-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░23▒ بابُ مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ وَالأَرْدِيَةِ وَالأُزُرِ
وَلَبِسَتْ عَائِشَةُ الثِّيَابَ المُعَصْفَرَةَ وَهْيَ مُحْرِمَةٌ، وَقَالَتْ: لا تَلَثَّمْ وَلَا تَبَرْقَعْ وَلا تَلْبَسْ ثَوْبًا بِوَرْسٍ أو زَعْفَرَانٍ.
وَقَالَ جَابِرٌ: لا أَرَى المُعَصْفَرَ طِيبًا وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ / بَأْسًا بِالحُلِيِّ وَالثَّوْبِ الأَسْوَدِ وَالمُوَرَّدِ وَالخُفِّ لِلْمَرْأَةِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: لا بَأْسَ أَنْ يُبْدِلَ ثِيَابَهُ.
1545- ثُمَّ ذَكَرَ حديثَ ابنِ عبَّاسٍ: (انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلعم مِنَ المَدِينَةِ بَعْدَمَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ، هُوَ وَأَصْحَابُهُ...) الحديثَ.
الشَّرحُ: أمَّا أثرُ عائشةَ فأخرجَه ابنُ أبي شَيبَةَ مِنْ حديثِ إبراهيمَ عنها أنَّها قَالَتْ: يُكْرَهُ الثَّوبُ المصبوغُ بالزَّعْفَرَانِ أو المشبعةِ بالعُصْفُرِ للرِّجالِ والنِّسَاءِ إلَّا أن يكونَ ثوبًا غسيلًا، وفي لفظٍ: تُكْرَهُ المشبَعَةُ المعصفرُ للنِّسَاءِ، وبإسنادٍ صحيحٍ عنها أنَّها قالَتْ: تلبسُ المُحرِمَةُ ما شاءَتْ إلَّا المَهْرُودَ بالعُصْفُرِ والمُوَرَّدِ.
في أثرِها الثَّاني: قيلَ هو المعصفَرُ إذا غُسِلَ صارَ مُوَرَّدًا، و قَالَ بعضُ أهلِ اللُّغَةِ: المُوَرَّدُ المصبوغُ بالوردِ.
وأمَّا أثرُ جابرٍ فأخرجَه ابنُ أبي شَيبَةَ أيضًا عن حُمَيدِ بنِ عبدِ الرَّحمَنِ الرُّؤاسيِّ عن أبيه عن أبي الزُّبَيرِ عن جابرٍ قَالَ: إذا لم يكنْ في الثَّوبِ المعَصفَرِ طِيبٌ فلا بأسَ به للمُحرِمِ أن يلبَسَه.
وأثرُ إبراهيمَ أخرجَه ابنُ أبي شَيبَةَ عن جريرٍ عن مُغِيرَةَ عنه قَالَ: يغيِّرُ المُحرِمُ ثيابَه ما شاءَ بعدَ أن يلبسَ ثيابَ المُحرِمِ، قَالَ: وحَدَّثَنا إسماعيلُ بنُ عيَّاشٍ عن سعيدِ بنِ يوسفَ عن يحيى بنِ أبي كثيرٍ عن عكرمةَ قَالَ: ((غَيَّرَ النَّبِيُّ صلعم ثَوْبيهِ بالتَّنْعِيمِ))، وحَدَّثَنا هُشَيمٌ عن مُغِيرَةَ عن إبراهيمَ، ويونسُ عَنِ الحسنِ، وحجَّاج عن عبدِ الملكِ وعطاءٍ أنَّهم لم يروا بأسًا أن يُبدِّلَ المُحرِمُ ثيابَه، وكذا قالَه طاوسٌ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ سُئِلَ: أيبيعُ المُحرِمُ ثيابَه؟ قَالَ: نعم، وحديثُ ابنِ عبَّاسٍ مِنْ أفرادِه، ورواه مَرَّةً مختصرًا، وقَالَ: يحلقُوا أو يقصِّرُوا.
والتَّرَجُّلُ: حَلُّ الشَّعرِ ومَشْطُه.
ومعنى (تَرْدَعُ) _بعينٍ مهملةٍ وفتْحِ أوَّلِه لأنَّه ثلاثيٌّ_ أي: كَثُرَ فيها الزَّعْفَرَانُ حَتَّى تنفضَه وتلطِّخَه، قَالَ صاحبُ «المطالعِ»: وفَتْحُ الدَّالِ أوجهُ، والرَّدْعُ: الأثرُ عَلَى الجِلْدِ وغيرِه، قَالَ ابنُ سِيدَهْ: شيءٌ يسيرٌ في مواضعَ شتَّى، وقالَ ابنُ التِّينِ: معناه تلطُّخُ الجِلْدِ، وقَالَ ابنُ الجَوزيِّ: كذا وَقَعَ (تَرْدَعُ عَلَى الجِلْدِ) والصَّوابُ تردعُ الجلدَ أي تصبغُه، وتنفضُ صبغها عليه، وقالَ ابنُ بَطَّالٍ: مَنْ رواه بغينٍ معجمةٍ فهو مِنْ قولِهم: أردَغَتِ الأرضُ: كثرت رِدَاغُها، وهي مناقعُ المياهِ، ومنه: أرزغَتِ الأرضُ_بالزَّاي_ كثرت رِزاغُها، جمعُ رَزَغةٍ كالرَّدَغَةِ، ذَكَرَه صاحبُ «الأفعالِ» وذَكَرَ أَرْدَغَ وأَرْزَغَ في بابِ أَفْعَلَ خاصَّةً.
وقولُه: (فَأَصْبَحَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى البَيْدَاءِ، أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ) كذا هنا، وفي «صحيحِ مسلمٍ» عنه: ((أنَّه ◙ صلَّى الظُّهرَ بذي الحُلَيفَةِ، ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا في صَفْحَةِ سَنَامِهَا الأيمنِ، وسلت الدَّم، وقَلَّدَها بِنَعْلَينِ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فلمَّا استَوَتْ بِهِ عَلَى البيداءِ، أَهَلَّ بالحَجِّ)).
قَالَ ابنُ حَزْمٍ: فهذا ابنُ عبَّاسٍ يذكرُ أنَّه صلَّى الظُّهْرَ في ذي الحُلَيفَةِ، وأنسٌ يذكرُ أنَّه صَلَّاها بالمدينةِ، وكلا الطَّريقين في غايةِ الصِّحَّةِ، وأنسٌ أثبتُ في هذا المكانِ لأنَّه ذَكَرَ أنَّه حَضَرَ ذَلِكَ بقولِه: ((صَلَّى الظُّهْرَ بالمدينةِ أربعًا، وبذي الحُلَيفَةِ العَصْرَ رَكْعتينِ))، وابنُ عبَّاسٍ لم يذكرْ حضورًا، والحاضرُ أثبتُ، ثُمَّ إنَّ ابنَ عبَّاسٍ لم يقلْ فيها إنَّها كانَتْ يومَ خروجِه ◙ مِنَ المدينةِ، وإنَّما عنى به اليومَ الثَّاني، فلا تَعَارُضَ إذنْ.
وعندَ النَّسَائيِّ عن أنسٍ أنَّه ◙ صَلَّى الظُّهْرَ بالبيداء، ثُمَّ ركبَ وصَعِدَ جبلَ البيداءِ، وأَهَلَّ بالحجِّ والعُمْرَةِ ولا تعارُضَ فإنَّ البيداءَ وذا الحُلَيفَةَ متَّصلتان بعضُها مع بعضٍ، فصلَّى الظُّهْرَ في آخرِ ذي الحُلَيفَةِ وهو أوَّلُ البيداءِ، فصَحَّا، فعلى هذا يكونُ قول مَنْ قَالَ: إنَّ أوَّلَ إهلالِه بالبيداءِ عَقِبَ صلاةِ الظُّهْرِ وتقدَّمَ قولُ أنسٍ إنَّ إحرامَه كَانَ عقيب صلاةِ الصُّبْحِ، ومعلومٌ أنَّ الإحرامَ عقبَ التَّهليلِ، وطريقُ الجمعِ كما ذَكَرَ ابنُ عبَّاسٍ، يعني في بابِ الإهلالِ السَّابقِ.
وقولُه: (وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ) يحتملُ أنَّه أرادَ الخروجَ ويحتملُ الإهلالَ، وفي صحيحِ مسلمٍ عن عائشةَ: ((خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم لخمسٍ بقينَ مِنْ ذي القَعْدَةِ))، وفي «الإكليلِ» بسندٍ فيه الواقِديُّ مِنْ حديثِ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ: ((خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلعم مِنَ المدينةِ يَوْمَ السَّبتِ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ عَشْرٍ، فصَلَّى الظُّهْرَ بذي الحُلَيفَةِ رَكْعتَين)).
وزَعَمَ ابنُ حَزْمٍ: أنَّه خرجَ يومَ الخميس لستٍّ بقينَ مِنْ ذي القعدةِ نهارًا بعدَ أنْ تَغَدَّى وصَلَّى الظُّهْرَ بالمدينةِ، وصَلَّى العَصْرَ مِنْ ذَلِكَ اليومِ بذي الحُلَيفَةِ، وباتَ بذي الحُلَيفَةِ ليلةَ الجمعةِ، وطَافَ عَلَى نسائِهِ ثُمَّ اغتَسَلَ ثُمَّ صَلَّى بها الصُّبْحَ ثُمَّ طيَّبَتْه عائشةُ ثُمَّ أحرَمَ ولم يغسلِ الطِّيبَ، وأَهَلَّ حينَ انبعثَتْ به راحلتُه مِنْ عندِ مسجدِ ذي الحُلَيْفَةِ بالقِرَانِ العُمْرَة والحجّ معًا، وذَلِكَ قبلَ الظُّهْرِ بيسيرٍ، ثُمَّ لبَّى ثُمَّ نَهَضَ وصَلَّى الظُّهْرَ بالبيداءِ، ثُمَّ تمادى واستَهَلَّ هلالَ ذي الحِجَّةِ.
فإن قُلْتَ: كيف قَالَ: إنَّه خَرَجَ مِنَ المدينةِ لستٍّ بقينَ مِنْ ذي القَعْدَةِ وقد ذَكَرَ مسلمٌ مِنْ حديثِ عَمْرَةَ عن عائشةَ: ((لخمسٍ بَقِينَ مِنْها لَا نَرَى إلَّا الحَجَّ))؟ قُلْتُ: قد ذَكَرَ مسلمٌ أيضًا مِنْ طريقِ عُرْوَةَ عنها: ((خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم مُوَافينَ لِهِلالِ ذِي الحِجَّةِ)) فلمَّا اضطربَتِ الرِّوايةُ عنها، رجعنا إلى مَنْ لم تضطربْ عنه في ذَلِكَ وهما عُمَرُ وابنُ عبَّاسٍ، / فوَجَدْنَا ابنَ عبَّاسٍ ذَكَرَ اندفاعَ رَسُولِ اللهِ صلعم مِنْ ذي الحُلَيْفَةِ بعدَ أن باتَ بها كَانَ لخمسٍ بَقينَ مِنْ ذي القَعْدَةِ، وذَكَرَ أنَّ يومَ عرفةَ كَانَ يومَ جُمعَةٍ فوجبَ أنَّ استهلالَ ذي الحجَّةِ يومَ الخميسِ وأنَّ آخرَ ذي القَعْدَةِ الأربعاءُ، فصَحَّ أنَّ خروجَه كَانَ يومَ الخميسِ لستٍّ بقينَ منها.
ويزيدُه وضوحًا حديثُ أنسٍ: ((صَلَّيْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم الظُّهْرَ بالمدينةِ أربعًا، والعَصْرَ بذي الحُلَيفةِ رَكْعتَينِ)) فلو كَانَ خروجُه لخمسٍ بقينَ منها لكانَ بلا شكٍّ يومَ الجُمعَةِ، والجُمعَةُ لا تُصلَّى أربعًا، فصحَّ أنَّ ذَلِكَ كَانَ يومَ الخميسِ وعَلِمْنا أنَّ معنى قولِ عائشةَ: ((لخمسٍ بَقِينَ مِنْ ذي القَعْدَةِ))، إنَّما عَنَتِ اندفاعَه ◙ مِنْ ذي الحُلَيفَةِ، فلم تعدَّ المرحلةَ القريبةَ، وكانَ ◙ إذا أرادَ أن يخرجَ لسفرٍ لم يخرجْ إلَّا يومَ الخميسِ، فبطلَ خروجُه يومَ الجُمعَةِ، وبَطَلَ أن يكونَ يومَ السَّبتِ لأنَّه كَانَ يكونُ حينئذٍ خارجًا مِنَ المدينةِ لأربعٍ بقين مِنْ ذي القَعْدَةِ، وصَحَّ أنَّ خروجَه كَانَ لسِتٍّ بقينَ، واندفاعَه مِنْ ذي الحُلَيفَةِ لخمسٍ بقينَ مِنْ ذي القَعْدَةِ، وتآلفَتِ الرِّواياتُ.
وقولُه: (فَقَدِمَ مَكَّةَ _شرَّفها اللهُ تعالى_ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ) قَالَ الواقِديُّ: أخبرنا أفلحُ بنُ حُمَيدٍ عن أبيه عَنِ ابنِ عُمَرَ ☺ أنَّ هلالَ ذي الحجَّةِ كَانَ ليلةَ الخميسِ اليوم الثَّامن مِنْ يومِ خُرُوجِه صلعم مِنَ المدينةِ، ونَزَلَ بذي طوًى فباتَ بها ليلةَ الأحدِ لأربعٍ خلونَ مِنْ ذي الحِجَّةِ، وصَلَّى الصُّبْحَ بها، ودَخَلَ مَكَّةَ نهارًا مِنْ أعلاها صبيحةَ يومِ الأحدِ.
قُلْتُ: وهذا يعضُدُ قولَ ابنِ حَزْمٍ قَالَ: وأقامَ بمكَّةَ مُحرِمًا مِنْ أجلِ هَدْيِه يوم الأحدِ المذكورِ إلى ليلةِ الخميسِ، ثُمَّ نَهَضَ ضحوةَ يومِ الخميسِ، وهو يومُ منًى والتَّروية مع النَّاسِ إلى منًى وفي ذَلِكَ الوقت أحرَمَ بالحَجِّ مِنَ الأبطحِ، كذا ادَّعَى، وقد أسلفنا أنَّه كَانَ قارِنًا.
وذو القعْدَةِ: بكسرِ القافِ وفتحِها، وكذا ذو الحجَّةِ: بفتحِ الحاءِ وكسرِها، والفتحُ أشهرُ هنا.
و(الحَجُونِ) _بفتحِ الحاءِ_ موضعٌ بمكَّةَ عندَ المحصَّبِ، وهو مقبرةُ أهلِ مَكَّةَ.
قَالَ أبو حنيفةَ الدِّيْنَوَريُّ في «الأنواءِ»: الحَجُونُ بلدٌ، الواحدُ حَجَنٌ، وفي «النَّقائضِ» الحَجُونُ مكانٌ مِنَ البيتِ عَلَى ميلٍ ونصفٍ، وقالَ البَطَلْيُوسيُّ: الحَجُونُ الَّذي ذَكَرَه زهيرٌ موضعٌ آخرُ غيرَ حَجُونِ مَكَّةَ.
قولُه: (وَلَمْ يَقْرَبِ الكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ) لعلَّه شَغَلَه عَنِ الطَّوافِ في هذِه المدَّةِ شاغلٌ، وإلَّا فله أن يَتَطَوَّعَ بالطَّوَافِ ما شَاءَ.
وقولُه: (وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطَّوَّفُوا...) إلى آخرِه، اختُلِفَ فيهم فقيلَ: مَنْ أحرَمَ بعُمْرَةٍ، وقيلَ: مَنْ أحرَمَ بحجٍّ أو بعُمْرَةٍ ولا هَدْي معه وقالَ لِمَنْ كَانَ أَهَلَّ بالحَجِّ: ((هِي لَكُم خَاصَّةً)) وضَرَبَ عُمَرُ ☺ بعدَ رَسُولِ اللهِ صلعم مَنْ فَعَلَه لأنَّها كانَتْ خصوصًا لهم، وهو الصَّوابُ، وأَمَرَ فيه بالتَّقصيرِ لأجلِ الحلقِ بمنًى، ورأى قومٌ أنَّ ذَلِكَ لِمَنْ بعدَهم ولم يحفظُوا الخصوصَ ومنهم أحمدُ وداودُ وأجازا فسخَ الحجِّ في العُمْرَةِ، ولم يجزْ لِمَنْ كَانَ معه هَدْيٌ أن يَحِلَّ لقولِه تَعَالَى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُؤوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196].
وقولُه: (ثُمَّ يَحِلُّوا) أي: فيحلُّ لهم المحرَّمَاتُ، كما ذَكَرَه بعدُ.
إذا تقرَّر ذَلِكَ فالكلامُ عَلَى مواضعَ:
أحدُها: قامَ الإجماعُ كما حكاه المُهَلَّبُ أنَّ المُحرِمَ لا يلبسُ إلَّا الأُزُرَ والأرديةَ وما ليس بمخيطٍ، لأنَّ لُبْسَه مِنَ الترفُّهِ، فأرادَ الرَّبُّ جلَّ جلالُه أن يأتُوه شُعْثًا غُبْرًا عليهم آثارُ الذِّلَّةِ والخشوعِ، ولذلك نهى عن لُبْسِ الثَّوبِ المصبوغِ كما سَلَفَ لأنَّه طِيبٌ ولا خلافَ بينَ العلماءِ أن لُبْسَه له لا يجوزُ.
واختلفُوا في الثَّوبِ المُعَصفَرِ له فأجازَه جابرٌ وابنُ عُمَرَ وأسماءُ وعائشةُ، وهو قولُ القاسمِ وعطاءٍ ورَبِيعَةَ، وقالَ مالكٌ: المُعَصفَرُ ليس بِطِيبٍ، وكَرِهَه للمُحرِمِ لأنَّه ينتفضُ عَلَى جِلْدِه، فإن فَعَلَ فقد أساءَ ولا فديةَ عليه وهو قولُ الشَّافعيِّ، وقاَلَ أبو ثَورٍ: إنَّما كَرِهْنا المُعَصفَرَ لأنَّهُ ◙ نهى عنه لا أنَّه طِيبٌ، وكَرِهَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ لباسَ الثِّيابِ المصبَّغَةِ، وقالَ أبو حنيفةَ والثَّورِيُّ: المُعَصفَرُ طِيبٌ وفيه الفديةُ.
وقالَ ابنُ المُنْذِرِ: إنَّما نَهى عُمَرُ عَنِ المصبَّغَةِ في الإحرامِ تأديبًا ولئلَّا يلبسَه مَنْ يُقتَدَى به فيغترَّ به الجاهلُ ولا يميِّزَ بينَه وبينَ الثَّوْبِ المزعفرِ، فيكون ذريعةً للجُهَّالِ إلى لُبْسِ ما نُهِيَ عنه المُحرِمُ مِنَ الورسِ والزَّعفرانِ، والدَّليلُ على أنَّ عُمَرَ رأى عَلَى طلحةَ بنِ عبيدِ اللهِ ثوبًا مصبوغًا فقالَ له: ما هذا يا طلحةُ؟ قَالَ: يا أميرَ المؤمنين إنَّما هو مَدَرٌ، فقال عُمَرُ: إنَّكم أيُّها الرَّهطُ أئمَّةٌ يُقتَدى بكم، لو أنَّ رجلًا رأى هذا الثَّوبَ قَالَ: رأيْتُ طلحةَ يلبسُ المصبَّغَةِ في الإحرامِ، أخرجَه مالكٌ في «الموطَّأِ» عن نافعٍ عن أَسْلَمَ مولى عُمَرَ، وإن كَانَ أرادَ به التَّحريمَ فقد خالفَه غيرُه مِنَ الصَّحَابةِ، والصَّوابُ عندَ اختلافِهم أن يُنظَرَ إلى أَوْلاهم قولًا فيُقَالَ به، وإطلاقُ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تحريمِه لأنَّ الأشياءَ كانَتْ عَلَى الإباحةِ قبلَ الإحرامِ، فلا يجبُ التَّحريمُ إلَّا بيقينٍ، وقد رُوِّينا أنَّ عُمَرَ أنكرَ عَلَى عقيلٍ لبسه المورَّدتَين وأنكرَ عَلَى عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ ثوبين مضرَّجَين، قَالَ عليٌّ لعُمَرَ: دعنا منك فإنَّه ليسَ أحدٌ يعلِّمُنا السُّنَّةَ، قَالَ عُمَرُ: صَدَقتَ.
وقالَ ابنُ التِّيْنِ: لُبْسُ عائشةَ المُعَصفَر كأنَّهُ غير المُفَدَمِ لأنَّ المُفَدَمَ الَّذي ينفضُ ممنوعٌ للرِّجالِ والنِّسَاءِ، وأمَّا المورَّدُ بالعُصفُرِ والمصبوغُ بالمَغْرَةِ وبغيرِ الزَّعفرانِ والوَرْسِ فلا يُمنَعُ منه المُحرِمُ ويُكرَهُ لِمَنْ يُقتَدَى به لُبْسُه، وكَرِهَ أشهَبُ المُعَصفَرَ، وإن كَانَ لا ينتفضُ لِمَنْ يُقتَدَى به. /
قَالَ: وحاصلُ مذهبِنا أنَّ الَّذي يَنتفضُ مِنْ صبغِه يُمنَعُ منه الرِّجالُ والنِّسَاءُ، وإلَّا فلا فيهما إلَّا مَنْ يُقتَدَى به منهم، قالَه ابنُ حَبِيبٍ، وقالَ مُحَمَّدٌ: يُكرَهُ لهما جميعًا، وقالَ أبو حنيفةَ: يُكرَهُ المُعَصفَرُ المُفَدَمُ لهما، وأباحَه الشَّافعيُّ، فإن لبسَ مُعَصفَرًا ينفضُ فقياسُ المنعِ الفديةُ، وقياسُ قولِ أبي حنيفةَ: لا، وفي «المجموعةِ» نحوه عن أشهَبَ، لأنَّه ليس مِنَ الطِّيبِ المؤنَّثِ، فإن غسلَ المعصفرَ فقيلَ: جائزٌ أن يلبسَه، وقالَ أشهَبُ في «المجموعةِ»: أكرهُه وإن غُسِلَ.
الثَّاني: قولُها: (لَا تَلَثَّمْ) أي لأنَّ إحرامَها في وجهِها، وكذا (لَا تَبَرْقَعْ) نعم لها أن تُسدِلَ عَلَى وجهِها شيئًا متجافيًا عنه.
وقامَ الإجماعُ عَلَى أنَّ المرأةَ تلبسُ المخيطَ كلَّه والخُمُرَ والخِفَافَ، وأنَّ إحرامَها في وجهِها، وأنَّ لها أن تُغَطِّيَ رأسَها وتَستُرَ شعرَها وتُسدِلَ الثَّوبَ عَلَى وجهِها سدلًا خفيفًا تستَتِرُ به عن نظرِ الرِّجَالِ، ولم يجيزُوا لها تغطيةَ وجهِها إلَّا ما رُوِيَ عن فاطمةَ بنتِ المُنْذِرِ قالَتْ: كنا نُخمِّرُ وجوهَنا ونحنُ مُحرِمَاتٌ مع أسماءَ بنتِ أبي بَكْرٍ.
قَالَ ابنُ المُنْذِرِ: يحتملُ أن يكونَ كنحوِ ما رُوِيَ عن عائشةَ قَالَتْ: ((كُنَّا مَعْ رَسُولِ اللهِ صلعم ونَحنُ مُحرِمَاتٌ، فإذا مَرَّ بنا رَاكِبٌ سَدَلْنا الثَّوْبَ مِنْ قِبَلِ رؤوسِنا، فإذا جَاوَزَ رَفَعْنَاهُ)) ولا يكونُ ذَلِكَ خلافًا، وثبتَ كراهةُ النِّقابِ عن سَعْدٍ وابنِ عبَّاسٍ وابنِ عُمَرَ وعائشةَ، ولا نعلمُ أحدًا مِنَ الصحابةِ رَخَّصَ فيه، وكانَ ابنُ عُمَرَ ينهى عَنِ القفَّازَين وهو قولُ النَّخَعِيِّ، وقالَ مالكٌ: إن لبسَتِ البُرْقُعَ والقُفَّازَينِ افتَدَتْ كفديةِ الرَّجُلِ لأنَّ إحرامَ المرأةِ عندَه في وجهِها ويديها، وهو أظهرُ قولي الشَّافعيِّ، وكَرِهَتْ عائشةُ اللِّثَامَ والنِّقَابَ، وأباحَتْ لها القُفَّازَينِ، وهو قولُ عطاءٍ.
واختلفُوا في تخميرِ وجهِ المُحرِمِ فقالَ ابنُ عُمَرَ: لا يخمِّرُ وجهَه، وكَرِهَه مالكٌ ومُحَمَّدُ بنُ الحسنِ، قيل لابنِ القاسمِ: أترى عليه الفديةَ؟ قالَ: لا أرى عليه فديةً لِمَا جاءَ عن عثمانَ، وقالَ في «المدوَّنَةِ» في موضعٍ آخرَ: إن غَطَّى وجهَه ونَزَعَه مكانَه فلا شيءَ عليه، وإن لم ينزعْه حَتَّى انتفعَ افتَدَى وكذلك المرأةُ إلَّا إذا أرادَتْ سترًا.
ورُوِيَ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ وابنِ الزُّبَيرِ وزيدِ بنِ ثابتٍ وسعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ وعبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ وجابرٍ أنَّهم أجازُوا للمُحرِمِ تغطيةَ وجهِه خلاف ابنِ عُمَرَ، وبه قَالَ الثَّورِيُّ والشَّافعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ وهذا يُخَرَّجُ عَلَى أن يكونَ إحرامُ الرَّجُلِ عندَهم في رأسِه لا في وجهِه.
الثَّالثُ: رَخَّصَتْ عائشةُ في الحُلِيِّ للمُحرِمةِ كما أسلفناه، وكذا ابنُ المُنْذِرِ، وهو قولُ أبي حنيفةَ وأحمدَ وكَرِهَ ذَلِكَ عطاءٌ والثَّوريُّ وأبو ثَورٍ.
الرَّابعُ: قولُ إبراهيمَ: (لا بَأْسَ أَنْ يُبْدِلَ ثِيَابَهُ) هو مذهبُ مالكٍ وأصحابِه أنَّه يجوزُ له التَّرك للباسِ الثَّوبِ ويجوزُ له بيعُه، وقالَ سُحنُونٌ: لا يجوزُ له ذلك لأنَّه يعرض القمل للقتل بالبيع.
قَالَ المُهَلَّبُ: وفي حديثِ ابنِ عبَّاسٍ إفرادُه ◙ للحَجِّ، وفَسْخُ الحجِّ لِمَنْ لم يكنْ معه هَدْيٌ والبقاءُ عَلَى الإحرامِ الأوَّلِ لِمَنْ كَانَ معه هَدْيٌ لأنَّ مَنْ قَلَّدَ هديَه فلا بُدَّ له أن يُوقِعَه مَوْقِعَهُ بعرفةَ لقولِه تَعَالَى: {حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] وسيأتي معاني ذَلِكَ في بابِه إن شاءَ اللهُ تعالى [خ¦1572].