شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما قيل في اللحام والجزار

          ░21▒ بَابُ مَا قِيْلَ فِي اللَّحَّامِ والجَزَّارِ
          فيهِ أَبُو مَسْعُودٍ: (جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، يُكْنَّى أَبَا شُعَيْبٍ، فقَالَ(1) لِغُلامٍ لَهُ قَصَّابٍ: اجْعَلْ لِي طَعَامًا يَكْفِي خَمْسَةً، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ النَّبيَّ صلعم _خَامِسَ خَمْسَةٍ_ فَإِنِّي قَدْ عَرَفْتُ في وَجْهِهِ الجُوعَ، فَدَعَاهُمْ، فَجَاءَ مَعَهُمْ رَجُلٌ، فَقَالَ النَّبيُّ صلعم(2) إِنَّ هَذَا قَدْ تَبِعَنَا فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ يَرْجِعَ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا، بَلْ قَدْ أَذِنْتُ لَهُ). [خ¦2081]
          قال المُهَلَّبُ: إنَّما صنع طعام خمسةٍ لعلمه أنَّ النَّبيَّ صلعم سيتبعه مِنْ أصحابه غيره، فوسَّع في الطَّعام لكي يبلغ النَّبيُّ صلعم شبعَه.
          وفي هذا الحديث مِنَ الأدب ألَّا يدخل المدعو مع نفسه غيره(3).
          وفيه: كراهية طعام الطُّفيليِّ لأنَّه مقتحمٌ غير مأذونٍ له، وقيل: إنَّما استأذن النَّبيُّ صلعم للرَّجل لأنَّه لم يكن بينه وبين القصَّاب الَّذي دعاه مِنَ الذِّمام والمودَّة ما كان بينه وبين أبي طلحةَ، إذ قام هو وجميع(4) مَنْ معه، وقد قال الله تعالى: {أَوْ صَدِيْقِكُمْ}[النُّور:61].
          وفيه: الشَّفاعة لأنَّ النَّبيَّ صلعم شفع للرَّجل عند صاحب الطَّعام بقوله: (إِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ).
          وفيه: الحكم بالدَّليل لقوله: (فَإِنِّي(5) قَدْ عَرَفْتُ في وَجْهِهِ الجُوْعَ).
          وفيه: أكل الإمام والعالم والشَّريف طعام الجزَّار، وإن كان في الجزارة شيءٌ مِنَ الضَّعة لأنَّه يمتهن فيها نفسه(6) فإنَّ ذلك لا ينقصه ولا يسقط شهادته إذا كان عدلًا.
          والقصَّاب الجزَّار، عن صاحب «العين».


[1] في (ز): ((قال)).
[2] في (ص): ((فقال ◙)).
[3] في (ز): ((المدعو نفسه غير)).
[4] في (ز): ((وجلُّ)).
[5] في (ص): ((إنِّي)).
[6] في (ز): ((بنفسه)).