التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الوقوف بعرفة

          ░91▒ بابُ الوُقُوفِ بَعَرَفَةَ
          1664- ذَكَرَ فيهِ حديثَ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ: كُنْتُ أَطْلُبُ بَعِيرًا لِي، وفي لفظٍ: أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلعم وَاقِفًا بَعَرفَةَ، فَقُلْتُ: هذا والله مِنَ الحُمْسِ، فَمَا شَأْنُهُ هَا هُنَا؟
          هذا الحديث زاد فيه الإسماعيليُّ في «صحيحه» والبَرْقانيُّ فيما ذكره الحُمَيديُّ قَالَ سفيانُ: يعني قريشًا وكانت تُسمَّى الحُمْس، وكانت قريشٌ لا تجاوزُ الحرمَ، ويقولون: نحن أهل الله فلا نخرجُ مِنَ الحرمِ، وكان سائرُ النَّاس يقفون بعرفةَ، وذَلِكَ قولُه: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة:199] قَالَ سفيانُ: الأحمسُ: الشَّديدُ في دِيْنِه، زاد أبو نُعَيْمٍ في «مستخرَجِه»: وكان الشَّيطانُ قد استهواهم فقال لهم: إن عَظَّمْتُم غير حَرمِكم استخفَّ النَّاسُ بحَرمِكم، فكانوا لا يخرجون مِنَ الحرمِ، وقيل: كانت قريشٌ تتكبَّرُ أن تقفَ مع النَّاسِ.
          ولابن إسحاقَ: حَدَّثَنِي عبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ عن عثمانَ بنِ أبي سليمانَ بنِ جُبَيْرِ بنِ مُطعمٍ عن عمِّه نافعٍ عن أبيه جُبَيرٍ قَالَ: ((رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلعم قائمًا مَعَ النَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَنْزلَ عَلَيهِ الوحي تَوفيقًا مِنَ اللهِ تعالى لَهُ))، وهذا يزيلُ شبهة مَنْ زعم أنَّ روايةَ جُبيرٍ كانت بعد النُّبوَّةِ.
          التِّيْنِ: ورُوِيَ هذا الحديثُ عن سفيانَ عن عَمْرٍو عن مُحَمَّدٍ عن أبيه مثل ما في البُخاريِّ، قَالَ فيه: ((رَأَيتُهُ ◙ قَائمًا مَعَ النَّاسِ قَبْلَ أَنْ يُبعَثَ))، فمِنْ هاهنا قَالَ بعضُهم: إنَّه ◙ حجَّ في الجاهليَّة، أمَّا بعدَ الهجرةِ فواحدةٌ، وأحاطت قريشٌ به.