-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░17▒ بابُ غَسْلِ الخَلُوقِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنَ الثِّيَابِ
1536- قَالَ أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أنَّ صَفْوَانَ بنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ أنَّ يَعْلَى قَالَ لِعُمَرَ: (أَرِنِي النَّبِيَّ صلعم حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ، قَالَ: فَبَيْنَمَا النَّبِيُّ صلعم بِالجِعِرَّانَةِ...) الحديثَ.
وذَكَرَ فيهِ: (اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذي بِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَانْزِعْ عَنْكَ الجُبَّةَ) / وفي آخرِه: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: (أَرَادَ الإِنْقَاءَ حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ؟ قَالَ: نَعَمْ).
الشَّرحُ: هذا الحديثُ أسندَه البُخاريُّ في بابِ يفعلُ في العُمْرَةِ ما يفعلُ في الحجِّ، فقالَ: حَدَّثَنا أبو نُعَيْمٍ حدَّثنا همَّامٌ حدَّثنا عطاءٌ [خ¦1789]، وفي أواخرِ الحجِّ في بابِ إذا أحرمَ جاهلًا وعليهِ قميصٌ، فقالَ: حدََّثَنا أبو الوليدِ حَدَّثَنا همَّامٌ حَدَّثَنا عطاءٌ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ فذكرَه مختصرًا، وزادَ في آخرِه قصَّةَ عضِّ اليدِ [خ¦1847] [خ¦1848]، وفي فضائلِ القرآنِ فقالَ: حَدَّثَنا أبو نُعَيمٍ حَدَّثَنا همَّامٌ [خ¦4985]، وفي المغازي فقالَ: حَدَّثَنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ حَدَّثَنا إسماعيلُ حَدَّثَنا ابنُ جُرَيْجٍ أخبرَنا عطاءٌ [خ¦4329]، وأخرجَه مسلمٌ بألفاظٍ، ولابنِ خُزَيمَةَ: ((مَا كُنْتَ صَانعًا في حَجَّتِكَ؟)) فقالَ: كُنْتُ أنزعُ هذِه الثِّيابَ وأغسلُه فقالَ: ((فاصْنَعْ في عُمْرَتِكَ ما كُنْتَ صَانِعًا في حَجَّتِكَ)) ورُوِيَ أيضًا مِنْ طريقِ يَعْلَى بنِ أُمَيَّةَ أو صفوانَ بنِ يَعْلَى بنِ أُمَيَّةَ، ولم يقلْ: عن أبيه، نَبَّهَ عليه ابنُ عساكرَ.
وكانَ هذا بالجِعِرَّانَةِ كما ثبتَ هنا، وفي غيرِه في منصرفِه ◙ مِنْ غزوةِ حُنَينٍ، وفي ذَلِكَ الموضعِ قَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلعم غنائمَها وذَلِكَ سنةَ ثمانٍ كما ذكرَه ابنُ حَزْمٍ وغيرُه، وهما موضعان متقاربان، وهذا الرَّجُلُ كَانَ يعرفُ أمرَ الحجِّ وظَنَّ أنَّ العُمْرَةَ ليست كهو، فلذلكَ سألَ رَسُولَ اللهِ صلعم عن ذَلِكَ وأجابَه، ولا يحالُ إلَّا عَلَى معلومٍ، والمرادُ مِنِ اجتنابِ المنهيَّاتِ وإلَّا فقد أَمَرَه بنزعِ الجُبَّةِ وغَسْلِ الطِّيبِ، وهذا الرَّجُلُ يجوزُ أن يكونَ عَمْرُو بنُ سَوَادٍ، إذْ في كتابِ «الشِّفَا» للقاضي عياضٍ عنه قَالَ: أَتَيْتُ وأنا متخلِّقٌ للنَّبيِّ صلعم فَقَالَ: ((وَرْسٌ وَرْسٌ! حُطَّ حُطَّ، وَغَشِيني بِقَضِيبٍ في يَدِهِ في بَطْني فَأَوجَعَني)) الحديثَ، لكنْ عَمْرٌو هذا لا يدركُ ذا، فإنَّه صاحبُ ابنِ وَهْبٍ وشيخُ مسلمٍ والنَّسَائيِّ وابنِ مَاجَهْ، وفي «صحيحِ ابنِ خُزَيمَةَ» مِنْ حديثِ عُمَرَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ يَعْلَى بنِ أُمَيَّةَ الثَّقَفِيِّ عن أبيه عن جَدِّه قَالَ: شحبتُ يومًا فقالَ لي صاحبٌ لي: اذهبْ بنا إلى المنزلِ قَالَ: فذَهَبْتُ فاغتَسَلْتُ وتَخَلَّقْتُ وكانَ النَّبِيُّ صلعم يمسحُ وجوهَنا، فلمَّا دَنَا منِّي جعلَ يُجَافِي يَدَه عَنِ الخَلُوقِ، وقالَ: ((يَا يَعْلَى مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا أتزوَّجْتَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: اذهَبْ فاغْسِلْهُ)).
وفي البَيْهَقيِّ قَالَ قتادةُ: فقُلْتُ لعطاءٍ: كنَّا نسمعُ أنَّه قَالَ شُقَّها قَالَ: هو إفسادٌ، واللهُ لا يحبُّ الفَسَادَ، وفي أبي داودَ: ((فَأَمَرَهُ أنْ يَنْزِعَهَا نَزْعًا)) وله: ((فَخَلَعَها مِنْ رَأسِهِ)) وللنَّسَائيِّ: ((ثُمَّ أَحْدَثَ إحرامًا))، قَالَ: ولا أحسبُه بمحفوظٍ، يعني هذِه الزِّيادةَ، وأغربَ ابنُ حَزْمٍ فصحَّحَه وقالَ: الأخذُ بهذِه الزِّيادةِ واجبٌ.
إذا تقرَّرَ ذَلِكَ فالكلامُ عليه مِنْ وجوهٍ:
أحدها: اعترضَ الإسماعيليُّ فقالَ: شرطُ أبو عبدِ اللهِ في البابِ غسلُ الخَلُوقِ مِنَ الثِّيابِ، وليس في الخبرِ أنَّ الخَلُوقَ كَانَ عَلَى الثَّوبِ وإنَّما الرَّجُلُ (مُتَضَمِّخٌ بطِيبٍ)، ولا يُقَالُ لِمَنْ طَيَّبَ ثوبَه أو صَبَغَه بطيبٍ إنَّه متضمِّخٌ بطيبٍ، وقولُه ◙: (اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ) يبيِّنُ أنَّه لم يكنْ في ثوبِه وإنَّما كانَ على بدنِه ولو كَانَ عَلَى الجُبَّةِ لكانَ في نزعِها كفايةٌ مِنْ جهةِ الإحرامِ، هذا كلامُه وتَرُدُّه روايةُ مسلمٍ: ((عَلَيهِ جُبَّةٌ بها أَثَرٌ مِنْ خَلُوقٍ)) وللتِّرْمِذيِّ: ((جُبَّةٌ فيها رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ))، وعادةُ البُخاريِّ أن يُبَوِّبَ لِمَا في أطرافِ الحديثِ وإن لم يخرِّجْه، والخَلُوقُ _بفتحِ الخاءِ_ والخلاقُ واحدٌ، وقولُه: ولا يُقَالُ لِمَنْ طيَّبَ ثوبَهُ أو صَبَغَهُ بطيبٍ إنَّه متضمِّخٌ بطيبٍ، فيه نظرٌ، فإنَّ حُرمَةَ الثَّوبِ كالبدنِ.
وترجمَ البُخاريُّ عليه أيضًا باب نزلَ القرآنُ بلسانِ قريشٍ والعربِ [خ¦4985]، واعترضَ عليه وأجابَ ابنُ المنيِّرِ بأنَّ البُخاريَّ قَصَدَ التَّنبيهَ بأنَّ القرآنَ والسُّنَّةَ كلُّها بوحيٍ واحدٍ ولسانٍ واحدٍ، ففي الأوَّلِ ضمَّنها نزولَ الوحي مطلقًا، وهذِه خَصَّها بالقرآنِ العظيمِ.
ثانيها: حديثُ ابنِ عبَّاسٍ عندَ ابنِ أبي شَيبَةَ: ((أنَّهُ ◙ رَخَّصَ في الثَّوبِ المصبوغِ للمُحْرِم مَا لَمْ يَكُنْ نَفْضٌ ولا رَدْعٌ)) ولأبي داودَ: ((أنَّ امرأةً جاءَتْ رَسُولَ اللهِ صلعم بثوبٍ مُشبعٍ بِعُصْفُرٍ فقالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ، أُحْرِمُ في هَذا؟ قَالَ: لكِ غيرُهُ؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: فَأَحْرمِي فيهِ))، فلا يعارِضَانِ حديثَ يَعْلَى لأنَّ الأوَّلَ واهٍ بسببِ الحَجَّاجِ بنِ أَرْطَأةَ، والثَّاني مِنْ مراسيلِ مكحولٍ.
وحديثُ أبي جعفرٍ: أحرَمَ عَقِيلُ بنُ أبي طالبٍ في ثوبينِ وَرْدِيَّينِ فقالَ له عُمَرُ: ما هذا؟ فقالَ له عليٌّ: إنَّ أحدًا لا يعلِّمنا بالسُّنَّةِ، منقطعٌ، وصَحَّ عن جابرٍ أنَّه قَالَ: لا بأسَ بالمضرَّجِ للمُحرِمِ، وفي لفظٍ: إذا لم يكنْ في الثَّوبِ المعصفَرِ طِيبٌ فلا بأسَ به للمُحرِمِ أن يلبسَه.
وعَنِ القاسمِ بنِ مُحَمَّدٍ أنَّه كَانَ يلبسُ الثِّيابَ المُوَرَّدَةَ وهو مُحرِمٌ، وعن عبدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ قَالَ: كَانَ الفِتْيانُ يُحرِمُونَ مع ابنِ عُمَرَ في المُوَرَّدَةِ فلا ينهاهُم، وعن عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى سالمٍ ثوبًا مُوَرَّدًا، يعني: وهو مُحرِمٌ، وعن يزيدَ عن مِقْسَمٍ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ: لا بأسَ بالمُوَرَّدِ للمُحرِمِ، وقد يُحمَلُ ذَلِكَ عَلَى ما لا طِيبَ به كما قالَه جابرٌ، وكذا قَالَه ابنُ عُمَرَ، أوأنَّه لا ينفضُ كما قالَه نافعُ بنُ جُبَيْرٍ وغيرُه.
ثالثُها: (الجِعِرَّانَةُ) بتشديدِ الرَّاءِ عَلَى قولِ الأكثرين، قَالَ البكريُّ: كذا يقولُه العراقيُّون، والحجازيُّون يخفِّفُون، وكذلك الحديبيَةُ، وقالَ الأصمعيُّ والخَطَّابيُّ: مخفَّفَةً، وهي: ماءٌ بينَ الطَّائفِ ومَكَّةَ، وهي إلى مَكَّةَ أدنى، وقال ياقوت: هذِه غيرُ الجِعِرَانَةِ الَّتي بأرضِ العراقِ نزَلَه المسلمون لقتالِ الفرسِ، قالَه سيفُ بنُ عُمَرَ قَالَ يوسفُ بنُ مَاهَكَ: اعتَمَرَ منها ثلاثُ مئةِ نبيٍّ.
رابعُها: (يَعْلَى) هو ابنُ أُميَّةَ، ويُعرَفُ بابنِ مُنْيَةَ، وهي أمُّهُ، وقيلَ: جَدَّتُه، ونظرُه إلى مشاهدةِ الوحي تقويةٌ لإيمانِه ولعلمِه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم لا يكرُه ذَلِكَ.
والغطيطُ: صوتُ النَّائِمِ، فمعنى (يَغِطُّ) ينفخُ، كما قَالَ في حديثٍ آخرَ: ((لَهُ غَطِيطٌ أَوْ خَطِيطٌ))، فكانَ ربَّما أَخَذَه عندَ الوحي / كالغَشْيَةِ فيضطجعُ لها، قالَه ابنُ التِّيْنِ.
و(سُرِّيَ عَنْهُ) _بضمِّ أوَّلِه وكسرِ الرَّاءِ المشدَّدَةِ_ أي: كُشِفَ ما به وأُزِيلَ.
خامسُها: فيه أنَّه ◙ كَانَ يحكمُ بالوحي ولا شكَّ فيه، واستَدَلَّ به مَنْ قَالَ: إنَّما يحكمُ بالوحي لا بالاجتهادِ، وقد يُجَابُ بأنَّه لعلَّه لم يظهرْ له ذَلِكَ بالاجتهادِ، أو أنَّ الوحي يُقَرِّرُه.
سادسُها: اختَلَفَ العلماءُ في استعمالِ الطِّيبِ عندَ الإحرامِ واستدامتِه بعدَه، فكَرِهَه قومٌ ومَنَعُوه منهم: مالكٌ ومُحَمَّدُ بنُ الحسنِ، وسَبَقَهما عُمَرُ وعثمانُ وابنُ عُمَرَ وعثمانُ بنُ أبي العاصِ وعطاءٌ والزُّهْريُّ، وخالفَهم في ذَلِكَ آخرون فأجازُوه منهم أبو حنيفةَ والشَّافعيُّ تمسُّكًا بحديثِ عائشةَ: ((طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم بيديَّ لحرمهِ حِينَ أَحْرَمَ، ولحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ قبلَ أنْ يَطُوفَ بالبيتِ)) وسيأتي [خ¦1539]، ولمسلمٍ: ((بِذَرِيرَةٍ في حَجَّة الوَدَاعِ)) وللبُخاريِّ كما سيأتي: ((وَطَيَّبْتُهُ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ)) [خ¦5922]، وعنها: ((كأنِّي أَنْظرُ إلى وَبِيصِ المِسْكِ في مَفْرقِ رَسُولِ اللهِ صلعم وهو مُحْرِمٌ)) وسيأتي [خ¦1538].
والوَبِيصُ _بالصَّادِ المهملةِ_ البريقُ واللَّمَعَانُ، قالَا: وحديثُ يَعْلَى إنَّما أَمَرَه بغسلِ ما عليه لأنَّ ذَلِكَ الطِّيبَ كَانَ زَعْفَرَانًا، وقد نُهِيَ الرِّجَالُ عَنِ التَّزَعْفُرِ مطلقًا، وهذا التَّأويلُ يأباه مساقُ الحديثِ، وتأوَّلَ المخالفون حديثَ عائشةَ بتأويلاتٍ أقربُها أنَّ ذَلِكَ الوَبِيصَ الَّذي أبصَرَتْه إنَّما كَانَ بقايا دهنِ ذَلِكَ الطِّيبِ تَعَذَّرَ قلعُه فبقي بعدَ أن غُسِلَ، والتَّقديرُ: فيطوفُ عَلَى نسائِه فينضحُ طِيبًا، ثُمَّ يصبحُ محرمًا لقولِه: {أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا. قَيِّمًا} [الكهف:1-2] أي أنزلَه قيِّمًا ولم يجعلْ له عِوَجًا.
ثانيها: أنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ خواصِّه، لأنَّ المُحرِمَ إنَّما مُنِعَ مِنَ الطِّيبِ لئلَّا يدعُوَه إلى الجِمَاعِ، والشَّارِعُ معصومٌ، وفيه بُعدٌ.
ثالثُها: أنَّه ممَّا لا تبقى رائحتُه بعدَ الإحرامِ، وسيأتي بسطُ ذَلِكَ في البابِ بعدَهُ [خ¦1537] [خ¦1539]، قالُوا: وكما مُنِعَ مِنِ استدامةِ اللُّبسِ يمنعُ مِنِ استدامةِ الطِّيبِ، قالُوا: والنَّهي عَنِ التَّزَعْفُرِ إنَّما هو محمولٌ عندَ أهلِ المدينةِ عَلَى حالةِ الإحرامِ فقط وأنَّه مباحٌ في الإحلالِ وسيأتي إيضاحُه في اللِّباسِ عندَ النَّهي عَنِ التَّزعْفُرِ إن شاءَ اللهُ تعالى [خ¦5845]، قَالَ ابنُ جُرَيْجٍ: شأنُ صاحبِ الجُبَّةِ كَانَ قبل حَجَّة الوداعِ، والآخِرُ فالآخِرُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلعم أحقُّ أن يُتَّبَعَ.
سابعُها: قولُه: (ثَلاَثَ مَرَّاتٍ) وفي أبي داودَ: ((ويَغْتسِلُ مَرَّتَينِ أو ثلاثًا)) إنَّما أَمَرَه بها للمبالغةِ في الإزالةِ، ولعلَّ الطِّيبَ الَّذي كَانَ عليه كَانَ كثيرًا، يؤيِّدُه قولُه: (مُتَضَمِّخٌ) قَالَ ابنُ التِّيْنِ: ويحتملُ أنَّه كَانَ استَعمَلَه بعدَ الإحرامِ فأَمَرَه بإزالتِه، أو أنَّه تَطَيَّبَ ثُمَّ اغتَسَلَ كما في حديثِ عائشةَ السَّالِفِ: ((طَيَّبتُه عِنْدَ إحرامِهِ، ثُمَّ دارَ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ أَصْبحَ مُحرِمًا))، فظاهرُه إنَّما تَطَيَّبَ للمباشرةِ ثُمَّ زالَ بالغسلِ لا سيَّما وكانَ يغتسلُ مِنْ كلِّ واحدةٍ فلا يبقى مع ذَلِكَ، ويكونُ قولُها: ((ثمَّ أَصْبحَ يَنْضحُ طِيبًا)) أي: قبلَ غسلِه، وقد أسلَفْنا أنَّه كَانَ ذَرِيْرَةً، وهو ممَّا يُذهِبُه الغسلُ.
ووَبِيصُ الطِّيبِ: أثرُه لا جِرْمُه، وقالَ القاضي: يحتملُ الثَّلاثُ عَلَى قولِه: (فَاغْسِلْهُ) فكأنَّه قَالَ: اغْسِلْه اغْسِلْه اغْسِلْه، يدلُّ عَلَى صحَّتِه ما رُوِيَ مِنْ عادتِه صلعم في كلامِه أنَّه كَانَ إذا تكلَّمَ بكلمةٍ أعادَها ثلاثًا.
ثامنُها: ما أسلَفْناه عن قتادةَ عن عطاءٍ في عدمِ شقِّها قالَه أيضًا طاوسٌ، خالفَه مُحَمَّدُ بنُ جعفرٍ عن عليٍّ إذا أَحرَمَ وعليه قميصٌ لا ينزعُه مِنْ رأسِه يشقُّه ثُمَّ يخرجُ منه، وقالَ الشَّعْبيُّ والحسنُ وإبراهيمُ: يُخَرِّقُه، وقالَ أبو قِلَابَةَ وأبو صالحٍ وسالمٌ: يجعلُه مِنْ قِبَلِ رِجْلَيه، والأوَّلُ أَولى لِمَا سَلَفَ مِنْ أنَّ اللهَ لا يحبُّ الفسادَ.
تاسعُها: لم يأمرْهُ ◙ في هذا الحديثِ بالفِدْيَةِ، فأَخَذَ به الشَّافعيُّ وعطاءٌ والثَّوريُّ وإسحاقُ وداودُ وأحمدُ في إحدى روايتيه وقالُوا: إنَّ مَنْ لَبِسَ في إحرامِه ما ليسَ له لُبْسُه جاهلًا فلا فِدْيَةَ عليه، والنَّاسي في معناه.
وقالَ أبو حنيفةَ والمُزَنيُّ في روايةٍ عنه: يلزمُه إذا غَطَّى وجهَه ورأسَه متعمِّدًا أو ناسيًا يومًا إلى اللَّيلِ، فإن كَانَ أقلَّ مِنْ ذلكَ فعليه صدقةٌ يَتَصَدَّقُ بها.
وعن مالكٍ يلزمُه إذا انتفعَ بذلكَ أو طالَ لبسه عليه، قَالَ فيمَنِ ابتاعَ خُفَّين فَجَرَّ بهما في رِجْلَيه، فإن كَانَ شيئًا خفيفًا فلا شيءَ عليه، وإن تَرَكَهما حَتَّى مَنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ حَرٍّ أو بردٍ أو مطرٍ افتدَى، لنا أنَّ هذا الرَّجلَ كَانَ قريبَ العهدِ بالإسلامِ لا يعرفُ أحكامَه فعذرَه الشَّارِعُ ولم يُلزمْه غرامةً.
عاشرُها: قولُه: (وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ) معناه: اجتنبْ فيها كُلَّما تجتنبُ فيها كما أسلَفْناه، ألا ترى قولَ ابنِ عُمَرَ: ما أمْرُهُما إلَّا واحدٌ يعني: في الإحرامِ والحُرمَةِ، وكذلك كلُّما يُستحسَنُ مِنَ الدُّعاءِ والتَّلْبيةِ في الحجِّ فهو مستحسَنٌ فيها.
وقولُه في آخرِ الحديثِ: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَرَادَ الإِنْقَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ) قَالَ ابنُ التِّيْنِ: أرادَ به بعضَ الإنقاءِ لأنَّ الثَّلاثَ لا تكادُ تُنْقي كلَّ الإنقاءِ، قَالَ المُهَلَّبُ: وفيه مِنَ الفقهِ أنَّ السُّنَنَ قد تكونُ بوحيٍ، كما كَانَ غسلُ الطِّيبِ في هذا الحديثِ بالوحي، قَالَ ابنُ بَطَّالٍ: ولم يقلْ أحدٌ إنَّه فرضٌ.
وفيهِ وجوبُ التَّثبُّتِ للعَالِمِ فيما يُسأَلُ عنه، وإن لم يعرفْه سألَ مَنْ فوقَه كما فَعَلَ ◙.
وفيهِ المبالغةُ في الإنقاءِ مِنَ الطِّيبِ.
وفيه أنَّ غسلَ الطِّيبِ عندَ الإحرامِ ينبغي أن يُبَالَغَ في إزالتِه، ألا ترى أنَّه أَمَرَه بغسلِه ثلاثًا!.