-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كانَ بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من فتل القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكانَ البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░77▒ بابُ طَوَافِ القَارِنِ
ذَكَرَ فيهِ ثلاثةَ أحاديث:
1638- أحدُها: حديثُ عائشةَ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ...) الحديث بطوله كما سلف في بابِ كيف تُهِلُّ الحائضُ والنُّفساءُ [خ¦1556].
1639- ثانيها: حديثُ نافعٍ: (أَنَّ ابنَ عُمَرَ دَخَلَ ابنُهُ عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الله) فذكر إيجابه الحجَّ والعُمْرَةَ والإحصارَ، وقد سلف أيضًا [خ¦1639]، إلَّا الإحصار.
1640- ثالثُها: حديثُه أيضًا عَنِ ابنِ عُمَرَ: (أنَّه أَرَادَ الحَجَّ عَامَ نَزَلَ الحَجَّاجُ بِابنِ الزُّبَيرِ...) الحديثَ بطوله.
وأخرجَه والَّذي قبله مسلمٌ أيضًا، / وأسلفنا هناك اختلاف العلماء في حكم طوافِ القَارِنِ، وأنَّ الثَّلاثةَ قالوا: يكفيه طوافٌ واحدٌ وسعيٌ واحدٌ، وبه قَالَ ابنُ عُمَرَ وجابرُ بنُ عبدِ اللهِ اعتمادًا عَلَى أحاديث الباب خلافًا لأصحاب الرَّأي.
بَطَّالٍ: ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافعيِّ أيضًا وهذا غريبٌ عنه، واحتجُّوا بأنَّ العُمْرَةَ إذا أفردها لَزِمَتْه أفعالُها، فلم يكن ضَمُّها إلى الحجِّ موجبًا لسقوط جميع أفعالها، دليلُه التمتُّعُ، وهو منتقضٌ بالحلقِ لَمَّا كَانَ عليه حلاقتان كَانَ عليه طوافان، ولَمَّا كَانَ القَارِن يكفيه حَلْقٌ واحدٌ كفاه طوافٌ واحدٌ، فإن قيل: القياسُ منتقضٌ لأنَّ المستحَقَّ في الحلق عن كلِّ إحرامٍ مقدارُ الرُّبع، فمتى حلق جميع رأسه فقد أتى بما يقع عليه لكلِّ واحدٍ منهما، ولأنَّه يُجري الموسى عَلَى رأسه بعد الحلق فيقوم مقام الحلق الآخر عند العجز.
وجوابه: ما يقولون: إذا اقتصر القارنُ عَلَى حَلْقِ ربع رأسه ولم يتجاوزه، ولم يجرِ الموسى عَلَى رأسه، هل يجزئه أو يحتاج إلى زيادة ربعٍ آخرَ؟ فإن قلتم به فليس مذهبَكم، وإن كفاه واحدٌ فقد ثبت ما قلناه، وأيضًا فإنَّ القَارِن إذا قتل صيدًا واحدًا فعليه جزاءٌ، والحجَّةُ لهم لازمةٌ بحديث عائشةَ وابنِ عُمَرَ لأنَّهم يأخذون بحديث عائشةَ في رفض العُمْرَةِ مع احتماله في ذَلِكَ للتَّأويل، ويتركونه في طواف القَارِن، وهو لا يحتمل التَّأويل.
وقولُ ابنِ عُمَرَ: (إِذَنْ أَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلعم) يعني: حين صُدَّ عام الحُديبيةِ فحَلَقَ ونَحَرَ وحَلَّ، فلم يُصدَّ ابنُ عُمَرَ فقَرَنَ الحجَّ إلى العُمْرَةِ، وكان عملُه لهما واحدًا، وطوافًا واحدًا.
وقد احتجَّ أبو ثَورٍ لذلك فقال: لَمَّا لم يجز أن يجمع بين عَمَلَينِ إلَّا الحجَّ والعُمْرَةَ فأجزنا ومَنْ خالفَنا لهما سفرًا واحدًا وإحرامًا واحدًا وكذلك التَّلبية كَانَ كذلك يجزئ عنهما طوافٌ واحدٌ وسعيٌ واحدٌ، وابنُ عُمَرَ ☺ لَمَّا أحرم عَلِمَ بالعدوِّ ولم يعلم هل يصدُّه أم لا.
ومنصوصُ مذهبِ مالكٍ: أنَّ مَنْ أحرمَ بعد عِلْمِه بالعدوِّ أنَّه لا يحلُّ بحالٍ لأنَّهُ ابتدأه بعد عِلْمِه به، ولا يحلُّ دون البيتِ، قاله ابنُ الماجِشُونِ، ويبيِّنه أنَّه ◙ لم يتيقَّنِ الصَّدَّ لأنَّه لم يأتِهم محاربًا، وإنَّما قصد العُمْرَةَ، ولم تكن قريشٌ تمنع مَنْ قَصَدَها.
وذكر عُرْوَةُ عن عائشةَ أنَّها أهلَّتْ بعُمْرَةٍ وقد سلف [خ¦1561]، وأنَّها لم تتمادى عليها لأنَّها حاضت، وقد تريد بهذا: أهلَّ غيري، وتريد أنَّه ◙ لم يُهلَّ بها، إذ لو أهلَّ بها لبدأت بذكره.
وقولُه: (وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فطَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا) رُوِيَ أنَّهم طافوا طوافين، وسَعَوا سعيين، والأوَّلُ أثبتُ، وعليه عوامُّ العلماءِ، وقد سلف.
وقولُه: (وَظهْرُهُ فِي الدَّارِ) يعني بعيره.
وقولُه: (فقَالَ: إِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَكُونَ العَامَ بَيْنَ النَّاسِ) قَالَ ابنُ التِّيْنِ: بعد أن ذكره بلفظ: لا إِيْمَنُ، أصلُه: لا آمنُ بفتح الألف، فكسروها لأنَّ الماضي عَلَى فَعِلَ بالكسرِ، والعربُ تكسرُ أوَّلَ مستقبلِ فَعِلَ، إلَّا أن يكون ياءً، نحو: أنتَ تِعْلَمُ وأنا إِعْهَدُ وإِخَافُ ربِّي وإِخَالُ كذا، ولا يكسرون أوَّل مستقبلِ فَعَلَ بالفتح، إلَّا أن يكون فيه حرفُ حلْق، فيقولون: أنا إِذْهَبُ وإِلْحَقُ، وهي لغةٌ لتميمٍ وقيل: إنَّه أمالَ، وفي بعض الكتب: إنِّي لا أَيْمَنُ _بفتح الهمزة_ ولا أعلم له وجهًا.
وقولُه في الحديثِ الثَّالثِ: (أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً) إلى أن قَالَ: (حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ، فَنَحَرَ وَحَلَقَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الأَوَّلِ، وَقَالَ ابنُ عُمَرَ: كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلعم)، لعلَّه يريدُ بطوافِه الأوَّل: أنَّه لَمَّا قَدِمَ طاف وسعى مرَّةً واحدةً، وذَلِكَ الطَّواف ليس مِنْ أركان الحجِّ ولا العُمْرَةِ، وإنَما هو طواف القدوم، وإنَّما الواجب لهما طوافُ الإفاضةِ الَّذي يفعله يوم النَّحر أو بعده، ومَخرَجُ هذا الإشكال ما ذكره الدَّاوُدِيُّ، قَالَ: يعني قضى طواف الحجِّ والعُمْرَةِ بطوافه الأوَّل، يعني: الَّذي معه سعيٌ.
وقولُه: (كَذَلِكَ صَنَعَ النَّبيُّ صلعم) يحتمل أنَّ يريدَ أنَّه قَرَنَ، ويحتمل أن يريدَ صنعنا كما صنعنا مع رَسُولِ اللهِ صلعم.
وقولُه قبله: (وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ) يعني: ولم يزدْ عَلَى السَّعي، ولكن طافَ طوافَ الإفاضةِ.
وأمَّا الصَّدُّ المذكور في حديثِ ابنِ عُمَرَ، فلنتكلَّم عليه هنا ليُحالَ فيما بعدُ عليه، فنقولُ: اختلفَ العلماءُ هل المحصَرُ في الآيةِ الكريمةِ بالعدوِّ أو بالمرضِ؟ فمَنْ قَالَ بالأوَّل احتجَّ بذكرِ المرضِ فيه، فلو كَانَ المُحصَر هو المُحصَر بمرضٍ لما كَانَ لذكر المرضِ بعد ذَلِكَ فائدةٌ، واحتجُّوا بقوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ} [البقرة:196]
ومَنْ قَالَ بالثَّاني قَالَ: لا يُقَالُ: أُحْصِرَ في العدوِّ، وإنَّما يُقال: حَصَرَهُ العدوُّ وأَحْصَرَهُ المرض، وإنَّما ذُكِرَ المرضُ بعد ذَلِكَ لأنَّه صنفان: صنفٌ مُحصِرٌ، وغير مُحصِرٍ، وقال: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} أي: مِنَ المرض، وعكس ذَلِكَ، فأُحصِرَ بالعدوِّ، وحُصِرَ بالمرضِ لأنَّ العدوَّ إنَّما عرض للإحصار، والمرض فأعلَّه.
وعند الحنفيَّةِ أنَّ كلَّ مانعٍ يمنع المُحرِمَ مِنَ الوصولِ إلى الحرم لإتمام حجٍّ أو عُمْرَةٍ مِنْ خوفٍ أو مرضٍ أو سلطانٍ فهو محصَرٌ، أي: ممنوعٌ.
والإحصارُ لغةً: المنعُ، وإليه ذهب ابنُ حَزْمٍ حيث قَالَ: اختلف الصَّحابةُ فمَنْ بعدَهم في الإحصار، فرُوِّينا عَنِ ابنِ عُمَرَ أنَّه قَالَ: لا إحصار إلَّا مِنْ عدوٍّ، وفي مسلمٍ عَنِ البراءِ: ((لَمَّا أُحْصِرَ رَسُولُ اللهِ صلعم عَنِ البَيْتِ...)) الحديثَ.
وقال إبراهيمُ النَّخَعِيُّ: الإحصارُ مِنَ الخوفِ والمرضِ والكَسْرِ، وقال عطاءٌ: مِنْ كلِّ شيء يحبسُه، وسيأتي في البُخاريِّ في بابه [خ¦1806] [خ¦1809]، وقال ابنُ مسعودٍ: هو المرضُ والكسرُ وشبهُه، وعَنِ ابنِ عبَّاسٍ: لا حَصْرَ إلَّا مِنْ حَبْسِ عدوٍّ، وقال طاوسٌ: لا حَصْرَ إلَّا أن يذهب الحصر، وعن عَلْقَمَةَ: الحصر الخوف والمرض، وعن عُرْوَةَ: الحصر ما حَبَسَه مِنْ وجعٍ أو خوفٍ أو ابتغاءِ ضالَّةٍ.
وعَنِ الزُّهْرِيِّ: الحصر ما حصره مِنْ وجعٍ أو عدوٍّ حَتَّى يفوته الحجُّ، قَالَ: وقد فرَّق قومٌ بين الإحصارِ والحَصْرِ، فرُوِّينا عَنِ الكسائيِّ أنَّه قَالَ: ما كَانَ مِنَ المرضِ فإنَّه يُقَالُ فيه: أُحصِرَ فهو مُحصَرٌ، وما كَانَ مِنْ حَبْسٍ قيل حُصِرَ، وعن أبي عُبَيدَةَ: ما كَانَ مِنْ مرضٍ أو ذهابِ نفقةٍ قيل فيه أُحصِرَ / فهو مُحْصَرٌ، وما كَانَ مِنْ حَبْسٍ قيل حُصِرَ، وبه قَالَ أبو عُبَيدٍ.
قَالَ ابنُ حَزْمٍ: هذا لا معنى له وقولُ ربِّنا هو الحُجَّةُ، قَالَ تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} [البقرة:196]، وإنَّما نَزَلَتْ في الحُدَيبيَةِ، إذ منعه الكفَّارُ مِنْ إتمامِ عُمْرَتِه، فسمَّاه تعالى: إحصارًا، وكذلك قَالَ البراءُ وابنُ عُمَرَ والنَّخَعِيُّ، وهو في اللُّغة قول أبي عُبَيدَةَ وأبي عُبَيدٍ والكسائيِّ، وقالَ تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} [البقرة:273] فهذا هو منعُ العدوِّ بلا شكٍّ، لأنَّ المهاجرين إنَّما مَنَعَهم في الأرضِ الكفَّارُ، وبيَّنَ ذَلِكَ جلَّ وعزَّ بقولِه: {فِي سَبِيلِ اللهِ} فصحَّ أنَّ الإحصارَ والحَصْرَ بمعنًى واحدٍ، وأنَّهما اسمان يقعان عَلَى كلِّ مانعٍ مِنْ عدوٍّ أو مرضٍ أو غيرِ ذَلِكَ.
وقالَ الفرَّاءُ: لو نويت بقهرِ السُّلطان أنَّها علَّةٌ مانعةٌ، ولم يذهب إلى فعل الفاعل جاز «أُحْصِرَ»، ولو قلت: في أُحْصِرَ مِنَ المرضِ وشبهه أنَّه حَصَرَه جاز «حُصِرَ»، وقوله: {وَسَيِّدًا وَحَصُوْرًا} [آل عمران:39] ويُقَالُ: إنَّه لمُحْصَرٌ عَنِ النِّساءِ لأنَّها علَّةٌ، وليس بممنوعٍ محبوسٍ، وعلى هذا فَابْنِ.
وقَالَ الرُّمَّانيُّ في «اشتقاقِه»: الأصلُ فيه الحبسُ ومعنى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}: مُنِعْتُم مِنْ علَّةٍ أو عائقٍ، وذَكَرَ الزَّجَّاجُ في «معانيه»: أنَّ الرِّوايةَ عن أهل اللُّغة أنَّه يُقَالُ للَّذي يمنعه خوفٌ أو مرضٌ مِنَ التَّصرُّف: أُحْصِرَ فهو مُحصَرٌ، وللرَّجلِ الَّذي حُبِسَ: حُصِرَ فهو مَحْصُورٌ، وردَّ كلامَ الفرَّاءِ وقالَ: الحقُّ فيه ما عليه أهل اللُّغة لأنَّ الممنوع مِنَ التَّصرُّف حَبَسَ نفسَه، فكأنَّ المرضَ أحبسَه، أي: جعله يحبس نفسه، وتقول: حَصَرْتُ فلانًا، إنَّما هو حبستُه لا أنَّه حَبَسَ نفسَه، فلا يجوز فيه أُحْصِرَ، وإلى هذا ذَهَبَ ثعلبٌ وشرَّاحُه.
وفي «نوادرِ اليزيديِّ»: حَصَرَني الشَّيءُ وأَحْصَرَني: حَبَسَني، لغةُ بني أسدٍ، وقال أبو عُبَيدَةَ عن يُونُسَ: حَصَرْتُه وأَحْصَرْتُه لغتان، قَالَ: ولم نجد أحصرته، وكان أبو عَمْرِو بنُ العلاءِ يقولُ: إذا حَبَسْتَه عَنِ الذَّهابِ في كلِّ وجهٍ فقد حَصَرْتَه، وإن حَبَسْتَه عَنِ التَّقدُّمِ خاصَّةً فقد أَحْصَرْتَه.
وقالَ النَّحَّاسُ: جميع أهل اللُّغة عَلَى أنَّ الإِحْصَارَ إنَّما هو بالمرض، ومِنَ العدوِّ لا يُقَالُ إلَّا حُصِرَ.
والمُحْصَرُ لا يتحلَّلُ إلَّا بالذَّبحِ عند الحنفيَّة والحنابلة، وعندنا به وبنيَّة التَّحلُّل، وكذا الحَلْق إن جعلناه نُسُكًا، وقال مالكٌ: لا هَدْي عليه إلَّا أن يكون معه هَدْيٌ ساقه، وذهب أبو حنيفةَ في جماعةٍ إلى أنَّ الإحصار يكون في العُمْرَةِ أيضًا، وقال ابنُ القاسمِ: ليس للعُمْرَةِ حدٌّ بل يتحلَّل، وإن لم يخشَ الفواتَ.
ولا يجوز ذبح الإحصار إلَّا في الحرمِ في الحجِّ والعُمْرَةِ، قاله أبو حنيفةَ، قَالَ الرَّازِيُّ في «أحكامِه»: وهو قولُ ابنِ مسعودٍ وابنِ عبَّاسٍ _إن قدر عليه_ وعطاءٍ وطاوسٍ ومجاهدٍ والحسنِ والنَّخَعيِّ والثَّورِيِّ، وقال الشَّافعيُّ ومالكٌ وأحمدُ: يذبحُ في العُمْرَةِ هديه حيث أُحْصِرَ، وعن أحمدَ في الحجِّ روايتان: الأولى: تختصُّ بيومِ النَّحر، وعندنا إذا أمكنه ذبحُه في الحرمِ لا يجوز ذبحه في غيره في أحد الوجهين.
وأجمعوا أنَّه لو أُحْصِرَ في الحرمِ لا يجوز ذبحه في الحلِّ، وبالعكس يجوز بلا خلافٍ، واستدلُّوا بأنَّه ◙ وأصحابه عام الحديبية لَمَّا أُحْصِرُوا في ذي القَعدةِ سنةَ ستٍّ نحروا هداياهم بها، وهي مِنَ الحلِّ.
والحنفيَّةُ استدلُّوا بقولِه تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] فلو كَانَ محلُّه حيث أُحْصِرَ لم يكن لقولِه: {مَحِلَّهُ} معنًى لأنَّه يكون قد بلغ محلَّه في كلِّ موضعٍ أُحْصِرَ فيه، ويدلُّ عليه قولُه تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ} [الحجّ:33] وهو عامٌّ في كلِّ هَدْيٍ، وهو بيان المحلِّ المجمل، وقال في جزاءِ الصَّيد: {هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ} [المائدة:95].
وقولُه: (أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) أي: وصدُّوا الهَدْي أن يبلغ محلَّه، وفي النَّسَائيِّ بإسنادٍ جيِّدٍ: ((أنَّه ◙ قَالَ له نَاجِيَةُ بنُ جُنْدُبٍ الأَسْلَمِيُّ حينَ صُدَّ الهَدْيُ: يا رَسُولَ اللهِ ابعثْ بِهِ مَعَي أَنَا أَنْحرهُ، قَالَ: وَكَيفَ؟ قَالَ: آخذُ بِهِ في أوديةٍ لا يُقْدَرُ عَلَيهِ فَدَفعهُ رَسُولُ اللهِ صلعم، فانْطَلَقَ به حَتَّى نَحَرَهُ في الحَرَمِ)).
وذَكَرَ الطَّحاويُّ عَنِ المِسْوَر بنِ مَخْرَمَةَ ومروانَ بنِ الحَكَمِ أنَّهما ذكرَا: أنَّ خِبَاءَ رَسُولِ اللهِ صلعم كَانَ في الحلِّ ومصلَّاه في الحَرَمِ، وقَالَ مالكٌ: الحُدَيبيَةُ مِنَ الحَرَمِ، حكاه صاحبُ «المطالعِ» عنه، وقال ابنُ القَصَّارِ: بعضها مِنَ الحلِّ.
وذكرَ عليُّ بنُ الجَعْدِ عن أبي يُوسُفَ: سَأَلْتُ أبا حنيفةَ عَنِ الحَصْرِ في الحَرَمِ، قَالَ: لا يكون مُحصَرًا، قُلْتُ: فرَسُولُ اللهِ صلعم أُحْصِرَ بالحُدَيبيةِ وهي مِنَ الحَرَمِ، فقالَ: إنَّ مكَّةَ كانت دار حربٍ والآن دارَ إسلامٍ.
ويجوز ذبحه قبل يومِ النَّحر في العُمْرَةِ بالاتفاقِ، وكذا في الحجِّ عند أبي حنيفةَ، وخالفه صاحباه والثَّوريُّ وأحمدُ في روايةِ الأثرمِ وحنبلٍ، فقالوا: لا يجوز قبل يوم النَّحر، ولا يحتاج إلى الحَلْقِ، بل يتحلَّل بالذَّبح عند أبي حنيفةَ، وقال أبو يوسفَ: يحلق، فإنْ لم يحلق فلا شيء عليه، ورُوِيَ عنه دمٌ، وعن أحمدَ روايتان، وكذا عن مالكٍ والشَّافعيِّ، ولا بدلَ له عند الحنفيَّةِ، والأظهرُ عندَ الشَّافعيِّ: نعم، وأنَّه طعامٌ بقيمة الشَّاة، ومالكٍ في أحدِ قوليه، وفي الآخَرِ: يصومُ عشرةَ أيَّامٍ كالمتمتِّع، وهو قول أحمدَ، وكان عطاءٌ يقولُ: إذا عجز عَنِ الهَدْي ينظر إلى قيمته فيطعم به لكلِّ مسكينٍ نصف صاعٍ مِنْ بُرٍّ أو يصوم.
قَالَ أبو يوسفَ: وهذا أحبُّ إليَّ، وقال الزُّهْرِيُّ وعُرْوَةَ: لا إحصار عَلَى أهل مكَّةَ، قَالَ أبو يوسفَ: إن غلب العدوُّ فحال بينه وبين البيت فهو محصورٌ.
وفي «شرحِ الهدايةِ»: الأصحُّ أنَّه إن مُنِعَ مِنَ الوقوفِ والطَّوافِ فهو مُحصَرٌ وإن لم يمنع مِنْ أحدهما فلا، وذهب بعضهم إلى أنَّه لا إحصار اليوم لزوال الشِّركِ عن جزيرة العرب، وهذا شذوذٌ فإنَّ العدوَّ لم يزلْ، فإنْ حَبَسَه السُّلطانُ تحلَّلَ عند الجماعة خلافًا لمالكٍ، والحاجُّ عن غيره إذا أُحْصِرَ يجب عَلَى الآمِرِ دمٌ للإحصار عند أبي حنيفةَ ومُحَمَّدٍ، وعند أبي يوسفَ عَلَى الحاجِّ.
وقال عبدُ اللهِ وعُرْوَةُ ابنا الزُّبَيرِ / بنِ العَوَّامِ: إنَّ العدوَّ والمرضَ سواءٌ، لا يحلُّ المُحصَرُ منهما إلَّا بالطَّواف، قَالَ الرَّازيُّ: لا نعلم لهما موافقًا مِنْ فقهاءِ الأمصارِ، ويتحقَّقُ الإحصارُ عند أبي حنيفةَ بعد الإحرام، وقال مالكٌ: لا يكون مُحصَرًا حَتَّى يفوته الحجُّ، إلَّا أن يدركه فيما بقي فيتحلَّل في مكانه.
وفي «شرحِ الموطَّأِ» لأبي عبدِ اللهِ القُرْطُبيِّ: مَنْ أُحصِرَ بمرضٍ أو كسرٍ أو عَرَجٍ فقد حلَّ في موضعه ولا هدي، وعليه القضاءُ، وعزاه إلى أبي ثَورٍ تعلُّقًا بحديثِ الحَجَّاجِ بنِ عَمْرٍو، وخالف بذلك الجماعة، وحديثُ الحَجَّاجِ حسَّنَه التِّرْمِذِيُّ وصحَّحَه الحاكمُ عَلَى شرطِ البُخاريِّ بلفظ: ((مَنْ كُسِرَ أو عَرَجَ فقد حَلَّ، وعليه الحجُّ مِنْ قَابِل)) وفي لفظٍ أبي داودَ: ((أَوْ مرض)) قَالَ عِكْرِمَةُ: فسَأَلْتُ ابنَ عبَّاسٍ وأبا هريرةَ عن ذَلِكَ فقالا: صدقَ.
وقال بعضهم فيما حكاه المُنْذِرِيُّ: ثبت عَنِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّه قَالَ: لا حصر إلَّا حصرُ العدوُّ، فكيف بهذِه الرِّواية؟! وتأوَّله بعضهم إنَّما يحلُّ بالكسر إذا كَانَ قد اشترط ذَلِكَ في عقد الإحرام عَلَى معنى حديث ضُبَاعَةَ المشهور، قالوا: ولو كَانَ الكسرُ عُذرًا لم يكن لاشتراطها معنًى.