شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب النجار

          ░32▒ بَابُ النَّجَّارِ
          فيهِ سَهْلٌ: (سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ المِنْبَرِ، قَالَ: بَعَثَ النَّبيُّ صلعم(1) إِلَى فُلانَةَ، أَنْ مُرِي غُلامَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلُ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ، فَأَمَرَتْهُ يَعْمَلُهَا(2) مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ(3) صلعم بِهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ، فَجَلَسَ عَلَيْهَا). [خ¦2094]
          وَقَالَ جَابِرٌ: (أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلعم يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا(4) أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلامًا نَجَّارًا، قَالَ: إِنْ شِئْتِ، قَالَ: فَعَمِلَتْ لَهُ المِنْبَرَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبيُّ عَلَى المِنْبَرِ الَّذِي صُنِعَ، فَصَاحَتِ(5) النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا(6) حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَنْشَقُّ، فَنَزَلَ(7) صلعم حَتَّى أَخَذَهَا(8) فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ(9) تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي(10) يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قَالَ: بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ). [خ¦2095]
          قال المُهَلَّبُ: هذان الحديثان متعارضان في الظَّاهر، وإنَّما يصحُّ المعنى فيهما(11) أن تكون المرأة هي ابتدأت النَّبي َّصلعم بسؤال ذلك، ثمَّ أضرب ◙ عنه حتَّى رآه مِنَ الصَّواب، فبعث إليها فيما كانت تبرَّعت به.
          وفيه: المطالبة بالوعد، والاستنجاز فيه.
          وفيه: تكليف سيِّد(12) العبد ما يفعله(13) العبد، ولا يسأل عن طيب نفس العبد بما عمل.
          وفيه: كلام ما لا يُعرف له كلامٌ مِنَ الجمادات وشبهها، إذا أتانا ذلك مِنْ طريق النُّبوَّة، وكانت هذه آيةٌ معجزةٌ أراد الله أن يريها عباده ليزدادوا إيمانًا، وما جرى على مجرى(14) الإعجاز فهو خرقٌ للعادة(15)، وأمَّا نحن(16) بيننا فلا يجوز كلام الجمادات بيننا(17).


[1] في المطبوع: ((◙)).
[2] في (ص): ((فعملها)).
[3] في (ز): ((النَّبيِّ)).
[4] في (ز): ((قالت للنَّبيِّ صلعم ألا)).
[5] في (ز): ((قَالَ: إِنْ شِئْتِ فَعَمِلَتْه، فَلَمَّا قَعَدَ عليه صَاحَتِ)).
[6] في المطبوع: ((عليها)).
[7] زاد في (ز): ((النَّبيُّ)).
[8] في (ز): ((فأخذها)).
[9] قوله: ((فجعلت)) ليس في (ص).
[10] زاد في (ز): ((لا)).
[11] قوله: ((فيهما)) ليس في (ص).
[12] قوله: ((سيِّد)) ليس في المطبوع.
[13] في (ز): ((يعمله)).
[14] في (ز): ((معنى)).
[15] في (ز): ((للعادات)).
[16] قوله: ((نحن)) ليس في المطبوع.
[17] في (ز): ((إلينا)).