شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب والفضة
  
              

          ░83▒ بَابُ بَيْعِ التَّمْرِ على رُؤوسِ النَّخْلِ بِالذَّهَبِ والفِضَّةِ
          فيهِ جَابِرٌ: (نَهَى النَّبيُّ صلعم عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ حَتَّى يَطِيْبَ، وَلَا يُبَاعُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا بِالدَّنَانِيْرِ وَالدَّرَاهِمِ إِلَّا العَرَايَا). [خ¦2189]
          وفيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم رَخَّصَ في بَيْعِ العَرَايَا في خَمْسَةِ أَوْسُقٍ(1)). [خ¦2190]
          وفيهِ سَهْلُ بنُ أبي حَثْمَةَ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ(2)، وَرَخَّصَ في العَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا(3) رُطَبًا). [خ¦2191]
          بيع التَّمر على رؤوس النَّخل إذا بدا صلاحها(4) بالذَّهب والفضَّة لا خلاف بين الأمَّة في جوازه، وكذلك يجوز بيعها بالعروض قياسًا على الدَّنانير والدَّراهم وإنَّما خصَّ ◙ الدَّنانير والدَّراهم(5) في هذا الحديث لأنَّهما جلُّ ما يُتعامل النَّاس به.
          قالَ ابنُ المُنْذِرِ: وادَّعى الكوفيُّون أنَّ بيع العرايا منسوخٌ بنهيه ◙ عن بيع التَّمر بالثَّمر، وهذا نفس المحال لأنَّ الَّذي روى عن النَّبيِّ صلعم النَّهي عن المزابنة هو الَّذي روى الرُّخصة في العرايا، فأثبت الرُّخصة والنَّهي معًا على ما ثبت في حديث سَهْلِ بنِ أبي حَثْمَةَ وفي حديث جابرٍ مِنْ رواية سُفْيَانَ عن ابنِ جُرَيْجٍ(6) عن عَطَاءٍ عن جابرٍ: ((أَنَّ النَّبيَّ صلعم نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ)).
          والمزابنة: بيع الثَّمر(7) بالثَّمر(8) إلَّا أنَّه رخصَّ(9) في العرايا، وكان مالكٌ يقول: العرايا تكون في الشَّجر كلِّه مِنَ النَّخل والعنب والتِّين والرُّمان والزَّيتون والثِّمار كلِّها. وبه قال الأوزاعيُّ إلَّا أنَّ مالكًا قالَ: إذا أعاره(10) الفاكهة مثل الرُّمان والتُّفاح وشبهه لم يجز أن يشتريها بخرصها لأنَّه يقطع أخضر ويشتريها بعدما طابت بما يجوز به(11) شراء الثَّمرة بالعين والعرض نقدًا أو إلى أجلٍ، وبالطَّعام نقدًا مِنْ غير صنفها إذا جدَّها مكانه قبل أن يفترقا، وكان اللَّيْثُ يقولُ: لا تكون العرايا إلَّا في النَّخل خاصَّةً. وقال الشَّافعيُّ: في النَّخل والعنب.

[1] زاد في (ز): ((أو دون خمسة أوسق)).
[2] في (ص): ((التَّمر بالثَّمر)).
[3] قوله: ((أهلها)) ليس في (ز).
[4] في (ز): ((صلاحه)).
[5] قوله: ((وإنَّما خصَّ ◙ الدَّنانير والدَّراهم)) ليس في (ص).
[6] في (ص): ((جرير)).
[7] في المطبوع: ((التَّمر)).
[8] في (ص): ((التَّمر بالتَّمر)).
[9] في (ز): ((أرخص)).
[10] في (ز): ((أعراه)).
[11] قوله: ((به)) ليس في (ز).