شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا لم يوقت في الخيار هل يجوز البيع؟

          ░43▒ بَابُ إِذَا لَمْ يُوَقِّتْ في الخِيَارِ هَلْ يَجُوزُ البَيْعُ
          فيهِ ابنِ عُمَرَ، أنَّ النَّبيَّ صلعم قَالَ: (البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا(1)، أو يَقُولُ(2) أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ، وَرُبَّمَا قَالَ: أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ). [خ¦2109]
          اختلف العلماء إذا اشتُرِطَ(3) في الخيارِ مدَّةٌ(4) غيرُ معلومةٍ، فقالت طائفةٌ: البيع جائزٌ والشَّرط باطلٌ، هذا قول ابنِ أبي ليلى والأوزاعيِّ، واحتجَّا بحديث بُرَيْدَةَ.
          وقالت طائفةٌ: البيع جائزٌ والشَّرط لازمٌ، وللَّذي شرط الخيار أبدًا أو يأخذه(5)، هذا قول أحمدَ وإِسْحَاقَ.
          وقال مالكٌ: البيع جائزٌ، ويُجعل له مِنَ الخيار مثل ما يكون له في تلك السِّلعة.
          وقال أبو يوسفَ ومُحَمَّدٌ: له أن يختار بعد الثَّلاث.
          وقال أبو حنيفةَ والثَّوْرِيُّ والشَّافعيُّ: إذا شرط الخيار بغير(6) مدَّةٍ معلومةٍ فالبيع فاسدٌ، فإن أجازه في الثَّلاث جاز، وإن مضت الثَّلاث لم يكن له أن يجيزه. وظاهر(7) الحديث يردُّ هذا القول، ويدلَّ أنَّ الخيار يجوز اشتراطه بغير توقيتٍ، لأنَّ النَّبيَّ صلعم لمَّا(8) قال: (البِيِّعَانِ بِالخَيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اختَرْ) لم يذكر أمد الخيار في ذلك، وسوَّى ◙ بين تمام البيع بعد التَّفرُّق وبعد الأخذ بالخيار إذا شرطاه دون ذكر توقيت مدَّةٍ(9)، فلا معنى لقول مَنْ خالفه.


[1] في (ص): ((يفترقا)).
[2] في (ز): ((ويقول)).
[3] في (ز): ((شرط)).
[4] في (ز): ((بمدَّةٍ)).
[5] قوله: ((أو يأخذه)) ليس في المطبوع، وفي (ص): ((والَّذي شرط الخيار الخيار أبدًا وهذا)).
[6] في (ز): ((بعد)).
[7] زاد في (ز): ((هذا)).
[8] قوله: ((لما)) ليس في (ص).
[9] في (ز): ((مدَّته)).