شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قتل الخنزير

          [░102▒ بَابُ قَتْلِ الخِنْازيرِ(1)
          وَقَالَ جَابِرٌ: حَرَّمَ النَّبيُّ صلعم بَيْعَ الخِنْزِيرِ.
          فيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيْبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ). [خ¦2222]
          أجمع العلماء على أنَّ بيع الخنزير وشراءه حرامٌ، وأجمعوا على قتل كلِّ ما يُستضرُّ به ويؤذي ممَّا لا يبلغ أذى الخنزير كالفواسق الَّتي أمر النَّبيُّ صلعم المحرم بقتلها، فالخنزير أَولى بذلك، لشدَّة أذاه، ألا ترى أن عيسى ابن مريم ◙ يقتله عند نزوله، فقَتْلُه واجبٌ.
          وفيه دليلٌ أنَّ الخنزير حرامٌ في شريعة عيسى ◙، وقتله له ◙ تكذيبٌ للنَّصارى أنَّه حلالٌ في شريعتهم.
          واختلف العلماء في الانتفاع بشعره، فكرهه ابنُ سِيرِينَ والحَكَمُ، وهو قول الشَّافعيِّ وأحمدَ وإِسْحَاقَ.
          وقالَ الطَّحَاوِيُّ عن أصحابه: لا ينتفع مِنَ الخنزير بشيءٍ، ولا يجوز بيع شيءٍ منه، ويجوز للخرَّازين أن ينتفعوا بشعرةٍ أو شعرتين للخرازة، ورخَّص فيه الحَسَنُ وطائفةٌ.
          ذكر(2) ابنُ خوازبندادَ عن مالكٍ أنَّه قال: لا بأس بالخرازة بشعر الخنزير، قال: فيجيء على هذا أنَّه لا بأس ببيعه وشرائه.
          وقالَ الأوزاعيُّ: يجوز للخرَّاز أن يشتريه، ولا يجوز له بيعه.
          وقالَ المُهَلَّبُ: وقوله(3): (فَيَكْسِرَ الصَّلِيْبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيْرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ) فيدلُّ(4) أنَّ النَّاس كلَّهم يدخلون في الإسلام، ولا يبقى مَنْ يخالفه، والله أعلم.]
(5)


[1] في المطبوع: ((الخنزير)).
[2] في المطبوع: ((وذكر)).
[3] في المطبوع: ((قوله)).
[4] في المطبوع: ((يدلُّ)).
[5] ما بين معقوفتين غير واضح في (ص) بسبب الطَّمس.