ عَبَّاسٍ أيضًا النَّخَعِيُّ والشَّعْبِيُّ وأبو الشَّعْثَاءِ ومُجَاهِدٌ والحَسَنُ، ذَكَرَه في «المصنَّف»، وحَكَاهُ أيضًا عن عمرَ وعليٍّ وابنِ سيرينَ، وهم محجَّجون بالسُّنَّة الثَّابتةِ، وليسَ أحدٌ بحُجَّةٍ عليها.
قال الطَّحَاوِيُّ: وقدْ رأى رَبِيعَةُ بنُ الهُدَيرِ _فيما رَواهُ مَالِكٌ عن يحيى بنِ سعيدٍ عن مُحمَّدِ بنِ إبراهيمَ_ رجلًا مُتجرِّدًا بالعراق، فسأَلَ الناسَ عنهُ، فقالوا: أمَر بهَدْيِه أن يُقلَّدَ، فلِذلك تَجَرَّدَ، فذَكَرَ ذلك لابن الزُّبَيرِ، فقال: بِدعَةٌ وربِّ الكَعبةِ، فلا يجوز أنْ يكونَ ابنُ الزُّبَيرِ حَلَفَ على ذلك أنَّه بِدْعةٌ، إلَّا وقد عَلِمَ أنَّ السُّنَّةَ خلافُ ذلك.
قال أبو عمرَ: وأَمَّا ابنُ عَبَّاسٍ فاعتَمَد على حديثِ جابرٍ، وقد ذَكَرْنا علَّتَه، ولو عَلِمَ به ابنُ الزُّبَيرِ لم يُقسِمْ.
وفي «المصنَّف» عن أَنَسٍ والحَسَنِ وعائشةَ وعَلْقَمَةَ وابنِ مسعودٍ مثلُ حديثِ عائشةَ، وبيَّن أنَّ الَّذِي رآهُ رَبِيعَةُ بنُ الهُدَيرِ مُتَجرِّدًا، وأَخبرَ به ابنَ الزُّبَيرِ عبدُ اللهِ بنَ عَبَّاسٍ زمَن إمرَتِهِ على البَصْرَةِ، ثمَّ ذَهبَ جماعةُ العُلماءِ إلى سُنِّيَّةِ الإشعارِ إلَّا أبا حنيفةَ، قال ابنُ حزْمٍ: لا نعلَم له فيه سَلَفًا، ونقلَه ابنُ بَطَّالٍ عن إبراهيمَ النَّخَعِيِّ، وفي «المُصَنَّفِ» عن عائشةَ وابنِ عَبَّاسٍ: ((إِنْ شِئْتَ فَأشْعِر، وإِنْ شِئْتَ فَلَا))، ومِنْ حَدِيثِ لَيثٍ، عن عَطاءٍ وطاوسٍ ومجاهد مثلُه، وفي لفظٍ عنهُم: ((لَيسَ الْإِشْعَارُ بِواجِبٍ)).
وقال الطَّحَاوِيُّ: أبو حنيفةَ لم يكْرَهْ أصل الإشْعارِ، وإِنَّمَا كَرِه ما يُفْعَلُ على وجهٍ يخافُ مِنْهُ هلاكًا، لسِرايَةِ الجُرْحِ لا سِيَّما في حَرِّ الحِجازِ مَعَ الطَّعْنِ بالسِّنانِ أو الشَّفْرَة، وأرادَ سدَّ البابِ على العامَّةِ لأنَّهم لا يُراعُون الحدَّ في ذلك، وأمَّا مَنْ وقفَ على الحدِّ في ذلك فقطعَ الجِلدَ دونَ اللَّحْم فلا يُكره، وذكَرَ الكِرْمَانِيُّ عنهُ استِحسَانَه، قال: وهو الأصحُّ لا سِيَّما إنْ كَانَ بمِبضَعٍ ونحوِه، فيصيرُ كالفصْدِ والحِجَامَةِ.
وفي «شَرْحِ الهِدَايَة»: هو أنْ يطعنهَا في أسفَلِ سَنامِها مِنَ الجانِب الأيسَرِ حتَّى يَسِيلَ الدَّمُ، قاله أبو يوسف ومحمَّدٌ، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابنِ عمر أنَّه كَانَ يُشعِرها مرَّةً في الأيمنِ ومرَّةً في الأيسرِ، ذكرَه ابنُ بَطَّالٍ، وحديثُ ابنِ عَبَّاسٍ السَّالِفُ وأثرُ ابنِ عمر: (الأيمَنِ)، وتأوله بعضُ المالِكِيَّةِ لصُعوبَتها.
وقد رُوِيَ عن نافعٍ كَانَ ابنُ عمر إنْ كَانَت بدَنَتُه ذُلُلًا أَشعرها في الأيسَرِ، وإنْ كَانَت صَعْبةً قَرَنَ بَدَنَتَينِ، ثمَّ قامَ بينَهُما وأشعرَ إحداهما مِنَ الأيمن، والأُخرَى مِنَ الأيسرِ، وابنُ عمر كَانَ مِنَ التَّابعين للآثارِ، والَّذِي عنهُ في «الموطَّأ»: ((مِنَ الأيسَرِ)) رَواهُ مَالِكٌ عن نافعٍ عنه، والَّذِي عنهُ في البخاريِّ مُرسَلٌ لم يُسنِده.
قال مَالِكٌ في «العُتبيَّة»: لم يشعرها ابنُ عمر في الشِّقَّين لأنَّها سُنَّةٌ لكنْ ليُذَلِّلَها، وإِنَّمَا السُّنَّة في الأيسرِ مطلقًا. قال محمَّدٌ: في الشِّقَّين أي في أيِّ الشِّقَّين أمكَنهُ، قال ابنُ قُدامةَ: وعن أحمدَ مِنَ الجانبِ الأيسرِ لأنَّ ابنَ عمر فعلَهُ، وبه قال مَالِكٌ، قال ابنُ التِّينِ: وهو الَّذِي اشتهرَ في «المدوَّنة» وغيرِها، وحَكَاهُ ابنُ حَزْمٍ عن مُجَاهِدٍ بِقوله: كَانُوا يَستحبُّون الإشعارَ في الأيسرَ، وعندَ الشَّافعيِّ وأحمدَ في قولٍ، وأبي يوسف ومحمَّدٍ الأيمنُ.
وزعَمَ القائلُون بالأيسرِ بأنَّه ◙ كَانَ يَدخَل بينَ البَعيرَين مِنْ قِبَلِ رؤوسِهما فيَضرِب أوَّلًا عادَةً عن يسارِه مِنْ قِبَلِ السَّنامِ، ثمَّ يَعطِفُ على الآخَرِ فيَضرِبُه مِنْ قِبَلِ يمينِه، فصارَ الطَّعنُ في الجانبِ الأيسرِ أصليًّا لأنَّه المفعولُ أوَّلًا، وفي الأيمنِ اتِّفاقيًّا، والأصْلُ أَولى.
وزعَم صاحِبُ «المطالع» أنَّ إشعارَها / هو تعلِيمُها بعَلامةٍ بشَقِّ جِلْد سنامِها عرْضًا مِنَ الجانبِ الأيمنِ، هذا عندَ الحِجازيِّين، وأَمَّا العراقيُّون فالإشعارُ عندَهم تقليدُها بقلادةٍ، وقال ابنُ حَبِيبٍ: يُشعِرُها طولًا، وقال ابنُ التِّينِ: عَرْضًا، والعَرْضُ عَرْضُ السَّنامِ مِنَ العُنُقِ إلى الذَّنَبِ، قال ابنُ التَّيَّانِيِّ: أشعرتُ النَّاقَةَ إذا وجأتَ في كتِفِها، وفي «الجامِع»: أشعَرَها إشعَارًا، وإشعارُها أنْ يوجَأَ أصْلُ سَنامِها بسِكِّينٍ، سُمِّيَت بما حَلَّ فيها، وذلك أنَّ الَّذِي يَغلِبُ بها علامةٌ تُعرَف بها، وقال ابنُ سِيدَهْ: هو أنْ يشُقَّ جلدَها أو يطعنَهَا حتَّى يَظهَر الدَّمُ.
واختَلفوا _كما قال ابنُ بَطَّالٍ_ في إشعارِ البقَرِ، فكَانَ ابنُ عمر يَقُولُ: تُشعَر في أسنِمتِها، وحَكَاهُ ابنُ حزْمٍ، عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ أيضًا، وقال عَطاءٌ والشَّعْبِيُّ: تُقلَّدُ وتُشعَرُ، وهو قولُ أبي ثَورٍ، وقال مَالِكٌ: تُشعَرُ الَّتِي لها سَنامٌ وتُقلَّدُ، ولا تُشعَرُ الَّتِي لا سَنامَ لها وتقلَّدُ، قال سعيدُ بنُ جُبَيرٍ: تُقلَّدُ ولا تُشعَرُ، واختارَ ابنُ حَبِيبٍ أنْ تُشعَرَ وإنْ لم يكنْ لها أَسنِمَةٌ.
قال ابنُ التِّينِ: وما علمتُ أحدًا ذكَرَ الخلافَ في البقَرِ المسنَّمةِ إلَّا الشَّيخَ أبا الحَسَنِ، وما أراه موجودًا، وأَمَّا الغنَمُ فلا يُسنُّ إشعارُها لضَعْفِها، ولأنَّ صُوفها يستُرُ موضِعَ الإشعارِ، وأَمَّا التَّقليد فسُنَّةٌ بالإجماعِ، وهو تعليقُ نَعْلٍ أو جِلْدٍ، وما أشبهَهُ ليكونَ علامةً للهَدْيِ.
قال الحنفيُّون: لو قلَّد بعُرْوةٍ مزادةٍ أو لحاءِ شجرةٍ وشبهِ ذلك جازَ؛ لحصولَ العلامةِ، وذَهَبَ الشَّافعيُّ والثَّورِيُّ إلى أنَّها تُقلَّدُ بنَعلين لحديثِ ابنِ عَبَّاسٍ السَّالِفِ، وبه قال ابنُ عمر، وقال الزُّهْرِيُّ ومَالِكٌ: تُجزِئ واحدةٌ، وعنِ الثَّورِيِّ تُجزئ فمُ القِرْبَة، ونعلانِ أفضلُ لمَنْ وجدَهما.
فائدةٌ: لم يَذكُرِ البخاريُّ ☼ حُكْمَ الهدي إذا عُطِب، وقد أَخْرَجَ مُسْلِمٌ في «صَحِيحِه» مِنْ أفرادِه: ((نحرها، وصبغ نَعْلَهَا في دَمِهَا، ثمَّ اجْعَلْهُ على صَفْحَتِهَا، ولَا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ ولَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ)).