مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره

          ░116▒ باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره
          فيه حديث سالم، عن أبيه، عن النبي صلعم قال: ((إذا استأذنت المرأة)) الحديث وسلف في الصلاة بمذاهب العلماء فيه.
          وفي الحديث الآخر: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)).
          وقالت عائشة: ((لو أدرك النبي صلعم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد)) ولم يذكر في الباب غير المسجد كما ترجم له.
          قال الشافعي: يمنع الرجل زوجته. وانفصل به عن هذا، كأنه يعني به الحرام أو يحمله على الاستحباب، بدليل أن صلاتها في بيتها أفضل من المساجد. وفيه أحاديث.
          قال والدي ⌂:
          (باب غيرة النساء ووجدهن) أي: غضبهن وحزنهن.
          و(لا أهجر إلا اسمك) قال الطيبي: هذا الحصر غاية من اللطف؛ لأنها أخبرت إذا كانت في غاية الغضب الذي يسلب العاقل اختياره لا يغيرها عن كمال المحبة المستغرقة ظاهرها وباطنها الممتزجة بروحها، وإنما عبرت عن الترك بالهجران لتدل به على أنها تتألم من هذا الترك الذي لا اختيار لها فيه(1)، كما قال الشاعر:
إني لأمنحك الصدود وأنني                     قسماً إليك مع الصدود لأميلُ
          قوله: (أحمد بن أبي رجاء) ضد الخوف الهروي، و(النضر) بسكون المعجمة (ابن شميل) البصري، و(القصب) أنابيب من الجوهر، وفيه وجوه أخر تقدمت في آخر المناقب في باب تزويج خديجة.
          قوله: (ذب) أي دفع، و(المسور) بكسر الميم وفتح الواو وبالراء (ابن مخرمة) بفتح الميم والراء وسكون المعجمة.
          قوله: (بني هشام) فإن قلت: مر في كتاب الجهاد في باب ما ذكر من درع النبي صلعم أن عليًّا أراد أن يخطب بنت(2) أبي جهل فقال رسول الله ذلك قلت لا منافاة إذ أبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي.
          قوله: (لا أذن) فإن قلت: لا بد في العطف من المغايرة بين المعطوفين قلت: الثاني مغاير للأول باعتبار أن فيه تأكيداً ليس في الأول، و(البضعة) بفتح الموحدة القطعة، و(يريبني) يقال رابني فلان إذا رأيت منه ما تكرهه وهزيل تقول أرابني فلان.
          قوله: (أربعون امرأة) في بعضها نسوة وهو خلاف القياس، و(يلذن) من اللوذ، و(حفص) بالمهملتين (الحوضي) بفتح المهملة وبالواو وبالمعجمة، و(هشام) أي: الدستوائي وفي بعضها همام بدله قال الغساني: والأول هو المحفوظ، و(قيم الشخص) هو الذي يقوم بأمره ويتولى مصالحه مر في باب رفع العلم.
          قوله: (ذو محرم) يقال هو منها إذا لم يحل له نكاحها وقال أصحابنا: المحرم من حرم عليه نكاحها أبداً بسبب مباح لحرمتها واحترز بسبب مباح عن أم موطوءة بشبهة وبقوله لحرمتها عن الملاعنة؛ لأنها حرمت تغليظاً عليها.
          قوله: (المغيبة) من أغابت المرأة إذا غاب عنها زوجها، و(يزيد) من الزيادة (ابن [أبي] حبيب) ضد العدو، و(أبو الخير) ضد: الشر اسمه مرثد بفتح الميم(3) والمثلثة وإسكان الراء وبالمهملة، و(عقبة) بسكون القاف ابن عامر الجهني، و(الحمو) أقارب الزوج والمراد منه غير المحارم نحو أخي الزوج وما أشبهه من العم ونحوه، ومعناه أن الخوف منه أكثر لتمكنه من الخلوة معها من غير أن ينكر عليه وهو تحذير عما عليه عادة الناس من المساهلة فيه كالخلوة بامرأة أخيه فهذا هو الموت.
          القاضي: الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الهلاك في الدين وقال بعضهم معناه: احذروا الحمو كما تحذر الموت فهذا في أبي الزوج فكيف في غيره. وفي الحمو أربع لغات يستعمل مثل: يد وخب ودلو وعصا.
          قوله: (أبو معبد) بفتح الميم والموحدة وتسكين المهملة الأولى، اسمه: نافذ بالنون والفاء والمعجمة مولى ابن عباس.
          قوله: (هشام) هو ابن زيد بن أنس بن مالك سمع جده مر في الهبة والخطاب في (إنكن) لنسوة الأنصار / فإن قلت: فهن أحب إليه من نساء أهله؟ قلت: المقصود أن نساء هذه القبيلة أحب من نساء سائر القبائل من حيث الجملة.
          قوله: (عبدة) ضد الحرة، و(مخنث) بفتح النون وكسرها وهو الذي يشبه النساء في أخلاقهن وهو على نوعين: من خلق كذلك فلا ذم عليه لأنه معذور ولهذا لم ينكر النبي صلعم أولاً دخوله عليهن، ومن يتكلف ذلك وهو المذموم، واسم هذا المخنث هيت بكسر الهاء وإسكان التحتانية وبالفوقانية على الأصح وإنما دخل عليهن؛ لأنهن كن يعتقدنه من غير أولي الإربة.
          و(عبد الله بن أمية) بضم الهمزة وفتح الميم الخفيفة وشدة التحتانية المخزومي، و(ابنة غيلان) بفتح المعجمة وإسكان التحتانية اسمها: بادية ضد الحاضرة الثقفي، و(تقبل بأربع) أي: أن لها أربع عكن لسمنها تقبل بهن من كل ناحية ثنتان ولكل واحدة طرفان فإذا أدبرت صارت الأطراف ثمانية؛ أي السمينة لها في بطنها عكن أربعة ويرى من ورائها لكل عكنة طرفان مر في غزوة الطائف.
          قوله: (ريبة) بكسر الراء التهمة، و(عيسى) أي: ابن يونس ابن أبي إسحاق السبيعي، و(الأوزاعي) هو عبد الرحمن، و(اقدروا) من قدرت لأمر كذا إذا نظرت فيه ودبرته تريد به طول لبثها ومصابرة النبي صلعم معها على ذلك وإنما سومحوا في اللعب في المسجد؛ لأن لعبهم كان من عُدة الحرب مع الكفار.
          قوله: (فروة) بفتح الفاء وإسكان الراء وبالواو، ابن أبي المغراء بفتح الميم وسكون المعجمة وبالراء مقصوراً وممدوداً، و(علي بن مسهر) بفاعل الأسهار بالمهملة والراء، و(سودة) بفتح المهملة (بنت زمعة) بالزاي والميم والمهملة المفتوحات أم المؤمنين وعرفها؛ لأنها كانت طويلة جسيمة، و(العرق) بفتح المهملة وسكون الراء العظم الذي يؤخذ منه اللحم، و(رفع) أي: عن رسول الله صلعم آثار الوحي والتغير الذي كان يحصل له عند نزوله مر في سورة الأحزاب وفي كتاب الوضوء وغيرهما.
          قوله: (سالم) هو ابن عبد الله بن عمر.
          فإن قلت: الحديث لا يدل على الإذن في الخروج إلى غير المسجد؟ قلت: لعل (خ) قاسه على المسجد والشرط في جوازه فيهما الأمن من الفتنة ونحوها.
          الزركشي:
          (يريبني ما أرابها) بضم الياء؛ أي: يسوؤني ما يسوءها ويزعجني ما يزعجها، يقال: رابني هذا الأمر وأرابني إذا رأيت منه ما تكره.
          (إياكم والدخول) نصب على التحذير.
          (وإن في يده لعرقاً) بفتح العين وسكون الراء، العظم عليه اللحم. انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (الحمو الموت) الحم واحد الأحماء، وهم أقارب الزوج، والمعنى إذا كان رأيه هذا في أن الزوج وهو محرم فكيف بالغريب أي فليمت ولا يفعلن ذلك، وهذه كلمة تقولها العرب كما تقول: الأسد الموت أي: لقاؤه مثل الموت يعني: أن خلوة الحم معها أشد من خلوة غيره من الغرباء؛ لأنه ربما حسن لها أشياء وحملها على أمور يثقل على الزوج من التماس ما ليس في وسعه أو سوء عشرة أو غير ذلك، ولأن الزوج ربما لا يريد أن يطلع الحم على باطن حاله بدخول بيته.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: أو أنها أرادت أن لا يذكر اسمه الشريف إلا في حالة كمالها وحال غضبها ليس حال كمال، ويؤيد هذا ما ذكر عن مالك رضي الله عنه أنه كان إذا أراد أن يسمع لأحد الحديث أو يقرأه يتطهر ويلبس أحسن ثيابه تعظيماً لصاحب الحديث عليه الصلاة والسلام، وأيضاً كأنها تقول المحبة لذاتك لا تفارقني ولا يمكن هجرانها وإنما إذا غضبت أهجر اسمك لا مسماك)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: اسمها العوراء)).
[3] في المخطوط: ((اللام))، ولعل الصواب ما أثبتناه.