مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: لزوجك عليك حق

          ░89▒ باب لزوجك عليك حق
          قاله أبو جحيفة ثم ساق حديث عمرو بن العاص السالف في الصوم: ((وإن لزوجك عليك حقا)).
          وتعليق أبي جحيفة أخرجه البزار، عن بندار بسنده، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه أن سلمان قال لأبي الدرداء: إن لجسدك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأخبر أبو الدرداء بذلك رسول الله فقال النبي صلعم مثل ما قال سلمان.
          ولما ذكر (خ) في الباب السالف حق الزوج على المرأة ترجم حقها عليه، وأنه لا ينبغي أن يجحف نفسه في العبادة حتى يضعف عن القيام بحق أهله من جماعها والكسب عليها.
          واختلف في الرجل يشتغل بالعبادة عن حقوق أهله، فقال مالك: إذا كف عن جماع أهله من غير ضرورة لا يترك حتى يجامع أو يفارق على ما أحب أو كره؛ لأنه يضار بها، ونحوه لأحمد، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يؤمر أن يبيت عندها وينظر لها.
          وقال الشافعي: لا يفرض عليه من الجماع شيء بعينه، وإنما يفرض لها النفقة والكسوة، وأن يأوي إليها.
          وقال الثوري: إذا شكت المرأة أنه لا يأتيها زوجها، فله ثلاثة أيام ولها يوم وليلة، وبه قال أبو ثور.
          قال ابن المنذر: كأن سفيان قاسه على ما أباح الله له من اتخاذ أربع نسوة. وأغرب ابن حزم فأوجبه في كل طهر(1)، حيث قال: وفرض على الرجل أن يجامع امرأته التي هي زوجته، وأدنى ذلك مرة في كل طهر إن قدر على ذلك، وإلا فهو عاص لله؛ برهان ذلك قوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة:222]. قال ابن حزم: ويجبر على ذلك من أبى بالأدب؛ لأنه أتى منكراً من العمل.
          قلت: في ((المزاح والفكاهة)) للزبير من حديث مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حيان: قلت لامرأتي: أنا وأنت على قضاء عمر. قالت: وما هو؟ قلت: قضى أنه إذا أصاب الرجل امرأته عند كل طهر فقد أتى حقها. فقالت: أنا أول من رد قضاء عمر.
          وروى عبد الرزاق عن الثوري قال مالك بن مغول عن الشعبي قال: جاءت امرأة إلى عمر فقالت يا أمير المؤمنين: زوجني خير الناس يصوم النهار ويقوم الليل فقال عمر: اخرجي من مقالتك قال: أرى أن ينزل منزلة الرجل له أربعة نسوة له ثلاثة أيام ولياليها ولها يوم وليلة، وروى ابن عيينة عن زكريا عن الشعبي أن عمر قال لكعب: فإذا فهمت ذلك فاقض بينهما فقال: يا أمير المؤمنين أحل الله من النساء مثنى وثلاث ورباع فلها من كل أربع أيام يوم فقط ويقسم عند أولها من كل أربع ليالي يبيت عندها فأمر عمر الزوج بذلك.
          ومن حديث بقية عن بكير بن فيروز عن أبي هريرة يرفعه: أيعجز أحدكم أن يجامع أهله كل يوم جمعة فإن له أجرين أجر غسله وأجر غسل امرأته.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: هذا عجب من ابن حزم فإن الله قال {فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ.... فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} فالمعنى أنهم كانوا يأتونهم في المحيض فنهى الله عن ذلك وأمرهم بالإتيان إذا شاءوا في الطهر لا أنه يجب وإذا كان لها رغم فمن أين تخصيصه بمرة واحدة في كل طهر بل ينبغي أن يوجب كل ليلة)).