شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: في العطار وبيع المسك

          ░38▒ بَابٌ فِي(1) العَطَّارِ وَبَيْعِ المِسْكِ
          فيهِ أَبُو مُوسَى قَالَ النَّبيُّ صلعم: (مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ المِسْكِ وَكِيرِ الحَدَّادِ، لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ المِسْكِ إِمَّا أَنْ تَشْتَرِيَهُ(2) أَوْ تَجِدُ رِيْحَهُ، وَكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً). [خ¦2101]
          وقد تقدَّم في كتاب الذَّبائح اختلاف(3) العلماء فيمَنْ كره المسك ومَنِ استحبَّه [خ¦5534]، وهذا الحديث حجَّةٌ في جوازه لأنَّ النَّبيَّ صلعم ضرب مثل الجليس الصَّالح بصاحب المسك، وقال: لا تعدم منه أن تشتريه أو تجد ريحه، فأخبر ◙ بعادة النَّاس في شرائه، ورغبتهم في شمِّه، ولو لم يجزْ شراؤه لبيَّن ذلك ◙، وقد حرَّم الله تعالى بيع الأنجاس، واستعمال روائح المنتة فلا معنى لقول مَنْ كرهه، وإنَّما خرج كلامه ◙ في هذا الحديث على المَثَل في النَّهي عن مجالسة مَنْ يُتأذَّى بمجالسته، كالمغتاب والخائض في الباطل، والنَّدب إلى مجالسة مَنْ يُنال في مجالسته الخير مِنْ ذكر الله وتعلُّم العلم وأفعال البرِّ كلِّها، وقد رُوِيَ عن إبراهيمَ الخليلِ صلوات الله عليه أنَّه كان عَطَّارًا.


[1] قوله: ((في)) ليس في (ز).
[2] في (ز): ((المسك أن تشريه)).
[3] في (ص): ((اختلف)).