شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب بيع المزايدة

          ░59▒ بَابُ بَيْعِ المُزَايَدَةِ
          وَقَالَ عَطَاءٌ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ لا يَرَوْنَ بَأْسًا بِبَيْعِ المَغَانِمِ فِيمَنْ يَزِيدُ.
          فيهِ جَابِرٌ: (أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلامًا لَهُ(1) عَنْ دُبُرٍ، فَاحْتَاجَ، فَأَخَذَهُ النَّبيُّ صلعم فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بِكَذَا وَكَذَا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ). [خ¦2141]
          اختلف الفقهاء في بيع المزايدة، فأجازها مالكٌ والكوفيُّون والشَّافعيُّ وأحمدُ، وكان الأوزاعيُّ يكره المزايدة إلَّا في المغانم والمواريث، وهو قول إِسْحَاقَ.
          ورُوِيَ عن أبي أَيُّوبَ وعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ كراهية الزِّيادة، وعن إبراهيمَ النَّخَعِيِّ أنَّه كره بيع مَنْ يزيد، واحتجَّ مالكٌ لقوله فقال(2): لا بأس بالسَّوم(3) بالسِّلعة، توقف للبيع فيسوم بها غير واحدٍ، قال: ولو ترك النَّاس السَّوم عند أوَّل مَنْ يسوم بها، أُخذت بشبه الباطل مِنَ الثَّمن، ودخل على الباعة في سلعهم المكروه، ولم يزل الأمر عندنا على ذلك.
          وحديث جابرٍ حُجَّةٌ على مَنْ كره ذلك لأنَّه ◙ قال في المُدَبَّرِ: (مَنْ يِشْتَرِيهِ مِنِّي؟) فعرضه للزِّيادة، وأحبَّ أن يستقصي فيه للمفلس الَّذي باعه عليه، وهذا الحديث يُفسِّر نهيه ◙ أن يسوم الرَّجل على سوم أخيه، أو يبيع على بيع أخيه أنَّه أراد بذلك إذا تقاربا مِنْ تمام البيع كما قال جمهور الفقهاء، وعلى هذا المعنى حمل العلماء ما رُوِيَ عن أبي أَيُّوبَ وعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ أنَّ ذلك بعد ما رضي البائع ببيعه الأوَّل.


[1] قوله: ((له)) ليس في (ز).
[2] قوله: ((فقال)) ليس في (ص).
[3] قوله: ((بالسَّوم)) ليس في (ص).