شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إثم من باع حرًا

          [░106▒ بَابُ إِثْمِ مَنْ بَاعَ حُرًّا
          فيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبيِّ صلعم(1): (قَالَ اللهُ تعالى: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي، ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا، فأَكَلَ(2) ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا، فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِه أَجْرَهُ). [خ¦2227]
          قالَ المُهَلَّبُ: وقوله(3): (أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ) يريد نقض عهدًا عاهده عليه.
          وقوله: (استَأْجَرَ أَجِيْرًا فَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ)، هو داخلٌ في معنى مَنْ باع حرًّا لأنَّه استخدمه بغير عوضٍ، وهذا عين الظُّلم، وإنَّما عظم الإثم فيمن باع حرًّا لأنَّ المسلمين أكفَّاء في الحرمة والذِّمَّة، وللمسلم على المسلم أن ينصره وأن لا(4) يظلمه، وأن ينصحه(5) وليس في الظُّلم أعظم مِنْ أن يستعبده أو يعرِّضه لذلك، ومَنْ باع حرًّا فقد منعه التَّصرُّف فيما أباح الله له، وألزمه حال الذِّلَّة والصَّغار، فهو ذنبٌ عظيمٌ، ينازع الله به في عباده.
          قالَ ابنُ المُنْذِرِ: وكلُّ مَنْ لقيت مِنْ أهل العلم على أنَّه مَنْ باع حرًّا أنَّه لا قطع عليه(6)، ورُوِيَ(7) عن ابنِ عَبَّاسٍ قال: يردُّ البيع ويعاقبان، وروى جُلَاسٌ عن عليٍّ أنَّه قال: تقطع يده، والصَّواب قول الجماعة لأنَّه ليس بسارقٍ، ولا يجوز قطع غير السَّارق.]
(8)


[1] زاد في المطبوع: ((قال)).
[2] في المطبوع: ((ثمَّ أكل)).
[3] في المطبوع: ((قوله)).
[4] في المطبوع: ((ولا)).
[5] زاد في المطبوع: ((ولا يسلمه)).
[6] زاد في المطبوع: ((ويعاقب)).
[7] في المطبوع: ((ويروى)).
[8] ما بين معقوفتين غير واضح في (ص) بسبب الطَّمس.