التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من لم يدخل الكعبة

          ░53▒ بَابُ مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الكَعْبَةَ
          وَكَانَ ابنُ عُمَرَ يَحُجُّ كَثِيرًا وَلَا يَدْخُلُ الكَعْبَةَ
          1600- وَذَكَرَ فيهِ عَنِ ابنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: (اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلعم فَطَافَ بِالبَيْتِ، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَهُ مَنْ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلعم الكَعْبَةَ؟ قَالَ: لَا).
          هذا الحديثُ أخرجَه مسلمٌ أيضًا، وفي لفظٍ: ((وَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، أَنْ يَرْمِيَهُ...))، وهذه القَضِيَّةُ كَانَتْ في عُمْرَةِ القَضَاءِ سنةَ سبعٍ، ولم يدخلِ البيتَ لما فيه مِنَ التَّمَاثِيلِ والصُّوَرِ، ولم يثبتْ أنَّه في عُمَرِهِ دَخَلَها ولا أنَّه لم يدخلْ إلَّا في هذه.
          وقد روى أحمدُ عن جابرٍ قالَ: ((كَانَ فِي الكَعْبَةِ صُوَرٌ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلعم عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أَنْ يَمْحُوَهَا، فَبَلَّ عُمَرُ ثَوْبًا وَمَحَاهَا بِهِ، فَدَخَلَهَا وَمَا فِيهَا مِنْهَا شَيْءٌ))، ويشبه أنْ يكونَ هذا زمنَ الفتحِ، وإنَّما لم يدخلْ ◙ البيتَ في عُمْرَتِه هذه لأنَّه ليسَ مِنَ النُّسُكِ، ألا ترى أنَّه ◙ لم يدخلْها حينَ اعتمرَ؟ فمَنْ دخلَها فهو حسنٌ ومَنْ لم يدخلْها فلا شيءَ عليه.
          قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: إنَّما أُمِرْتُمْ بالطَّوَافِ ولم تؤمروا بدخولِه، أخرجَه مسلمٌ مِنْ حديثِ ابن جُرَيْجٍ قُلْتُ لعطاءٍ: أَسَمِعْتَ ابنَ عبَّاسٍ يقولُ: إنَّما أُمِرْتُمْ بالطَّوَافِ ولم تؤمروا بدخولِه؟ قالَ: لم يكنْ ينهى عن دخولِه ولكنِّي سمعتُه يقولُ... فذَكَرَ حديثَ صلاتِه خارجَها، ولابنِ أبي شَيبَةَ قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: يا أيُّها النَّاسُ إنَّ دُخُولَكُمُ البيتَ ليسَ مِنْ حَجِّكُمْ في شيءٍ، وعن إبراهيمَ: إنْ شاءَ دَخَلَ وإنْ شاءَ لم يدخلْ، وقالَ خَيْثَمَةُ: لا يَضُرُّكَ واللهِ ألَّا تَدْخُلَهُ.
          وفيه: سترةُ الإمامِ مِنَ النَّاسِ عندَ الصَّلاةِ خلفَ المقامِ، وسببُ السُّترَةِ خوفُ رَميِهِ بالنَّبلِ مِنَ المشركينَ.